«حواريّة النَّجاسة »
بدأ أبي حواره وفي عينيه بريق من حزم رصين قائلاً:
دعني اضع أمامك قاعدة عامّة ذات أثر كبير في حياتك وهي «كُلُّ شيء طاهر». كلُّ شيء.. البحار، والامطار، والانهار، والاشجار، والصحارى والجبال، والشوارع والعمارات والبيوت والاَجهزة والاَدوات، والملابس المختلفة واِخوانك المسلمون.. و.. و.. كلُّ شيء طاهر..
كُلُّ شيء حتّى يتنجّس، اِلاّ..
اِلاّ ماذا؟
ـ اِلاّ ما كان نجساً بطبيعته، بتكوينه، بذاته، «بعينه».
وما الذي يكون نجساً بطبيعته، بذاته؟
ـ عشرة أشياء سأعدّدها لك على شكل نقاط متسلسلة:
«1، 2» ان وغائطه. وبول وغائط كُلُّ حيوان يحرم أكل لحمه، اِذا كانت لهذا الحيوان نفس سائلة كالقطة [وكذا بول ما ليست له نفس سائلة اِذا كان ذا لحم].
وما النفس السائلة؟
ـ مصطلح سيمرّ عليك أكثر من مرّة في هذا الحوار، يحسن أن نلقي عليه بعض الضوء.
ونقول: لهذا الحيوان نفس سائلة.. اِذا اندفع الدم منه بقوّة عند ذبحه. لوجود شريان عنده كالدجاج.
ونقول: ليس لهذا الحيوان نفس سائلة.. اِذا سال الدم منه عند ذبحه بفتور، وهدوء، وأناة لعدم وجود شريان عنده كالسّمك.
«3» من الحيوان ذي النفس السائلة واِن كان حلالاً أكله، وكذلك أجزاؤها الحيّة المقطوعة منها.
وما هي الميتة؟
ـ كل ما مات من دون أن يذبح على الطريقة الشرعيّة الاسلامية.
مثلاً؟
ـ الحيوان الّذي يموت لمرض ـ مثلاً ـ أو بحادث، أو يذبح بطريقةٍ غير شرعيّة، هذه كلها من الميتة؟
واذا مات الانسان فهل ينجس بدنه؟
ـ نعم اِلاّ الشهيد ومن اغتسل لاجراء الحدّ عليه أو القصاص منه.
وهل يبقى غيرهما نجساً؟
ـ لا بل يطهر بدن الميت المسلم بالاَغسال الثلاثة التي سأشرحها لك في حواريّة قادمة.
«4» انسان، ومني كل حيوان ذي نفس سائلة [وان كان هذا الحيوان مأكول اللحم].
«5» الخارج من جسد الانسان، ومن جسد كل حيوان ذي نفس سائلة.
ودم الحيوان الذي ليس له نفس سائلة؟
ـ طاهر كدم السمك.
«6» الكلب البري بكل اجزاء جسده، حياً وميتاً.
«7» الخنزير البري بكل اجزاء جسده، حياً وميتاً.
والكلب والخنزير البحريان..؟
ـ طاهران.
«8» الخمر [ويلحق بها الفقاع].
«9» الكافر حياً وميتاً غير المسيحي واليهودي والمجوسي.
«10» عرق الحيوان الجلال، وهو الحيوان الذي تعوَّد اكل عذرة الانسان.
هذه الاشياء العشرة نجسة بطبيعتها، وتنتقل النجاسة منها اِلى كل ما لاقاها ومسّها واحتكّ بها مع وجود البلل والرطوبة.
واذا لم يوجد بلل ورطوبة بينهما؟
ـ اِذا لم يكن هناك بلل ورطوبة فلا تنتقل النجاسة؛ لانها لا تنتقل في حالة الجفاف ولا في حالة وجود النداوة المحضة أبداً.
هل بول أو غائط الحيوانات التي يحل اكلها كالبقر، والغنم، والدجاج، والطيور بانواعها المختلفة، والعصافير، والزرازير طاهر أو نجس...؟
ـ طاهر.
ومخلفات الخفاش...؟
ـ طاهرة.
والريش من الميتة، والوبر، والصوف، والاظافر، والقرون، والعظام، والاسنان، والمناقير، والمخالب..؟
ـ كلها طاهرة.
واللحم الذي نشتريه لنأكله، فنلاحظ عليه دماً؟
ـ هذا الدم طاهر.. وكل دم يبقى متخلّفاً في الذبيحة بعد ذبحها بطريقة شرعية، طاهر غير نجس.
وفضلات الجرذ والفأر..؟
ـ نجسة غير طاهرة. ولو فكرت قليلاً فيما عددت لك من نقاط، لاستطعت أن تجيب عن هذا التساؤل بنفسك.. نعم لاَجبت عنه بنفسك، ذلك أن لها شرياناً يتدفق منه الدم عند الذبح.
وعاد لعيني أبي ذلك البريق الرصين الّذي لمحته في أوّل حوارنا هذا فحدَّق بي، ثم اردف قائلاً.
ـ لقد بدأت معك حواريتي هذه بقاعدة عامة ذات أثر كبير في حياتك، وسأختتمها بقواعد عامة هي الاَخرى ذات أثر كبير في حياتك.
القاعدة الاولى: كلّ شيء كان طاهراً فيما مضى ثم تشك، هل تنجس بعد ذلك أو بقي على طهارته السابقة.. فهو طاهر.
اِضرب لي مثلاً على ذلك.
ـ شرشف نومك مثلاً، كان طاهراً سابقاً، وتشك الاَن، هل لاقتهُ نجاسة ما فنجسته أو بقي على طهارته السابقة؟ تقول: شرشف نومي طاهر.
القاعدة الثانية: كلّ شيء كان نجساً فيما مضى ثم تشكّ، هل طهرته بعد ذلك أم بقي على نجاسته السابقة؟ فهو نجس.
مثلاً؟
ـ يدك مثلاً كانت نجسة، أنت متأكّد من ذلك قبل الاَن، وشككت بعد ذلك، هل طهرتها من نجاستها السابقة، أم لم تطهرها منها؟
تقول: يدي نجسة.
القاعدة الثالثة: كلُّ شيء لا تعلم حالته السابقة، أنجساً كان هو قبل الاَن أم طاهراً؟ فهو الاَن طاهر.
مثلاً؟
ـ سائل في كأس تجهل حالته السابقة لا تدري أنجساً كان فيما مضى أم طاهراً تقول: هذا السائل طاهر.
القاعدة الرابعة: كل شيء تشك، هل اصابته نجاسة فتنجس بها أو اخطأته فلم تصبه، عندئذ لا يجب عليك الفحص والتحري والتدقيق لتتأكد من طهارته. بل تقول هو طاهر، من دون حاجة اِلى فحص واستكشاف، حتى ولو كان الفحص سهلاً يسيراً عليك.
مثلاً؟
ـ ثوبك كان طاهراً أنت متأكّد من ذلك قبل الاَن، وشككت الاَن هل أصابه بول فتنجّس به أو بقي على طهارته السابقة؟
عندئذ.. لا يجب عليك فحص ثوبك، والبحث عن أثر البول فيه، حتّى لو كان ذلك البحث والفحص سهلاً يسيراً عليك، بل تقول: ثوبي طاهر.
* * * * *
«حواريّة الطهارة»
قبل أن يحضر أبي جلسة حوارنا هذه، كنت مستغرقاً في تأمّل عميق، محاولاً تطبيق المعلومات النظرية.. تلك التي سلفت في «حواريّة النجاسة» على واقع حياتي اليوميّة المعاشة، مصححاً من خلال ذلك موروثاتي الخاطئة عن النجاسة، منتظراً بشغف وترقّب أن ألحظ في جلسة اليوم كيف ستستعيد الاشياء طهارتها الاولى ونقاءها الجميل بعد أن صافحتها يد النجاسة فلوّثتها.
وما أن حضر أبي حتّى بدأته:
قلت لي أمس اِن الاشياء الطاهرة تفقد طهارتها لو لاقت النجاسة. تُرى كيف ستستعيد تلك الاَشياء طهارتها المفقودة؟
ـ اكثر ما يعيد للاَشياء المتنجّسة طهارتها السابقة المسلوبة «الماء» أن تغتسل من أدرانها بالماء، أو أن تغسل به، لذلك فسنبدأ بـ..
المطهّر الاَول: الماء.
أضاف أبي.
ـ الماء: مطلق ومضاف.
وما الماء المطلق؟
ـ الماء المطلق.. ذلك الّذي نشربه نحن، وتشربه الحيوانات ويسقى به الزرع.. ماء المحيطات والبحار والانهار والاَبار والجداول والامطار، ماء الانابيب الّذي يصلنا عبر خزانات المياه المنتشرة في المدن والقرى والنواحي، ويبقى الماء مطلقاً حتى لو اختلط مع قليل من الطين أو الرمل كمياه الشطوط والانهار.
والماء المضاف..؟
ـ الماء المضاف تعرفه بسهولة من اضافة لفظ آخر اِلى الماء كلّما نطقت به، فتقول: ماء الورد، ماء الرمان، ماء العنب، ماء الجزر ماء البطيخ، وماء مساحيق الغسيل، وهو كما تلاحظ من الاَمثلة ليس مما يعنينا أمره هنا، فنحن نتحّدث عن الماء ذاك الذى نطهر به ونشربه، نتحدث عن الماء لا عن ماء الرمان وماء العنب مثلاً.
ثم ان الماء أو الماء المطلق على قسمين: معتصم وغير معتصم.
ماء معتصم!! ماذا تعني؟
ـ الماء المعتصم هو الماء الذي لا يتنجّس بملاقاة النجاسة الاّ اِذا تأثّر بها لونه أو طعمه أو رائحته، والماء غير المعتصم هو الماء الذي يتنجّس بمجرد ملاقاته للنجاسة وان لم تتأثر بها احدى صفاته الثلاث.
وما هي المياه المعتصمة؟
ـ هي:
1 ـ الماء الكثير: وهو ما بلغ قدر الكُر أي ما كان مكعّبه 36 شبراً، كماء الاِسالة (الصنبور) ذاك الّذي يصل اِلى بيوتنا من خزّانات المياه الكبيرة المنتشرة في المدن أو من محطّات ضخّ المياه، وماء خزاناتنا الموضوعة على سطوح منازلنا اِذا كانت بحجم الكر، وماء خزاناتنا الصغيرة اِذا اتّصل بها ماء الاسالة (الصنبور) ما لم ينقطع.
2 ـ ماء البئر.
3 ـ الماء الجاري: كمياه الانهار والروافد والجداول والعيون.
4 ـ ماء المطر اثناء هطوله.
هذه هي المياه المعتصمة.
وما هي المياة غير المعتصمة؟
ـ هي مياه الاحواض الصّغيرة والاواني والقناني والكؤوس ونحوها من المياه الراكدة غير ماء البئر. التي يقل مقدارها عن الكر ويصطلح عليه بـ (الماء القليل) وقد عرفت انّها تتنجّس بمجرد ملاقاتها للنجاسة.
والماء المضاف؟
ـ حكمه حكم الماء القليل يتنجّس بملاقاته للنّجاسة سواء أكانت كمّيته كبيرة أم قليلة كالشاي مثلاً، وتلحق بالماء المضاف السوائل الاخرى كالحليب والنفط ومحاليل الادوية وغيرها وأنّها تتنجّس بمجرد ملاقاتها للنّجاسة.
ثمّ أردف أبي قائلاً:
كل ماء قليل اتصل به الماء الكثير صار كثيراً فيكون معتصماً ما لم ينقطع عنه، فخزّان الماء الصغير اذا جرى عليه اُنبوب الاِسالة صار كثيراً، وماء القدر الموضوع في المغسلة اذا فتحت عليه اُنبوب الماء المتّصل بالكُر، فاتصل ماء القدر بماء الانبوب صار ماء القدر كثيراً، كل ذلك، مادام الاتصال موجوداً وهكذا..
حسناً.. ماذا لو وقعت قطرات من الدم في خزان ماء راكد بحجم كر..؟
ـ لا يتنجّس اِلاّ اذا كثرت القطرات فتغيّر لون ماء الكر فاصفرّ بتأثير لون الدم.
ولو وقعت في اِناء صغير؟
ـ لنجَّست الاناء.
ولو فتحنا عليه ماء الاسالة فعاد الماء اِلى صفائه؟
ـ لطهر ماء الاناء [ولكنه يعود فيتنجس مرّة اخرى اذا انقطع عنه ماء الاسالة لما سيمرّ عليك من ان الاناء اذا تنجس لم يطهر اِلاّ بغسله ثلاث مرات].
لو صببنا من ماء الابريق على شيء نجس، فهل يتنجّس ماء الابريق؟
ـ كلا، لاَن النجاسة لا تتسلّق اِلى عمود الماء الساقط من الابريق، فلا عمود الماء يتنجّس ولا ماء الابريق.
وكيف يطهّر ماء المطر الاشياء؟
ـ اذا تقاطر عليها. سواء أكان المتنجّس أرضاً، ام ثياباً وأفرشة بعد ان ينفذ منها. أم اِناء، أم ما شاكل ذلك وشابهه بشرط أن يصدق عرفاً على النازل أنه مطر لا أن يكون مجموع ما نزل من السماء قطرات قليلة لا يصدق عليها المطر.
وهل يكفي في طهارتها تقاطر المطر عليها مرة واحدة؟
ـ نعم يكفي الا في البدن والثوب المتنجّس بالبول فانه يلزم فيهما التعدد [وكذا في الاناء].
وهل يطهّر المطر الماء المتنجّس؟
ـ نعم اذا امتزج معه.
وكيف نطهّر بالماء القليل أو الكثير الاَشياء المتنجّسة؟
ـ نطهّر كل شيء متنجّس.. كل شيء بغسله بالماء قليلاً كان أو كثيراً مرة واحدة ولكن يلزم في الغسل بالماء القليل أن ينفصل ماء التطهير عن الشيء المتنجّس.
وهل الاشياء المتنجّسة كلّها تطهر على هذا النحو؟
ـ نعم عدا ما يأتي:
(1) ـ الاَواني المتنجّسة بالخمر كالقناني والكؤوس وغيرها نغسلها بالماء ثلاث مرّات.
(2) ـ الاَواني اذا مات فيها الجرذ، أو ولغ فيها الخنزير فاِنّنا نغسلها سبع مرّات.
(3) ـ الاشياء المتنجّسة ببول الصبي الرضيع الذي لم يتغذ بعد بالطعام وكذلك الصبيّة، فانّنا نصبُّ الماء عليها بمقدار ما يحيط بها، ولا حاجة اِلى أكثر من ذلك. فلا حاجة اِلى العصر اِذا كان المتنجّس ثوباً أو نحوه.
(4) ـ الاواني اذا ولغ فيها الكلب أو لطعها بلسانه تمسح بالتراب أولاً ثم تغسل بالماء مرّتين وان وقع فيها لعاب فمه أو باشرها بسائر اعضائه [لزم مسحها بالتراب أولاً ثم غسلها بالماء ثلاث مرّات].
وما ولوغ الكلب؟
ـ شربه ما في الاناء باطراف لسانه.
(5) ـ الملابس المتنجّسة بالبول، نغسلها بالماء الجاري مرّةً واحدة أو نغسلها بماء الكر أو ماء الحنفيّات مرّتين أو تغسلها بالماء القليل مرّتين أيضاً ونعصرها، أما الملابس المتنجّسة بغير البول. فنغسلها مرة واحدة بالماء القليل ونعصرها أو نغسلها بالماء الكثير من دون حاجةٍ اِلى العصر.
(6) ـ البدن المتنجّس بالبول نغسله كما في الفقرة المتقدّمة واذا كان الغسل بالماء القليل لزم انفصال ماء التطهير عن البدن على النحو المتعارف.
(7) ـ باطن الاِناء، اِذا تنجّس بغير الخمر، أو ولوغ الكلب أو لطعه أو وقوع لعابه أو مباشرته بسائر اعضائه أو موت الجرذ، أو ولوغ الخنزير، فانّنا نطهّره بغسله بالماء القليل ثلاث مرّات أو بالماء الكثير أو الجاري أو المطهر [ثلاث مرّات أيضا].
وظاهر الاِناء..؟
ـ يطهر بغسله مرةً واحدة، حتّى بالماء القليل.
وكيف اُطهر كفّي المتنجّسة وعندي ماء قليل؟
ـ اِذا لم تكن متنجسة بالبول فصبّ عليها الماء مرة واحدة، فاِن انفصل ماء التطهير عن كفّك فقد طهر كفك.
المطهر الثاني: الشمس.
وماذا تطهّر الشمس؟.
ـ تطهّر الارض وما يستقرّ عليها من الابنية والحيطان، ويلحق بها في ذلك الحصر والبواري عدا ما تشتمل عليه من الخيوط [ولا تلحق بها الاَبواب، والاَخشاب، والاَوتاد، والاَشجار وأوراقها، والنباتات، والثّمار قبل قطافها وغير ذلك من الاشياء الثّابتة على الارض].
كيف تطهّر الشمس الارض والبناء؟
ـ بشروقها عليها حتّى تجف بتأثير أشعّتها مع زوال عين النجاسة عنها.
واذا كانت الارض النجسة جافة، وأردنا تطهيرها بالشمس؟
ـ صببنا عليها الماء حتى اذا جففتها الشمس طهرت.
واذا تنجّست الارض بالبول وأشرقت عليها الشمس فجفت؟
ـ طهرت الاَرض اذا لم يبق عليها جرم البول.
الحصى والتراب، والطين، والاَحجار المعدودة جزء من الاَرض اذا تنجّست بالبول فجفّفتها الشمس؟
ـ طهرت كذلك.
والمسمار النابت في الاَرض، أو في البناء..؟
ـ [ليس حكمه حكم الاَرض، فلا يطهر بالشمس].
المطهّر الثالث: زوال عين النجاسة عن بواطن الانسان غير المحضة وعن جسد الحيوان.
اِضرب لي مثلاً على ذلك.
ـ زوال الدم عن باطن الفم، أو باطن الاَنف، أو باطن الاَُذن، زوال لعين النجاسة.
فبمجرّد ان يزول الدّم يطهر الفم، والاَنف، والاَذن والعين وهكذا من دون حاجة اِلى تطهيرها بالماء.
وجسد الحيوان..؟
ـ كذلك جسد الحيوان، فبمجرّد أن يزول الدم عن منقار الدجاجة يطهر منقارها، وبمجرّد أن يزول الدّم عن فم القطّة يطهر فمها، وهكذا.
وهل تتنجّس الابرة ـ اِبرة الدواء ـ اِذا زرقت داخل جسم الانسان أو الحيوان، فلاقت الدم داخل الجسم؟
ـ كلا، لا تتنجّس اذا خرجت الابرة من داخل الجسم وهي غير ملوّثة بالدم فملاقاة النجس داخل الجسم لا تحقّق النجاسة.
المطهّر الرابع: الاَرض.. كل ما يسمّى أرضاً مطهرة كالحجر، والرمل والتراب وما فرش بالطابوق أو الاسمنت لا بالقير ونحوه ويشترط في الاَرض أن تكون [يابسة] وطاهرة.
وكيف أعرف أنها طاهرة؟
ـ ما دمت لا تعرف أنّها قد تنجّست فهي طاهرة، ومن ثمَّ فهي مطهرة.
وماذا تطهّر الارض؟
ـ تطهّر باطن القدم، والحذاء، بالمشي عليها أو المسح بها بشرط أن تزول عن القدم والحذاء بسبب المشي أو المسح النجاسةُ العالقة بهما هذا اذا كانت النجاسة قد حصلت من الاَرض النجسة سواء بالمشي عليها أم بغيره [وامّا اذا كانت قد حصلت من غيرها فلا تكون الاَرض مطهرة له حينئذ].
المطهّر الخامس: التبعيّة.
اِضرب لي مثلاً على التبعيّة.
ـ الكافر المحكوم بالنجاسة مثلاً اِذا أسلم طهر، وطهر «تبعاً له» طفله الصغير الذي كان نجساً تبعاً لاَبيه. والجد الكافر، والجدة، والاَم اذا اسلموا طهروا، وطهر «تبعاً لهم» طفلهم الصغير الذى كان نجسا تبعا لنجاستهم، كل ذلك فيما اذا كان الصغير مع من اسلم بأن يكون تحت كفالته ورعايته ولا يكون معه كافر اقرب منه اِليه.
والخمر اذا انقلت خلاّ طهر، وطهر «تبعاً له» اِناؤه الموضوع فيه.
والميّت اذا غسّل الاَغسال الثلاثة طهر. وطهرت «تبعاً له» يد الغاسل، والسدة التي غسل عليها، وثيابه التي غسل فيها.
والثوب المتنجّس اذا غسلته بالماء القليل ـ مثلاً ـ طهر، وطهرت «تبعاً له» اليد التي غسلته.
المطهّر السادس: الاِسلام.
وكيف يطهر الاسلام؟ ومن يطهر؟
يطهّر الاسلام الكافر المحكوم بالنجاسة بعد أن يُسلم، فيطهر هو ويطهر تبعاً له شعره، وأظافره، وغير ذلك من أجزاء جسده التي كانت نجسة لكفره.
المطهّر السابع: غيبة المسلم البالغ أو الصبي المميز.
وما غيبة المسلم؟
ـ أن تفارقك صورته، فلم تعد تراه عينك.
واِذا غاب؟
ـ اِذا غاب طهر، وطهرت معه أشياؤه وادواته التي في حيازته كثيابه. وفراشه، وأوانيه وأمتعته، وغيرها اذا احتملتَ تطهيره لها.
اِضرب لي مثلاً على ذلك..
ـ ثوب اخيك مثلاً كان نجساً وهو يعلم بذلك أو لا يعلم ولكنك أنت تعلم بذلك سواءٌ أكان ملتزماً بأحكامه الشرعيّة أو غير ملتزم بها.. ثم غاب عنك أخوك، وعاد ثانية واحتملتَ أنه طهر ثوبه عندئذ تقول: ثوب أخي طاهر.
تقول ذلك دون حاجة اِلى سؤاله.
المطهّر الثامن: الانتقال.
مثلاً.
ـ دم الانسان ـ مثلاً ـ ذاك الذي يتغذّى عليه البق والبرغوث والقمّل من الحشرات التي لا دم لها عرفاً، اِذا شربه الحيوان فاستقرّ في جوفه، ثم قتلت الحيوان، فصبغ ذلك الدم جسدك أو ثبابك، فهو دم طاهر.
المطهّر التاسع: الاستحالة.
وما الاستحالة؟
ـ الاستحالة: تبدل شيء اِلى شيء آخر مختلف عنه، وتحوله اِليه لا مجرد تبدل اسمه أو صفته أو تفرق اجزائه.
اِضرب لي مثلاً على ذلك؟
ـ الخشب المتنجس ـ مثلاً ـ اِذا احترق وصار رماداً، فالرماد طاهر. ومخلّفات الحيوان اذا استعملت وقوداً للنار، فرمادها في التنور طاهر، وهكذا..
المطهّر العاشر: خروج الدم بالمقدار الطبيعي من الحيوان المذكّى بطريقة شرعية عندئذٍ سنحكم بطهارة الدم الباقي داخله.
المطهّر الحادي عشر: انقلاب الخمر خلاًّ، ذلك أن الخل أثناء تكوّنه يتخّمّر في مرحلة ما أحياناً فيتنجّس ثم ينقلب بعد ذلك اِلى خلّ فيطهر.
المطهّر الثاني عشر: استبراء الحيوان الجلاّل:
فاِن الحيوان المأكول اللحم اذا تعوّد أكل عذرة الانسان حرم أكل لحمه وشرب لبنه وأصبح بوله ومدفوعه وعرق جسمه نجساً.
كيف يتمّ استبراء الحيوان الجلاّل؟
ـ يتمّ ذلك بمنعه عن أكل النجاسة لمدة لا يسمى بعد مضيِّها حيواناً جلالاً بل يصبح حيواناً عاديّاً.
وعندئذ؟
ـ عندئذٍ بعد استبرائه نحكم بطهارة لحمه ولبنه وكل ما تقدّم.
* * * * *