«حواريّة الطلاق»
كنت اظنّ اول الاَمر أني وحدي أكره الطلاق.
غير أني ما اِن سمعت من أبي حديثه، حتى عرفت أنّي لست وحدي اكره الطلاق.
فهذا أبي مثلي يكرهه، وهؤلاء الناس مثلنا يكرهونه، أكثر من ذلك فقد قال لي أبي:
ان الله عزّ وجل يبغض الطلاق. وزاد، فنقل لي نصوصاً من الحديث الشريف تذكر ذلك.
فقد روى لي أبي عن الاِمام أبي عبدالله عليه السلام انّه قال:« ما من شيء أبغض الى الله عزّ وجل من الطلاق».
وروى لي عنه عليه السلام: «ما من شيء أبغض الى الله عزّ وجلّ من بيت يخرب في الاِسلام بالفرقة، يعني الطلاق».
وروى لي عن الحسن بن الفضل عنه عليه السلام الحديث الشريف التالي: «تزوّجوا ولا تطلقوا، فاِن الطلاق يهتزّ منه العرش».
وقد تعدّى بغض الطلاق في حديث شريف الى بغض الرجل الذي يكثر منه أي الرجل المطلاق، فقد قال الاِمام ابو عبدالله عليه السلام: «سمعت أبي يقول: اِن الله عزّ وجلّ يبغض كل مطلاق».
قلت: أنا لاَبي أكره الطلاق ولكن رغم ذلك يحسن بي أن اُحيط ببعض أحكامه.
قال : نعم هو كذلك، وأضاف مبتدئاً أحكام حواريّة الطلاق قائلاً :
يشترط في المطلِّق: البلوغ، والعقل، والاختيار، فلا يصحّ طلاق الصبي ولا طلاق المجنون ولا طلاق المجبر على الطلاق، نعم يحتمل صحة طلاق الصبي البالغ عشر سنين فلابد من رعاية الاحتياط فيه .
وأن يقصد المطلِّق الفراق حقيقة بصيغة الطلاق فلا يصح طلاق الهازل ، والساهي ، ومن لا يفهم معنى الطلاق .
وما هي صيغة الطلاق؟
ــ لا يقع الطلاق اِلاّ اذا اُنشئ بصيغة خاصّة، وبلغة عربيّة لمن يقدر عليها ، وبمحضر رجلين عادلين يسمعان اِنشاء الطلاق .
يقول الزوج مثلاً : «زوجتي ـ ويذكر اسمها ـ طالق» أو يخاطب زوجته مثلاً قائلاً لها : « أنتِ طالق » أو يقول وكيل الزوج : « زوجة موكلي ـ ويذكر اسمها ـ طالق » عندئذٍ يقع الطلاق بين الزّوجين .
وهل يجب ذكر اسم الزّوجة في صيغة الطلاق؟
ــ كلا ، لا يجب ذكر اسمها اذا كانت معيّنة مشخّصة معروفة كما اذا لم يكن له غيرها .
قال أبي :
ولا يجوز الطلاق ما لم تكن المرأة المطلّقة طاهرة من الحيض والنفاس اِلاّ أن تكون الزوجة غير مدخول بها . او تكون مستبينة الحمل، وفي بعض حالات غياب الزوج، كما لا يجوز للزوج طلاق زوجته في طهر جامعها فيه، بل على الرجل الاِنتظار حتى تحيض زوجته ثم تطهر من حيضها ثم يطلق بعد طهرها من الحيض.
هذا ولا تطلق الزوجة في «الزواج المؤقّت» بل يتحقّق الفراق بانقضاء المدّة المتّفق عليها معها، أو يبذل المدّة المتبقّية لها كأن يقول الرجل لزوجته مثلاً: «وهبتك المدّة الباقية» فتنتهي بذلك العلاقة بينهما.
ولا يعتبر في صحّة بذل المدّة في الزواج المؤقّت وجود شهود، ولا يشترط فيه طهارة المرأة من حيض ولا نفاس.
أضاف أبي قائلاً:
اذا طلق الرجل امرأته التي دخل بها بعد اِكمالها التِّسع وقبل بلوغها سن اليأس وجب عليها أن تعتدّ ابتداء من تاريخ وقوع الطلاق لا تاريخ علمها به.
وعدّة الطلاق لغير الحامل ثلاثة أطهار، ويحسب الطهر الفاصل بين الطلاق وحيضها طهراً واحداً مهما كان قليلاً.
معنى هذا، اِن عدّتها تنتهي بعد رؤيتها الدّم الثالث؟
ــ نعم، بعد رؤيتها دم الحيض الثالث.
وعدّة المطلّقة الحامل؟
ــ عدّة المطلّقة الحامل مدّة حملها، وهي تنقضي بوضع الحمل، تامّاً كان ذلك الحمل أو سقطاً.
ولو وضعت بعد الطلاق بيوم، فهل تنتهي بالولادة عدّتها؟
ــ نعم، حتى لو كانت ولادتها بعد الطلاق بساعة لا بيوم، شريطة ان يكون الولد ملحقاً بذي العدّة فلا يكون ولد زناً مثلاً.
وهل على المتزوّجة زواجاً مؤقتاً عدّة بعد افتراقها عن زوجها؟
ــ اذا كانت بالغة، مدخولاً بها، غير يائس، ولا حامل، فعدّتها [حيضتان] كاملتان لمن كانت تحيض، وخمسة واربعون يوماً لمن لا تحيض لمرضٍ ونحوه.
قال ذلك أبي وأضاف:
أمر الطلاق بيد الزّوج وهو قسمان بائن ورجعي.
الطلاق البائن: ما ليس للزّوج بعده الرّجوع الى الزّوجة اِلاّ بعقد جديد، كطلاق الزّوجة قبل الدخول بها.
الطلاق الرّجعي: ما كان للزوج الحق في اِرجاع زوجته المطلّقة اليه مادامت في العدّة، من دون عقدٍ جديد، ولا مهر جديد.
ومن اقسام الطلاق البائن ما يسمّي بــ«الطلاق الخلعي» ويقصد به الطلاق بفدية من الزّوجة الكارهة لزوجها الى حدّ يحملها على تهديد زوجها بعدم رعاية حقوق الزّوجية، وعدم اقامة حدود الله فيه، ولكن من دون أن يكرهها هو. فاذا قالت الزّوجة لزوجها:
« بذلت لك مهري على أن تخلعني » وقال الزّوج بعد ذلك بلغة عربيّة صحيحة وبحضور شاهدين عدلين « زوجتي ـ ويذكر اسمها ـ خالعتها على ما بذلت » او يقول « فلانة طالق على كذا » فاذا قال ذلك فقد طلّقها طلاقاً خلعياً .
وهل يجب ذكر اسم الزوجة هنا؟
ــ اذا كانت معيّنة لا يجب ذكر اسمها .
وهل يجوز أن يكون المال المبذول للزوج غير المهر حتى يخلع زوجته؟
ــ نعم يجوز ذلك .
وهل يحق للزوجة والزوج أن يوكلا من يقوم مقامهما في بذل المهر ( أو غيره ) في الطلاق الخلعي .
ــ نعم يحقّ لهما ذلك .
أحياناً يغيب الزّوج ولا يظهر له أثر، ولم يعلم موته ولا حياته؟
ــ يحق للزوجة في حالة كهذه أن ترفع أمرها الى الحاكم الشرعي فيأمر بالفحص عنه اربع سنوات، فاذا لم يظهر له أثر ولم يكن للزّوج المفقود مال ينفق منه على زوجته، ولم ينفق عليها وليّه من مال نفسه، أمره الحاكم الشرعي بطلاقها فان امتنع ولم يمكن اجباره او لم يكن له ولي طلقها الحاكم بعد طلبها الطلاق منه.
اذا حكم على الزوج بالسجن مؤبّداً وهو لا يقدر على الانفاق على زوجته، ويمتنع عن الطلاق؟
ــ يجوز للزوجة في مثل هذه الحالة ان ترفع امرها الى الحاكم الشرعي، فيتّصل بالزّوج يأمره بطلاقها، فاذا امتنع عنه وتعذر اجباره عليه طلّقها الحاكم الشرعي بطلبها ذلك منه .