المرأة في العرفان

البريد الإلكتروني طباعة

كتاب جمال المرأة وجلالها ص 157 ـ ص 177

المرأة في العرفان


(158)

(159)

معنى الخلافة الإلهية

طرح في البحوث المتقدمة بحث قصير حول الخلافة الإلهية واتضح ان الخلافة متعلقة بمقام الإنسانية وليست متعلقة بشخص او صنف خاص ، أي أن آدم عليه السلام لم يكن بشخصه خليفة الله ، بل إن مقام الإنسانية هو خليفة الله ، لذا فان المقام الكامل للخلافة الإلهية متوفر في الأنبياء وأولياء الله خاصة العترة الطاهرة عليهم السلام ، وكما ان هذا المقام لا يختص بشخص فإنه لا ينحصر أيضاً بصنف ، لأنه للإنسانية ، والإنسانية منزهة عن الذكورة والأنوثة .
يلزم في بداية هذا البحث تقديم توضيح أكثر حول معنى الخلافة الإلهية .
ان معنى الخليفة هو الذي يظهر من ( خلف ) وفي غيبة ( المستخلف عنه ) ، أي أن شخصاً غائب في مكان أو زمان معين ، فيملأ آخر ذلك الفراغ ، في ذلك الزمان أو ذلك المكان ، ويتولى عمل المستخلف بشكل مؤقت ، وهذا الأمر جائز في حالة الكائن المحدود الذي هو موجود في مكان وغير


(160)


موجود في أماكن أخرى ، أو موجود في زمان وغير موجود في أزمنه أخرى ، أو موجود في مرتبة ولا يوجد في مراتب أخرى ، لأنه يوجد بشأن مثل هذا الكائن فرض الغيبة والشهادة ، والحضور والغياب ، ويجوز أيضاً قبلو الخلافة ، وأما إذا كان الموجود حاضراً في كل مكان وشاهداً في كل زمان ، وهو مع الجميع في كل المراتب الوجودية ، وفي كل الحالات ( وهو معكم أين ما كنتم ) (1) ، هذا الموجود ليس له غيبة لأنه حاضر دائماً ، وعندما لا تكون له غيبة لا يحتاج إلى خلافة أيضاً ، بناء على هذا يجب ان يلحظ معنى أدق بشأن خلافة هذا الموجود ، وهو أن الشخص يمكن ان يكون خليفته إذا كان آيته الكبرى كما ان المستخلف عنه ليس له حضور وغياب ، وهو حاضر دائماً ، وليس له غيبة وشهادة بل هو ( على كل شيء شهيد ) (2) ، أي لا يكون لدى الخليفة بدوره ، غيبة وشهادة ، أو حضور وغياب ويكون في جميع الظروف ومع جميع الناس ، ولا يصل إلى هذا المقام إلا الإنسان الكامل .
الإنسان الكامل ، آية الله الكبرى :
الإنسان الكامل هو ذلك الموجود الذي هو آية كبرى لله ، ولأنه آية كبرى لله . فهو مظهر ( والظاهر ) (3) في مظاهر العالم ، ومظهر ( والباطن ) (4) في غير عالم الظاهر ، وله حضور مع الأوراح وحاضر مع الأبدان .
ولأمير المؤمنين عليه السلام كلام رفيع بشأن أصل الخلافة ، حيث قال في
____________
(1) سورة الحديد ، الآية : 4 .
(2) سورة الحج ، الآية : 17 .
(3) سورة الحديد ، الآية : 3 .
(4) سورة الحديد ، الآية : 3 .


(161)


أحد الأدعية :
( اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الحضر ، ولا يجمعهما غيرك ؛ لأن المستصحب لا يكون مستخلفاً ، والمستخلف لا يكون مستصحباً ) (1) .
هذا الموجود يتطلب خليفة هكذا ، أي أنه إذا بلغ كائن كمال القرب لله ، يصبح آية كبرى لله ، كما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال :
« مالله آية أكبر مني » (2) .
ولأن العترة الطاهرة عليهم السلام هم نور واحد ، وكلامهم كلهم هو انه ( مالله آية أكبر مني ) ، فهؤلاء أقرب إلى الله من سائر الكائنات قطعاً ، ولما كانوا أقرب إلى الله ، تظهر الأوصاف الإلهية فيهم أكثر من الآخرين أيضاً ، وتلك الجامعية التي لديهم يفتقدها الآخرون ، ولما كان هؤلاء جامعي الحضور والغياب والظاهر والباطن . استطاعوا ان يكونوا خليفة الله ، يكونوا خليفة الله في زمان غيبتنا ، وفي مكان غيبتنا ، وفي زمان حضورنا وظهورنا ، عندما نكون موجودون ، فهم معنا أيضاً ومصاحبون حاضرون ، وعندما نكون غير موجودين فهم خليفتنا ؛ لأنهم خليفة الله الذي ( هو الباطن ) . إذا وصل شخص إلى هذا المقام لا يقوم بشيء عدا الخير ، ورؤيته محيطة وسعيه غير محدود ، ومثل هذا الموجود يمكن ان يكون خليفة الله .
إذا حلل هذا المعنى يتضح ان الذكورة والأنوثة ليست لها فيه دور أساساً ؛ لأن ما هو غائب مع حفظ حال الحضور ، ومع حفظ حال الغيبة ، أي ظاهر وباطن هي روح الإنسان وليس البدن . فالبدن إذا كان حاضراً في
____________
(1) نهج البلاغة ، تحقيق صبحي الصالح ، الخطبة 46 ص 86 .
(2) بحار الأنوار ، ج 36 ، ص 1 .


(162)


مكان ، فهو ليس حاضراً في مكان آخر ، وإذا كان له حضور في زمان ، يمكن ان لا يكون له حضور في زمان آخر .
عندما يخبر الله تعالى عن الناس يقول بانهم كلهم مجاري فيض ، وان ما تقوم به أيديهم من أعمال يقوم بها الله في الحقيقة ، غاية الأمر أنهم مجرى فيض وخليفة لله ، وتولوا رسالته ، مع هذا الفرق وهو انه تعالى لا يرى ، ولكن مظاهره مرئية .

المسكين رسول الله :
روي عن أمير المؤمنين عليه السلام في كتاب نهج البلاغة انه قال :
« إن المسكين رسول الله » (1) .
هذا الكلام هو من أجل تعريفنا بأصل عام ، فالإمام علي عليه السلام يقول : إن السائل من أهل المسكنة والحاجة إذا جاءكم ، فهو رسول الله إليكم ، وان الله أرسله ، غاية الأمر إن الإنسان العادي الذي ليس لديه رؤية توحيدية ، والمحروم والغافل عن الشهود الافعالية للتوحيد ، يظن ان السائل جاء لطلب شيء لكي يرفع حاجته المادية ، غافلاً عن أن هذا السائل جاء من مكان بعيد ، ومعه رسالة الله ، والله تعالى أعطاه مأمورية ، في أن يطلب شيئاً منكم أنتم المتمكنين ، ويأخذ حقهُ المسلم ، ولم يأت حتى تعطوه شيئاً من حقكم .
قال تعالى :
( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ) (2) .
للشخص الذي لديه قدرة السؤال ، أو ليس لديه قدرة السؤال ، حق
____________
(1) نهج البلاغة ، الفيض ، الحكمة 296 .
(2) سورة الذاريات ، الآية : 19 .


(163)


معلوم ومسلم ، وحقه المسلم موجود في مال المستطيعين ، وإذا لم يعط شخص هذا الحق يعيش عيشة غاصبة ( وفي أموالهم حق ) ، هذا الموضوع طرح في قسمين من الآيات ، حيث جاء في أحد الأقسام ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ) وجاء في القسم الآخر :
( في أموالهم حق معلوم ) (1) .
من ناحية أخرى قال تعالى لصاحب الحق بأن يذهب ويقول عن الله بأن يعطوه حقه .
لذا على أساس ما جاء في ذلك الحديث ، ان الشخص السائل يعد رسول الله . ويجب ان يتعامل الإنسان مع السائلين بهذه الرؤية التوحيدية ، ويسعى لأن يكون الشيء الذي يعطيه للسائل من أطهر أمواله .
( انفقوا من طيبات ما كسبتم ) (2) .
ويسعى أيضاً أن يعطي ذلك المال باخلاص واحترام ، وليس بالمن والأذى .
( لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ) (3) .
يعطي بدون من وأذى ، وكذلك بأدب واحترام ، ويكون شاكراً لله لتأديته الحق الإلهي ، ويكون شاكراً لأن جاءه رسول الله ، لذا أمر الأئمة عليهم السلام بإعانة المسكين ، وقاموا أيضاً بهذا العمل ، لذا ورد في الروايات أن الأئمة المعصومين عليهم السلام كانوا يضعون أحياناً أيديهم فوق رؤوسهم بعد إعطاه مال إلى مسكين ، ويمسحون عيونهم بأيديهم أحياناً ،
____________
(1) سورة المعارج ، الآية : 24 .
(2) سورة البقرة ، الآية : 267 .
(3) سورة البقرة ، الآية : 264 .


(164)


يقبلون أيديهم أحياناً ، ويشمونها أحياناً (1) ويقولون : إن أيديهم هذه لاقت محمد يد رسول الله .
إن الملائكة ليست فقط وحدها « مدبرات أمر » (2) بل الناس أيضاً يقولون الخلافة الإلهية في كل مكان ، غاية الأمر إن الإنسان الأكمل له خلافة ، والإنسان المتوسط نصيبه خلافة وسطى ، والإنسان النازل حصته مرحلة خلافة نازلة .
بناء على هذا فإن الإنسان ما دام يسير في مسير الفضيلة والحق فهو خليفة الله ، وعندما يسير في مسير الضلالة فهو تحت ولاية الشيطان .
( كتب عليه أنه من تولاه فانه يضله ويهديه إلى عذاب السعير ) (3) .
ورغم ان الشيطان نفسه هو تحت ولاية الاسم المضل للحق ، ولكن الناس الفاسقين هم تحت ولاية الشيطان ، حيث يذكرهم الله سبحانه بعنوان ( مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير ) (4) أو بعنوان ( اتخذوا ...بشياطين أولياء ) (5) وأمثال ذلك ، وبهذا المعنى يبين أيضاً أن مسألة الخلافة في كل الأقسام الثلاثة العالي والمتوسط والداني منزهة عن الذكورة والأنوثة .

النساء وبلوغ مقام الخلافة الإلهية :
سؤال آخر يطرح في هذا المجال ، وهو أنه إذا كان الإنسان هو خليفة ومقام الإنسانية هذا منزه عن الذكورة والأنوثة فلماذا بلغ رجال كثيرون
____________
(1) وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 303 .
(2) ( فالمدبرات أمرا ) سورة النازعات ، الآية : 5 .
(3) سورة الحج ، الآية : 4 .
(4) ( مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير ) سورة الحديد ، الآية : 15 .
(5) سورة الأعراف ، الآية : 30 .


(165)


هذا المقام ، ولكن من بين النساء هناك فقط أربع نساء بلغن هذا المقام ؟ جواب هذا السؤال هو :
أولاً : هناك كثيرون من النساء اللواتي لم تسجل فضائلهن في التاريخ .
وثانياً : إن هذه النساء الاربع لا تدل على الحصر .
ثالثاً : إذا كان لدى المجتمع نضج أكثر فانه يسعى لوضع إمكانات الرقي والسعادة تحت تصرف كلا الصنفين ، وإذا كان المجتمع متأخراً ، فيجب عدم كتابة هذا ( التحجر الفكري للمجتمع ) على الدين ؛ لأن الدين فتح الطريق لكلا الصنفين ، ولم يشترط الذكورة لأي كمال ، يمنعه بالأنوثة ، والاشتراط بالذكورة والأنوثة يتعلق بالأعمال التنفيذية ، والاسئلة المتعلقة بالأقسام التنفيذية ستطرح في البحوث الفقهية ، كما سيطرح كلام أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة ، وتبين إن شاء الله الأجوبة المناسبة لهذا القسم من الأسئلة في فصل ( البحث الفقهي ) .
ولكن حيث نحن الآن في بحث عرفاني مرتبط بـ ( بحث قرآني ) فالمطروح هو مسألة الخلافة وسائر الكمالات الإنسانية ، وأن ليس في أي منها دور للمرأة والرجل .

الذكورة والأنوثة في المعاد :
المسألة الأخرى هي ان القرآن كما بدأ الكلام في محور الخلافة في بدء حدوث الإنسان ، والخلافة ليس فيها امرأة ورجل ، في نهاية الحدوث ، وفي نهاية العالم أيضاً ، حين يطرح مسألة المعاد ، ومسألة مواقف القيامة ، ومسألة البرزخ والحشر ، ومسألة السؤال والجواب والكتاب ووزن الأعمال ، والعبور على الصراط والكوثر وأمثالها لا يفرق أبداً بين المرأة والرجل ، وفي جميع هذه المسائل تستوي المرأة والرجل .


(166)


وقد ورد في بعض رواياتنا أن أهل الجنة يقولون :
« يا معشر الخلائق غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة عليها السلام بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم » (1) .
غضوا أبصاركم ، لا من أجل أنكم من غير المحارم ، فلا يسمح لكم حين عبور فاطمة عليها السلام برويتها ، الكلام هناك ليس عن التكليف ، أو عن الحرمة والحلية أو الجواز وعدم الجواز ، بل إن هذا هو أمر تكويني ، أي ان هذه المرأة حين تعبر وهي بتلك العظمة فان أهل المحشرلا يستطيعون رؤيتها ، لذا يقال : « يا أهل المحشر غضوا أبصاركم » ، لأن فاطمة الزهراء عليها السلام تريد العبور .
ثم جاء في الرواية ان على رأس فاطمة عباءة تصل إلى أيادي جميع أهل المحشر ويستطيعون الأستفادة من خيوط هذه العباءة العظيمة ، وهذا ليس بمعنى أن العباءة نسجت بخيوط صوف أو قطن وأمثال ذلك ، وتضعها الزهراء عليها السلام على رأسها وتمر بمثل هذا الثوب العريض ، بل إن غطاء الرحمة واسع ومقام الولاية الشامخ واسع . هؤلاء مظهر ( ورحمتي وسعت كل شيء ) (2) ووسعة تلك الرحمة تصل إلى أيدي الجميع ، وإلا فان هذه العباءة ليست من صوف أو قطن أو امثال ذلك ، رغم أنهم تكلموا بلساننا وتكلموا معنا بهذا الكلام ، لكن المقصود من ذلك هو غطاء الرحمة الذي يكون بوسعة جميع أهل المحشر .
بناء على هذا ، هناك نساء كثيرات وصلن إلى هذا المقام وكانت هناك نماذج بارزة بينهن أيضاً .
____________
(1) بحار الأنوار ، ج 43 ، ص 221 الحديث 4 .
(2) سورة الأعراف ، الآية : 156 .


(167)


ارتباط البدن بالروح المجردة :
المسألة الأخرى المطروحة هي أن حج مخ المرأة أو وزن مخها أقل من حجم و وزن مخ الرجل ، بناء على هذا فان الوزن الفكري الذي لدى الرجل ليس لدى المرأة ، لأن المخ هو أداة الفكر ، وإذا كانت الأداة ضعيفة ، فان الطاقة الفكرية ستكون ضعيفة .
إن هذا البيان رغم انه يبدو في الوهلة الأولى كاملاً ، ولكن بعد الدخول في فصل الإبحاث العقلية يتضح أنه رغم ان الإنسان لديه بدن وروح ، ولكن ليست الروح في قيد البدن .بل البدن هو في قيد الروح. البدن لا يبني الروح ، بل الروح تبني البدن . إذا صارت الروح قوية تستطيع بناء أداة قوية ، وإذا كانت الروح ضعيفة لا تستطيع بناء أداة قوية .
بيان المسألة هو أننا ليس لدينا أي عضو ثابت ، وذرة وخلية ثابتة في البدن ، ورغم أن من الممكن أن لا يتولى علم الطب ، أو الاقسام الأخرى للعلوم الطبيعية طرح هذه المسألة ، ولكن العلوم العقلية تتولى كاملاً هذا القسم ، وهو أن كل كائن مادي هو في حركة وتغير ، وتتبدل كل عدة سنوات جميع ذرات البدن ، والروح المجردة ثابتة والبدن المتحرك الذي هو متغير يظل مستقراً في ظل كائن مجرد ثابت .
عندما يصل الإنسان إلى سن الثمانين مثلا تتبدل جميع ذرات بدنه ثمان مرات على الأقل ، وتبديل هذه الذرات والأجزاء هو بعهدة الروح وإذا كانت الروح قوية تستطيع بتاء أجزاء بدن قوية ، وإذا كانت ضعيفة تبني ضعيفة ، وبناء على هذا المعيار وهو أن البدن ليس أمراً ثابتاً وهو في تحول وتغير دائما ، عند ذلك لا يمكن القول : إن هذا البدن كم يستطيع أن يبقى إذن ؟ لأنه عند ذلك ليس هناك هذا البدن وذلك البدن حتى يقال : إن لكل


(168)


بدن قابلية معينة ، البدن كما ذكر العلماء في النثر والنظم والأدب العرفاني هو مثل حوض يقع في وسط نهر جار ، إذا كان هناك نهر جاري في بيت شخص وحفر صاحب المنزل حوضاً في وسط منزله بحيث يمر هذا النهر من طرف ويخرج من طرف آخر ، فإن هذا الحوض يكون فيه ماء بشكل دائم ، ولكن صاحب المنزل الساذج يتصور ان هذا الماء هو نفسه الماء الذي كان في الحوض قبل عدة أيام أو عدة أشهر أو عدة سنوات ، فماء الحوض يتبدل كل لحظة ، ولكن هذا الشخص يتخيل أن هذا الماء في الحوض هو نفسه الماء الذي كان في الحوض أمس (1) .
إن الشخص الذي يرى صورته أو صورة القمر والنجوم في سطح نهر جار بهدوء يتصور ان هذا النهر الجاري هو مثل مرآة تبين الصورة الثابتة ، ويتخيل أنه رأى صورته الثابتة أو صورة القمر الثابتة في الماء الجاري ساعة ، بينما هذه الصورة تتغير كل لحظة ، ولكن لأنها تتغير بالتدريج وبصورة ظريفة فان مشاهدها يتصورها ثابتة . أن أعضاءنا في تغير وحركة كل لحظة .
الخلاصة هي أن الروح تبني البدن ، ولو كانت الروح مثل روح الإنسان الكامل الإمام ولي عصر عليه السلام ، فانها تستطيع المحافظة على بدنها ملايين السنين ، ولهذا فان هذا السؤال ليس مطروحاً عند أولي الألباب أساساً وهو كيف يعيش إنسان مليون أو مليوني سنة ؟ الآن مضى من عمر الإمام عليه السلام حوالي ألف ومائتي سنة ، ولو مرت ألف مليون سنة أيضاً . لا إشكال عند أصحاب العقول ، لأن البدن تبنيه الروح المجردة ، وليست في البدن أية ذرة ثابتة حتى يقول طبيب : إن هذه الذرة لا تستطيع المقاومة ، أو ان هذا العنصر لا يدوم أكثر من هذا ؛ لأنه ليس لدينا أساساً عنصر ثابت في البدن .
____________
(1) مثنوي مولوي .


(169)


قدرة الروح الإنسانية وقضية خيبر :
ذكر المرحوم الصدوق في كتاب الأمالي والمرحوم الطوسي وغيرهما من علماء الحديث والحكمة أن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال عندما قلع باب قلعة خيبر ورماها بعيداً :
« ما قلعت باب خيبر ورميت به خلف ظهري أربعين ذارعاً بقوة جسدية ولا حركة غذائية لكني أيدت بقوة ملكوتية ونفس بنور ربها مضيئة » (1) .

أنواع تلقي الكمالات :
الجواب الآخر هو أن جميع الكمالات لا تتعلق بالأفكار النظرية ، فأحياناً يفهم الإنسان جيداً ولكن مقروناً بالعنف ، إذا كان على صنفين ، قسم أعمالهم قوية هم الرجال ، وبعض أعمالهم دقيقة هم النساء ، كذلك الاسماء الإلهية على صنفين ، والإنسان يحصل على الكمالات عن طريقين ، بعض الكمالات عن طريق الحرب والقيام والكفاح ومحاربة الظلم ومظهر قوة وجلال الله ، وبعض عن طريق المحبة والرأفة والعاطفة وجمال ولطف الله . وإذا كان أحد هذين الصنفين أقوى في أقسام النظر والعنف والفكر ، فليس هذا دليلاً على أنه أقوى لمحبة والعاطفة في أقسام المحبة والعاطفة واللطف والرأفة والصفاء والصميمية والرقة .

القوة في أمر المحبة :
أحياناً يكون طريق العاطفة والمحبة والرحمة أكثر انجازاً للعمل من طريق القوة . الله تعالى يدير العالم على محور المحبة ، وكثير من آيات القرآن تعطي درس المحبة ، والمرأة تدرك طريق المحبة أفضل من الرجل ، رغم أن
____________
(1) بحار الأنوار ، ج 21 ، ص 26 .


(170)


من الممكن ان يدرك الرجل طريق القوة أفضل من المرأة ، الأحاديث والأشعار العرفانية والنثر والنظم والأدب العرفاني يؤثر في المرأة اكثر من الرجل وتأثير الآيات والكلام الحماسي والأحاديث والنثر والأدب الحماسي في الرجل أكثر ، وهذا نوع من تقسيم العمل .
وإذا بلغت المرأة إلى ذلك الكمال النهائي تستطيع موازنة القوى ، والرجل أيضاً إذا بلغ ذلك الكمال النهائي يستطيع موازنة القوى ، أما المتوسطين فانهم يستعينون بكل من الفروع الخاصة ـ من باب تقسيم الكمالات ـ إن فرع المحبة ليس أقل من فرع القوة ، بل يجب تعريف المحبة بقائد القوة ، والقوة مطلوبة عندما تدار تحت قيادة المحبة ، إن الله تعالى عندما يعتبر إبراهيم عليه السلام أبانا كلنا يذكره بعنوان خليل ويقول :
( واتخذ الله إبراهيم خليلاً ) (1) .
أي أنه يعطي درس ( الخلّة ) للأبناء ، كما جاء في القرآن الكريم :
( ملّة أبيكم إبراهيم ) (2) .
أي أن أباكم هذا هو خليل الرحمن وأنتم أبناء الخليل ، وابن الخليل يتعلم درس الخلّة ، المحبة ، الصداقة والصميمية ، كما أن إبراهيم عليه السلام قال :
( فمن تبعني فإنه مني ) (3) .
أي أنني أعطي درس الخلة ودرس الصفا والصميمية . رغم أني أصدرت أمر تحطيم الأصنام .
____________
(1) سورة النساء ، الآية : 125 .
(2) سورة الحج ، الآية : 78 .
(3) سورة إبراهيم ، الآية : 36 .


(171)


( فجعلهم جذاذاً إلا كبيراً لهم ) (1) .
أنتم أبناء الخليل ، ولا يمكن القول : إن الرجال هم أبناء الخليل أكثر من النساء ، ولعله يمكن القول ان تقدم النساء في مدرسة الخلة والمحبة والصفاء هو أكثر من الرجال . بناء على هذا فرغم أن من الممكن أن يفهم الرجال مناجاة غير المحبين أفضل من النساء ، ولكن مناجاة المحبين المروية عن الإمام السجاد عليه السلام تدركها النساء اللواتي من أهل السير والسلوك أفضل ؛ لأن روح العاطفة والرغبة والمحبة في هذا الصنف هي أكثر من الرجال ، أي أن المرأة المتوسطة تدرك مناجاة العارفين ومناجاة المحبين أفضل من الرجل المتوسط ، كما أن من الممكن ان يدرك الرجل بعض المناجاة الأخرى مثل مناجاة طلب الجهاد و « نسأل الله منازل الشهداء » (2) أفضل من المرأة ، وهذه المسألة تتعلق بكلا الصنفين ، وعندما يصلان إلى الكمال يكونان متساويين ومتشابهين .
الغرض هو انه حتى إذا كان بعض الاقسام البدنية والذرات المخية في بعض الأقسام ضعيفة ، فهي قوية في أقسام أخرى ، أي أن طريق العقل يمكن ان يختلف ، ولكن طريق القلب يختلف أيضاً من هذه الجهة ، لأن طريق القلب إذا لم يكن أقوى من طريق العقل ، فهو ليس أقل من طريق العقل ، ولا يمكن القول أبداً ان المرأة في طريق القلب ناجحة أقل من طريق الرجل ، وقد تحصل على نجاحات أفضل وأكثر ، غاية الأمر انه كما ان طريق العقل يجب انقاذه من لصوص الخيال والوهم ، حتى يستطيع العقل السيطرة على الوهم والخيال ، كذلك يجب انقاذ طريق القلب من المحبات العاطلة والباطلة التي هي لصوص حتى يقطع طريق المحبة صحيحاً ، طبعاً المحبة الصادقة وليس
____________
(1) سورة الأنبياء ، الآية : 58 .
(2) نهج البلاغة ، صبحي الصالح ، الخطبة 23 .


(172)


المحبة الكاذبة ، لأن المحبة الكاذبة قد تحل محل المحبة الصادقة . لكن الطريق مفتوح لكلا المجموعتين بشرط ان يتخلص الإنسان من شر قطاع الطرق .

أمة الحبيب :
الله تعالى جعلنا أمة الحبيب ، وعرّف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بوصفه حبيب الله ، وقد عرفه الله تعالى بوصفه معلم المجتمعات البشرية وقال :
( ويعلمهم الكتاب والحكمة ) (1) .
أعطى النبي وصفاً ومنصباً ، المعلم هو لقب عام ، أما الوصف الذي يعطى لذلك المعلم ، فانه يحدد تعليمه وفرعه التدريسي ، أي أن الشخص الذي يعطي الدرس الرياضي هو معلم ، والشخص الذي يدرس الهندسة ، هو معلم ، والشخص الذي يدرس الطب ، هو معلم والشخص الذي يدرس الأدبيات هو معلم والشخص الذي يدرس الفقه والفلسفة والعرفان هو معلم ، ولكن هذا هو لقب عام لا يحدد فرعه التخصصي . ولكن إذا قيل : إن المهندس يدرس يعني يعطي درس هندسة . وإذا قيل الأديب يدرس ، يعني يعطي درس الأدبيات .
ورغم ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو معلم الكتاب والحكمة ، ولكن هذا التعليم هو لقب عام ، حيث ان جميع الأنبياء لديهم ذلك اللقب . اللقب الاختصاصي لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي يبين فرعه التخصصي ، هو المحبة . فهو حبيب الله ، وعندما يقال : إن حبيب الله يدرس ، يعني يعطي درس المحبة ، وعندما يقال ان رسول الله هو معلمكم وحبيبكم يعني يعطي درس المحبة .
____________
(1) سورة البقرة ، الآية : 129 .


(173)


محبة الحق ومحبة الباطل :
كما ان القراءة قسمان : خطأ وصحيح ، والأديب الماهر هو الذي يسطيع تشخيص القراءة الخطأ من القراءة الصحيحة ، وكما ان العلاج قسمان : خطأ وباطل وصحيح وحق ، والطبيب الحاذق هو الذي يميز الخطأ من الصحيح ، وكذلك بقية الفروع التخصصية ، كذلك المحبة أيضاً ، هناك محبة باطلة ومحبة حقة ، عندما يكون الحبيب معلم الكتاب والحكمة ، يعطي درس المحبة ، وعمله هو ان يفصل المحبة الباطلة عن المحبة الحقة وعندما يفصل المحبة الباطلة عن المحبة الحقة فان الشخص الذي وعاء قبوله لمحبة أكثر من الآخرين سوف يكون في ذلك الصف التخصصي أكثر جدية في عمله من الآخرين ويعتبر حب الزوج والابن والمال أداة وليس طريق الكمال ، لذا يقول الله تعالى :
( تحبون العاجلة ) (1) ( وتحبون المال حباً جمّاً ) (2) .
يقول تعالى : إن هذه الأنواع من المحبة لا تدخل إلى قلوبكم وان هذه الأنواع من المحبة الصقوها بالطين وليس بالقلب ؛ لأنها أدوات عمل وإذا دخلت إلى القلب تستولي عليه .
بناء على هذا عندما يتعرف الإنسان على هذه العلوم ، يفهم أن المال هو شيء جيد ، ولكنه جيد للبدن ، الحيوان شيء جيد لكنه جيد للبدن ، لذا يصبح صاحب قلب ، وعند ذلك يصبح سائراً باتجاه كثير من أنواع المحبة الصادقة . فأنتم قليلاً ما تلاحظون دعاء ليس فيه درس محبة ، غاية الأمر ان المحبة من كثرة ما هي مليحة ولطيفة ورقيقة لا تقال للجميع وفي كل مكان ،
____________
(1) سورة القيامة ، الآية : 20 .
(2) سورة الفجر ، الآية : 20 .


(174)


ولا تقرا في أذان الجميع ، لان تشخيص المحبة الصادقة من المحبة الكاذبة ، هو عمل الناس العقلاء .
في دعاء كميل تلاحظون انه عندما تمت تصفية الماضي والمستقبل وطهر الإنسان نفسه وطلب المغفرة وغفرت جميع ذنوبه ، عند ذلك يدعو الله :
« واجعل قلبي بحبك متيماً » (1) .
وجملة ( قلبي بحبك متيماً ) هذه هي ( واسطة العقد ) لدعاء كميل ، وتعدّ من غرر جمل دعاء كميل ، أو عندما تقرؤون دعاء أبي حمزة الثمالي في أسحار شهر رمضان ، يقول هذه الجملة :
( اللهم املأ قلبي حباً لك وخشية منك و ... شوقاً إليك ) (2) .
عندما يتضح لماذا يقول الإمام السجاد عليه السلام في بداية مناجاة المحبين :
( من ذا الذي ذاق حلاوة محبتك فرام منك بدلاً ، ومن الذي آنس بقربك فابتغى عنك حولاً ) (3) . درس المحبة هذا ، يعطيه لنا ذلك الحبيب ، وذلك الحبيب ، هو معلم الكتاب والحكمة ، ولكن لمن يعطي درس المحبة ؟ درس المحبة هذا ، لا يفيد الأشخاص القساة والمتظاهرين بالقوة ، هنا يشترى القلب المنكر والبدن المتعب ، وإذا استطاع شخص ان يكون أكثر رقة في قسم القلب ، يؤثر فيه كلام المحبة أكثر ويجب عدم القول انه لأن وزن مخ المرأة أو حجم مخ المراة هو أقل ، فإنها أكثر تأخراً عن الرجل في طريق
____________
(1) دعاء كميل ، مفاتيح الجنان .
(2) دعاء أبي حمزة الثمالي ، مفاتيح الجنان .
(3) مناجاة المحبين ، مفاتيح الجنان .


(175)


السير والسلوك أو في طريق الكمال الإنساني وبقية الطرق الإلهية ، إن طريق القلب إذا لم يكن أقوى من طريق العقل فهو بمستواه ، وطريق القلب يتطلب رقة ومحبة وعاطفة ، وأمثال ذلك ، فالشخص الذي يبكي متأخراً قليلاً ما ينجح في درس المحبة ، والشخص البكاء هو أكثر رقة في القلب ، وإذا استطاع فصل العاطفة الحيوانية عن المحبة الإنسانية ، ودخل إلى حدود المحبة وتخلص من شر ضعف النفس ولم يضع ضعف النفس بدل الرأفة خطأ ، عند ذلك يصبح الطريق ممهداً له لدخول درس المحبة ، ويستطيع كل منهم أن يكون مظهر اسم من أسماء الله . غاية الأمر إن مجموعة بذلك الشكل ومجموعة بهذا الشكل ، حتى يصلوا إلى ذلك المقام الرفيع حيث الكلام هناك هو عن توازن الاسماء وليس ترجيح اسم على اسم آخر . الإنسان الذي يصل إلى مظهر الاسم الأعظم لديه جميع الاسماء متساوية ، فهو يصل إلى العدالة الكبرى ، وفي العدالة الكبرى كل القوى متوازنة .

العدالة الصغرى ، الوسطى والكبرى :
في الفقه طرحت ( العدالة الصغرى ) ، وفي الفلسفة ذكرت ( العدالة الوسطى ) ، و( العدالة الكبرى ) مطروحة في العرفان .
إذا وصل الإنسان إلى تلك العدالة الكبرى ، يوازن جميع القوى الإدراكية والتحريكية وجميع قوى جذبه ودفعه ويصل إلى محل يصبح فيه مظهراً تاماً للاسماء الحسنى ويكون في النواة المركزية للعدل .
في العدالة الصغرى المطروحة في الفقه ، عندما يؤدي الإنسان الأعمال الواجبة ويتجنب الحرام فهو عادل وان كان جباناً ولم يكن سخي الطبع وشجاعاً ، فعندما يؤدي الواجب ولا يقوم بعمل حرام ، فهذا المقدار كافٍ في عدالته . أما في الفقه الأوسط والعدالة الوسطى فهو ليس عادلاً ؛


(176)


لأنه لم يوازن حتى الآن بعض القوى ، وإذا وازن هذه القوى يكون عادلاً ومتوازناً في العدالة الوسطى ، ولكن مظهريته ليست متساوية تجاه جميع الاسماء ، وهذا الشخص ليس عادلاً في الفقه الأكبر ، أي العرفان . العادل هو الشخص الذي يكون مظهر جميع الاسماء الحسنى ، وينفذ كل اسم في محله على أساس الصواب . والإنسان الكامل يتمثل في الرجال باسم علي بن أبي طالب عليه السلام ، وفي النساء بعنوان فاطمة الزهراء عليها السلام .
فيتضح ما هو معنى الخلافة في هؤلاء ، ما هو معنى العدالة والرأفة والرحمة والمحبة في هؤلاء ثم لا بد للرجال أخيراً من نشر دروس المحبة أكثر من الدروس الأخرى ؛ لأن الله تعالى قال :
( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) (1) .
أي ان هذا النبي الحبيب هو حلقة ارتباط بين المحب والمحبوب ، وإذا كنتم متبعين حبيب الله فهو يعطي درس المحبة وأنتم تصلون من مرحلة محب الله إلى مرحلة محبوب الله .
بناء على هذا إذا لم يكن للمرأة دور في بعض الأعمال التنفيذية ، فهي ليست معفوة بشكل عام ـ ترك لا إلى بدل ـ ، بل ترك إلى بدل . أي إذا لم تعمل المرأة عملاً ما فهي تتولى ما يعادله في قسم آخر ، وكما أن المجتمع يحتاج إلى قوة ، فهو يحتاج إلى محبة أيضاً . والمجتمع لا يتقدم بالشدة والعنف مثلما يتقدم بالمحبة واللين ، كما ان رسول الله كان موصوفاً بهذا الوصف ، وكان نجاحه في هذه الناحية أيضاً :
( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من
____________
(1) سورة آل عمران ، الآية : 31 .


(177)


حولك ) (1) .
إن درس المحبة هذا إذا لم تكن النساء أفضل من الرجال في تعلمه ، فهن لسن أقل منهم ، وإذا لم تكن النساء أفضل من الرجال في إدراك الأدعية المتضمنة للمحبة الصادقة ، فهن لا يفهمن أقل من الرجال ، وإذا لم يكن حب الله وخلقه عند النساء أفضل من الرجال ، فهو ليس أقل .
لو بحثنا عن الكمال في الاسماء الإلهية الحسنى لرأينا ان الاسماء الإلهية الحسنى تقسم إلى قسمين : الجلال والجمال ، الجذب والدفع ، المحبة والقوة ، الإرادة والكراهة أو المحبة والعداوة ، وكل منها يكون مظهر اسم من الاسماء الخاصة لله في العالم ، والذين يصلون إلى المقصد يكونون مظهر الاسم الأعظم .

العلوم الأداتية والأصالية :
العلم من حيث انه علم ليس مطلوباً بالذات ، وليس لدينا أي علم يكون هدفاً وكمالاً ذاتاً ـ سواء العلم العملي أو العلم النظري ـ بل أن العلم هو دائماً مقدمة العمل ، والعمل يتعلق بالقلب لا بالعقل ، وطريق القلب إذا لم يكن للنساء أكثر من الرجال فهو ليس أقل بالتأكيد . مع هذا قسم العلماء العلوم إلى علوم أداتية وعلوم أصالية . العلوم الاداتية هي كالأدبيات التي هي من العلوم الاعتبارية وليس أكثر من انها أداة ـ لأنها للتدريس والكتابة فقط وليست مطلوبة بالذات ـ أو مثل علم المنطق حيث يتعلم الإنسان المسائل المنطقية حتى يفكر بشكل صحيح . العمل الذي يقوم به المنطق للتفكير يشبه العمل الذي تقوم به الادبيات للتلفظ ، المتكلم أو الكاتب يجب أن يكون مراقباً لسانه وقلمه ، والمفكر يجب أن يكون مراقباً ذهنه . مثل هذه العلوم
____________
(1) سورة آل عمران ، الآية : 159 .