كتاب إحياء الموات

البريد الإلكتروني طباعة

مسألة 866 : لو وضع كوزا مثلا على حائطه وكان في معرض السقوط فسقط فتلف به مال أو نفس ضمن، وإن لم يكن كذلك وسقط اتفاقاً لعارض لم يضمن. مسألة 867 : لو أشعل ناراً في ملكه من شأنها السراية إلى ملك غيره فسرت إليه ضمنه، وإذا لم يكن من شأنها السراية فاتفقت السراية لعصف الرياح بغتة أو لنحو ذلك لم يضمن. مسألة 868 : إذا أرسل الماء في ملكه فتعدى إلى ملك غيره فأضر به ضمنه إذا كان في معرض التعدي إليه وإلا لم يضمنه.


( 275 )

مسألة 869 : لو تعب حمال الخشبة فأسندها إلى جدار الغير ليستريح بدون إذن صاحب الجدار فوقع بإسنادها إليه ضمنه وضمن ما تلف بوقوعه عليه، ولو وقعت الخشبة فأتلفت شيئاً ضمنه إذا كان قد أسندها على وجه تكون في معرض الوقوع وإلا فلا ضمان عليه. مسألة 870 : لو فتح قفصاً على طائر فخرج وكسر بخروجه قارورة شخص مثلاً ضمنها الفاتح وكذا لو كان القفص ضيقاً مثلاً فاضطرب بخروجه فسقطت وانكسرت ضمنها. مسألة 871 : إذا أكلت دابة شخص زرع غيره أو أفسدته فإن كان معها صاحبها راكباً أو سائقاً أو قائداً أو مصاحباً ضمن ما أتلفته، وإن لم يكن معها ـ كأن انفلتت من مراحها مثلاً فدخلت زرع غيره ـ لم يضمن ما أتلفته إذا كان ذلك في الوقت الذي يكون فيه حفظ الزرع على صاحبه كالنهار ـ على ما جرت العادة به ـ وأما إذا كان في غير ذلك الوقت فهو ضامن لما أتلفته. مسألة 872 : كل حيوان جنى على غيره من إنسان أو حيوان أو غيرهما ضمن صاحبه جنايته إذا كان بتقصير منه أما بترك ربطه أو بحله من الرباط إذا كان الحيوان من شأنه أن يربط وقت الجناية للتحفظ منه. مسألة 873 : لو كانت الشاة أو غيرها في يد الراعي أو الدابة في يد المستعير أو المستأجر فأتلفتا زرعاً أو غيره كان الضمان على الراعي والمستأجر والمستعير لا على المالك والمعير. مسألة 874 : لو اجتمع سببان للإتلاف بفعل شخصين اشتركا في الضمان سواء أ كان أحدهما أسبق في التأثير أم لا على الأظهر، فلو حفر شخص بئراً في الطريق ووضع شخص آخر حجراً بقربها فعثر به إنسان أو حيوان فوقع في البئر كان الضمان على واضع الحجر وحافر البئر معاً. مسألة 875 : لو اجتمع السبب مع المباشر كان الضمان على المباشر


( 276 )

دون فاعل السبب، فلو حفر شخص بئراً في الطريق فدفع غيره فيها إنساناً أو حيواناً كان الضمان على الدافع دون الحافر، نعم لو كان السبب أقوى من المباشر كان الضمان عليه لا على المباشر، فلو وضع قارورة تحت رجل شخص نائم فمد رجله وكسرها كان الضمان على الواضع دون النائم. مسألة 876 : لو أكره على إتلاف مال غيره وساغ له الإتلاف لأجله كان الضمان على من أكرهه وليس عليه ضمان، هذا إذا لم يكن المال مضموناً في يده، بإن أكرهه على إتلاف ما ليس تحت يده أو على إتلاف الوديعة التي عنده مثلاً، وأما إذا كان المال مضموناً في يده ـ كما إذا غصب مالاً فأكرهه شخص على إتلافه ـ فالظاهر ضمان كليهما، فللمالك الرجوع على أيهما شاء، فإن رجع على المكره ـ بالكسر ـ لم يرجع على المكره ـ بالفتح ـ بخلاف العكس، هذا إذا أكره على إتلاف المال، وأما لو أكره على قتل أحد معصوم الدم فقتله فالضمان على القاتل من دون رجوع على المكره ـ بالكسر ـ وإن كان عليه عقوبة، فإنه لا إكراه في الدماء. مسألة 877 : لو غصب مأكولاً مثلاً فأطعمه المالك مع جهله بأنه ماله ـ بأن قال له هذا ملكي وطعامي أو قدمه إليه ضيافة مثلاً ـ أو غصب شاة واستدعى من المالك ذبحها فذبحها مع جهله بأنها شاته ضمن الغاصب وإن كان المالك هو المباشر للإتلاف، نعم لو دخل المالك دار الغاصب مثلاً ورأى طعاماً فأكله على اعتقاد أنه طعام الغاصب فكان طعام الآكل فالظاهر عدم ضمان الغاصب وقد برئ عن ضمان الطعام. مسألة 878 : لو غصب طعاماً من شخص وأطعمه غير المالك على أنه ماله مع جهل الآكل بأنه مال غيره ـ كما إذا قدمه إليه بعنوان الضيافة مثلاً ـ ضمن كلاهما، فللمالك أن يغرم أيهما شاء، فإن أغرم الغاصب لم يرجع على الآكل وإن أغرم الآكل رجع على الغاصب.


( 277 )

مسألة 879 : إذا سعى إلى الظالم على أحد أو اشتكى عليه عنده بحق أو بغير حق فأخذ الظالم منه مالاً بغير حق لم يضمن الساعي والمشتكي ما خسره وإن أثم بسبب سعايته أو شكايته إذا كانت بغير حق وإنما الضمان على من أخذ المال. مسألة 880 : ضمان الإنسان يتعلق بذمته في ماله لا على عاقلته، نعم يجب على العاقلة في القتل الخطأ المحض وما بحكمه تحمل الدية عن الجاني على تفصيل مذكور في محله. مسألة 881 : يجوز لمالك العين المغصوبة انتزاعها من الغاصب ولو قهراً، وإذا انحصر استنقاذ الحق بمراجعة الحاكم الجائر جاز ذلك ولا يجوز له مطالبة الغاصب بما صرفه في سبيل أخذ الحق. مسألة 882 : إذا كان له دين على آخر وامتنع من أدائه فصرف مالا في سبيل تحصيله لا يجوز له أن يأخذه من المدين إلا إذا اشترط عليه ذلك في ضمن معاملة لازمة. مسألة 883 : إذا وقع في يده مال الغاصب جاز أخذه مقاصة ولا يتوقف على إذن الحاكم الشرعي، كما لا يتوقف ذلك على تعذر الاستيفاء بواسطة الحاكم الشرعي أو غيره. مسألة 884 : لا فرق في مال الغاصب المأخوذ مقاصة بين أن يكون من جنس المغصوب وغيره كما لا فرق بين أن يكون وديعة عنده وغيره. مسألة 885 : إذا كان مال الغاصب أكثر قيمة من ماله أخذ منه حصة تساوي ماله وكان بها استيفاء حقه، ولا يبعد جواز بيعه أجمع ـ ولو على نفسه ـ واستيفاء حقه من الثمن، والأحوط لزوماً أن يكون ذلك بإجازة الحاكم الشرعي ويرد الباقي من الثمن إلى الغاصب. مسألة 886 : إذا حلف الغاصب على عدم الغصب فإن كان عن تبرع


( 278 )

لم يسقط حق المغصوب منه في المقاصة من أمواله، وإن كان عن استحلاف منه ففيه قولان : أظهرهما عدم السقوط أيضاً، نعم يسقط فيما لو استحلفه الحاكم الشرعي وحكم له بعد حلفه. مسألة 887 : إذا تلف المغصوب وتنازع المالك والغاصب في القيمة ولم يكن بينة فالقول قول الغاصب مع يمينه وكذا لو تنازعا في صفة تزيد بها الثمن بأن ادعى المالك وجود تلك الصفة فيه يوم غصبه أو حدوثها بعده لا بفعل الغاصب وإن زالت فيما بعد، وأنكره الغاصب ولم يكن بينة فالقول قول الغاصب مع يمينه. مسألة 888 : إذا كان على الدابة المغصوبة رحل أو علق بها حبل واختلفا فيما عليها فقال المغصوب منه هو لي وقال الغاصب هو لي ولم يكن بينة فالقول قول الغاصب مع يمينه. مسألة 889 : تقدم قول الغاصب بيمينه في الموارد المتقدمة مشروط بعدم كونه مخالفاً للظاهر وإلا قدم قول المغصوب منه بيمينه إذا لم يكن كذلك على ما مر في نظائرها.

كتاب إحياء الموات


( 280 )


( 281 )

المراد بالموات : الأرض المتروكة التي لا ينتفع بها انتفاعاً معتداً به ولو بسبب انقطاع الماء عنها أو استيلاء المياه أو الرمال أو الأحجار أو السبخ عليها، سواءٌ ما لم يكن ينتفع منها أصلاً وما كان الانتفاع الفعلي منها غير معتد به كالأراضي التي ينبت فيها الحشيش فتكون مرعى للدواب والأنعام، وأما الغابات التي يكثر فيها الأشجار فليست من الموات بل هي من الأراضي العامرة بالذات. مسألة 890 : الموات على نوعين : 1 ـ الموات بالأصل، وهو ما لم تعرض عليه الحياة من قبل وفي حكمه ما لم يعلم بعروض الحياة عليه كأكثر البراري والمفاوز والبوادي وسفوح الجبال ونحو ذلك. 2 ـ الموات بالعارض، وهو ما عرض عليه الخراب والموتان بعد الحياة والعمران. مسألة 891 : الموات بالأصل وإن كان ملكاً للإمام ( عليه السلام ) حيث أنه من الأنفال ولكن يجوز لكل أحد إحياؤه، فلو أحياه كان أحق به من غيره سواء أ كان في دار الإسلام أم في دار الكفر وسواء أ كان في أرض الخراج أم في غيرها وسواء أ كان المحيي مسلماً أم كافراً، وليس عليه دفع الخراج أو أجرة الأرض إذا كان مؤمناً. هذا إذا لم يطرء عنوان ثانوي يقتضي المنع من إحياءه ككونه حريماً لملك الغير أو كون إحيائه على خلاف بعض المصالح العامة فنهى عنه ولي


( 282 )

المسلمين ونحو ذلك. مسألة 892 : الموات بالعارض على أقسام : الأول : ما باد أهله أو هاجروا عنه وعد بسبب تقادم السنين ومرور الأزمنة مالاً بلا مالك كالأراضي الدارسة المتروكة والقرى أو البلاد الخربة والقنوات الطامسة والتي كانت للأمم الماضية الذين لم يبق منهم أحد بل ولا اسم ولا رسم أو أنها تنسب إلى طائفة لم يعرف عنهم سوى الاسم. الثاني : ما كان عامراً بالذات حين الفتح ولكن طرء عليه الموتان بعد ذلك. الثالث : العامر المفتوح عنوة إذا طرء عليه الخراب. الرابع : ما كان لمالك مجهول مردد بين أفراد غير محصورين. الخامس : ما كان لمالك معلوم أما تفصيلاً أو إجمالاً لتردده بين أفراد محصورين. أما القسم الأول والثاني فهما من الأنفال ويجري فيهما ما مر في الموات بالأصل. و أما القسم الثالث فلا يبعد بقاؤه على ملك المسلمين فيكون أمره بيد ولي الأمر. و أما القسمان الأخيران ففيهما صور : الأولى : ما إذا أعرض عنه صاحبه وأباح ما بقي فيه من الأجزاء والمواد لكل أحد، ففي هذه الصورة يجوز إحياؤه لكل من يريد ذلك فيكون بالاحياء أحق به من صاحبه الأول. الثانية : ما إذا كان صاحبه عازماً على تجديد إحيائه ولكنه غير متمكن من ذلك في الوقت الحاضر لمنع ظالم أو لعدم توفر الآلات والأسباب المتوقف عليها الأحياء أو لنحو ذلك، وفي هذه الصورة لا إشكال في أنه ليس


( 283 )

لأحد حق التصرف فيه بإحياء أو غيره من دون إذنه أو إذن وليه. الثالثة : ما إذا لم يكن قاصداً لإحيائه بل قصد إبقاءه مواتاً للانتفاع القليل الحاصل منه بوضعه الفعلي كالاستفادة من حشيشه أو قصبه أو جعله مرعى لدوابه وأنعامه، وحكم هذه الصورة ما تقدم في سابقتها من غير فرق. الرابعة : ما إذا كان قد أبقاه مواتاً من جهة عدم الاعتناء به وكونه غير قاصد لإحيائه ولا الاستفادة منه بوضعه الفعلي، وحينئذ فهل تزول علقته به ـ سواء أ كان سببها الإحياء مباشرة أو عن طريق تلقيه عن محيي سابق بالإرث أو الشراء أو نحوهما أو كان سببها غيره ككونه من الأراضي التي أسلم أهلها طوعاً ـ فيجوز إحياؤه للغير أم لا ؟ فيه إشكال، وإن كان الأظهر فيما كان من قبيل الأراضي الزراعية ومرافقها جواز إحيائها بكري أنهارها وإعمارها وإصلاحها للزرع أو الغرس فيكون بذلك أحق بها من الأول، وأما غيرها فإن كان من قبيل معلوم المالك فالأحوط ترك إحيائه من دون إذن صاحبه وعلى تقدير الإقدام عليه من دون إذنه فالأحوط لهما التراضي بشأنه ولو بالمصالحة بعوض، وأما إن كان من قبيل مجهول المالك فالأحوط أن يفحص عن صاحبه وبعد اليأس عنه فإما أن يشتريه من الحاكم الشرعي أو وكيله المأذون في ذلك ويسلم الثمن إليه ليصرفه على الفقراء أو يستأذنه في صرفه عليهم بنفسه وإما أن يتصدق به على الفقير ـ بإذنٍ من الحاكم الشرعي ـ ثم يستأجره منه بأجرة معينة ولو كانت قليلة. مسألة 893 : كما يجوز إحياء البلاد القديمة الخربة والقرى الدارسة التي باد أهلها كذلك يجوز حيازة موادها وأجزائها الباقية من الأخشاب والأحجار والآجر وما شاكل ذلك ويملكها الحائز إذا أخذها بقصد التملك. مسألة 894 : الأراضي الموقوفة التي طرأ عليها الموتان والخراب على أقسام :


( 284 )

1ـ ما لا يعلم كيفية وقفها أصلاً وإنها وقف خاص أو عام أو أنها وقف على الجهات أو على أقوام. 2 ـ ما علم أنها وقف على أقوام ولم يبق منهم أثر أو على طائفة لم يعرف عنهم سوى الاسم خاصة. 3 ـ ما علم إنها وقف على جهة من الجهات ولكن تلك الجهة غير معلومة أنها مسجد أو مدرسة أو مشهد أو مقبرة أو غير ذلك. 4 ـ ما علم إنها وقف على أشخاص ولكنهم غير معلومين بأشخاصهم وأعيانهم كما إذا علم أن مالكها وقفها على ذريته مع العلم بوجودهم فعلاً. 5 ـ ما علم أنها وقف على جهة معينة أو أشخاص معلومين بأعيانهم. 6 ـ ما علم إجمالاً بأن مالكها قد وقفها ولكن لا يدري أنه وقفها على جهة كمدرسته المعينة أو أنه وقفها على ذريته المعلومين بأعيانهم ولم يكن طريق شرعي لإثبات وقفها على أحد الأمرين. أما القسم الأول والثاني فالظاهر أنه يجوز إحياؤهما لكل أحد ويكون المحيي أحق بهما، فحالهما من هذه الناحية حال سائر الأراضي الموات. و أما القسم الثالث فالمشهور جواز إحيائه ولكنه لا يخلو عن إشكال، فالأحوط لمن يريد القيام بإحيائه وعمارته بزرع أو نحوه أن يراجع الحاكم الشرعي أو وكيله ـ مع عدم وجود المتولي الخاص له ـ ويتفق معه بشأنه، فإن آجره عليه فاللازم أن يدفع الأجرة إليه ليصرفها في وجوه البر أو يستأذنه في صرفها فيها، وكذلك الحال في القسم الرابع إلا أن الأجرة فيه تصرف على الفقراء، والأظهر أنه لا تصل النوبة في القسمين إلى بيع العين الموقوفة كلاً، أو بعضاً لتعمير البعض الآخر مع إمكان استنمائهما بوجه من الوجوه. و أما القسم الخامس فلا إشكال في أنه لا يجوز التصرف فيه بإحياء أو نحوه ولا صرف بدل التصرف في موارده إلا بمراجعة المتولي ولو كان هو


( 285 )

الحاكم الشرعي أو الموقوف عليهم المعينين إذا كان الوقف عليهم ولم يكن له متولٍ خاص. و أما القسم السادس فيجب على من يريد القيام بعمارته وإحيائه مراجعة متولي الجهة الخاصة والذرية معاً والاتفاق معهم بشأنه واستئجاره منهم وحينئذٍ فإن أجاز الذرية صرف الأجرة في الجهة المعينة تعين ذلك وإلا فينتهي الأمر إلى القرعة لتعيين الموقوف عليه، والأحوط تصدي الحاكم الشرعي أو وكيله لإجرائها. مسألة 895 : من أحيا أرضاً مواتاً تبعها حريمها بعد الإحياء، وحريم كل شيء مقدار ما يتوقف عليه الانتفاع به ولا يجوز لأحد أن يحيي هذا المقدار بدون رضا صاحبه. مسألة 896 : حريم الدار عبارة عن مسلك الدخول إليها والخروج منها في الجهة التي يفتح إليها باب الدار، ومطرح ترابها ورمادها وثلوجها ومصب مائها وما شاكل ذلك. مسألة 897 : حريم حائط البستان ونحوه مقدار مطرح ترابه والآلات والطين والجص إذا احتاج إلى الترميم والبناء. مسألة 898 : حريم النهر مقدار طرح ترابه وطينه إذا احتاج إلى الإصلاح والتنقية والمجاز على حافتيه للمواظبة عليه. مسألة 899 : حريم البئر موضع وقوف النازح إذا كان الاستقاء منها باليد وموضع تردد البهيمة والدولاب والمضخة والموضع الذي يجتمع فيه الماء للزرع أو نحوه ومصبه ومطرح ما يخرج منها من الطين عند الحاجة ونحو ذلك. مسألة 900 : حريم العين ما تحتاج إليه في الانتفاع منها على نحو ما مر في غيرها.


( 286 )

مسألة 901 : حريم القرية ما تحتاج إليه في حفظ مصالحها ومصالح أهلها من مجمع ترابها وكناستها ومطرح سمادها ورمادها ومجمع أهاليها لمصالحهم ومسيل مائها والطرق المسلوكة منها وإليها ومدفن موتاهم ومرعى ماشيتهم ومحتطبهم وما شاكل ذلك. كل ذلك بمقدار حاجة أهل القرية بحيث لو زاحم مزاحم لوقعوا في ضيق وحرج، وهي تختلف باختلاف سعة القرية وضيقها وكثرة أهليها وقلتهم وكثرة مواشيها ودوابها وقلتها وهكذا وليس لذلك ضابط غير ذلك وليس لأحد أن يزاحم أهاليها في هذه المواضع. مسألة 902 : حريم المزرعة ما يتوقف عليه الانتفاع منها ويكون من مرافقها كمسالك الدخول إليها والخروج منها ومحل بيادرها وحظائرها ومجتمع سمادها ومرعى مواشيها ونحو ذلك. مسألة 903 : الأراضي المنسوبة إلى طوائف العرب والعجم وغيرهم لمجاورتها لبيوتهم ومساكنهم من دون أحقيتهم بها بالإحياء باقية على إباحتها الأصلية فلا يجوز لهم منع غيرهم من الانتفاع بها ولا يجوز لهم أخذ الأجرة ممن ينتفع بها، وإذا قسموها فيما بينهم لرفع التشاجر والنزاع لا تكون القسمة صحيحة فيجوز لكل من المتقاسمين التصرف فيما يختص بالآخر بحسب القسمة. نعم إذا كانوا يحتاجون إليها لرعي الحيوان أو نحو ذلك كانت من حريم أملاكهم ولا يجوز لغيرهم مزاحمتهم وتعطيل حوائجهم. مسألة 904 : للبئر حريم آخر وهو أن يكون الفصل بين بئر وبئر أخرى بمقدار لا يكون في أحداث البئر الثانية ضرر على الأولى ضرراً معتداً به كجذب مائها تماماً أو بعضاً أو منع جريانه إليها من عروقها وهذا هو الضابط الكلي في جميع أقسامها.


( 287 )

مسألة 905 : للعين والقناة أيضاً حريم آخر وهو ـ على المشهور ـ أن يكون الفصل بين عين وعين أخرى وقناة وقناة ثانية في الأرض الصلبة خمسمائة ذراع وفي الأرض الرخوة ألف ذراع. و لكن الظاهر أن هذا التحديد غالبي حيث أن الغالب اندفاع الضرر بهذا المقدار من البعد وليس تعبدياً. وعليه فلو فرض أن العين الثانية تنقص من ماء الأولى مع هذا البعد وتضر بها ضرراً معتداً به فالظاهر عدم جواز إحداثها ولابد من زيادة البعد بما يندفع به الضرر أو يرضى به مالك الأولى، كما أنه لو فرض عدم ورود الضرر المعتد به عليها من إحداث قناة أخرى في أقل من هذا البعد فالظاهر جوازه بلا حاجة إلى الإذن من صاحب القناة الأولى. و لا فرق في ذلك بين إحداث قناة في الموات وبين إحداثها في ملكه فكما يعتبر في الأول أن لا يكون مضراً بالأولى فكذلك في الثاني. كما أن الأمر كذلك في الآبار والأنهار التي تكون مجاري للماء فيجوز إحداث نهر يجري فيه الماء من منبعه قرب نهر آخر كذلك. و كذلك إحداث بئر قرب أخرى وليس لمالك الأولى منعه إلا إذا استلزم ضرراً معتداً به فعندئذٍ يجوز منعه. مسألة 906 : يجوز إحياء الموات التي في أطراف القنوات والآبار والعيون في غير المقدار الذي يتوقف عليه الانتفاع منها فإن اعتبار البعد المذكور في القنوات والآبار والعيون إنما هو بالإضافة إلى إحداث قناة أو بئر أو عين أخرى فقط. مسألة 907 : إذا لم تكن الموات من حريم العامر ومرافقه على النحو المتقدم جاز إحياؤها لكل أحد وإن كانت بقرب العامر ولا تختص بمن يملك العامر ولا أولوية له. مسألة 908 : الظاهر أن الحريم مطلقاً ليس ملكاً لمالك ما له الحريم


( 288 )

سواء أ كان حريم قناة أو بئر أو قرية أو بستان أو دار أو نهر أو غير ذلك وإنما لا يجوز لغيره مزاحمته فيه باعتبار أنه من متعلقات حقه. مسألة 909 : لا حريم للأملاك المتجاورة مثلاً لو بنى المالكان المتجاوران حائطاً في البين لم يكن له حريم من الجانبين وكذا لو بنى أحدهما في نهاية ملكه حائطاً أو غيره لم يكن له حريم في ملك الآخر. مسألة 910 : إذا لزم من تصرف المالك في ملكه ضرر معتد به على جاره فإن كان مثل هذا الضرر أمراً متعارفاً فيما بين الجيران كإطالة البناء الموجبة لتنقيص الاستفادة من الشمس أو الهواء فالظاهر أنه لا بأس به، وإلا لم يجز ولو تصرف وجب عليه رفعه، ولا فرق في ذلك بين أن يكون تصرفه في ملكه مستلزماً للتصرف الحقيقي في ملك الجار أو مستلزماً للتصرف الحكمي فيه. و الأول كما إذا تصرف في ملكه بما يوجب خللاً في حيطان جاره أو حبس ماءً في ملكه بحيث تسري الرطوبة إلى بناء جاره أو أحدث بالوعة أو كنيفاً بقرب بئر الجار فأوجب فساد مائها أو حفر بئراً بقرب جاره فأوجب نقصان مائها سواء أ كان النقص مستنداً إلى جذب البئر الثانية ماء الأولى أو إلى كونها أعمق منها. و الثاني كما إذا جعل ملكه معمل دباغة أو حدادة في منطقة سكنية مما يوجب عدم قابلية الدور المجاورة للسكنى فيها. مسألة 911 : الظاهر أنه لا فرق في عدم جواز تصرف المالك في ملكه بما يوجب الإضرار بالجار على أحد النحوين المتقدمين بين أن يكون ترك تصرفه فيه مستلزماً للضرر على نفسه أم لا، فلا يجوز للمالك حفر بالوعة في داره على نحو تضر ببئر جاره وإن كان في ترك حفرها ضرر عليه، ولو فعل ضمن الضرر الوارد عليه إذا كان مستنداً إليه عرفاً.


( 289 )

نعم لو كان حفر البئر متأخراً عن حفر البالوعة فلا شيء عليه ولا يجب عليه طمها وإن تضررت بئر الجار. مسألة 912 : قد حث في الروايات الكثيرة على رعاية الجار وحسن المعاشرة مع الجيران وكف الأذى عنهم وحرمة إيذائهم، وقد ورد في بعض الروايات : إن حسن الجوار يزيد في الرزق، وفي بعضها الآخر : أن حسن الجوار يعمر الديار ويزيد في الأعمار، وفي الثالث : من كف أذاه عن جاره أقال الله عثرته يوم القيامة، وفي الرابع : ليس منا من لم يحسن مجاورة من جاوره، وغيرها مما قد أكد في الوصية بالجار وتشديد الأمر فيه. مسألة 913 : لا يجوز لأحد أن يبني بناءً على حائط جاره أو يضع جذوع سقفه عليه إلا بإذنه ورضاه وإذا طلب ذلك من الجار لم يجب عليه إجابته وإن استحب له استحباباً مؤكداً من جهة ما ورد من التأكيد والحث الأكيد في قضاء حوائج الأخوان ولا سيما الجيران، ولو بنى أو وضع الجذوع بإذنه ورضاه فإن كان ذلك بعنوان ملزم كالشرط في ضمن عقد لازم أو بالإجارة أو بالصلح عليه لم يجز له الرجوع، وأما إذا كان مجرد الإذن والرخصة جاز له الرجوع قبل البناء والوضع، وأما بعد ذلك فهل يجوز له الرجوع مع دفع الأرش أو بدونه أم لا يجوز مطلقاً وحينئذٍ فهل يستحق عليه الأجرة أم لا ؟ وجوه وأقوال، فلا يترك الاحتياط بالتصالح والتراضي بينهما ولو بالإبقاء مع الأجرة أو الهدم مع الأرش. مسألة 914 : لا يجوز للشريك في الحائط التصرف فيه ببناء ولا تسقيف ولا إدخال خشبة أو وتد أو غير ذلك إلا بإذن شريكه أو إحراز رضاه بشاهد الحال كما هو الحال في التصرفات اليسيرة كالاستناد إليه أو وضع يده أو طرح ثوبه عليه أو غير ذلك، ولو صرح بالمنع عنها أو أظهر الكراهة لم تجز.


( 290 )

مسألة 915 : لو انهدم الجدار المشترك في أساسه وجميع بنائه وأراد أحد الشريكين تعميره لم يكن له إجبار الآخر على المشاركة فيه ولا تعميره من ماله مجاناً بدون إذن شريكه، وحينئذٍ فإن كان قابلاً للقسمة كأن كان سميكاً جداً تكفي قاعدته لبناء جدارين مستقلين عليها جاز له المطالبة بالقسمة ويجبر الممتنع عليها، فيتصرف كل منهما في حصته المفروزة بما شاء إلا بما يتضرر به الآخر، وإن لم يكن قابلاً للقسمة بوجه ولم يوافقه الشريك في شيء جاز له رفع أمره إلى الحاكم ليخيره بين عدة أمور من بيع أو إجارة أو المشاركة معه في العمارة أو الرخصة في تعميره وبنائه من ماله مجاناً. و كذا الحال لو كانت الشركة في بئر أو نهر أو قناة واحتاج إلى التعمير أو التنقية ونحوهما فإنه لا يجبر الشريك على المشاركة فيه كما أنه ليس لأحد الشريكين الاستقلال فيه من ماله تبرعاً من دون إذن الآخر، بل إذا تعذر الاتفاق معه بأي نحو يرفع أمره إلى الحاكم ليخيره بين عدة أمور نظير ما تقدم. و لو أنفق في تعميرها أو تنقيتها من ماله فنبع الماء أو زاد من أجل ذلك فليس له أن يمنع شريكه غير المنفق من نصيبه من الماء لأنه فوائد ملكهما المشترك. مسألة 916 : لو كانت جذوع دار أحد موضوعة على حائط جاره ولم يعلم على أي وجه وضعت حكم في الظاهر بكونه عن حق واستحقاق حتى يثبت خلافه، فليس للجار أن يطالبه برفعها عنه بل ولا منعه من التجديد لو انهدم السقف، وكذا الحال لو وجد بناء أو مجرى ماء أو ميزاب منصوب لأحد في ملك غيره ولم يعلم سببه فإنه يحكم في أمثال ذلك بكونه عن حق واستحقاق إلا أن يثبت كونها عن عدوان أو بعنوان العارية التي يجوز فيها الرجوع.


( 291 )

مسألة 917 : لو تنازعا في جدار ولم يكن لأي منهما بينة فإن كان تحت يد أحدهما فهو له بيمينه وكذا لو اتصل ببناء أحدهما دون الآخر أو كان له عليه طرح فإنه يحكم له به مع اليمين، وأما لو كان تحت يد كليهما أو خارجاً عن يدهما فإن حلفا أو نكلا حكم به لهما وإن حلف أحدهما ونكل الآخر حكم به للحالف. مسألة 918 : لو اختلف مالك العلو ومالك السفل في ملكية السقف الفاصل بين الطابقين فإن لم يكن لأي منهما بينة على دعواه كان ذلك من باب التداعي فيتحالفان إلا إذا كانت هناك عادة قطعية تقضي باختصاص أحدهما به فيقدم قوله بيمينه. و إن اختلفا في ملكية جدران السفل كان القول قول مالك السفل بيمينه إذا لم يكن السقف قائماً عليها ـ كما في بعض الأبنية الحديثة حيث يتم بناء الجدران بعد الفراغ عن بناء الهيكل الأساسي للبناية ـ وأما مع قيام السقف عليها فحكمها حكم السقف. وإن اختلفا في المصعد فالقول قول صاحب العلو بيمينه، وأما المخزن تحت الدرجة فالقول فيه قول صاحب السفل بيمينه، وأما طريق العلو في الصحن فحكمه حكم السقف، نعم لا إشكال في أن لصاحب العلو حق الاستطراق فيه وأما الباقي فالقول فيه قول صاحب السفل بيمينه.