كتاب المشتركات

البريد الإلكتروني طباعة

مسألة 919 : إذا اختلف صاحب السفل مع الجار في الغرفة الفوقانية المفتوح بابها إلى الجار من غير يد له عليها ولا بينة لأي منهما على دعواه كان القول قول صاحب السفل بيمينه. مسألة 920 : إذا خرجت أغصان شجرة إلى فضاء ملك الجار من غير استحقاق فله أن يطالب مالك الشجر بعطف الأغصان أو قطعها من حد ملكه، وإن امتنع صاحبها يجوز للجار ـ بإذن الحاكم الشرعي ـ عطفها أو


( 292 )

قطعها، ومع إمكان الأول لا يجوز الثاني. مسألة921 : من حاز أرضاً عامرة بالأصالة كالغابات ونحوها كان أحق بها من غيره لو لم يمنع عنه مانع شرعي، وإذا كان مؤمناً لم يجب عليه دفع عوض أزاء استفادته منها. مسألة 922 : يعتبر في حصول الأولوية بالإحياء أن لا يسبق إليه سابق بالتحجير وإلا لزم الاستئذان منه، فلو أحياه أحد من دون إذنه لم يحدث له حق فيه ويتحقق التحجير بكل ما يدل على إرادة الإحياء كوضع أحجار أو جمع تراب أو حفر أساس أو غرز خشب أو قصب أو نحو ذلك في أطرافه وجوانبه. مسألة 923 : لابد من أن يكون التحجير مضافاً إلى دلالته على أصل إرادة الإحياء دالاً على مقدار ما يريد إحيائه، فلو كان ذلك بوضع الأحجار مثلاً فلابد من أن يكون في جميع الجوانب حتى يدل على أن جميع ما أحاطت به العلامة يريد إحيائه، نعم في مثل إحياء القناة الدارسة الخربة يكفي حفر بئر من آبارها فإنه يعد تحجيراً بالإضافة إلى بقية آبار القناة بل هو تحجير أيضاً بالإضافة إلى الأراضي الموات التي تسقى بمائها بعد جريانه فلا يجوز لغيره إحياؤها. مسألة 924 : لو حفر بئراً في الموات لإحداث قناة فيها فالظاهر أنه تحجير بالإضافة إلى أصل القناة وبالإضافة إلى الأراضي الموات التي يصل إليها ماؤها بعد تمامها وليس لغيره إحياء تلك الأراضي. مسألة 925 : التحجير ـ كما عرفت ـ يفيد حق الأولوية في الإحياء، وهو قابل للنقل والانتقال فيجوز الصلح عنه ويورث ويقع ثمناً في البيع وأما جعله مثمناً فلا يخلو عن إشكال، نعم يصح بيع ما تعلق به بما هو كذلك. مسألة 926 : يعتبر في كون التحجير مانعاً تمكن للمحجّر من القيام بعمارته وإحيائه فعلاً ولو بالتسبيب فإن لم يتمكن من إحياء ما حجره لمانع


( 293 )

من الموانع كالفقر أو العجز عن تهيئة الأسباب المتوقف عليها الإحياء جاز لغيره إحياؤه. مسألة 927 : لو حجر زائداً على ما يقدر على إحيائه لا أثر لتحجيره بالإضافة إلى المقدار الزائد. مسألة 928 : لو حجر الموات من كان عاجزاً عن إحيائها ليس له نقلها إلى غيره بصلح أو هبة أو بيع أو نحو ذلك. مسألة 929 : لا يعتبر في التحجير أن يكون بالمباشرة بل يجوز أن يكون بالتوكيل والاستئجار، وعليه فالحق الحاصل بسبب عملهما يكون للموكل والمستأجر لا للوكيل والأجير. مسألة 930 : إذا وقع التحجير من شخص نيابة عن غيره ثم أجاز النيابة فهل يثبت الحق للمنوب عنه أو لا ؟ وجهان، لا يبعد عدم الثبوت. مسألة 931 : إذا انمحت آثار التحجير قبل أن يقوم المحجر بالتعمير فإن كان من جهة إهمال المحجر بطل حقه وجاز لغيره إحياؤه وإذا لم يكن من جهة إهماله وتسامحه وكان زوالها بدون اختياره كما إذا أزالها عاصف ونحوه ففي بطلان حقه إشكال بل منع إلا إذا علم بالحال وتسامح في تجديد تحجيره. مسألة 932 : اللازم على المحجر أن يشتغل بالعمارة والإحياء عقيب التحجير فلو أهمل وترك الإحياء وطالت المدة ففي جواز إحيائه لغيره بدون إذنه إشكال، فالأحوط أن يرفع أمره إلى الحاكم الشرعي أو وكيله فيلزم المحجر بأحد أمرين إما الإحياء أو رفع اليد عنه، نعم إذا أبدى عذراً مقبولاً يمهل بمقدار زوال عذره فإذا اشتغل بعده بالتعمير ونحو فهو وإلا بطل حقه وجاز لغيره إحياؤه، وإذا لم يكن الحاكم أو وكيله موجوداً أو لم يمكنه الإلزام فالظاهر سقوط حق المحجر إذا أهمل بمقدار يعد عرفاً تعطيلاً له والأحوط


( 294 )

الأولى مراعاة حقه إلى ثلاث سنين. مسألة 933 : لا يعتبر في حصول حق الأولوية بالإحياء قصد حصوله، بل يكفي قصد الإحياء والانتفاع به بنفسه أو بمن هو بمنزلته، فلو حفر بئراً في مفازة بقصد أن يقضي منها حاجته كان أحق بها من غيره، نعم لو ارتحل وأعرض عنها فالظاهر سقوط حقه فتكون مباحة للجميع. مسألة 934 : لابد في صدق إحياء الموات من العمل فيها إلى حد يصدق عليها أحد العناوين العامرة كالدار والبستان والمزرعة والحظيرة والبئر والقناة والنهر وما شاكل ذلك، ولذلك يختلف ما اعتبر في الإحياء باختلاف العمارة فما اعتبر في إحياء البستان والمزرعة ونحوهما غير ما هو معتبر في إحياء الدار وما شاكلها، وعليه فحصول الأولوية تابع لصدق أحد هذه العناوين ونحوها ويدور مداره وجوداً وعدماً وعند الشك في حصولها يحكم بعدمها. مسألة 935 : الإعراض عن الملك لا يوجب زوال ملكيته، نعم إذا أباح تملكه للآخرين فسبق إليه من تملكه ملكه وإلا فهو يبقى على ملك مالكه فإذا مات فهو لوارثه ولا يجوز التصرف فيه إلا بإذنه أو إعراضه عنه.


( 295 )

كتاب المشتركات


( 296 )


( 297 )

المراد بالمشتركات : الطرق والشوارع والمساجد والمدارس والربط وكذا المياه والمعادن على ما سيأتي. مسألة 936 : الطريق على قسمين : نافذ وغير نافذ، أما الأول فهو الطريق المسمى بالشارع العام والناس فيه شرع سواء، ولا يجوز التصرف لأحد في أرضه ببناء حائط أو حفر بئر أو شق نهر أو نصب دكة أو غرس أشجار ونحو ذلك وإن لم يكن مضراً بالمستطرقين، نعم لا بأس بما يعد من مكملاته ومحسناته ومنها أن يشق فيه المجاري لتجتمع فيها مياه الأمطار ونحوها، ومنها أن يجعل فيه حاويات الأزبال والنفايات ومنها غرس الأشجار ونصب المظلات وأعمدة الإنارة في الأماكن المناسبة منه كما هو المتعارف بالنسبة إلى جملة من الشوارع والطرق في العصر الحاضر، فإن هذا كله مما لا بأس به إذا لم يكن مضراً بالمستطرقين. مسألة 937 : يجوز الاستفادة من فضاء الطرق النافذة والشوارع العامة بإحداث جناح أو نحوه إذا لم يكن مضراً بالمستطرقين بوجه، وليس لأحد منعه حتى صاحب الدار المقابلة وإن استوعب الجناح عرض الطريق بحيث كان مانعاً عن إحداث جناح في مقابله ما لم يضع منه شيئاً على جداره، نعم إذا استلزم الإشراف على دار الجار ففي جوازه إشكال وإن قيل بجواز مثله في تعلية البناء في ملكه فلا يترك الاحتياط. مسألة 938 : لو أحدث جناحاً على الشارع العام ثم انهدم أو هدم فإن كان من قصده تجديده ثانياً فالظاهر أنه لا يجوز للطرف الآخر إشغال ذلك الفضاء وإن لم يكن من قصده تجديده جاز له ذلك.


( 298 )

مسألة 939 : لو أحدث شخص جناحاً على الطريق العام فلا إشكال في أنه يجوز للطرف المقابل إحداث جناح آخر في طرفه سواء أ كان أعلى من الجناح الأول أو أدنى منه أو موازياً له بشرط أن لا يكون مانعاً بوجه من استفادة الأول من جناحه كما هو الحال في الشوارع الوسيعة جداً. و أما إذا كان مانعاً منها ولو بلحاظ إشغال الفضاء الذي يحتاج إليه صاحب الجناح الأول بحسب العادة ففي جواز إحداثه من دون إذنه إشكال بل منع. مسألة 940 : كما يجوز إحداث الأجنحة على الشوارع العامة يجوز فتح الأبواب المستجدة فيها سواء أ كانت له باب أخرى أم لا وكذا فتح الشبابيك والروازن عليها ونصب الميزاب فيها وكذا بناء ساباط عليها إذا لم يكن معتمداً على حائط غيره مع عدم إذنه ولم يكن مضراً بالمارة ولو من جهة الظلام، وإذا فرض أنه كما يضرهم من جهة ينفعهم من جهة كالوقاية من الحر والبرد فلابد من مراجعة ولي الأمر ليوازن بين الجهتين ويراعي ما هو الأصلح، وكذا يجوز نقب سرداب تحت الجادة مع إحكام أساسه وبنيانه وسقفه بحيث يؤمن من الثقب والخسف والانهدام. مسألة 941 : الطريق غير النافذ الذي لا يسلك منه إلى طريق آخر أو أرض مباحة لكونه محاطاً بالدور من جوانبه الثلاثة وهو المسمى بـ ( السكة المرفوعة ) و( الدريبة ) عائد لمستطرقيه وهم أرباب الدور التي أبوابها مفتوحة إليه، دون كل من كان حائط داره إليه، وهو مشترك بينهم في حق الاستطراق بمقدار ما يشتركون في استطراقه، فيكون أوله مشتركاً بين جميعهم ويقل عدد الشركاء كلما قرب إلى آخره وربما ينحصر ذو الحق في واحد، وهو فيما إذا اختص آخر الدريبة بفتح باب واحد إليه. هذا إذا لم يعلم كون الدريبة عائدة لبعضهم بالخصوص أو عائدة


( 299 )

للجميع على وجه التساوي أو التفاضل وإلا ترتبت أحكامه. مسألة 942 : لا يجوز لمن له باب في الدريبة فتح باب آخر فيها أدخل من الباب الأول سواء مع سد الباب الأول أم بدونه، إلا مع الاستئذان في ذلك ممن له حق الاستطراق في المكان الثاني من أرباب الدور. مسألة 943 : لا يجوز لمن كان حائط داره إلى الدريبة إحداث جناح أو بناء ساباط أو نصب ميزاب أو نقب سرداب أو غير ذلك من التصرفات فيها إلا بإذن أربابها، كما لا يجوز له فتح باب إليها للاستطراق إلا بإذنهم نعم له فتح ثقبة وشباك إليها، وأما فتح باب لا للاستطراق بل لمجرد التهوية أو الاستضاءة فلا يخلو عن إشكال. مسألة 944 : يجوز لكل من أصحاب الدريبة استطراقها والجلوس فيها من غير مزاحمة المستطرقين وكذا التردد منها إلى داره بنفسه وعائلته وضيوفه وكل ما يتعلق بشؤونه من دون إذن باقي الشركاء وإن كان فيهم القصر، ومن دون رعاية المساواة معهم. مسألة 945 : يجوز لكل أحد الانتفاع من الشوارع والطرق العامة كالجلوس أو النوم أو الصلاة أو البيع أو الشراء أو نحو ذلك ما لم يكن مزاحماً للمستطرقين، وليس لأحد منعه عن ذلك وإزعاجه. مسألة 946 : إذا جلس أحد في موضع من الطريق ثم قام عنه، فإن كان جلوسه جلوس استراحة ونحوها جاز لغيره أن يشغل موضع جلوسه، وإن كان لحرفة ونحوها فإن كان قيامه بعد استيفاء غرضه أو أنه لا ينوي العود كان الحال كذلك وليس للأول منعه، وإن كان قيامه قبل استيفاء غرضه وكان ناوياً للعود فعندئذٍ إن بقي منه فيه متاع أو رحل أو بساط لم يجز لغيره إزاحته وإشغال ذلك الموضع وإلا ففي جوازه إشكال، والاحتياط لا يترك فيما إذا كان في يوم واحد وأما إذا كان في يوم آخر فالظاهر إنه لا إشكال في جوازه.


( 300 )

مسألة 947 : كما لا يجوز مزاحمة الجالس في موضع جلوسه كذلك لا يجوز مزاحمته فيما حوله قدر ما يحتاج إليه لوضع متاعه ووقوف المعاملين فيه، بل ليس لغيره أن يقعد حيث يمنع من رؤية متاعه أو وصول المعاملين إليه. مسألة 948 : يجوز للجالس للمعاملة أو نحوها أو يظلل على موضع جلوسه بما لا يضر بالمارة بثوب أو بارية أو نحوهما، وليس له بناء دكة ونحوها فيه. مسألة 949 : يتحقق الشارع العام بأمور : الأول : كثرة الاستطراق والتردد ومرور القوافل في الأرض الموات. الثاني : جعل الإنسان ملكه شارعاً وتسبيله تسبيلاً دائمياً لسلوك عامة الناس، فإنه يصير طريقاً وليس للمسبل الرجوع بعد ذلك. الثالث : قيام شخص أو جهة بتخطيط طريق في الأرض الموات وتعبيده وجعله طريقاً لسلوك عامة الناس. الرابع : إحياء جماعة أرضاً مواتاً وتركهم طريقاً نافذاً بين الدور والمساكن. مسألة 950 : لو كان الشارع العام واقعاً بين الأملاك فلا حد له، كما إذا كانت قطعة أرض موات بين الأملاك عرضها ثلاثة أذرع أو أقل أو أكثر واستطرقها الناس حتى أصبحت جادة فلا يجب على الملاك توسيعها وإن تضيقت على المارة. و كذا الحال فيما لو سبل شخص في وسط ملكه أو من طرف ملكه المجاور لملك غيره مقداراً لعبور الناس. مسألة 951 : إذا كان الشارع العام محدوداً بالموات من أحد طرفيه أو كليهما وكان عرضه أقل من خمسة أذرع لم يجز إحياء الأراضي المتصلة به


( 301 )

بحيث يبقى ضيقاً على حاله بل لابد من مراعاة أن لا يقل الفاصل المشتمل عليه عن خمسة أذرع والأفضل أن لا يقل عن سبعة أذرع، فلو أقدم أحد على إحياء حريمه متجاوزاً على الحد المذكور لزم هدم المقدار الزائد. هذا إذا لم يلزم ولي المسلمين حسب ما يراه من المصلحة أن يكون الفاصل أزيد من خمسة أذرع وإلا وجب اتباع أمره ولا يجوز التجاوز على الحد الذي يعينه. مسألة 952 : إذا انقطعت المارة عن الطريق ولم يرج عودهم إليه جاز لكل أحد إحياؤه سواء أ كان ذلك لعدم وجودهم أو لمنع قاهر إياهم أو لهجرهم إياه واستطراقهم غيره أو لغيرها من الأسباب. هذا إذا لم يكن مسبلاً وإلا ففي جواز إحيائه من دون مراجعة ولي الأمر إشكال. مسألة 953 : إذا زاد عرض الطريق عن خمسة أذرع، فإن كان مسبلاً لم يجز لأحدٍ اقتطاع ما زاد عليها وإخراجه عن كونه طريقاً، وأما إذا كان غير مسبل فإن كان الزائد مورداً لاستفادة المستطرقين ولو في بعض الأحيان والحالات لم يجز ذلك أيضاً وإلا ففي جوازه إشكال والأحوط العدم. مسألة 954 : يجوز لكل مسلم أن يتعبد ويصلي في المسجد وينتفع منه سائر الانتفاعات إلا بما لا يناسبه، وجميع المسلمين في ذلك شرع سواء، ولو سبق واحد إلى مكان منه للصلاة أو لغيرها من الأغراض الراجحة كالدعاء وقراءة القرآن والتدريس لم يجز لغيره إزاحته عن ذلك المكان أو إزاحة رحله عنه ومنعه من الانتفاع به سواء توافق السابق مع المسبوق في الغرض أو تخالفا فيه، نعم يحتمل عند التزاحم تقدم الطواف على غيره في المطاف والصلاة على غيرها في سائر المساجد فلا يترك الاحتياط للسابق بتخلية المكان للمسبوق في مثل ذلك.


( 302 )

مسألة 955 : من سبق إلى مكان للصلاة فيه منفرداً فليس لمريد الصلاة فيه جماعة منعه وإزعاجه، وإن كان الأولى للمنفرد حينئذٍ أن يخلي المكان للجامع إذا وجد مكاناً آخر فارغاً لصلاته، ولا يكون مناعا للخير. مسألة 956 : إذا قام الجالس من المسجد وفارق المكان، فإن أعرض عنه جاز لغيره إن يأخذ مكانه، ولو عاد إليه وقد أخذه غيره فليس له منعه وإزعاجه، وأما إذا كان ناوياً للعود فإن بقي رحله فيه لم يجز إزاحته وأخذ مكانه وإن لم يبق ففي جواز أخذ مكانه إشكال والأحوط تركه، ولا سيما فيما إذا كان خروجه لضرورة كتجديد الطهارة أو نحوه، ولكن لو أقدم على أخذه لم يجز للأول إزاحته عنه عند العود. مسألة 957 : العبرة في عدم جواز المزاحمة والإزعاج بصدق السبق إلى المكان عرفاً، والظاهر صدقه بفرش سجادة الصلاة ونحوها مما يشغل مقدار مكان الصلاة أو معظمه بل لا يبعد صدقه بمثل وضع الخمرة أو السبحة أو المشط أو السواك ونحوها. مسألة 958 : إذا كان بين حجزه مكاناً في المسجد وبين مجيئه للاستفادة منه طول زمانٍ بحيث استلزم تعطيل المكان جاز لغيره إشغاله قبل مجيئه ورفع ما وضعه فيه والاستفادة من مكانه إذا كان قد شغل المحل بحيث لا يمكن الاستفادة منه إلا برفعه، والظاهر أنه لا يضمنه الرافع حينئذٍ بل يكون أمانة في يده إلى أن يوصله إلى صاحبه، وكذا الحال فيما لو فارق المكان معرضاً عنه مع بقاء حاجة له فيه. مسألة 959 : المشاهد المشرفة كالمساجد فيما ذكر من الأحكام، ويحتمل فيما هو من قبيل المزار منها تقدم الزيارة وصلاتها على غيرهما من الأغراض الراجحة عند التزاحم فلا ينبغي ترك مقتضى الاحتياط في مثله. مسألة 960 : جواز السكن في المدارس لطالب العلم وعدمه تابعان


( 303 )

لكيفية وقف الواقف، فإذا خصها الواقف بطائفة خاصة كأهالي البلد أو الأجانب، أو بصنف خاص كطالبي العلوم الشرعية أو خصوص الفقه أو الكلام مثلاً، فلا يجوز لغير هذه الطائفة أو الصنف السكنى فيها كما لا يجوز لهؤلاء الاستقلال في حيازة غرفة منها من دون الاستئذان من المتولي إلا إذا كان ذلك مقتضى وقفيتها، وحينئذٍ إذا سبق أحد إلى غرفة منها وسكنها فهو أحق بها بمعنى أنه لا يجوز لغيره أن يزاحمه ما لم يعرض عنها وإن طالت المدة، إلا إذا اشترط الواقف مدة خاصة كخمس سنين مثلاً، فعندئذ يلزمه الخروج بعد انقضاء تلك المدة بلا مهلة. مسألة 961 : إذا اشترط الواقف اتصاف ساكنها بصفة خاصة، كأن لا يكون معيلاً أو يكون مشغولاً بالتدريس أو بالتحصيل أو بالمطالعة أو التصنيف فإذا زالت عنه هذه العناوين لزمه الخروج منها، والضابط أن جواز السكنى ـ حدوثاً وبقاءً ـ تابع لوقف الواقف بتمام شرائطه، فلا يجوز السكنى لفاقدها حدوثاً أو بقاءً. مسألة 962 : لا يبطل حق السكنى لساكنها بالخروج لحوائجه اليومية من المأكول والمشروب والملبس وما شاكل ذلك وإن لم يترك فيها رحلاً، كما لا يبطل بالخروج منها للسفر يوماً أو يومين أو أكثر، وكذلك الأسفار المتعارفة التي تشغل مدة من الزمن كشهر أو شهرين أو ثلاثة أشهر أو أكثر، كالسفر إلى الحج أو الزيارة أو لملاقاة الأقرباء أو نحو ذلك مع نية العود وبقاء رحله ومتاعه، فلا بأس بها ما لم تناف شرط الواقف، نعم لابد من صدق عنوان ساكن المدرسة عليه، فإن كانت المدة طويلة بحيث توجب عدم صدق العنوان عليه بطل حقه. مسألة 963 : إذا اعتبر الواقف البيتوتة في المدرسة في ليالي التحصيل خاصة أو في جميع الليالي فبات ساكنها في مكان آخر بطل حقه.


( 304 )

مسألة 964 : لا يجوز للساكن في غرفة منع غيره عن مشاركته إلا إذا كانت الحجرة حسب الوقف أو بمقتضى قابليتها معدة لسكنى طالب واحد. مسألة 965 : الربط وهي المساكن المعدة لسكنى الفقراء أو الغرباء كالمدارس في جميع ما ذكر. مسألة 966 : مياه الشطوط والأنهار الكبار كدجلة والفرات وما شاكلهما، وهكذا الصغار التي جرت بنفسها من العيون أو السيول أو ذوبان الثلوج وكذا العيون المتفجرة من الجبال أو في أراضي الموات ونحوها من الأنفال ـ أي أنها مملوكة للإمام عليه السلام ـ ولكن من حاز منها شيئاً بآنية أو حوض أو غيرهما وقصد تملكه ملكه من غير فرق في ذلك بين المسلم والكافر. مسألة 967 : كل ماء من مطر أو غيره لو اجتمع بنفسه في مكان بلا يد خارجية عليه فهو من المباحات الأصلية فمن حازه بإناء أو غيره وقصد تملكه ملكه من دون فرق بين المسلم والكافر في ذلك. مسألة 968 : مياه الآبار والعيون والقنوات التي جرت بالحفر لا بنفسها ملك للحافر، فلا يجوز لأحد التصرف فيها بدون إذن مالكها. مسألة 969 : إذا شق نهراً من بعض الأنهار الكبار سواء أ كان بشقه في أرض مملوكة له أو بشقه في الموات بقصد إحيائه نهراً ملك ما يدخل فيه من الماء إذا قصد تملكه. مسألة 970 : إذا كان النهر لأشخاص متعددين، ملك كل منهم بمقدار حصته من النهر، فإن كانت حصة كل منهم من النهر بالسوية اشتركوا في الماء بالسوية اشتركوا في الماء بالسوية وإن كانت بالتفاوت ملكوا الماء بتلك النسبة، ولا تتبع نسبة استحقاق الماء نسبة استحقاق الأراضي التي تسقى منه. مسألة 971 : الماء الجاري في النهر المشترك حكمه حكم سائر الأموال المشتركة، فلا يجوز لكل واحد من الشركاء التصرف فيه بدون إذن


( 305 )

الباقين. وعليه فإن أباح كل منهم لسائر شركائه أن يقضي حاجته منه في كل وقت وزمان وبأي مقدار شاء جاز له ذلك. مسألة 972 : إذا وقع بين الشركاء تعاسر وتشاجر فإن تراضوا بالتناوب والمهاياة بالأيام أو الساعات فهو، وإلا فلا محيص من تقسيمه بينهم بالأجزاء بأن توضع في فم النهر حديدة مثلاً ذات ثقوب متعددة متساوية ويجعل لكل منهم من الثقوب بمقدار حصته، ويوصل كل منهم ما يجري في الثقبة المختصة به إلى ساقيته، فإن كانت حصة أحدهم سدساً والآخر ثلثاً والثالث نصفاً، فلصاحب السدس ثقب واحد ولصاحب الثلث ثقبان ولصاحب النصف ثلاثة ثقوب فالمجموع ستة. مسألة 973 : القسمة بحسب الأجزاء لازمة ليس لأحدهم الرجوع عنها بعد وقوعها، والظاهر أنها قسمة إجبار، فإذا طلبها أحد الشركاء أجبر الممتنع منهم عليها. و أما القسمة بالمهاياة والتناوب فهي ليست بلازمة، فيجوز لكل منهم الرجوع عنها حتى فيما إذا استوفى تمام نوبته ولم يستوف الآخر نوبته وإن ضمن المستوفي حينئذٍ مقدار ما استوفاه بالمثل. مسألة 974 : إذا اجتمعت أملاك على ماء عين أو واد أو نهر أو نحو ذلك من المشتركات كان للجميع حق السقي منه، وليس لأحد منهم إحداث سد فوقها ليقبض الماء كله أو ينقصه عن مقدار احتياج الباقين. و عندئذٍ فإن كفى الماء للجميع من دون مزاحمة فهو، وإلا قدم الأسبق فالأسبق في الإحياء إن كان وعلم السابق، وإلا قدم الأعلى فالأعلى والأقرب فالأقرب إلى فوهة العين أو أصل النهر، وكذا الحال في الأنهار المملوكة المنشقة من الشطوط، فإن كفى الماء للجميع وإلا قدم الأسبق فالأسبق


( 306 )

ـ أي : من كان شق نهره أسبق من شق نهر الآخر ـ إن كان هناك سابق ولاحق وعلم، وإلا فيقبض الأعلى بمقدار ما يحتاج إليه ثم ما يليه وهكذا. مسألة 975 : تنقية النهر المشترك وإصلاحه ونحوهما على الجميع بنسبة ملكهم إذا كانوا مقدمين على ذلك باختيارهم وأما إذا لم يقدم على ذلك إلا البعض لم يجبر الممتنع، كما أنه لا يجوز التصرف فيه لغيره إلا بإذنه، وإذا أذن لهم بالتصرف فليس لهم مطالبته بحصته من المؤنة إلا إذا كان إقدامهم بطلبه وتعهده ببذل حصته. مسألة 976 : إذا كان النهر مشتركاً بين القاصر وغيره، وكان إقدام غير القاصر متوقفاً على مشاركة القاصر إما لعدم اقتداره بدونه أو لغير ذلك، وجب على ولي القاصر ـ مراعاةً لمصلحته ـ إشراكه في التنقية والتعمير ونحوهما وبذل المؤنة من مال القاصر بمقدار حصته. مسألة 977 : ليس لصاحب النهر تحويل مجراه إلا بإذن صاحب الرحى المنصوبة عليه بإذنه، وكذا غير الرحى أيضاً من الأشجار المغروسة على حافتيه وغيرها. مسألة 978 : ليس لأحد أن يحمي المرعى ويمنع غيره عن رعي مواشيه إلا أن يكون المرعى ملكاً له فيجوز له أن يحميه حينئذٍ، نعم لولي المسلمين أن يحمي المراعي العامة ويمنع من الرعي فيها حسب ما تقتضيه المصلحة. مسألة 979 : المعادن من الأنفال وهي على نوعين : الأول : المعادن الظاهرة، وهي الموجودة على سطح الأرض كبعض معادن الملح والقير والكبريت والنفط ونحوها. الثاني : المعادن الباطنة، وهي الموجودة في باطن الأرض مما يتوقف استخراجها على الحفر وذلك كغالب معادن الذهب والفضة.


( 307 )

أما الأولى فمن حاز منها شيئاً ملكه قليلاً كان أو كثيراً، ويبقى الباقي على حاله. و أما الثانية فهي تملك بالاستخراج على تفصيل تقدم في المسألة 1194 من كتاب الخمس، وأما إذا حفر ولم يبلغ نيلها فهو يفيد فائدة التحجير. مسألة 980 : من يجوز له استخراج معدن إذا تصرف في الأرض بإيجاد بعض مقدماته ثم أهمله وعطله أجبره الحاكم أو وكيله على إتمام العمل أو رفع يده عنه، ولو أبدى عذراً أمهله إلى أن يزول عذره ثم يلزمه أحد الأمرين. مسألة 981 : المعادن الباطنة لا تملك بإحياء الأرض سواء أ كانت قريبة من السطح أم كانت بعيدة عنه في الأعماق كمعظم معادن النفط المحتاجة إلى حفر زائد للوصول إليها أو ما شاكلها، فهي على التقديرين لا تتبع الأرض ولا تملك بإحيائها. مسألة 982 : لو حفر أرض المعدن وقال لغيره استخرجه منه ولك نصف الخارج فإن كان بعنوان الإجارة بطل، وفي صحته بعنوان الجعالة إشكال.

كتاب الدين والقرض


( 310 )


( 311 )

الدين هو المملوك الكلي الثابت في ذمة شخص لآخر بسبب من الأسباب ، و يقال لمن اشتغلت ذمته به ( المديون ) و ( المدين ) و للآخر ( الدائن ) و يطلق الغريم عليهما معاً ، و سبب الدين إما معاملة متضمنة لإنشاء اشتغال الذمة به كالقرض و الضمان و بيع السلم و النسيئة و الإجارة مع كون الأجرة كلياً في الذمة و النكاح مع جعل الصداق كذلك ، و إما غيرها كما في أروش الجنايات و قيم المتلفات و نفقة الزوجة الدائمة و نحوها ، و له أحكام مشتركة و أحكام مختصة بالقرض .

أحكام المدين

مسألة 983 : الدين أما حال و هو ما ليس لأدائه وقت محدد ، و أما مؤجل و هو بخلافه ، و تعيين الأجل تارة يكون بجعل المتداينين كما في السلم و النسيئة و أخرى بجعل الشارع كالنجوم و الأقساط المقررة في الدية . مسألة 984 : يتأجل الدين الحال باشتراطه في ضمن عقد لازم أو جائز ، فلو اشترى منه شيئاً و اشترط عليه تأجيل دينه الحال لمدة شهر مثلاً لم تجز له المطالبة به قبل ذلك إلا أن يفسخ العقد و يسقط الشرط . مسألة 985 : إذا كان الدين حالاً أو مؤجلاً و قد حل الأجل يجب على المديون الموسر أداؤه عند مطالبة الدائن كما يجب على الدائن أخذه و تسلمه إذا صار المديون بصدد أدائه و تفريغ ذمته ، و أما الدين المؤجل قبل حلول الأجل فليس للدائن حق المطالبة به إلا إذا كان التأجيل حقاً له فقط لا حقاً


( 312 )

للمدين أو لهما جميعاً ، و هل يجب على الدائن القبول لو تبرع المدين بأدائه أم لا ؟ الظاهر أن عليه ذلك إلا إذا كان التأجيل حقاً له أو لهما معاً فإن له حينئذٍ الامتناع عن القبول قبل حلول الأجل .