أنت هنا: الرئيسية مرجعية السيد السيستاني المؤلفـــات منهاج الصالحين ـ الجزء 2 إلحاق فيه بابان الباب الأول في الحبس وأخواته
 
 


إلحاق فيه بابان الباب الأول في الحبس وأخواته

البريد الإلكتروني طباعة

مسألة 1563 : إذا أجر البطن الأول من الموقوف عليهم العين الموقوفة في الوقف الترتيبي وانقرضوا قبل انقضاء مدة الإجارة لم تصح الإجارة بالنسبة إلى بقية المدة وكذا الحكم في الوقف التشريكي إذا ولد في أثناء المدة من يشارك الموقوف عليه المؤجر فإنه لا تصح الإجارة بالنسبة إلى حصته، والظاهر صحتها بالإجازة من البطن الثاني في الصورة الأولى ومن الشريك في الصورة الثانية فيكون للمجيز حصته من الأجرة ولا يحتاج إلى تجديد الإجارة وإن كان أحوط. نعم إذا كانت الإجارة من الولي لمصلحة الوقف صحت ونفذت وكذا إذا كانت لمصلحة البطون اللاحقة إذا كانت له ولاية على ذلك فإنها تصح ويكون للبطون اللاحقة حصتهم من الأجرة . مسألة 1564 : إذا كانت للعين الموقوفة منافع مختلفة وثمرات متنوعة كان الجميع للموقوف عليه مع إطلاق الوقف فإذا وقف الشجر أو النخل كانت ثمرتهما ومنفعة الاستظلال بهما والسعف والأغصان والأوراق اليابسة وأكمام الطلع والفسيل ونحوها مما هو مبني على الانفصال للموقوف عليه ولا يجوز للمالك ولا لغيره التصرف فيها إلا على الوجه الذي اشترطه الواقف . مسألة 1565 : الفسيل الخارج بعد الوقف إذا نما واستطال حتى صار نخلا أو قلع من موضعه وغرس في موضع آخر فنما حتى صار مثمراً لا يكون


( 474 )

وقفاً بل هو من نماء الوقف فيجوز بيعه وصرفه في الموقوف عليه، وكذا إذا قطع بعض الأغصان الزائدة للإصلاح وغرس فصار شجرة فإنه لا يكون وقفاً بل يجري عليه حكم نماء الوقف من جواز بيعه وصرف ثمنه في مصرف الوقف . مسألة 1566 : إذا خرب المسجد لم تخرج العرصة عن الوقفية فلا يجوز بيعها وإن تعذر تعميره، وكذا إذا خربت القرية التي هو فيها حتى بطل الانتفاع به إلى الأبد . مسألة 1567 : كما لا يجوز بيع عرصة المسجد بعد خرابه كذلك لا يجوز إجارتها، ولو غصبها غاصب واستوفى منها منافع أخرى ـ كما إذا جعلها مسكناً أو محرزاً ـ لم يكن عليه أجرة المثل وإن كان آثماً، نعم لو تلف بعض موقوفاته تحت يده أو أتلفه شخص فالظاهر ضمانه فيؤخذ منه البدل من المثل أو القيمة ويصرف على مسجد آخر . مسألة 1568 : ما يوقف على المساجد والمشاهد ونحوهما من آلات الإنارة والتكييف والفرش وشبهها ما دام يمكن الانتفاع بها باقية على حالها لا يجوز بيعها، فإن أمكن الانتفاع بها في المحل الذي أعدت له ولو بغير ذلك الانتفاع الذي أعدت له بقيت على حالها في ذلك المحل، فالفرش المتعلق بمسجد أو مشهد إذا أمكن الانتفاع به في ذلك المحل بقي على حاله فيه، ولو فرض استغناء المحل عن الافتراش بالمرة لكن يحتاج إلى ستر يقي أهله من الحر أو البرد يجعل ستراً لذلك المحل، ولو فرض استغناء المحل عنه بالمرة بحيث لا يترتب على إمساكه وإبقائه فيه إلا الضياع والتلف يجعل في محل آخر مماثل له، بأن يجعل ما للمسجد لمسجد آخر وما للمشهد لمشهد آخر، فإن لم يكن المماثل أو استغنى عنه بالمرة جعل في المصالح العامة . هذا إذا أمكن الانتفاع به باقيا على حاله، وأما لو فرض أنه لا يمكن الانتفاع به إلا ببيعه وكان بحيث لو بقي على حاله ضاع وتلف بيع وصرف ثمنه في ذلك المحل إن احتاج إليه وإلا ففي


( 475 )

المماثل ثم المصالح العامة حسبما مر . مسألة 1569 : غير المسجد من الأعيان الموقوفة مثل البستان والدار لا تخرج عن وصفها وقفاً بمجرد الخراب الموجب لزوال العنوان، نعم إذا كانت الوقفية قائمة بعنوان كوقف البستان مادام كذلك بطلت الوقفية بذهاب العنوان وترجع ملكاً للواقف ومنه إلى ورثته حين موته، وهذا بخلاف ما إذا لوحظ في الوقف كل من العين والعنوان فإنه إذا زال العنوان فإن أمكن تعمير العين الموقوفة وإعادة العنوان من دون حاجة إلى بيع بعضها كأن تؤجر لمدة معينة ولو كانت طويلة نسبياً ويصرف بدل الإيجار على تعميرها أو يصالح شخص على إعادة تعميرها على أن تكون له منافعها لفترة معينة لزم وتعين، وإن توقف إعادة عنوانها على بيع بعضها ليعمر الباقي فالاحوط تعينه ايضاً، وان تعذر اعادة العنوان اليها مطلقاً وامكن استنماء عرصتها بوجه آخر فالاظهر تعينه، وان لم يمكن بيعت والاحوط حينئذٍ ان يشتري بثمنها ملك آخر ويوقف على نهج وقف الاول بل الاحوط أن يكون الوقف الجديد معنوناً بعنوان الوقف الأول مع الإمكان وإلا الأقرب فالأقرب إليه، وإن تعذر هذا أيضاً صرف ثمنها على الجهة الموقوفة عليها . مسألة 1570 : إذا خرب الوقف ولم تبطل منفعته بل بقيت له منفعة معتد بها قليلة أو كثيرة فإن أمكن تجديده وإن كان بإجارته مدة وصرف الإجارة في العمارة وجب ذلك وإن لم يمكن فالظاهر بقاء الوقفية بحالها وتصرف منافعه في الجهة الموقوف عليها . مسألة 1571 : إذا وقف على مصلحة فبطل رسمها كما إذا وقف على مسجد أو مدرسة أو حسينية فخربت وصارت شارعاً أو نحوه فإن كانت خصوصية الموقوف عليه ملحوظة على نحو تعدد المطلوب ـ كما لعله الغائب ـ


( 476 )

صرف نماء الوقف على مسجد أو حسينية أو مدرسة أخرى إن أمكن وإلا ففي وجوه البر الأقرب فالأقرب إلى نظر الواقف، وإن كانت الخصوصية ملحوظة على نحو وحدة المطلوب بطل الوقف ورجع إلى الواقف أو إلى ورثته . هذا إذا بطل رسمها ولم ترج إعادته وأما مع رجاء إعادته في المستقبل المنظور فاللازم تجميع عوائد الوقف وادخارها لذلك، نعم إذا انقطع الرجاء عمل في هذه العوائد بما تقدم من الصورة السابقة . مسألة 1572 : إذا تعذر الانتفاع بالعين الموقوفة لانتفاء الجهة الموقوف عليها وكانت خصوصيتها ملحوظة على نحو تعدد المطلوب صرفت منافعها فيما هو الأقرب فالأقرب إلى نظر الواقف، فإذا كان الوقف وقفاً على إقامة عزاء الحسين عليه السلام في بلد خاص بنحو معين ولم يمكن ذلك صرفت منافعه في إقامة عزائه عليه السلام في ذلك البلد بنحو آخر، وإن لم يمكن ذلك أيضاً صرفت منافعه في إقامة عزائه عليه السلام بذلك النحو في بلد آخر . مسألة 1573 : إذا تعذر الانتفاع بالوقف لانقراض الموقوف عليه تبطل وقفيته ويرجع ملكاً للواقف فإن لم يكن موجوداً كان لورثته على ما تقدم في المسألة ( 1484 ) . مسألة 1574 : يجوز وقف البستان واستثناء نخلة منه ويجوز له حينئذٍ الدخول إليها بمقدار الحاجة كما إن له إبقاءها مجاناً وليس للموقوف عليهم قلعها، وإذا انقلعت لم يبق له حق في الأرض فلا يجوز له غرس نخلة أخرى مكانها، وكذا يجوز في وقف الدار استثناء غرفة منها ولكن إذا خربت بقيت له الأرض لأن الأرض جزء الغرفة . مسألة 1575 : إذا كانت العين مشتركة بين الوقف والملك الطلق


( 477 )

جازت قسمتها بتمييز الوقف عن الملك الطلق ويتولى القسمة المالك للطلق ومتولي الوقف، بل الأقوى جواز القسمة إذا تعدد الواقف والموقوف عليه كما إذا كانت دار مشتركة بين شخصين فوقف كل منهما نصفه المشاع على أولاده، وكذا إذا اتحد الواقف مع تعدد الموقوف عليه كما إذا وقف مالك الدار نصفها على مسجد ونصفها الآخر على مسجد آخر، وأما إذا اتحد الواقف والموقوف عليه فالظاهر عدم جواز القسمة إلا مع اشتراطها من قبل الواقف عند وقوع التشاح بين الموقوف عليهم أو مطلقاً، نعم يجوز تقسيمه بمعنى تخصيص انتفاع كل قسم منه ببعض الموقوف عليهم مالم يكن ذلك منافياً لشرط الواقف، فإذا وقف أرضاً زراعية مثلاً على أولاده وكانوا أربعة جاز لهم اقتسامها أرباعاً لينتفع كل بقسم منها، فإذا صار له ولد آخر بطلت القسمة وجاز اقتسامها أخماساً، فإذا مات اثنان منهم بطلت القسمة وجاز اقتسامها أثلاثاً وهكذا . مسألة 1576 : لا يجوز تغير عنوان العين الموقوفة إذا كان ظاهر الوقف إرادة بقاء عنوانها سواء فهم ذلك من كيفيته كما إذا وقف داره على السكنى فلا يجوز تغييرها إلى الدكاكين أم فهم من قرينة خارجية، بل إذا احتمل ذلك ولم يكن إطلاق في إنشاء الوقف لم يجز ذلك، نعم إذا كان إطلاق في إنشاء الوقف جاز للولي التغيير فيبدل الدار إلى دكاكين والدكاكين إلى دار وهكذا، وقد يعلم من القرينة إرادة بقاء العنوان ما دام له دخل في كثرة المنفعة فحينئذ ٍلا يجوز التغيير ما دام الحال كذلك، فإذا قلت المنفعة جاز التغيير . مسألة 1577 : النخلة الموقوفة للانتفاع بثمرها إذا انقلعت لعاصفة أو نحوها بيعت واشتري بثمنها فسيل أو نخلة أخرى ـ إن أمكن ـ وتوقف على نهج وقف الأولى، وإن لم يمكن صرف ثمنها على الجهة الموقوفة عليها، نعم إذا كانت النخلة المقلوعة في ضمن بستان موقوف فالظاهر أن حكمها


( 478 )

حينئذٍ حكم الكرب والأغصان الزائدة فتصرف على الجهة الموقوفة عليها عيناً أو قيمة إلا مع حاجة البستان إلى ثمنها فتباع وتصرف عليه . مسألة 1578 : الأموال التي تجمع لعزاء سيد الشهداء عليه السلام من صنف خاص لإقامة مأتمهم أو من أهل بلدة لإقامة مأتم فيها أو للأنصار الذين يذهبون في زيارة الأربعين إلى ( كربلاء ) الظاهر أنها من قسم الصدقات المشروط صرفها في جهة معينة وليست باقية على ملك مالكها ولا يجوز لمالكها الرجوع فيها، وإذا مات قبل صرفها لا يجوز لوارثه المطالبة بها، وكذا إذا أفلس لا يجوز لغرمائه المطالبة بها، وإذا تعذر صرفها في الجهة المعينة فالأحوط صرفها فيما هو الأقرب فالأقرب إلى الجهة الخاصة، نعم إذا كان الدافع للمال يرى أن الآخذ للمال بمنزلة الوكيل عنه لم يخرج حينئذٍ عن ملك الدافع وجاز له ولورثته ولغرمائه المطالبة به بل يجب إرجاعه إليه أو إلى وارثه مع المطالبة وإلى غرمائه عند تفليسه، وإذا تعذر صرفه في الجهة الخاصة واحتمل عدم رضاه بصرفه في غيرها وجبت مراجعته في ذلك . مسألة 1579 : لا يجوز بيع العين الموقوفة إلا في موارد ذكرناها في كتاب البيع . مسألة 1580 : إذا كان غرض الواقف من الوقف حصول شيء فبان عدم حصوله لا يكون ذلك موجباً لبطلان الوقف، فإذا علم أن غرض الواقف من الوقف على أولاده أن يستعينوا به على طلب العلم أو الإقامة بالمشهد الفلاني أو نحو ذلك فلم يترتب الغرض المذكور عليه لم يكن ذلك موجباً لبطلان الوقف وهكذا الحال في جميع الأغراض والدواعي التي تدعو إلى إيقاع المعاملات أو الإيقاعات، فإذا كان غرض المشتري الربح فلم يربح لم يكن ذلك موجباً لبطلان الشراء أو التسلط على الفسخ .


( 479 )

مسألة 1581 : الشرائط التي يشترطها الواقف تصح ويجب العمل عليها إذا كانت مشروعة، فإذا اشترط أن لا يؤجر الوقف أكثر من سنة أو لا يؤجر على غير أهل العلم لا تصح إجارته لأكثر من سنة ولا على غير أهل العلم . مسألة 1582 : تثبت الوقفية بالعلم والاطمئنان الحاصلين من المناشئ العقلائية ـ ومنها الشياع ـ وبالبينة الشرعية وبإقرار ذي اليد وإن لم تكن اليد مستقلة كما إذا كانت دار في يد جماعة فأخبر بعضهم بأنها وقف فإنه يحكم بوقفية الحصة التي تقتضي اليد ملكيته لها لولا الإقرار وإن لم يعترف غيره بها . مسألة 1583 : إذا أقر بالوقف ثم ادعى أن إقراره كان لمصلحة تسمع منه لكن يحتاج إلى الإثبات، بخلاف ما إذا أوقع العقد وحصل القبض في موضع الحاجة إليه ثم ادعى أنه لم يكن قاصداً فإنه لا تسمع منه أصلاً، كما هو الحال في جميع العقود والإيقاعات . مسألة 1584 : إذا كان كتاب أو مصحف وقد كتب عليه أنه وقف فإن احتف بقرائن تورث الاطمئنان بصحة الكتابة كختم مكتبة معروفة أو عالم مشهور حكم بوقفيته، وكذا إذا أحرز أنه كان تحت يد الكاتب واستيلائه حين الكتابة فإنه يحكم بوقفيته أخذاً بإقراره على نفسه . ولو ادعى بعد ذلك أن تلك الكتابة كانت لمصلحة فعليه إثباتها بالبينة إلا أن يحصل الوثوق بصدقه . مسألة 1585 : إذا وجدت ورقة في تركة الميت قد كتب عليها أن بعض ما تركه وقف فإن كان على نحو يعد اعتراًفا منه بوقفيته، كما إذا كانت مذيلة بتوقيعه أو ختمه أو بصمة يده ولم يحرز فقدانه لبعض شرائط نفوذ الإقرار حين صدوره منه حكم بوقفية ذلك الشيء وإلا لم يحكم بها وإن كانت الورقة بخطه . مسألة 1586 : لا فرق في حجية إخبار ذي اليد بين أن يكون إخبارا


( 480 )

بأصل الوقف وأن يكون إخبارا بكيفيته من كونه ترتيبيا أو تشريكياً وكونه على الذكور فقط أو على الذكور والأناث وأنه على نحو التساوي أو على نحو الاختلاف، كما أنه لا فرق في الإخبار بين أن يكون بالقول وأن يكون بالفعل كما إذا كان يتصرف فيه على نحو الوقف أو يتصرف فيه على نحو الوقف الترتيبي أو التشريكي أو للذكور والأناث أو للذكور دون الأناث وهكذا، فإن تصرفه إذا كان ظاهراً في الإخبار عن حاله كان حجة كخبره القولي . مسألة 1587 : إذا كان ملك بيد شخص يتصرف فيه بعنوان الملكية لكن علم أنه قد كان في السابق وقفاً لم ينتزع من يده بمجرد ذلك ما لم يثبت وقفيته فعلاً، وكذا لو ادعى أحد أنه قد وقف على آبائه نسلاً بعد نسل وأثبت ذلك من دون أن يثبت كونه وقفاً فعلا، نعم لو أقر ذو اليد في مقابل خصمه بأنه قد كان وقفاً إلا أنه قد حصل المسوغ للبيع وقد اشتراه سقط حكم يده وينتزع منه ويلزم بإثبات الأمرين : وجود المسوغ للبيع، ووقوع الشراء . مسألة 1588 : إذا أراد المتولي ـ مثلاً ـ بيع العين الموقوفة بدعوى وجود المسوغ للبيع لم يجز الشراء منه إلا بعد التثبت من وجوده، وأما لو بيعت العين الموقوفة ثم حدث شك للمشتري أو لطرف ثالث في وجود المسوغ للبيع في حينه فالظاهر البناء على صحته، نعم إذا تنازع المتولي والموقوف عليه مثلاً في وجود المسوغ وعدمه فرفعوا أمرهم إلى الحاكم الشرعي فحكم بعدم ثبوته وبطلان البيع لزم ترتيب آثاره .


( 481 )

إلحاق فيه بابان الباب الأول في الحبس وأخواته

مسألة 1589 : يجوز للمالك أن يحبس ملكه على جهة معينة يجوز الوقف عليها على أن يصرف نماؤه فيها ولا يخرج بذلك عن ملكه، فإن كان حبسه دائمياً أو مطلقاً منزلاً على الدوام لزم ولم يجز له الرجوع فيه ما دامت العين باقية ولها نماء ـ معتد به ـ يمكن صرفه على الجهة المحبوس عليها، وإن كان مقيداً بمدة معينة لم يجز له الرجوع قبل انقضاء المدة، وإذا انتهت المدة انتهى التحبيس، فإذا قال : ( فرسي محبس على نقل الحجاج، أو عبدي محبس على خدمة العلماء ) لزم ما دامت العين باقية ـ على ما تقدم ـ وإذا جعل المدة عشر سنين مثلاً لزم في العشر وانتهى بانقضائها . مسألة 1590 : إذا حبس ملكه على شخص فإن عين مدة كعشر سنين أو مدة حياة ذلك الشخص مثلاً لزم الحبس في تلك المدة، وبعدها يرجع إلى الحابس وإذا مات الحابس قبل انقضاء المدة بقي الحبس على حاله إلى أن تنتهي المدة فيرجع إلى ورثته، وإذا حبس عليه مدة حياة نفسه ـ يعني الحابس ـ لم يجز له الرجوع ما دام حياً فإذا مات رجع إلى ورثته، وإذا حبسه على شخص ولم يذكر مدة معينة ولا مدة حياة نفسه ولا حياة المحبس عليه ففي لزومه إلى موت الحابس وبعد موته يرجع إلى ورثته وجوازه فيجوز له الرجوع فيه متى شاء قولان أقربهما الأول . مسألة 1591 : لا يبعد اعتبار القبول والقبض في الحبس على الشخص وعدم اعتبارهما في الحبس على الصرف في جهة معينة .


( 482 )

مسألة 1592 : الظاهر جواز بيع المحبس قبل انتهاء أجل التحبيس فتنتقل العين إلى المشتري على النحو الذي كانت عليه عند البائع فيكون للمحبس عليهم الانتفاع بالعين حسب ما يقتضيه التحبيس، ويجوز للمشتري المصالحة معهم على نحو لا تجوز لهم مزاحمته في الانتفاع بالعين مدة التحبيس بأن يعطيهم مالاً على أن لا ينتفعوا بالعين، أما المصالحة معهم على إسقاط حق الانتفاع بها أو المعاوضة على حق الانتفاع بها ففيه إشكال . مسألة 1593 : يلحق بالحبس السكنى والعمرى والرقبى والأولى تختص بالمسكن والأخيرتان تجريان فيه وفي غيره من العقار والحيوانات والأثاث ونحوها مما لا يتحقق فيه الإسكان، فإن كان المجعول الإسكان قيل له : ( سكنى ) فإن قيد بعمر المالك أو الساكن قيل له أيضا : ( عمرى ) وإن قيده بمدة معينة قيل له : ( رقبى )، وإذا كان المجعول غير الإسكان كما في الأثاث ونحوه مما لا يتحقق فيه السكنى لا يقال له : ( سكنى ) بل قيل : ( عمرى ) إن قيد بعمر أحدهما و( رقبى ) إن قيد بمدة معينة . مسألة 1594 : الظاهر أن الثلاثة من العقود فتحتاج إلى إيجاب وقبول ويعتبر فيها ما يعتبر في سائر العقود، كما يعتبر في المتعاقدين هنا ما يعتبر في المتعاقدين في غيرها، وقد تقدم ذلك في كتاب البيع، ويعتبر فيها أيضا القبض فلو لم يتحقق حتى مات المالك بطلت كالوقف . مسألة 1595 : إذا أسكنه مدة معينة كعشر سنين أو مدة عمر المالك أو مدة عمر الساكن لم يجز الرجوع قبل انقضاء المدة فإن انقضت المدة في الصور الثلاث رجع المسكن إلى المالك أو ورثته . مسألة 1596 : إذا قال له : ( أسكنتك هذه الدار لك ولعقبك ) لم يجز له الرجوع في هذه السكنى ما دام الساكن أو عقبه موجوداً فإذا انقرض هو وعقبه رجعت الدار إلى المالك .


( 483 )

مسألة 1597 : إذا قال له : ( أسكنتك هذه الدار مدة عمري ) فمات الساكن في حال حياة المالك فإن كان المقصود جعل حق السكنى له بنفسه وتوابعه كما يقتضيه إطلاق السكنى انتقلت السكنى بموته إلى المالك قبل وفاته على إشكال، وإن كان المقصود جعل حق السكنى له مطلقاً انتقلت السكنى إلى وارثه ما دام المالك حياً، فإذا مات انتقلت من ورثة الساكن إلى ورثة المالك، وكذا الحكم لو عين مدة معينة فمات الساكن في أثنائها . مسألة 1598 : إذا جعل السكنى له مدة حياته كما إذا قال له : ( أسكنتك هذه الدار مدة حياتك ) فمات المالك قبل الساكن لم يجز لورثة المالك منع الساكن بل تبقى السكنى على حالها إلى أن يموت الساكن . مسألة 1599 : إذا جعل له السكنى ولم يذكر له مدة ولا عمر أحدهما صح ولزم بالقبض، ووجب على المالك إسكانه ولو لفترة قصيرة لا يكون الإطلاق منصرفاً عنها، وجاز له الرجوع بعد ذلك أي وقت شاء، ولا يجري ذلك في الرقبى والعمرى لاختصاص الأولى بالمدة المعينة والثانية بمدة عمر أحدهما والمفروض انتفاء ذلك كله . مسألة 1600 : إطلاق السكنى كما تقدم يقتضي أن يسكن هو وأهله وسائر توابعه من أولاده وخدمه وضيوفه بل سيارته إن كان فيها موضع معد لذلك وله اقتناء ما جرت العادة فيه لمثله من غلة وأوان وأمتعة والمدار على ما جرت به العادة من توابعه، وليس له إجارتها ولا إعارتها لغيره فلو آجره ففي صحة الإجارة بإجازة المالك وكون الأجرة له حينئذٍ إشكال، نعم إذا فهم من المالك جعل حق السكنى له الشاملة لسكنى غيره جاز له نقل حقه إلى غيره بصلح أو نحوه كما تجوز له إعارتها للغير .


( 484 )

الباب الثاني في الصدقة

وهي مما تواترت الروايات في الحث عليها والترغيب فيها وقد روي أنها دواء المريض وبها يدفع البلاء وقد أبرم إبراماً وبها يستنزل الرزق وأنها تقع في يد الرب قبل أن تقع في يد العبد وأنها تخلف البركة وبها يقضى الدين وأنها تزيد في المال وأنها تدفع ميتة السوء والداء والداهية والحرق والغرق والجذام والجنون إلى أن عد سبعين باباً من السوء ويستحب التبكير بها فإنه يدفع شر ذلك اليوم وفي أول الليل فإنه يدفع شر الليل. مسألة 1601 : المشهور كون الصدقة من العقود فيعتبر فيها الإيجاب والقبول ولكن الأظهر اختلاف حكمها من هذه الجهة باختلاف مواردها فإن كانت على نحو التمليك احتاج إلى إيجاب وقبول وإن كانت بالإبراء كفى الإيجاب بمثل أبرأت ذمتك وإن كان بالبذل كفى الإذن في التصرف وهكذا . مسألة 1602 : المشهور اعتبار القبض فيها مطلقا ولكن الظاهر أنه لا يعتبر فيها كلية وإنما يعتبر فيها إذا كان العنوان المنطبق عليها مما يتوقف على القبض، فإذا كان التصدق بالهبة أو بالوقف الخاص اعتبر القبض وإذا كان التصدق بالإبراء أو البذل لم يعتبر وهكذا . مسألة 1603 : يعتبر في المتصدق البلوغ والعقل والاختيار والقصد وعدم الحجر لفلس أو سفه، نعم في صحة صدقة من بلغ عشر سنين وجه ولكنه لا يخلو عن إشكال . ويعتبر فيها قصد القربة فإذا وهب أو أبرء أو وقف بلا قصد القربة كان هبة أو إبراءً أو وقفاً ولا يكون صدقة .


( 485 )

مسألة 1604 : تحل صدقة الهاشمي على الهاشمي وعلى غيره حتى زكاة المال وزكاة الفطرة، وأما صدقة غير الهاشمي، فإن كانت زكاة المال أو زكاة الفطرة فهي حرام على الهاشمي ولا تحل للمتصدق عليه ولا تفرغ ذمة المتصدق بها عنها وإن كانت غيرهما فالأقوى جوازها سواء أ كانت واجبة كرد المظالم والكفارات وفدية الصوم أم مندوبة إلا إذا كانت من قبيل ما يتعارف من دفع المال القليل لدفع البلاء ونحو ذلك، مما كان من مراسم الذل والهوان فإن في جوازه إشكال . مسألة 1605 : لا يجوز الرجوع في الصدقة إذا كانت هبة مقبوضة وإن كانت لأجنبي على الأصح . مسألة 1606 : يكره كراهة شديدة أن يتملك من الفقير ما تصدق به عليه بشراء أو اتهاب أو غيرهما، نعم لا بأس بأن يرجع إليه منه بالميراث . مسألة 1607 : تجوز الصدقة المندوبة على الغني والمخالف والكافر غير الحربي . مسألة 1608 : الصدقة المندوبة سراً أفضل إلا إذا كان الإجهار بها بقصد رفع التهمة أو الترغيب أو نحو ذلك مما يتوقف على الإجهار، أما الصدقة الواجبة ففي بعض الروايات : أن الأفضل إظهارها، وقيل : الأفضل الإسرار بها، والأفضل اختلاف الحكم باختلاف الموارد في الجهات المقتضية للإسرار والإجهار . مسألة 1609 : التوسعة على العيال أفضل من الصدقة على غيرهم، والصدقة على القريب المحتاج أفضل من الصدقة على غيره، وأفضل منها الصدقة على الرحم الكاشح يعني المعادي، ويستحب التوسط في إيصالها إلى المسكين ففي الخبر : لو جرى المعروف على ثمانين كفاً لأجروا كلهم من غير أن ينقص من أجر صاحبه شيء .


( 486 )

مسألة 1610 : يكره رد السائل ولو ظن غناه، بل يعطيه ولو شيئاً يسيراً . مسألة 1611 : يكره السؤال مع الحاجة ما لم يبلغ حد الاضطرار، وأما السؤال من غير حاجة فربما يقال بحرمته، ولكن لا يبعد كراهته كراهة شديدة، نعم التظاهر بالحاجة من غير حاجة حرام . إلى هنا ينتهي الجزء الثاني من رسالة ( منهاج الصالحين ) وقد أضفت إليه مسائل كثيرة معظمها من رسالة وسيلة النجاة للسيد الفقيه الأصفهاني قدس سره والحمد لله أولاً وآخراً والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين .