«حواريّة الصَّلاة»
القسم الاول : من المقدمة الى القنوت .
القسم الثاني : من مبطلات الصلاة الى الجمع بين الصلاتين.
القسم الاول :
ها نحن الاَن قد وصلنا في حوارنا الى الصّلاة ـ قال أبي ـ «والصلاة ـ كما ورد في الحديث النّبوي الشريف ـ عمود الدين ان قبلت قبل ما سواها، واِن رُدّت ردّ ما سواها». اِنّها ـ أضاف أبي ـ مواعيد لقاءات محدّدة ثابتة بين الخالق ومخلوقه، رسم الله سبحانه وتعالى أوقاتها السعيدة، وطرائقها، وصورها وكيفيّاتها لعباده.. تقف خلالها بين يديه، متوجهاً اِليه بعقلك وقلبك وجوارحك، تحادثه وتناجيه، فيسكب عليك خلال تلك المناجاة صفاءً ذهنياً ونفسياً رائعاً، وشفافية روحيّة تسبح خلالها بطيب المشافهة، وتنعم معها بدفء وعذوبة ووله وسعادة ولذّة الوصال والتلاقي. وطبيعي أن تعتريك تلك الرهبة المحبّبة وأنت تقف بين يدي خالقك العظيم.. الرحيم بك، الرؤوف بحالك، السميع البصير.
لقد كان استغراق جدّك أمير المؤمنين عليه السلام بعبادة ربّه وتوجّهه اِليه بكله فرصة مناسبة لاستلال النصل من جسده في معركة صفين، لانشغاله عن معاناة ألم الجسد بمناجاة ربه.
وكان امامك زين العابدين عليه السلام اِذا توضّأ للصلاة اصفّر لونه. فيقول له أهله: ما هذا الّذي ينتابك عند الوضوء؟ فيقول: «أتدرون بين يدي من أريد أن أقوم». وكان اِذا قام الى الصلاة أخذته الرعّدة، فيجيب من يسأله: «أريد أن أقوم بين يدي ربّي وأناجيه، فلهذا تأخذني الرعّدة ».
وكان امامك الكاظم عليه السلام اِذا قام الى الصلاة وخلا بربّه بكى واضطربت اعضاؤه، وخفق قلبه خوفاً من الله عزّ وجل وخشية ووجلاً منه.
ولما أودعه الرشيد ظلمة سجنه الرهيب تفرغ لطاعة الله وعبادته، شاكراً ربّه على تهيأته هذه الفرصة الجميلة الحبيبة له مخاطباً ربّه قائلاً: «ربّ اِنّي طالما كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك وقد استجبت مني فلك الحمد على ذلك».
والصلاة ـ اردف أبي ـ اِبراز حسّي ظاهري لحاجة داخلية متأصلة في النفس، هي الانتماء لله عزّ وجل والارتباط بالخالق المكوّن، المسيطر، المالك المهيمن. فحين تقول: (الله اكبر) مبتدئاً صلاتك فاِنّ مثل المادة وأنظمتها ونماذجها وأنماطها وزخارفها ستتضاءل في نفسك وربّما تضمحل لاَنّك واقف بين يدي خالق الكون، المسيطر على مادته المسخر لها وفق مشيئته، فهو أكبر من كل شيء وبيده كل شيء.
فحين تقول ـ وأنت تقرأ سورة الحمد: (اِيّاك نعبد واِيّاك نستعين)، فأنت تغسل نفسك وجسدك من كلِّ أثر للاستعانة بغير الله القادر الحكيم أيّاً كان.
بتلك النكهة المحببّة للخشوع ستستحم كل يوم خمس مرّات: صباحاً وظهراً وعصراً ومغرباً وعشاءاً.
وان شئت زدت على ذلك بما يستحب لك منها.
معنى هذا أن الصلوات واجبة ومستحب ؟
ــ نعم، فهناك صلوات واجبة وأخري مستحبّة.
الصلوات الواجبة اعرفها.. انّها الصلوات التي نؤدّيها كل يوم. انّها صلاة الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء.
ــ ليست هذه فقط هي الصلوات الواجبة. بل هناك صلوات واجبة أخرى غيرها وهي:
1 ـ صلاة الاَيات. «انظر حواريّة الصلاة الثانية».
2 ـ صلاة الطواف الواجب في العمرة والحج «أنظر حواريّة الحج».
3 ـ الصلاة على الميّت. «أنظر حواريّة الموت».
4 ـ الصلاة التي لم يصلّها الوالد [حيث يجب على ولده الاَكبر قضاؤها عنه بعد موته]. «انظر حوارية الصلاة الثانية».
5 ـ الصلاة التي تجب بالاجارة أو بالنذر أو اليمين أو غيرهما.
وهي تختلف باختلاف الحالات.
غير ان للصلوات اليومّية مقدّمات خمساً هي:
أ ـ وقت الصلاة.
ب ـ القبلة.
جـ ـ مكان الصلاة.
د ـ لباس المصلي.
هـ ـ الطهارة في الصلاة.
وقال أبي: ينبغي ان لا تتوهم ان هذه المقدّمات لا يجب توفّرها في غير الصلاة اليومية ـ من الصلوات الواجبة والمستحبة ـ كلا لا تتوهم ذلك بل يجب توفر ما عدا الشرط الاول فيها على تفصيل ستعرفه ان شاء الله.
والاَن اعود لاَعرض بالتفصيل لكل واحدة واحدة من تلك المقدّمات الخمس:
ستبدأ اذن بوقت الصلاة.
ــ نعم باولاهنّ:
1 ـ وقت الصلاة: لكل من الصلوات اليوميّة وقت محدد لا يجوز تخطيّه، فوقت صلاة الصبح من طلوع الفجر الى طلوع الشمس. ووقت صلاة الظهرين «الظهر والعصر» من زوال الشمس الى غروبها، ويختص أوّل الوقت بصلاة الظهر وآخره بصلاة العصر بمقدار أدائهما.
وكيف أعرف الزوال، ذلك الوقت الذي تبدا به صلاة الظهرين؟
ــ انّه منتصف الوقت بين طلوع الشمس وغروبها.
أما وقت صلاة العشاءين «المغرب العشاء» فهو من أول المغرب الى منتصف الليل، ويختص أول الوقت بصلاة المغرب وآخره بصلاة العشاء بمقدار ادائهما .
هذا [ولا تبدأ بصلاة المغرب اِلاّ بعد أن تزول الحمرة المشرقيّة من السماء ].
وما الحمرة المشرقية؟
ــ انّها حمرة في السماء من جهة المشرق في الجهة المقابلة لغروب الشمس تزول بعد غروبها .
وكيف اُحدد منتصف اللّيل ، ذلك الذي ينتهي به وقت صلاة العشاء؟
ــ اِنّه منتصف الوقت بين غروب الشمس والفجر .
واِذا انتصف اللّيل وزاد ولم أُصلّ صلاتي المغرب والعشاء عامداً؟
ــ عليك [ان تبادر فتصليهما قبل الفجر بقصد القربة المطلقة أي من دون أن تقصد اداء الصلاة ولا قضاءها].
مع ملاحظة هامّة في كل صلاة وهي أن تتأكدّ من دخول وقت الصلاة قبل البدء بها سواء أكانت صلاة الفجر أم الظهر والعصر أم المغرب والعشاء .
2 ـ القبلة : يجب عليك أن تستقبل القبلة وأنتَ تصلّي، والقبلة ـ كما تعرف ـ هي المكان الّذي تقع فيه الكعبة الشريفة بمكة المكرمة .
واِذا لم أتمكّن من معرفة جهة القبلة بعد أن بذلت جهدي وفقدت كل الحجج التي يمكنني أن أستند اِليها لتعيين القبلة؟
ــ صلِّ الى الجهة التي تظنّ وجود القبلة فيها.
ــ واِن لم استطع أن أرجح جهة على أخرى؟
ــ صلِّ الى أيّة جهة تحتمل وجود القبلة فيها.
ــ واِذا اعتقدت أن جهة ما، هي جهة القبلة وصلّيت، ثم عرفت بعد الصلاة أنني كنت على خطأ.
ــ اِذا كان انحرافك عن القبلة ما بين اليمين والشمال صحت صلاتك.. واِذا كان انحرافك اكثر من ذلك. أو كانت صلاتك الى الجهة المعاكسة لجهة القبلة ولم يمض وقت الصلاة بعد، أعد صلاتك وأمّا اِذا مضى وقت الصلاة فلا يجب عليك القضاء.
3 ـ مكان المصلّي [لاحظ أن يكون مكان صلاتك مباحاً ذلك أن الصلاة، لا تصح في المكان المغصوب].
ويعدّ من المغصوب ما وجب أن تدفع خمسه ولم تدفع خمسه بيتاً كان أو فراشاً أو غيرهما. وسأشرح لك بالتفصيل ما يجب فيه الخمس في «حواريّة الخمس» القادمة، غير أني أشير هنا فقط الى ضرورة عدم السقوط في هاوية الغفلة والتسامح واللامبالات. تلك التي سقط فيها كثيرون ومنعوا حق الله عزّ وجل في أموالهم.
لنفترض أنّ الارض كانت غير مغصوبة ولكنها مفروشة بفراش مغصوب.
ــ كذلك[ لا تصح صلاتك بها على ذلك الفراش].
ــ أضاف أبي:
ثم يجب أن يكون مكان سجودك طاهراً غير نجس .
تقصد بمكان السجود موضع سجود الجبهة؟
ــ نعم، طهارة مكان السجود فقط، أي التربة واشباهها مما تسجد عليه.
وبقية مكان الصلاة، موضع الرجلين مثلاً. المكان الذي يشغله بقية الجسد في الصلاة؟
ــ لا يشترط فيه الطهارة. فاِذا كان نجساً وكانت نجاسته لا تسري الى الجسد أو الملابس تجوز الصلاة فيه.
ثم أنه بقيت هناك موضوعات تخصّ مكان المصلي سأحددها لك على شكل نقاط:
أ ـ لا يجوز في الصلاة ولا في غيرها استدبار قبور المعصومين عليهم السلام اِذا كان في الاستدبار اِساءة للادب.
ب ـ [لا تصحّ صلاة كل من الرجل والمرأة اِذا كانا متحاذيين متجاورين وعلى مستوي واحد، أو كانت المرأة متقدّمة] اِلاّ أن تفصل بين مكانها ومكانه أكثر من عشرة أذرع بذراع اليد أو يكون بينهما حائل كالجدار مثلاً.
جـ ـ تستحب الصلاة في المساجد، وأفضل المساجد، المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومسجد الكوفة والمسجد الاَقصى. كما تستحب الصلاة في مشاهد الائمة المعصومين عليهم السلام .
د ـ من الاَفضل للمراة أن تختار لصلاتها أكثر الاَمكنة ستراً حتى في بيتها.
4 ـ لباس المصلي، وفيه شروط:
أ ـ أن يكون طاهراً و[غير مغصوب] على أن شرطية اباحة اللباس انّما هي للساتر للعورة فقط، وهذا يختلف حاله بين الرجل والمرأة اذ يكفي اباحة خصوص بعض الملابس الداخلية ـ كالشورت مثلاً ـ للرجال، بينما لا يكفي ذلك في النساء لسعة دائرة ما تستره في الصلاة وهو جميع البدن عدا ما استثني.
ب ـ أن لا يكون من أجزاء الميتة التي تحلّها الحياة، كجلد الحيوان المذبوح بطريقة غير شرعية [وان كان لا يكفي وحده ان يكون ساتراً للعورة ].
وهل تصح الصلاة في الحزام الجلدي المأخوذ من يد المسلم، أو المصنوع في بلاد اِسلامية مثلاً. وهو غير معلوم التذكية؟
ــ نعم تصح الصلاة فيه.
والحزام الجلدي المأخوذ من يد الكافر. أو المصنوع في بلاد كافرة؟
ــ تصح الصلاة فيه [ اِلاّ اذا علمت أنه مأخوذ من جلد حيوان غير مذكّى].
واذا لم أتأكّد من أن هذا الحزام الجلدي ـ مثلاً ـ مصنوع من جلد طبيعي أم صناعي؟
ــ تجوز الصلاة فيه في مطلق الاحوال.
جـ ـ أن لا يكون لباس المصلّي مصنوعاً من اجزاء السباع اذا كان بحيث يمكن ستر العورة به [ولا غيرها مما لا يجوز أكل لحمها].
د ـ أن لا يكون من الحرير الخالص بالنسبة للرجال، أمّا النساء فيجوز لهنّ الصلاة في الحرير الخالص.
هـ ـ أن لا يكون من الذهب الخالص أو المغشوش اذا صدق عليه الذهب، دون المموه بالنسبة للرجال.
ولو كان خاتم يد أو حلقة زواج؟
ــ ولو كان خاتم يد أو حلقة الزواج، فانّه لا تصح صلاة الرجل به، كما أنّه يحرم لبس الذّهب للرجال دائماً.
حتى في غير وقت الصلاة؟
ــ دائماً. . دائماً حتى في غير وقت الصلاة.
ــ والاَسنان الذهبية الداخلية التي تصنع لبعض الرجال، والساعة الذهبية التي يحملها بعضهم في جيبه؟
ــ هذه جائزة للرجال وتصحّ صلاتهم بها.
اذا كان الرجل لا يعلم أن خاتمه ذهبي وصلّى فيه، أو أنّه كان يعلم أنّه ذهبي ونسي وصلّى فيه ثمّ علم أو تذكّر بعد انتهاء الصلاة؟
ــ صلاته صحيحة.
والنساء؟
ــ يجوز لهنّ لبس الذّهب دائماً وتصح صلاتهنّ به.
بقيت في لباس المصليّ ملاحظة ذات أهمّية وهي أنّه يجب على الرجل ستر عورته في الصلاة وهي القضيب والخصيتان والمخرج فقط.
ويجب على المرأة ستر جميع جسدها في الصلاة بما في ذلك الشعر حتى لو كانت وحدها ولا يراها أحد عدا الوجه بالمقدار الذي لا يستره الخمار عادة مع ضربه على الجيب، والكفين الى الزّند والقدمين الى أوّل جزء من الساق.
ــ هذه هي مقدمات الصلاة. ـ قال أبي ـ أما الصلاة نفسها فهي عمل مركبّ من عدة اجزاء وواجبات، وهي: النيّة، وتكبيرة الاحرام، والقيام، والقراءة، والذكر، والركوع، والسجود، والتشهد، والتسليم، مراعياً فيها الموالاة والترتيب كما ستعرف.
ولماذا لم تبدا بالاذان والاقامة؟
قبل أن أجيبك على هذا السؤال أحبّ أن أنبهك الى أن بعض هذه الاجزاء تسمّى بالاركان وهي: النية، وتكبيرة الاحرام، والقيام، والركوع، والسجود.
وقد اختصّت عن بقية الاجزاء الواجبة بخاصية بطلان الصلاه بنقيصتها عمداً وسهواً فاقتضت هذه التسمية وهذا الامتياز.
واعود الان الى جواب سؤالك:
الاَذان والاقامة في الصلوات اليوميّة الواجبة من المستحبّات المؤكدّة التي يحسن أن يأتي بهما المصلّي، ولكنّه يجوز له تركهما.
قال ذلك أردف أبي ناصحاً:
اتمنّى أن لا تترك الاَذان والاقامة في صلواتك الواجبة اليوميّة فتخسر ثوابهما.
واِذا أردت أن أُؤذن فكيف أُؤذن؟
ــ تقول:
الله اكبر ـ أربع مرات.
أشهد أن لا اِله اِلاّ الله ـ مرتين.
أشهد أنَّ محمّداً رسول الله ـ مرتين.
حيَّ على الصلاة ـ مرتين.
حيَّ على الفلاح ـ مرتين.
حيَّ على خير العمل ـ مرتين.
الله اكبر ـ مرتين.
لا اِله اِلاّ الله ـ مرتين.
ــ والاقامة؟
ــ في الاقامة تقول:
الله أكبر ـ مرتين.
أشهد أن لا اِله اِلاّ الله ـ مرتين.
أشهد أن محمداً رسول الله ـ مرتين
حيَّ على الصلاة ـ مرتين.
حيَّ على الفلاح ـ مرتين.
حيَّ على خير العمل ـ مرتين.
قد قامت الصلاة ـ مرتين.
الله أكبر ـ مرتين.
لا اِله اِلاّ الله ـ مرة واحدة.
والشهادة بولاية الاِمام عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام ؟
ــ اِنّها مكملة للشهادة بالرسالة ومستحبة، ولكنها ليست جزءاً من الاَذان ولا من الاقامة.
اذن فأوّل أجزاء الصلاة هي ما أسميتها أنت بالنية؟
ــ نعم.
وما النية؟
أن تقصد الصلاة متعبداً بها، أي باضافتها الى الله تعالى أضافة تذللية.
ــ أحبّ أن أعرف (الاضافة التذللية) بصورة واضحة.
ــ الاضافة التذللية هي العمل النفسي الذي يقارن الافعال العبادّية يستشعر الانسان به أنّه العبد الذليل أمام المولى الجليل سبحانه وتعالى.
ــ وهل للنية لفظ محدد مخصوص؟
ــ كلاّ، انّها من أعمال القلب لا اللسان، ولذلك فليس لها لفظ محدّد ما دام محلّها القلب. غير أنّك اِذا لم تقصد الصلاة تقرّباً وتذلّلاً الى الله بحركاتك تلك التي تؤدّيها بطلت صلاتك.
ثانيها: تكبيرة الاِحرام.
وما هي تكبيرة الاحرام؟
ــ تقول: الله أكبر . وأنت واقف على قدميك مستقر في وقوفك، متوجّهاً الى القبلة.. تقولها باللغة العربية، موضِّحاً لدى نطقك بها صوت حرف «الهمزة» في كلمة «أكبر» وكذا سائر الحروف والاَفضل أن تفصل بين تكبيرة الاحرام هذه وبداية سورة الحمد بشيءٍ من الصمت قليل حتى لا تلتصق التكبيرة بأوّل سورة الحمد.
قلت لي يجب أن تكبِّر وأنت قائم على قدميك، فلو كنت مريضاً مثلاً فلم أستطع القيام على قدمي ولو بالاعتماد على عصا أو جدار أو غيرهما فكيف اُصلّي؟
ــ صلِّ وأنت جالس، واِن لم تتمكن كذلك، صلِّ وأنت مضطجع على جانبك الاَيمن أو الاَيسر ووجهك الى القبلة [ويجب تقديم الجانب الاَيمن على الاَيسر مع الامكان] .
وان لم استطع؟
ــ صلِّ وأنت مستلقٍ على قفاك ورجلاك الى القبلة.
اذا كنت استطيع القيام حال التكبير فقط ولا استطيع الاستمرار عليه.
ــ يجب عليك ان تكبر واقفا وتستمر في صلاتك جالساً او مضطجعاً كما بيّنت لك.
ثالثها: القراءة.
وتأتي بعد التكبيرة حيث تقرأ سورة الحمد [وسورة كاملة اُخرى بعدها]. قراءة صحيحة دون خطأ ولا تنس أن تقرأ البسملة في أوّل كل سورة عدا سورة التوبة كما تجده في المصحف.
واِذا لم يسعفني الوقت لقراءة السورة الثانية تلك التي أقرأها عادة بعد سورة الحمد؟
ــ اترك قراءة السورة واقرأ الحمد وحدها.. كذلك تفعل اِذا كنت مريضاً لا تستطيع قراءة سورة ثانية بعد سورة الحمد، أو كنت خائفاً، أو مستعجلاً.
وكيف أقرأ السورتين؟
ــ [يجب على الرجال قراءة السورتين جهراً لصلاة الصبح والمغرب والعشاء وقراءتهما بصوت خافت لصلاتي الظهر والعصر].
والنساء؟
ــ لا جهر على النساء غير أن المرأة [يجب عليها أن تخفت في الظهرين].
اِذا كنت أجهل حكم الجهر والاخفات في الصلاة أو نسيت فقرأت السورتين أو بعضهما بصوت خافت وأنا اصلي الصبح أو المغرب أو العشاء، أو قراتهما أو بعضها بصوت عال وأنا أصلّي الظهر أو العصر أي عكس المطلوب؟
ــ صلاتك صحيحة.
هذا ما سأقرؤه في الركعتين الاولى والثانية، وماذا عن الثالثة والرابعة ماذا أقرأ فيهما؟
ــ أنت مخير بين أن تقرأ في الركعتين الثالثة والرّابعة سورة الحمد وحدها، أو أن تقرأ التسبيحات [باخفات الصوت طبعاً في كلتا الحالتين] عدا البسملة فيحق لك اِذا كنت اماماً أو منفرداً أن تجهر بها.
واِذا اخترت التسبيح فماذا أقول فيه؟
ــ يجزيك ان تقول بصوت خافت :سبحان الله والحمد لله ولا اِله اِلاّ الله والله أكبر. مرّة واحدة أو ثلاث مرّات وهو أفضل.
وهل هناك ملاحظة أخرى في القراءة؟
ــ نعم، فعندما تنطلق في قراءتك وتدرج بها فالاَفصح أن تحرك أواخر الكلمات كلٌّ حسب موقعها الاعرابي، فلا تدرج وأواخر الكلمات ساكنة واِذا وقفت على كلمة فالافصح أن تسكن الحرف الاخير منها.
ثمّ يجب عليك بعد ذلك أن تمدّ حرف الاَلف مدّاً خفيفاً وأنت تقرأ كلمة «الضاَلين» آخر سورة الحمد لكي تتحفّظ على اداءِ التشديد والالف بصورة صحيحة.
وبعد ذلك؟
ــ احذف همزة الوصل في قرأتك حينما تقع في وسط الكلام لا في بدايته واظهر همزة القطع بحيث تبدو على لسانك واضحة بيّنة جليّة حينما وقفت.
مثل لي لهمزة الوصل وهمزة القطع.
ـ الهمزة في (الله، الرحمن، الرّحيم، اِهدنا) مثلاً همزه وصل لا تظهر على اللسان في النطق اثناء الدرج والانطلاق والاسترسال، بينما همزة (اِيّاك، أنعمتَ) مثلاً همزة قطع تظهر على اللسان واضحة جليّة اثناء النطق بها. ثمّ..
ثمّ ماذا؟
ــ ثم اِذا رغبت أن تقرا سورة التوحيد بعد سورة الحمد واخترتها من بين السور الاُخرى فمن الاَيسر لك والاَسهل عليك أن تقف على كلمة (أحد) فتسكنها وأنت تقرأ الاَية الكريمة: (قل هو الله أحدْ) أي تتريّث قليلاً قبل ان تقرأ الاَية اللاحقة بها (الله الصمد).
قال ذلك أبي وأضاف:
ومن أجل أن تضمن صحّة قراءتك في صلاتك أنصحك بأن تصلّي أمام من يحسن الصلاة ليضبط قراءتك وصلاتك، فاِن تعسرَ عليك ذلك فلا أقل من أن تدقق قراءتك للسورتين، «سورة الحمد والسورة اللاحقة لها» وفق قراءة أحد المقرئين المعروفين بصحة النطق المهتمين بدقة الضبط، تقرأ مع قراءته السورتين وتتابع على هدي قراءته قراءتك، فستكتشف عندئذٍ أخطاءك ـ اِن وجدت ـ لتصحّحها.
ذلك أجدى لك من أن تستمر على قراءة خاطئة نشأت عليها منذ الصغر حتى اِذا اكتشفت خطأك بعد حين، تكون قد صلّيت سنوات صلاة غير صحيحة القراءة.
رابعها: القيام، ومعناه واضح، لكن أودّ أن أُشير الى أن القيام هو الجزء الوحيد من أجزاءِ الصلاة والّذي يحمل صفة مزدوجة، فهو قد يكون ركناً كالقيام حال تكبيرة الاِحرام والقيام قبل الركوع الذي يعبّر عنه بالقيام المتّصل بالركوع فتترتّب عليه خصائض وأحكام الركن، وقد يكون واجباً غير ركن كالقيام حال القراءة والتسبيح والقيام بعد الركوع فحينئذٍ تجري عليه أحكام الواجبات غير الرّكنية.
خامسها: الركوع.
ثم بعد قراءتك للسورتين يجب أن تركع.
وكيف أركع؟
ــ تنحني حتى تصل أطراف أصابعك الى ركبتيك، وحين يستقّر بك الرّكوع تقول: (سبحان ربّي العظيم وبحمده) مرة واحدة، أو تقول: «سبحان الله» ثلاثاً. أو «الله أكبّر» ثلاثاً أو «الحمد لله» ثلاثاً، أو غيرها مما هو بقدرها من الذّكر كالتهليل ثلاثاً.
ثم تقوم من ركوعك وتستقيم، حتى اِذا استقرّ بك القيام هويتَ للسجود.
سادسها: السجود
ويجب في كل ركعة سجدتان.
وكيف أسجد؟
ــ تضع جبهتك وكفّيك وركبتيك ابهامي قدميك على الارض.
ويشترط فيما تسجد عليه وتضع عليه جبهتك أن يكون من الاَرض، أو من نباتها غير المأكول، ولا الملبوس.
مثّل لي لما لا يجوز السجود عليه لاَنّه مأكول أو ملبوس؟
ــ البقول والفواكه لا يجوز السجود عليها لاَنها مأكولة، والقطن والكتّان لا يجوز السجود عليهما لاَنّهما ملبوسان.
على أيِّ شيء أسجد مثلاً؟
ــ أُسجد على التراب أو الرّمل أو الحصى أو الصخر أو الخشب أو ما لا يؤكل من أوراق الشجر.. اُسجد على الورق المستعمل للكتابة اِذا كان مصنوعاً من الخشب أو القطن أو الكتان، أُسجد على التبن، وغير ما ذكرت كثيرٌ.
ولا تسجد على الحنطة والشعير والقطن والصوف والقير والزجاج والبلّور. . وأفضل ما تسجد عليه التراب وأفضله «التربة الحسينيّة» على مشرّفها الصلاة والسلام.
واِن لم أتمكّن من السجود على ما يصحّ السجود عليه لعدم توفّره مثلاً أو لخوفي من السجود عليه كحالات التقيّة؟
ــ ان لم يتوفّر لك ما يصح السجود عليه فاسجد على القير أو الزفت فان لم يحصلا فعلى ما شئت.. على ثوبك أو على كفّك. وان كنت في حال تقيّة فاسجد على ما تقتضيه التقية.
قال ذلك أبي وأضاف:
ولا تنس أن يكون موضع سجودك بمستوى موضع ركبتيك وابهاميك فلا يزيد ارتفاع أحدهما عن الاَخر أربع أصابع مضمومة [وكذلك موضع سجودك مع موضع وقوفك].
لو وضعت جبهتي وكفّي وابهامي قدمي وركبتي على الاَرض فماذا أصنع؟
ــ قل بعد أن يستقر بك السجود: «سبحان ربّي الاَعلي وبحمده» مرّةً واحدة، أو قل: «سبحان الله» ثلاثاً، أو «الله أكبر» ثلاثاً، أو «الحمد لله» ثلاثاً أو غيرها من الاَذكار التي هي بقدرها..
ثمّ ارفع رأسك حتى تجلس مطمئناً، فاِن جلست مطمئنّاً مستقرّاً أعد الكرة، فاسجد السجدة الثانية وأقرأ بها ما تختاره مما عرفت من ذكر السجود.
واِن لم أتمكّن من الانحناء التام للسجود لمرضٍ مثلاً؟
ــ حاول الاَنحناء أقصى ما تستطيع، وضع ما تسجد عليه على مرتفع ثم ضع جبهتك عليه مراعياً وضع سائر المساجد في محالها.
واِن لم أتمكّن من ذلك أيضاً؟
أُوْمئ برأسك الى موضع السجود. واِن لم تتمكن فأُومئ بعينيك غمضاً له وفتحاً للرفع منه.
سابعها: التشهدّ.
ويجب بعد السجدة الثانية من الرّكعة الثانية في كل صلاة، وفي الركعة الاخيرة من صلاة المغرب والظهر والعصر والعشاء.
وماذا أقول فيه؟
ــ قل: [اشهد ان لا اِله اِلاّ الله وحده لا شريك له، واشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله اللهم صلِّ على محمّدٍ وآل محمّدٍ] تؤديه بصورة صحيحه وأنت جالس مطمئن في جلوسك موالياً بين افعالك.
ثامنها: التسليم.
وهو واجب في الرّكعة الاَخيرة من كلِّ صلاة، تقوله بعد التشهدّ وأنت جالس مستقر في جلوسك.
وماذا أقول فيه؟
ــ يجزي فيه أن تقول «السلام عليكم» والاَفضل ان تضيف اليه: «ورحمة الله وبركاته» وافضل منه ان تقول قبله: «السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين».
هذه هي أجزاء الصّلاة، تؤدّيها متسلسلة كما عددتها وفصلتها لك، متوالية يلي بعضها بعضاً، ويمسك بعضها بزمام بعض، دونما فواصل بين اجزائها تخل بهيئتها ووحدتها.
لم تذكر لي القنوت رغم أنّك ترفع يديك وتقنت في صلاتك؟
ــ القنوت مستحب مرة واحدة في الصلوات اليومية وغيرها [عدا صلاة الشفع] فبعد قراءتك للسورتين من ركعتك الثانية وقبل ركوعك أرفع يديك للقنوت اذ ما أردت أن تفعل المستحب.
وهل له ذكر محدد أقوله؟
ــ كلا، يمكنك أن تتلو فيه آية قرآنية تدعو فيها الله سبحانه وتعالى بماأردت وتناجي ربّك وتدعوه بأيِّ دعاء شئت.