مسألة 932 : من المعلوم ان الزبيب ليس له عصير في نفسه، فالمقصود بعصيره ما اكتسب منه الحلاوة إمّا بان يدق ويخلط بالماء وأما بأن ينقع في الماء ويمكث الى أن يكتسب حلاوته بحيث يصير في الحلاوة بمثابة عصير العنب، وأما بأن يمرس ويعصر بعد النقع فتستخرج عصارته، وأما إذا كان الزبيب على حاله وحصل في جوفه ماء فالظاهر ان ما فيه ليس من عصيره فلايحرم بالغليان ولو قلنا بحرمة عصيره المغلي، وعلى هذا فلا اشكال في وضع الزبيب في المطبوخات مثل المرق والمحشي والطبيخ وان دخل فيه ماء وغلى فضلاً عما إذا شك فيه.
مسألة 933 : عصير العنب المغلي ـ إذا لم يصر مسكراً بالغليان ـ تزول حرمته بذهاب ثلثيه بحسب الكم لا بحسب الثقل، ولا فرق بين ان يكون الذهاب بالنار أو ما يلحق بها كالاسلاك المحماة بالكهرباء او بالاشعة أو بالشمس أو بالهواء على الاقوى، واما مع صيرورته مسكراً بالغليان ـ كما ربما يدعى ذلك فيما إذا غلى بنفسه ـ فلا تزول حرمته إلاّ بالتخليل ولا أثر فيه لذهاب الثلثين، وهكذا الحكم في العصير التمري والزبيبي اذا صارا مسكرين.
مسألة 934 : اذا صار العصير المغلي دبساً قبل أن يذهب ثلثاه لا يكفى ذلك في حليته على الاحوط لزوماً.
مسألة 935 : إذا اختلط العصير بالماء ثم غلى يكفي في حليته ذهاب
( 306 )
ثلثي المجموع، فلو صبّ عشرين رطلاً من ماء في عشرة أرطال من عصير العنب ثم طبخه حتى ذهب منه عشرون وبقي عشرة فهو حلال، وبهذه الطريقة يمكن طبخ بعض اقسام العصير مما لا يمكن لغلظه ان يطبخ على الثلث لانه يحترق ويفسد قبل أن يذهب ثلثاه، فيصب فيه الماء بمقداره أو أقل منه أو أكثر ثم يطبخ الى أن يذهب الثلثان.
مسألة 936 : لو صب على العصير المغلي قبل ان يذهب ثلثاه مقدار من العصير غير المغلي وجب ذهاب ثلثي مجموع ما بقي من الاول مع ما صبّ ثانياً، ولا يحسب ما ذهب من الاول أولاً، فإذا كان في القدر تسعة أكواب من العصير فغلى حتى ذهب منه ثلاثة وبقي ستة ثم صب عليه تسعة أكواب اُخر فصار خمسة عشر يجب أن يغلي حتى يذهب عشرة ولا يكفي ذهاب تسعة وبقاء ستة.
مسألة 937 : إذا صبّ العصير المغلي قبل ذهاب ثلثيه في عصير آخر قد غلى ولم يذهب ثلثاه ايضاً فان تساويا في المقدار الذاهب كما لو كان الذاهب من كل منهما ثلثه كفى في الحلية ذهاب البقية من المجموع وهي نصفه في المثال. واما مع عدم تساويهما في ذلك كما لو كان الذاهب من احدهما نصفه ومن الآخر سدسه فلابد لحلّية المجموع من ان يذهب منه بنسبة ما كان يلزم ذهابه من العصير الثاني ـ الذي كان المقدار الذاهب منه أقل ـ الى المقدار الباقي منه وهي ثلاثة أخماسه في المثال.
مسألة 938 : لا بأس بان يطرح في العصير قبل ذهاب الثلثين مثل السفرجل والتفاح وغيرهما ويطبخ فيه، ولكن لا يحل المطروح بذهاب ثلثي ما في الاِناء من العصير، بل لابد من ذهاب ثلثي ما جذبه الى جوفه
( 307 )
منه، فما لم يحرز ذلك لم يحكم بحليته.
مسألة 939 : يثبت ذهاب الثلثين من العصير المغلي بالعلم وبالبينة وباخبار ذي اليد المسلم اذا لم يكن ممّن يشربه قبل ذهاب ثلثيه، وفي ثبوته باخبار العدل الواحد اشكال إلاّ إذا اورث الاطمينان بصدقه.
مسألة 940 : لا يحرم شيء من الربوب ـ أي ما يخثر من عصير الثمار ـ كرب الرمان والتفاح وان شم منه رائحة المسكر.
مسألة 941 : يحرم تناول مال الغير من دون رضاه وان كان كافراً محترم المال، وقد ورد: (ان من اكل من طعام لم يدع إليه فكأنما أكل قطعة من النار).
مسألة 942 : يجوز أن يأكل الانسان ـ ولو مع عدم الضرورة ـ من بيوت من تضمنته الآية الشريفة في سورة النور، وهم: الاباء والامهات والاخوان والاخوات، والاعمام والعمات، والاخوال والخالات، وكذا يجوز لمن كان وكيلاً على بيت أحد مفوضاً إليه اُموره وحفظه بما فيه أن يأكل من بيت موكله، وهو المراد من (ما ملكتم مفاتحه) المذكور فـي تلك الآيـة الشريفة، وكذا يجوز ان يأكل الصديق من بيت صديقه، وكذا الزوجة من بيت زوجها، والاب والام من بيت الولد.
وانما يجوز الاَكل من تلك البيوت إذا لم يعلم كراهة صاحب البيت، فيكون امتيازها عن غيرها بعدم توقف جواز الاكل منها على احراز رضا وطيب نفس صاحبها، فيجوز مع الشك بل ومع الظن بالعدم أيضاً على الاقوى بخلاف غيرها.
والاَحوط اختصاص الحكم بما يعتاد اكله من الخبز والتمر والادام
( 308 )
والفواكه والبقول ونحوها دون نفائس الاطعمة التي تدخر غالباً لمواقع الحاجة وللاضياف ذوي الشرف والعزة.
والظاهر شمول الحكم لغير المأكول من المشروبات المتعارفة من الماء واللبن المخيض واللبن الحليب وغيرها.
نعم لا يتعدى الى بيوت غيرهم، ولا الى غير بيوتهم كدكاكينهم وبساتينهم، كما انه يقتصر على ما في البيت من المأكول، فلا يتعدى الى ما يشترى من الخارج بثمن يؤخذ من البيت.
مسألة 943 : يباح تناول المحرّمات المتقدمة في موارد الاضطرار، كتوقف حفظ نفسه وسدّ رمقه عليه، أو عروض المرض الشديد الذي لا يتحمل عادة بتركه، أو اداء تركه الى لحوق الضعف الشديد المفرط المؤدى الى التلف او الى المرض بالحد المتقدم أو الموجب للتخلف عن الرفقة مع ظهور امارة العطب، ومنها ما إذا خيف بتركه على نفس اخرى محترمة كالحامل تخاف على جنينها والمرضعة على طفلها، بل ومن الاضطرار خوف طول المرض الشديد الذي لا يتحمل عادة أو عسر علاجه بترك التناول، والمدار في الكل على الخوف الحاصل من العلم والظن بالترتب أو الاحتمال المعتد به عند العقلاء ولو لاجل أهمية محتمله.
مسألة 944 : انما يباح تناول المحرمات المتقدمة لمن اضطر إليه قهراً لا بسوء اختياره فان الاضطرار بالاختيار لا يكون محلِّلا للمحرمات إلاّ مع تعقبه بالتوبة، وأما مع عدمه فلا اثر للاضطرار في رفع الحرمة، نعم إذا دار الامر حينئذ بين تناول المحرّم ومخالفة حكم الزامي اهم ـ كوجوب حفظ النفس ـ لزم عقلاً اختيار الاول لكونه أخف عقوبة، وفي حكم المضطر
( 309 )
ـ بسوء الاختيار ـ في عدم حلية المضطر إليه له مع عدم التوبة ـ من اضطر اتفاقاً الى تناول المحرّم في حال كونه محارباً للاِمام عليه السلام وباغياً عليه أو عادياً وقاطعاً للطريق، فانه إذا لم يتب ويرجع عن بغيه وعدوانه لا يحل له شرعاً تناول المحرم، بل يلزمه عقلاً عدم تناوله وان ادى ذلك الى هلاكه.
مسألة 945 : كما يباح تناول المحرمات المذكورة في حال الاضطرار كذلك يباح تناولها في حال الاكراه والتقية عمن يخاف منه على نفسه أو عرضه أو ماله المعتد به، أو على نفس محترمة، أو عرض محترم أو مال محترم يكون ترك حفظه حرجياً عليه بحدّ لا يتحمل عادة، أو عرض محترم يجب حفظه فيما اذا كان وجوب حفظه اهم من حرمة تناول المحرم أو مساوياً لها.
مسألة 946 : في كل مورد يتوقف فيه انقاذ النفس من الهلاك أو ما يدانيه على تناول شيء من المحرمات المتقدمة يجب التناول فلا يجوز له التنزه والحال هذه، ولا فرق في ذلك بين الخمر والطين وسائر المحرمات على الاقوى، فاذا اصابه عطش حتى خاف علىنفسه فاصاب خمراً جاز بل وجب شربها، وكذا إذا اضطر إلى أكل الطين لانقاذ نفسه من الهلاك.
مسألة 947 : انما يباح بالاضطرار خصوص المقدار المضطر إليه فلا يجوز الزيادة عليه، فإذا اضطر الى أكل الميتة لسد رمقه لزمه الاقتصار على القليل الذي يسدّ به رمقه ولا يجوز له أن يأكل حدّ الشبع إلاّ إذا فرض ان اضطراره لا يرتفع إلاّ بالشبع.
مسألة 948 : يجوز التداوي لمعالجة الامراض الشديدة التي لا تتحمل عادة بتناول المحرمات المتقدمة إذا انحصر العلاج بها فيما بايدي الاطباء من وسائل المعالجة وطرقها، والظاهر أنه لا فرق في ذلك بين
( 310 )
الخمر ونحوها من المسكرات وبين سائر انواع المحرمات، نعم لا يخفى شدة أمر الخمر فلا يبادر المريض الى تناولها والمعالجة بها إلاّ إذا رأى من نفسه الهلاك أو ما يدانيه لو ترك التداوي بها ولو من جهة توافق جمع من الحذّاق واولي الديانة والدراية من الاطباء، وإلاّ فليصبر على المشقة فلعل الباري تعالى شأنه يعافيه لما رأى منه التحفظ على دينه.
مسألة 949 : إذا اضطر الى تناول مال الغير بغير رضاه لحفظ نفسه من الهلاك أو ما يدانيه، أو لحفظ عرضه من الاعتداء عليه، جاز له ذلك. وقد تقدم شطر من أحكامه في المسألة (461) وما بعدها.
مسألة 950 : يحرم الاَكل من مائدة يشرب عليها شيء من الخمر أو المسكر، بل يحرم الجلوس عليها أيضاً على الاحوط.
مسألة 951 : قد عدّ من آداب الاَكل اُمور:
1 ـ غسل اليدين معاً قبل الطعام.
2 ـ غسل اليدين بعد الطعام، والتنشّف بعده بالمنديل.
3 ـ ان يبدأ صاحب الطعام قبل الجميع ويمتنع بعد الجميع، وأن يبدأ الغسل قبل الطعام بصاحب الطعام ثم بمن على يمينه الى ان يتم الدور الى من في يساره، وان يبدأ في الغسل بعد الطعام بمن على يسار صاحب الطعام الى ان يتم الدور الى صاحب الطعام.
4 ـ التسمية عند الشروع في الطعام، ولو كانت على المائدة الوان من الطعام استحبت التسمية على كل لون بانفراده.
5 ـ الاَكل باليمين.
6 ـ أن يأكل بثلاث اصابع أو أكثر، ولا يأكل بأصبعين.
( 311 )
7 ـ الاَكل مما يليه إذا كانت على المائدة جماعة، ولا يتناول من قدام الآخرين.
8 ـ تصغير اللقم.
9 ـ ان يطيل الاَكل والجلوس على المائدة.
10 ـ ان يجيد المضغ.
11 ـ ان يحمد الله بعد الطعام.
12 ـ ان يلعق الاصابع ويمصها.
13 ـ التخلل بعد الطعام، وأن لا يكون التخلل بعودة الريحان وقضيب الرمان والخوص والقصب.
14 ـ ان يلتقط ما يتساقط خارج السفرة ويأكله إلاّ في البراري والصحاري، فانه يستحب فيها ان يدع المتساقط عن السفرة للحيوانات والطيور.
15 ـ ان يكون اكله غداة وعشياً ويترك الاَكل بينهما.
16 ـ الاستلقاء بعد الاَكل على القفا وجعل الرجل اليمنى على اليسرى.
17 ـ الافتتاح والاختتام بالملح.
18 ـ ان يغسل الثمار بالماء قبل أكلها.
19 ـ ان لا يأكل على الشبع.
20 ـ ان لا يمتلىَ من الطعام.
21 ـ ان لا ينظر في وجوه الناس لدى الاَكل.
22 ـ ان لا يأكل الطعام الحار.
( 312 )
23 ـ ان لا ينفخ في الطعام والشراب.
24 ـ ان لا ينتظر بعد وضع الخبز في السفرة غيره.
25 ـ ان لا يقطع الخبز بالسكين.
26 ـ ان لا يضع الخبز تحت الاناء.
27 ـ ان لا ينظف العظم من اللحم الملصق به على نحو لا يبقى عليه شيء من اللحم.
28 ـ ان لا يقشر الثمار التي تؤكل بقشورها.
29 ـ ان لا يرمي الثمرة قبل ان يستقصي أكلها.
مسألة 952 : قد عدّ من آداب شرب الماء اُمور:
1 ـ شرب الماء مصاً لاعبّاً.
2 ـ شرب الماء قائماً بالنهار.
3 ـ التسمية قبل الشرب والتحميد بعده.
4 ـ شرب الماء بثلاثة انفاس.
5 ـ شرب الماء عن رغبة وتلذذ.
6 ـ ذكر الحسين وأهل بيته ( عليهم السلام )، واللعن على قتلته بعد الشرب.
7 ـ ان لا يكثر من شرب الماء.
8 ـ ان لا يشرب الماء قائماً بالليل.
9 ـ ان لا يشرب من محل كسر الكوز ومن محل عروته.
10 ـ ان لا يشرب الماء على الاغذية الدسمة.
11 ـ ان لا يشرب بيساره.
كتاب المـيراث
( 314 )
( 315 )
وفيـه فصـول:
الفصـل الاَول
ويشتمل على اُمور:
الامر الاول ـ في موجبات الاِرث
مسألة 953 : موجبات الاِرث على نوعين: نسب وسبب، أما النسب فله ثلاث طبقات:
(الطبقة الاولى): صنفان: أحدهما: الابوان المتصلان دون الاجداد والجدات.
وثانيهما: الاولاد وإن نزلوا ذكوراً واناثاً.
(الطبقة الثانية): صنفان أيضاً: أحدهما: الاجداد والجدات وان علوا.
وثانيهما: الاخوة والاخوات وأولادهم وان نزلوا.
(الطبقة الثالثة): صنف واحد وهم: الاعمام والاخوال وان علوا، كاعمام الآباء والامهات وأخوالهم، واعمام الاجداد والجدات وأخوالهم، وكذلك أولادهم وان نزلوا كاولاد أولادهم، وأولاد أولاد اولادهم وهكذا
( 316 )
بشرط صدق القرابة للميت عرفاً.
واما (السبب) فهو قسمان: زوجية وولاء.
والولاء ثلاث طبقات:ولاء العتق. ثم ولاء ضمان الجريرة. ثم ولاء الامامة.
الاَمر الثاني ـ في أقسام الوارث
مسألة 954 : ينقسم الوارث الى خمسة أقسام:
1 ـ من يرث بالفرض لا غير دائماً، وهو الزوجة فان لها الربع مع عدم الولد، والثمن معه، ولا يُردّ عليها أبداً.
2 ـ من يرث بالفرض دائماً وربما يرث معه بالردّ، كالام فإن لها السدس مع الولد والثلث مع عدمه إذا لم يكن حاجب، وربما يردّ عليها زائداً على الفرض كما إذا زادت الفريضة على السهام. وكالزوج فإنه يرث الربع مع الولد والنصف مع عدمه، ويردّ عليه إذا لم يكن وارث إلاّ الاِمام.
3 ـ من يرث بالفرض تارة وبالقرابة اخرى، كالاَب فانه يرث بالفرض مع وجود الولد وبالقرابة مع عدمه، والبنت والبنات فانهن يرثن مع الابن بالقرابة وبدونه بالفرض، والاخت والاخوات للاَب أو للابوين فانهن يرثن مع الاخ بالقرابة ومع عدمه بالفرض، وكالاخوة والاخوات من الام فانهم يرثون بالفرض إذا لم يكن جد للام وبالقرابة معه.
4 ـ من لا يرث إلاّ بالقرابة، كالابن، والاخوة للابوين أو للاب، والجد والاعمام والاخوال.
5 ـ من لا يرث بالفرض ولا بالقرابة بل يرث بالولاء، وهو المُعتِق،
( 317 )
وضامن الجريرة، والاِمام عليه السلام .
الاَمر الثالث ـ في أنواع السهام
مسألة 955 : الفرض هو السهم المقدّر في الكتاب المجيد ـ وهو ستة أنواع ـ واصحابها ثلاثة عشر، كما يلي:
1 ـ النصف، وهو للبنت الواحدة، والاَخت للابوين أو للاب فقط إذا لم يكن معها أخ، وللزوج مع عدم الولد للزوجة وأن نزل.
2 ـ الربع، وهو للزوج مع الولد للزوجة وان نزل، وللزوجة مع عدم الولد للزوج وان نزل، فان كانت واحدة اختصت به وإلاّ فهو لهّن بالسوية.
3 ـ الثمن، وهو للزوجة مع الولد للزوج وان نزل، فإن كانت واحدة اختصت به وإلاّ فهو لهنّ بالسوية.
4 ـ الثلثان، وهو للبنتين فصاعداً مع عدم الابن المساوي، وللاختين فصاعداً للابوين أو للاَب فقط مع عدم الاَخ.
5 ـ الثلث، وهو سهم الاُم مع عدم الولد وان نزل وعدم الاخوة على تفصيل يأتي، وللاخ والاخت من الام مع التعدد.
6 ـ السدس، وهو لكل واحد من الابوين مع الولد وان نزل، وللام مع الاخوة للابوين أو للاب على تفصيل يأتي، وللاخ الواحد من الام والاخت الواحدة منها.
الاَمر الرابع ـ في بطلان العول والتعصيب
مسألة 956 : إذا تعدد الورثة فتارة يكونون جميعاً ذوي فروض،
( 318 )
واُخرى لا يكونون جميعاً ذوي فروض، وثالثة يكون بعضهم ذا فرض دون بعض.
وإذا كانوا جميعاً ذوي فروض فتارة تكون فروضهم مساوية للفريضة، واُخرى تكون زائدة عليها، وثالثة تكون ناقصة عنها:
(فالاولى): مثل ان يترك الميت ابوين وبنتين، فإن سهم كل واحد من الابوين السدس وسهم البنتين الثلثان ومجموعها مساو للفريضة.
(والثانية): مثل ان يترك الميت زوجاً وابوين وبنتين فان السهام في الفرض الربع والسدسان والثلثان وهي زائدة على الفريضة.
وهذه هي المسألة التي ذهب فيها بعض المذاهب الاِسلامية الى العول بمعنى ورود النقص فيها على كل واحد من ذوي الفروض على نسبة فرضه.
ولكن عند الاِمامية يدخل النقص على بعض منهم معين دون بعض.
ففي ارث أهل الطبقة الاولى يدخل النقص على البنت او البنات.
وفي ارث الطبقة الثانية؛ كما إذا ترك زوجاً واختاً من الابوين وأختين من الام، فإن سهم الزوج النصف وسهم الاخت من الابوين النصف وسهم الاختين من الام الثلث ومجموعها زائد على الفريضة؛ يدخل النقص على المتقرب بالابوين كالاخت في المثال دون الزوج ودون المتقرب بالام.
(والثالثة): كما إذا ترك بنتاً واحدة فان لها النصف وتزيد الفريضة نصفاً.
وهذه هي المسألة التي قال فيها بعض المذاهب الاسلامية بالتعصيب بمعنى: اعطاء النصف الزائد الى العصبة. وهم الذكور الذين ينتسبون الى
( 319 )
الميت بغير واسطة أو بواسطة الذكور، وربما عمموها للانثى على تفصيل عندهم في ذلك.
وأما عند الاِمامية فيُردّ الزائد على ذوي الفروض كالبنت في الفرض، فترث النصف بالفرض والنصف الاخر بالردّ.
هذا إذا كان الورثة جميعاً ذوي فروض، وأما إذا لم يكونوا جميعاً ذوي فروض فيقسم المال بينهم على تفصيل يأتي، وإذا كان بعضهم ذا فرض دون آخر أعطي ذو الفرض فرضه وأعطي الباقي لغيره على تفصيل يأتي ان شاء الله تعالى.
( 320 )
الفصـل الثـاني
في موانع الارث
وهي اُمـور:
الاَمر الاَول ـ الكفـر
مسألة 957 : لا يرث الكافر من المسلم وان كان قريباً، ويختص ارثه بالمسلم وان كان بعيداً، فلو كان له ابن كافر وللابن ابن مسلم يرثه ابن الابن دون الابن، وكذا إذا كان له ابن كافر واخ أو عم أو ابن عم مسلم يرثه المسلم دونه، بل وكذا إذا لم يكن له وارث من ذوي الانساب وكان له معتق أو ضامن جريرة مسلم يختص ارثه به دونه، وإذا لم يكن له وارث مسلم في جميع الطبقات من ذوي الانساب وغيرهم إلاّ الاِمام عليه السلام كان ارثه لهه ولم يرث الكافر منه شيئاً، ولا فرق في الكافر بين الاصلي ذمياً كان أم حربياً، والمرتد فطرياً كان أم مليّاً. كما لا فرق في المسلم بين الامامي وغيره.
مسألة 958 : المسلم يرث الكافر ويمنع من إرث الكافر للكافر وإن كان المسلم بعيداً والكافر قريباً، فلو مات كافر وله ولد كافر وأخ مسلم، أو عم مسلم، أو معتق أو ضامن جريرة مسلم ورثه ولم يرثه الكافر، نعم إذا لم يكن له وارث مسلم إلاّ الاِمام عليه السلام لم يرثه بل تكون تركته لورثته الكفارار حسب قواعد الارث، هذا إذا كان الكافر اصلياً، أما إذا كان مرتداً عن ملة أو فطرة فالمشهور ان وارثه الاِمام ولا يرثه الكافر وكان بحكم المسلم، ولكن
( 321 )
لا يبعد أن يكون المرتد كالكافر الاصلي ولا سيما إذا كان مليّاً.
مسألة 959 : إذا مات الكافر وله ولد صغير أو أكثر محكوم بالكفر تبعاً، وكان له وارث مسلم من غير الطبقة الاولى واحداً كان أو متعدداً، دفعت تركته الى المسلم، والاَحوط لزوماً له أن ينفق منها على الصغير الى ان يبلغ فإن اسلم حينئذٍ وبقي شيء من التركة دفعه إليه، وان اسلم قبل بلوغه سلّم الباقي الى الحاكم الشرعي ليتصدّى للانفاق عليه، فان بقى مسلماً الى حين البلوغ دفع اليه المتبقي من التركة ـ ان وجد ـ وإلاّ دفعه الى الوارث المسلم.
مسألة 960 : لو مات مسلم عن ورثة كفار ليس بينهم مسلم فأسلم واحد منهم بعد موته بلا فصل معتد به اختص هو بالاِرث ولم يرثه الباقون ولم ينته الامر الى الامام عليه السلام .
ولو أسلم اكثر من واحد دفعة أو متتالياً ورثوه جميعاً مع المساواة في الطبقة، وإلاّ اختص به من كان مقدّماً بحسبها.
مسألة 961 : لو مات مسلم أو كافر وكان له وارث كافر ووارث مسلم ـ غير الاِمام عليه السلام ـ واسلم وارثه الكافر بعد موته، فإن كان وارثه المسلم واحداً اختص بالارث ولم ينفع لمن اسلم اسلامه، نعم لو كان الواحد هو الزوجة وأسلم قبل القسمة بينها وبين الاِمام عليه السلام نفعه اسلامه، فيأخذ نصيبه من تركته. واما لو كان وارثه المسلم متعدداً فان كان اسلام من اسلم بعد قسمة الارث لم ينفعه اسلامه ولم يرث شيئاً. وأما إذا كان اسلامه قبل القسمة فان كان مساوياً في المرتبة مع الوارث المسلم شاركه، وان كان مقدماً عليه بحسبها انفرد بالميراث؛ كما إذا كان ابناً للميت والوارث المسلم اخوة، وتستثنى من هذا الحكم صورة واحدة تقدمت في المسألة (959).
( 322 )
مسألة 962 : إذا اسلم الوارث بعد قسمة بعض التركة دون بعض كان لكل منهما حكمه، فلم يرث ممّا قسّم واختص بالارث أو شارك فيما لم يقسّم.
مسألة 963 : لو مات كافر ولم يخلف إلاّ ورثة كفاراً ليس بينهم مسلم فاسلم بعضهم بعد موته قيل انه لا أثر لاسلامه وكان الحكم كما قبل اسلامه، فان تقدمت طبقته على طبقة الباقين كما إذا كان ابنا للميت وهم اخوته اختص الاِرث به، وان ساواهم في الطبقة شاركهم، وان تأخرت طبقته كما إذا كان عما للميت وهم اخوته اختص الارث بهم، ولكن لا يبعد ان تكون مشاركته مع الباقين في صورة مساواته معهم في الطبقة في خصوص ما إذا كان اسلامه بعد قسمة التركة بينه وبينهم، واما إذا كان قبلها اختص الارث به، وكذا لا يبعد ان يكون اختصاص الطبقة السابقة بالارث في صورة تأخر طبقة من اسلم في خصوص ما إذا كان من في الطبقة السابقة واحداً، أو متعدداً مع كون اسلام من اسلم بعد قسمة التركة بينهم، وأما إذا كان اسلامه قبل القسمة اختص الارث به.
مسألة 964 : المراد من المسلم والكافر ـ وارثاً وموروثاً وحاجباً ومحجوباً ـ أعم من المسلم والكافر بالاصالة وبالتبعية، ومن الثاني المجنون والطفل غير المميز والمميز الذي لم يختر الاسلام أو الكفر بنفسه، فكل طفل غير مميز أو نحوه كان أحد ابويه مسلماً حال انعقاد نطفته بحكم المسلم فيمنع من ارث الكافر ولا يرثه الكافر بل يرثه الامام عليه السلام إذا لمم يكن له وارث مسلم، وكل طفل غير مميز أو نحوه كان أبواه معاً كافرين حال انعقاد نطفته بحكم الكافر فلا يرث المسلم مطلقاً كما لا يرث الكافر إذا كان له وارث مسلم غير الاِمام ـ على كلام في بعض الصور تقدم في
( 323 )
المسألة (956) ـ نعم إذا اسلم أحد ابويه قبل بلوغه تبعه في الاسلام وجرى عليه حكم المسلمين.
مسألة 965 : المسلمون يتوارثون وان اختلفوا في المذاهب والاصول والعقائد، نعم المنتحلون للاِسلام المحكومون بالكفر ممن تقدم ذكرهم في كتاب الطهارة لا يرثون من المسلم ويرث المسلم منهم.
مسألة 966 : الكفّار يتوارثون وان اختلفوا في الملل والنحل فيرث النصراني من اليهودي وبالعكس، بل يرث الحربي من الذمي وبالعكس، لكن يشترط في أرث بعضهم من بعض فقدان الوارث المسلم كما تقدم.
مسألة 967 : المرتد وهو من خرج عن الاِسلام واختار الكفر على قسمين: فطري وملّي، والفطري من ولد على اسلام احد ابويه أو كليها ثم كفر، وفي اعتبار اسلامه بعد التمييز قبل الكفر وجهان اقربهما الاعتبار.