نماذج من المقامات العرفانية للمرأة
النساء اللواتي كان لهن ذوق عرفاني ازدهر في الإسلام ، واللواتي قلن جملاً وكلمات عرفانية رفيعة ، أو نظمن شعراً ، كن كثيرات في التاريخ ونشير إلى عدة حالات كنماذج .
رابعة الشامية(1) :
مخاطبة ملك الغيب :
رابعة الشامية هي زوجة أحمد بن أبي الحواري ، وفضيلة وكرامة هذه المرأة لم تكن قابلة للإنكار ، كان زوجها يقول : عندما نفرش مائدة الطعام ، كان رابعة تقول لي : كل ( فإنها ما نضجت إلا بالتسبيح ) . ما المقصود من هذه الجملة ؟ هل المقصود أنها كانت تسبح أثناء الطبخ ـ مثل الكلام الذي ورد بشأن بعض مراجع التقليد ، بأن أمه كانت تقول : لم أرضعه الحليب إلا باسم الله ـ أي أنني كنت أقول سبحان الله أثناء طبخ الطعام ؟ أم أن المقصود هو ان هذا الطعام طبخ بالتسبيح ؟ وأساساً هل يمكن طبخ الطعام بالتسبيح ؟
____________
(1) الدر المنثور ، ص 201 .
أي أنه إذا قال شخص ( سبحان الله ) يكون الطعام جاهزاً .
في سورة يونس المباركة ، جاءت كيفية تناول أهل الجنة للطعام هكذا :
( دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) (1) .
إن قوله : إن دعوى أهل الجنة هو التسبيح ماذ يعني ؟ هذه الكلمة تبين مسألتين ، الأولى : ان هؤلاء مدعون ويطلبون أمراً ، والثانية : أنهم يسبحون ( دعواهم فيها سبحانك اللهم ) . معنى الجملة الوسط واضح إلى حد ما ولكن ما هي الجملة الأولى والجملة الأخيرة ؟ وما هو التناسب الموجود بين الإدعاء والتسبيح والتحميد ؟
ما هو مسلم أن هؤلاء كائنات ممكنة ومحتاجة ، لذا يريدون غذاءً ، ولكن عندما يريد أهل الجنة طعاماً وفاكهة لا يقولون لشخص : هيىء لنا فاكهة ، أو يدخلون إلى البستان ويقطفون فاكهة ، بل إن ( دعواهم فيها سبحانك اللهم ) كل ما يريده هؤلاء يهيأ بالتسبيح ، إذا أرادوا ماء كوثر ، يقولون : ( سبحانك اللهم ) ، وإذا أرادوا فاكهة يقولون : ( سبحانك اللهم ) فيثبتون الدعوى بالتسبيح .
التناسب بين إثبات تلك الدعوى والتسبيح هو أنهم عندما يرون أنفسهم محتاجين إلى نعمة من النعم في الجنة ، يجدون ان الله تعالى منزه عن هذه الحاجة ، فلا يقولون : أعطنا فاكهة أو ماء ، بل يقولون : بأن الله منزه عن حاجة ، أي أنهم محتاجون . والله مبرأ من الحاجة إلى الفواكه والكوثر ، والأدب يقتضي ان يكون للإنسان هذا النوع من السلوك مع الكرماء ، فكيف
____________
(1) سورة يونس ، الآية : 10 .
بالسلوك مع الله الذي هو خالق الكرماء ، لا يقول : أنا محتاج ، أعطني بل أنت لا تريد ، أنت لست محتاجاً وهكذا يتكلم أهل الجنة أيضاً ( سبحانك اللهم ) أنت منزه عن أن تكون محتاجاً آنا ، أي اعطنا ، هذا بيان العلاقة بين الأدعاء والتسبيح .
أما الجملة الثالثة ـ العلاقة بين الادعاء والحمد ـ ( وآخر دعواهم أن الحمد لله ) أي بعد ذلك التسبيح ، عندما تلقوا أنعاماً من الله ، يبرزون في مقام الشكر ويقولون : ( الحمد لله رب العالمين ) ، الحمد بعد التسبيح ، التسبيح هو بمعنى الطلب تلويحاً وعندما استجيب للطلب وحصل هذا المحتاج على ما يحتاجه ، يأتي دور الشكر والحمد ، لذا يقولون : ( الحمد لله رب العالمين ) .
وتقول رابعة الشامية لزوجها : كل هذه المائدة ( فإنها ما نضجت إلا بالتسبيح ) ، قد لا يكون مقصودها أنها عندما كانت تذهب إلى المطبخ تسبح في لسانها وتقول في حال طبخ الغذاء ( سبحان الله ) . بل قد يكون مقصودها إن هذا الطعام طبخ بالتسبيح .
فالمرأة يمكن أن تحصل على مثل هذا المقام.
وهذه المرأة لها شعر تربوي أيضاً ، يقول زوجها : إن لها حالات متنوعة . كما أن أصحاب الرأي لهم أفكار متنوعة ، بسبب أن مقدمات متنوعة تظهر في أذهانهم ـ أصحاب القلوب أيضاً لهم انجازات متنوعة ، لأن واردات متنوعة تظهر في قلوبهم ، أحياناً واردة الحب ، وأحياناً واردة الخوف ، وأحياناً واردة الأمل ، ويقولون كلاماً مناسباً لكل واردة كان حب الله يرد عليها وتقول :
حبيـب ليـس يعــد لــه حبيـــب | * | ومــا لسـواه فـي قلبــي نصيـــب |
حبيـب غـاب عـن بصـري وشخصـي | * | ولكــن عــن فــؤادي مــا يغيــب |
حبيبي هو الذي ( لا تدركه الأبصار ) (1) أما « وقلبي بحبك متيماً »(2) فهو مستور عن العين لأنه منزه عن أن تراه العين ، ولكن له محل في القلب .
كانت أحياناُ تعيش حالة أنس بالله ، وتنظم فيه شعراً وتقول :
ولقـد جعلتـك فـي الفـؤاد محـدثـي | * | وأبحـت جسمـي مـن أراد جلـوســي |
فـالجسـم منـي للجليـس مـؤانـس | * | وحبيـب قلبــي فــي الفـؤاد أنيسـي |
وأحياناً تتغلب عليها حالة الخوف وتقول :
وزادي قليــل مــا أراه مبلغـــي | * | أللـزاد أبكـي أم لطــول مسـافتــي |
أتحـرقني بـالنـار يـا غـايـة المنى | * | فـأيـن رجائي فيـك ؟ أيـن مخـافتـي |
وهناك كلام لأمير المؤمنين عليه السلام في الأدعية حيث يقول :
« آه من قلة الزاد وطول الطريق وبعد السفر وعظيم المورد » (3) .
____________
(1) سورة الأنعام ، الآية : 103 .
(2) دعاء كميل .
(3) نهج البلاغة ، الفيض ، الحكمة 74 .
رابعة البصرية العدوية (1) :
هناك كلمات تربوية عن رابعة العدوية في هذا المجال ، فقال ذكر أنها كانت تبكي كثيراً ، وكانت تندهش عندما يرد كلام عن النار وكانت تقول : ( استغفارنا يحتاج إلى استغفار ) ، هذه هي المعرفة الرفيعة التي يقولها سيد الشهداء عليه السلام في دعاء عرفة :
( إلهي من كانت محاسنه مساوىء فكيف لا تكون مساوئه مساوىء ) (2) .
الشخص الذي يعرف محاسنه جيداً ، يتضح ـ بخياله ـ انه وصل إلى درجات رفيعة ، الشخص الذي يصلي ويتصور أنه عمل عملاً ، ولا يعلم أن كل هذا التوفيق هو ببركة اللطف الإلهي ، الشخص الذي يبكي ويستغفر ويتصور أنه عمل عملاً مهماً ، هذه هي ( محاسنه المساوىء ) ، حسنته سيئة ، فكيف بسيئته ؟ هذه المرأة تقول إن استغفارنا يحتاج إلى استغفار ، لأن هذا الاستغفار غير خالص أيضاً ، لم تكن تقبل من الناس شيئاً وكانت تقول ( مالي حاجة بالدنيا ) . عندما سمعت أن سفيان الثوري يقول : ( واحزناه ) إلى متى يجب أن نكون حزينين ؟ قالت ( واقلة حزناه ) . أنا أتألم لماذا ألمي قليل ، أنت تقول لماذا أصل الحزن ؟ أما أنا أقول لماذا قلة الحزن ؟
نقل عن هذه المرأة كلام تربوي آخر ، إذ قالت :
( اكتموا حسناتكم كما تكتمون سيئاتكم ) .
لأن إظهار الحسنة نقص عند الإنسان ، لأنها تظاهر .
____________
(1) الدر المنثور ، ص 202 ـ 203 .
(2) دعاء عرفة ، القسم الأخير .
قول أهل المعرفة : إن ظهور أولياء الله في العبودية أولى لهم من الظهور في الربوبية . إذا لم تقتض الضرورة فان أي ولي من أولياء الله لا يبين معجزة ، لأن الاعجاز هو ظهور الربوبية ، لذا يقول الذين وصلوا إلى المقصد : إن ظهور أولياء الله في العبودية ألذّ من ظهورهم في الربوبية ، ولو لم تقتض الضرورة لا يظهرون في الربوبية ، أي لا يأتون بمعجزة أبداً ، لأن المعجزة هي مظهر الربوبية .
( وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله ) (1) .
لو لم يك إذن الله لم يستطع أي رسول الاتيان بمعجزة وآية ، والمقصود من الاذن هنا هو الإذن التكويني أيضاً . ويشرع بـ ( كن فيكون ) التي يقولها الله ، وإلا فأي كائن سواء كان ملكاً أو إنساناً لا يستطيع أي عمل بالاستقلال . كل العالم يدار بأمر الله . وعندما يظهر اعجاز فهذه ربوبية الله تظهر في كسوة الإنسان الكامل ، وطبعاً انفضال الظاهر ، عن المظهر ، محفوظ ، ثم إن هذا هو مقام فعل لا مقام الذات . الفرض ان سيرة السالكين الواصلين هي ظهورهم في العبودية لا في الربوبية .
وأسند الشيخ شهاب الدين السهروردي في كتاب عوارف المعارف بيتين منسوبين إلى رابعة الشامية ، إلى رابعة العدوية وهذان البيتان عبارة عن :
إنــي جعلتــك فـي الفـؤاد محـدثـي | * | وأبحــت جسمـي مـن أراد جلـوســي |
فــالجســم منـي للجليـس مـؤانــس | * | وحبيــب قلبـي فـي الفـؤاد أنيســـي |
____________
(1) سورة الرعد ، الآية : 38 .
كثير من أولئك النساء كنّ يستيقظن طوال الليل ، بعضهن كانت تقول : رأيت في عالم الرؤيا آثار خيرها تصلني في أطباق نور ، كانت أحياناً تخاطب نفسها وتقول :
( يا نفسي كم تنامين وإلى كم تنامين يوشك أن تنامي نومة لا تقومين منها إلا لصرخة يوم النشور ) كما كانت تقول :
( إلهي ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنتك بل حباً لك وقصداً للقاء وجهك ) .
هذا الكلام المنسوب إلى الأولياء يتأسى بهم تلاميذهم ، كما نظمت الأبيات التالية :
أحبــك حبيــن حــــب الهـــوى | * | وحبـــا لأنـــك أهـــل لـــذاك |
فــأمـا الــذي هــو حـب الهــوى | * | فشغلــي بــذكــرك عمّــن ســواك |
وأمــا الــذي أنـــت أهـــل لــه | * | فكشفــك لــي الحجــب حتــى أراك |
فــلا الحمــد فــي ذا ولا ذاك لـــي | * | ولكــن لــك الحمــد فـــي ذا وذاك |
رابعة بنت إسماعيل :
في شرح حياة هذه المرأة (1) ورد أنها كانت تقول : ( رأيت أهل الجنة يذهبون ويجيئون وربما رأيت الحور العين يستترن مني بأكمامهن ) . وكما أن
____________
(1) الدر المنثور ، ص 203 .
الرجال يصلون أحياناً إلى محل يسترون أنفسهم عن الأئمة عليهم السلام كذلك بعض الملائكة يصلون أحياناً إلى محل يسترون أنفسهم عن أولياء الله من الرجال . كما أن النساء يصلن أحياناً إلى محل تستتر الحور العين عنهن . ولكن هل يختفين أم يصبحن تحت شعاع نورهن ؟
إن ما ورد في الرواية من أن الشخص الذي يتوضأ يخلق ملك بماء وضوئه ، أي يصبح بعملهم الصالح ( كن فيكون ) وإلا فالملائكة لا هي من النار ولا من الطين ، يخلقون بالصلاة . مثل نهر عسل الجنة الذي يخلق بالعمل الصالح .
( وانهارٌ من عسل مصفى ) (1) .
عسل الجنة ليس من النحل ، بل يخلق بالصوم والصلاة . كما أن حور الجنة ليست مثل الإنسان حتى تكون ( خالق بشراً من طين ) (2) ، وليست مثل الجن ، حتى تكون ( والجان خلقته من قبل من نار السموم ) (3) ، بل هي تخلق بالصلاة ، بالعبادة والإطاعة . بناء على هذا إذا كان الملك كائن يخلق بالصلاة ، والمصلي أعلى من الصلاة لأن :
( فاعل الخير خير منه ) (4) .
فالنساء من أهل الجنة أعلى من الحور ، وهذا هو الموقع الواقعي للمرأة ، وإذا توهم شخص أن بعض القيود التنفيذية لا تسمح بأن تصل المرأة إلى هذه المواقع العميقة ، فهذا توهم باطل .
____________
(1) سورة محمد ، الآية : 15 .
(2) سورة ص ، الآية : 71 .
(3) سورة الحجر ، الآية : 27 .
(4) نهج البلاغة ، الفيض . الحكمة 31 .
الخلاصة هي أن الطريق مفتوح للرجل والمرأة بالتساوي وليس هناك أي فرق بينهما في مجال سير الكمالات .
من هم الأبدال والأوتاد ؟
لذا عندما سئل عارف : كم عدد ( الأبدال ) ؟ قال : ( أربعون نفساً ) ، وسئل لماذا لم تقل ( أربعون رجلاً ) ، وقلت : أربعون نفساً ؟ أجاب : ليس جميع هؤلاء رجال ، بل توحيد بينهم نساء ، هذا أولاً ، وثانياً : إن الشخص الذي ينال مقال الأبدال هو إنسان والإنسانية لا تختص بالمرأة أو الرجل (1) .
الأبدال ، في الاصطلاح . هم سالكون ليسوا تحت تدبير شخص معين . ويذكرون بوصفهم ( مفِرد ) أو ( مفرَد ) ، حيث انهم يقطعون الطريق لوحدهم ، وان هو صعب ولكنه قابل للمسير فيه ، ورغم أن سير الإنسان تحت نظر مدير ومدبر يكون أكثر ، ولكن يمكنه قطع هذا الطريق وحيداً .
هناك مجاميع كثيرة لكل منها اسم خاص ، ولكن هذا السؤال والجواب طرح بشأن ( الابدال ) خاصة ، ولذا قال ذلك العارف في الجواب ( أربعون نفساً ) ولو طرح سؤال كم عدد الاقطاب والأوتاد ؟ يمكن أن يقال في الجواب ( أربعون نفساً ) . أي أن الذي يصل إلى هذه المقامات ليس ( رجلاً ) ، بل هو ( إنسان ) والإنسانية ليست امرأة ولا رجلاً .
وعلى أساس هذه النكتة قيل :
( ولو كـان الرجـال كمـن ذكـرنــا | * | لفضلــت النســاء علـى الـرجــال |
فـلا التـأنيـت لاسـم الشمـس عيـب | * | ولا التــذكيــر فخــر للهــلال ) (2) |
____________
(1) تفسير روح البيان ذيل الآية : 42 من سورة آل عمران ج 2 ، ص 34 .
(2) تفسير روح البيان ذيل الآية : 42 من سورة آل عمران ج 2 ، ص 34 .
على أية حال هناك نماذج كثيرة إذا ذكرت سوف يتضح ويتبين كم كان ميزان دور المراة في صدر الإسلام بالمقارنة مع الرجل ، وفي البحوث القادمة سنذكر إن شاء الله تعالى أنه كانت هناك في طول التاريخ نساء بمستوى أويس القرني ولكن بسبب أنهن لم يطرحن بقين مجهولات .
قضية الفضيل بن عياض الذي اشتهر في التاريخ وتذكره العارفون ، وتطرح قصته في ذيل الآية الشريفة :
( ألم يأن للذين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله ) .
هي من الحوادث العرفانية الرفيعة ، وقد وقعت حادثة تشبهها لامرأة عارفة كانت لها سابقة فنية ، حيث قيل : إن مولاها أرسلها إلى المستشفى بسبب شدة الحيرة و ... لأنه رأى انها كانت تقول : شعراً رفيعاً بشأن المحبوب يحير العقلاء ، احتار الجميع في من هو ذلك المحبوب ؟ ولم يفهم مولاها من أثر سوء ظن من هو محبوب هذه المرأة الذي تقول من أجله هذا الشعر وتبكي وتضج . وعندما ذهب بعض العارفين في ذلك العصر للالتقاء بها فهموا أن هذه المرأة وصلت إلى مقام بحيث لا ترى إلا الله ، وتنظم هذا الشعر الأدبي الرفيع في فراقه ، وفي النتيجة أخرجوها من المستشفى وفهموا أن طريق القلب ، لا يختص بالعارفين الرجال ، فالنساء إذ لم يكن كالرجال في هذا الطريق فإنهن في نفس اتجاههم وكفؤهم .
المرأة في البرهان
أشير في بداية البحث إلى ان تنظيم البحوث يقع في ثلاثة فصول ، الفصل الاول : بنظر القرآن ، الفصل الثاني : بنظر العرفان ، الفصل الثالث : بنظر البرهان ، ورغم أن البرهان والعرفان مدينان للقرآن ويستعينان به ، ولكن طريقة تنظيم البحث بالاستفادة من المصطلحات أدت إلى طرح البحوث في ثلاثة فصول .
عدم الفرق بين المرأة والرجل بنظر البرهان (1) :
من حيث المسائل العقلية ليس هناك فرق بين المرأة والرجل في أصل الكمال ، طبعاً يمكن ان لا تنال المرأة القمة التي وصلها رجل مثل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولكن هناك رجال كثيرون حتى أنبياء ومرسلون وأولياء وأوصياء كثيرون لم يصلوا ذلك المقام أيضاً ، هذا ليس لأن المرأة لكونها امرأة لا تصل إلى ذلك المقام ، بل من أجل أن ذلك المقام يكون من نصيب قليل من الناس الكاملين ، لذا لم يصل كثير من الرجال إلى تلك الدرجة ، بناء على
____________
(1) إلهيات الشّفاء ، المقالة الخامسة ، الفصل الرابع . وان بعض المطالب الواردة في المقالة العاشرة ، الفصل الرابع ، قابلة للتوجيه .
هذا فانه باستنثاء مقام الإنسان الكامل الذي هو أمر منفصل ، ليس هناك فرق بين المرأة والرجل في الكمالات المترقبة (1) .
الذكورة والأنوثة ليست فصلاً مقوّما :
دليل هذه المسألة حسب ما ورد في الكتب العقلية ، وكما ذكره ابن سينا في الشفاء وذكره تلميذه بهنميار في التحصيل ، هو أنهم يعتبرون الناطق فصلاً في الكتب العقلية من حيث كشف الحد ومعرفة الرسم ومعرفة الذاتي والعرضي ، طبعاً ليس فصلاً منطقياً بل من لوازم الفصل ، كما أن المقصود من الناطق ليس النطق الظاهري ولا النطق الباطني ، بل المقصود هي النفس الناطقة ، وهذا النطق يشتق من النفس الناطقة ، يعتبرون الناطق فصلاً مقوماً الإنسان ، أما الأنوثة والذكورة فيعتبرونهما مصنفاً ، وليس مقوماً ، ولذا حين يقسمون الفصول إلى فصل قريب واقرب ، بعيد وأبعد ليس هناك كلام عن الذكورة والأنوثة ، الكلام هو عن الناطق والصاهل والخائر و .. الذي يتوع الحيوانات ، على هذا ، عندما تكمل الذات ، أي إنسانية الإنسان ويصل إلى نصابه عند ذلك تطرح مسألة الذكورة والأنوثة ، وتشخيص الذاتي والعرضي وعلاماتهما يحصل عن هذا الطريق . هذا قسم من البحث تتولاه الكتب العقلية .
عدم تأثير الذكورة والأنوثة في فعلية الإنسان :
وقسم آخر من البحث ذكر في الفرق بين الجنس والمادة ، قيل : إن الذكورة والأنوثة تعودان إلى المادة لا إلى الصورة ، ولأن صورة كل شيء تشكل شيئيته فالذكورة والأنوثة للأشياء ليست دخيلة في فعلية وشيئية الأشياء وتوضيح المسألة هو أنه إذا أردنا معرفة كائن بفعليته ، فان صورته
____________
(1) التحصيل ، المقالة الرابعة ، الفصل الرابع .
تبين فعليته وتبين لنا حقيقته ، ولكن لأن مادته مشتركة ويمكن ان تظهر بصورة أخرى أيضاً . فهي ليست علامة حقيقته ، التراب هو مادة لصور متنوعة ، يمكن ان يظهر بصورة شجرة أو بصورة معدن أو فواكه متنوعة أو حبوب وأحجار مختلفة أو بصورة إنسان أو حيوانات ، وما لم تظهر في صورة من الصور لا تحصل على فعلية خاصة ، وليس المقصود من الصورة هو الهيكل لأن ذلك عرضي بل المقصود هي الفعلية الجوهرية التي تؤمن حقيقة الشيء وتعود إلى كيفية وجوده من ناحية .
يقول أهل الحكمة : ان الذكورة والأنوثة هي من شؤون مادة الشيء وليس من شؤون صورته ، أي ليس لها دور في قسم الصورة والفعلية ، ولها دور في قسم المادة فقط ، عندما يذكرون الفرق بين الجنس والمادة . يقولون : إن المادة لها أصناف ، بعض تلك الأصناف مذكر وبعضها مؤنث ، وعلامة الذكورة والأنوثة تعود إلى المادة وليس الصورة ، لهذا لا يختص هذان الصنفان بالإنسان ، بل يوجدان في الحيوان أيضاً وكذلك في النباتات . والشيء الذي تتمتع به الكائنات التي هي أقل من الإنسان واضح انه لا يعود إلى صورة إنسانية ؛ لأنه لو كان يعود إلى صورة الإنسان لما كان يتمتع به الكائن الذي هو أقل من الإنسان . قبل مرتبة الإنسانية هناك مرتبة الحيوانية التي لها ذكورة وأنوثة أيضاً وقبل الحيوانية هناك مرتبة النباتية التي تطرح فيها مرتبة الذكورة والأنوثة أيضاً ، لو كانت الذكورة والأنوثة تدخل في قسم الصورة وجزء من فعلية الإنسان لما كانت توجد في كائنات أقل من مستوى الإنسان ، ولانها توجد في مستوى أقل من الإنسان ، يتضح أنها مرتبطة بمادته وليس بصورته ـ.
كما ان الحيوانات إذا أرادت ان يكون لها كمالات فان كمال الحيوانات ليس في ذكورتها وأنوثتها ، كل حيوان له نفس وكمالاته متعلقة
بها إن ذكورة أو أنوثة الحيوان يمكن أن يكون لها تأثير في قواه البدنية ، ولكن هذه القوى البدنية ليست كمالات حيوانية .الكمالات الحيوانية هي في الأوصاف والخلقيات الخاصة بنفس الحيوان ، والأنوثة والذكورة موجودة في كائنات أقل من الحيوان ، لأنها تعود إلى المادة ، أي أنها موجودة في درجة النباتات أيضاً . جاء في القرآن :
( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ) (1) .
كان هذان نموذجين من المسائل العقلية . ولكن لأن القرآن الكريم هو جذر هذه المعارف يجب أن يؤيدها . حين يمدح القرآن الكريم الروح ويعرفها ، يقول بانها من أمر الله ويسندها إلى الله ، والشيء الذي له إضافة تشريعية إلى الله وهو من عالم الحق ، ومفصول عن عالم الخلق ، وهو نشأة أخرى ، يكون منزهاً عن الذكورة والأنوثة .
خلق الأرواح قبل الأجساد :
في بداية الفصل كان البحث في ان الذكورة والأنوثة تعود إلى المادة لا إلى الصورة وهي جزء من المصنفات وليس المقومات ، الآن سيثبت بالشواهد القرآنية ان الروح لا هي مذكر ولا هي مؤنث كما مر بالتفصيل في البحوث القرآنية .
الآيات القرآنية التي تتكلم عن روح الإنسان عدة طوائف ، بعض الآيات تبين ان الروح كانت موجودة ثم تعلقت بالبدن ، مثل الآيات التي وردت في خلق آدم أبي البشر عليه السلام . قال تعالى :
( إني خالق بشراً من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له
____________
(1) سورة الذّاريات ، الآية : 49 .
ساجدين ) (1) .
هذا دليل على أن الروح كانت موجودة سابقاً وبعد أن وصل البدن إلى نصابه الخاص تعلقت تلك الروح بهذا البدن ـ طبعاً هناك كلام كثير في تعلق موجود مجرد مادي ، وحدوث نوع حقيقي ، وحسب تعبير المرحوم صدر المتألهين إن هذه المسألة هي من أصعب المسائل الفلسفية في كيف ينسجم موجود مجرد وموجود مادي وينتج نوع حقيقي ـ فقسم من الآيات القرآنية تدل على أن الروح كانت موجودة سابقاً ثم تعلقت بالبدن وحصلت على إضافة وإفاضة إشراقية ، والروايات التي وردت في هذا المجال من أنه :
( خلق الله الأرواح قبل الأجساد بألفي عام ) (2) .
تؤيد هذا القسم من الآيات .
الروح جسمانية الحدوث :
وهناك طائفة أخرى من الآيات تبين أن الروح تظهر من نشأة الطبيعة والبدن وتنهض أي أن هذا الموجود المادي الذي عبر مراحل وأطواراً يصل إلى مرحلة الروح ، وهذه الطائفة من الآيات تؤيد كون الروح جمسانية الحدوث وروحانية البقاء . في سورة المؤمنون يقول تعالى :
( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم * أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ) (3) .
أي ان الله تعالى بدل ذلك الموجود إلى شيء آخر ، فقوله ( ثم أنشأناه
____________
(1) سورة ص ، الآيتين : 71 ـ 72 .
(2) بحار الأنوار ، ج 61 ، ص 132 .
(3) سورة المؤمنون ، الآيات : 12 ـ 14 .
خلقاً آخر ) أي ليس من سنخ السابقين ، ليس من سنخ التحولات المادية وتطورات المادة وإلا لما قال : ( خلقاً آخر ) لو كان أمراً مادياً ولو كان قابلاً للشرح والتبيين ، ولو كان في متناول العلوم التجريبية لما قال ( ثم أنشأناه خلقاً آخر ) أي أوجدنا شيئاً آخر ( فتبارك الله أحسن الخالقين ) (1) .
في التفسير الترتيبي أشير ضمن البحث إلى ان الآية المباركة ( فتبارك الله أحسن الخالقين ) هي من الآيات القرآنية المليئة بالمضمون ؛ لأن الإنسان هو ( أحسن المخلوقين ) ، فالله تعالى هو ( أحسن الخالقين ) . بعد خلق هذه المجموعة قال الله سبحانه : إنه أحسن الخالقين . عندما نحلل نرى أن الإنسان له بدن مرّ بمراحل تطور مرت بها حيوانات أخرى ، إي إذا كان الكلام هو عن النطفة والعلقة والمضغة والعظام و ( فكسونا العظام لحماً ) وتكون الجنين ، فهذه المراحل موجودة لدى الحيوانات الأخرى أيضاً ، في حين أن الله تعالى لم يقل بشأنها ( فتبارك الله أحسن الخالقين ) . وإذا فالكلام هو عن الروح ، فالملائكة لديهم الروح في كمال العصمة والطهارة ، ولكن لم يقل بعد خلق الملائكة ( فتبارك الله أحسن الخالقين ) ، إذن كون الله تعالى أحسن الخالقين الذي يستلزم كون عمل الله لأحسن المخلوقين لا يتعلق ببدن الإنسان ولا يتعلق بروحه ، لأن هذه التطورات البدنية في الإنسان لدى الحيوانات الأخرى أيضاً ، والروح المجردة في الإنسان تتمتع الملائكة بها أيضاً . ما هو مهم هو أن يهبط ذلك الموجود المجرد بدون تجافي وينسجم معه هذا الموجود المادي ويصبح الاثنان معجوناً واحداً باسم ( الإنسان ) . وهذا الإنسان بتمتعه بالعقل والعلم وتعرضه لهذه العقبات وقطاع الطريق الكثيرين التي تنشأ من نشأة ( التراب ) و ( الطين ) و ( حمأ مسنون ) و ( طين لازب ) و ( صلصال كالفخار ) يعبر هذه العقبات الصعاب ويصبح
____________
(1) سورة المؤمنون ، الآية : 14 .
معلم الملائكة ، هذا الإنسان هو أحسن المخلوقين ويعمل عملاً لا يستطيعه أي مخلوق ، لذا يقول الله تعالى بعد خلق مثل هذا المخلوق : ( فتبارك الله أحسن الخالقين ) .
طبعاً الناس الذين لديهم إخلاد إلى الأرض مع امتلاك هذه الثروات الثمينة ، أولئك ( كالأنعام بل هم أضل ) (1) . والله تعالى لم يمدح نفسه بوصفه ( أحسن الخالقين ) من أجل خلق أولئك ، كما ان الذين لهم قلوب ( كالحجارة أو أشد قسوة ) (2) ، لم يقل بشأن خلقهم ( فتبارك الله أحسن الخالقين ) بل أولئك الذي هم مصداق ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ) (3) يتمتعون بهذه المزايا .
ان الآية المباركة من سورة المؤمنون تبين ان الروح نهضت من نشأة الطبيعة ، لأن الله تعالى قال إنه أخرج هذا الإنسان وهذا الجنين إلى خلق آخر ، وأعطاه صورة أخرى ، وطبعاً كل تطور يتطلب محركاً ، وكل حركة لها محرك ، وليس ممكناً أن يكمل الشيء الناقص بشكل تلقائي ، نفس الحركة هي كمال أول والهدف كمال ثانٍ ، فلو أراد موجود ناقص أن يتحرك فانه يتطلب محركاً ، وإذا أراد ان ينال هدفاً يتطلب مبدأ غائياً خاصاً يعطيه هذا الكمال .
حدوث الروح بعد خلق الجسم :
في سورة آل عمران المباركة ورد شبيه لهذا التعبير ، أي أن التعبير الموجود في سورة المؤمنون يتعلق حسب الظاهر بنسل آدم ، ولكن في سورة آل عمران ورد شبيه هذا التعبير في مسألة آدم نفسه ، أي ان آدم وابناءه
____________
(1) سورة الأعراف ، الآية : 179 .
(2) سورة البقرة ، الآية : 74 .
(3) سورة ق ، الآية : 37 .
متساوون في هذه الناحية ، حيث تتكامل في البداية مراحل بناء أبدانهم ، ثم تتبدل تلك المرحلة إلى مرحلة الروحانية . قال تعالى :
( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كم فيكون ) (1) .
الافراطيون والتفريطيون لديهم رأيان متضادان بشأن المسيح عليه السلام ، وهذه الآية يمكن ان تكون جواباً عليهما رغم ان شأن نزولها هو الرد على الإفراطيين ، الذي قالوا بالألوهية أو التثليث أو أنه ابن الله ، وقد أجاب الله بالجدال الأحسن حيث ذكر تعالى ان العمل الذي قام به بشأن آدم لم يقم به في شأن عيسى لأن عيسى كانت له أم ، ولكن آدم عليه السلام لم تكن له أم ولا أب . فلماذا لم يقولوا كلاماً فارغاً بشأن آدم عليه السلام ، ولم يقولوا انه ابن الله ، وقالوه بشأن المسيح ؟
( ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ) .
أي أن خلق آدم كان في مرحلتين ، مرحلة تعود إلى التراب ، ومرحلة إلى ( كن فيكون ) ، المرحلة التي تعود إلى التراب يمكن ان تكون ذات زمان ـ طويل المدة أو قصير المدة ـ أما بعد التحول والتطور إلى مقام الروحانية التي هي مرحلة التجرد ، عند ذلك ليس للزمان دور في ذلك فليست ذات زمان ، وتسمى هذه المرحلة بـ ( كن فيكون ) . قال تعالى : إنه خلق آدم من تراب ، أي أن بناء بدنه شرع من التراب ، ثم قال لأدم ( كن فيكون ) أي ان التعبير ( كن فيكون ) هو حين إفاضة الروح ، هذا التعبير يفسره ما ورد في نهج البلاغة من ان كلام الله ليس حروفاً :
____________
(1) سورة آل عمران ، الآية : 59 .
( يقول لمن أراد كونه ، كن ، فيكون ، لا بصوت يقرع ولا بنداء يسمع وإنما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه ومثله ) (1) كلام الله فعل ، لذا جميع العالم الذي هو عمل الله ، هو كلمات إلهية ، عندما يريد الله تعالى أن يأمر السحاب بالمطر يمطرها ، لا ان يقول : أمطري ، كلمة ( كن فيكون ) ، هي عبارة عن ( الايجاد والوجود ) .
على أساس هذا الكلام ، فان الروح رغم انها حسب ظاهر الآيات من القسم الثاني ، وأن لها سابقة مادية ، ولكن في الدهليز الانتقالي من نشأة المادة إلى التجرد تبعد عنها العلامات المادية ، وعندما لا تكون معها علامات مادية ، عند ذلك لا مجال للكلام عن الذكورة والأنوثة ، يمكن ان يكون البدن مذكراً أو مؤنثاً ، من أجل الوصول إلى نصابه ، ولكن عندما يصل في ظل الحركة الجوهرية إلى مقام الدخول إلى مرحلة الوجود الرفيعة ـ طبعاً بنحو التجلي وليس بنحو التجافي ـ عند ذلك ليس الكلام عن الذكورة والأنوثة ، رغم ان إدراك انخفاض الروح إلى عالم الطبيعة والانسجام مع الموجود الطبيعي من جهة وارتقاء هذه المجموعة إلى مقام ( النفس ) ليس أمراً سهلاً .
الحركة الجوهرية وعلاقة الروح بالبدن :
إن مسألة الوجود وارتباط هذه الدرجات والحركة الجوهرية وان جوهر الذات يتحرك في مسير هذه الوجودات . يمكن أن يبيّن إلى حد ما مسألة جسمانية حدوث الروح وروحانية بقائها ، حيث ورد في قسم من روايات المعاد أنه بنزول المطر يذهب البدن إلى الروح ، وقد كان لدى بعض علماء الحكمة قاعدة خاصة في طرح مسألة المعاد الجسماني استناداً لذلك
____________
(1) نهج البلاغة ، الخطبة 186 .
الحديث .
على أي حال بالنظر لأن للوجود درجات ، وهذه الدرجات تكون بلا طفرة وبعض الدرجات مادية ، وبعضها برزخية ، وبعضها مجردة تامة ، والحركة هي في متن هذا الوجود ، أي في متن الوجود وليس الماهية ، على هذا فالشيء الذي يريد الوصلول من مرحلة المادة إلى مرحلة الروحانية والتجرد ، يجب أن يسير في مسير الوجود بالتدقيق في هذا المعنى قد يمكن تعقل مسألة ( ثم أنشأناه خلقاً آخر ) بمقدار أسهل . في هذه الآية لم يقل تعالى إنه أعطاه شيئاً آخر ، قال : إنه أبدله إلى شيء آخر . هذا التعبير في شأن آدم وكذلك في شأن نسل آدم في هذا التبديل الجديد ، ليس الكلام على الذكورة والانوثة ، لأنه إذا كان هذا الانتقال بنحو التجافي أو شبيهاً بالتبدلات الفسادية والمادية ، لكان يمكن القول : بالنظر لأن هذا البدن خلق هكذا ثم أصبح بصورة مجردة ، فان روح المرأة والرجل تختلف قطعاً ، ولكن ليس الأمر هكذا ، الكلام ليس عن حركة مادية وزمانية ، كما أن الكلام ليس عن حركة كمية وكيفية ، وأن بدن ( المرأة ) يتحرك ويصل إلى مقام الروح . وبدن ( الرجل ) يتحرك ويصل إلى مقام الروح . ( الذكورة والأنوثة ) في حركة ، بل إن جوهر وجود هذا الشيء الذي لديه طريق فيث متن هذه الحركة ، وجوهر الوجود ليس مذكراً ولا مؤنثاً ، متحرك وجود هذا الشيء ليس مادته ولا صورته ولا أوصافه ولا مسائله الماهوية وأوصافه وعوارضه ، وجوهر الشيء لا مذكر ولا مؤنث بناء على هذا لا يكون هناك فرق بين المرأة والرجل في مرحلة ( ثم انشأناه خلقاً آخر ) .
الروح ، كل حقيقة الإنسان :
إذا كانت مسألة الذكورة والأنوثة ذكرت جزء من الصنف في الكتب العقلية ـ وليس فصلاً ـ وربطوها بحريم المادة ـ لا بحدود الصورة ـ يمكن