كتاب الصلاة
كتاب الصلاة
( 164 )
( 165 )
وفيه مقاصد
الصلاة هي إحدى الدعائم التي بني عليها الإسلام ، إن قبلت قبل ما سواها ، و إن ردت رد ما سواها .
المقصد الأول
أعداد الفرائض و نوافلها
و مواقيتها و جملة من أحكامها
وفيه فصول:
الفصل الأول
الصلوات الواجبة في هذا الزمان خمس : اليومية ، و تندرج فيها صلاة الجمعة على ما هو الأقوى من أنها أفضل فردي التخيير في يوم الجمعة ، فإذا أقيمت بشرائطها أجزأت عن صلاة الظهر ، و صلاة الطواف الواجب ، و صلاة الآيات ، و صلاة الأموات التي مر بيان أحكامها في كتاب الطهارة ، و ما التزم بنذر أو نحوه ، أو إجارة أو نحوها ، و تضاف إلى هذه الخمس الصلاة الفائتة عن الوالد فإن الأحوط وجوباً أن يقضيها عنه ولده الأكبر على تفصيل يأتي في محله . أما اليومية فخمس : الصبح ركعتان ، و الظهر أربع ، و العصر أربع ،
( 166 )
والمغرب ثلاث ، و العشاء أربع ، و تقصر الرباعية في السفر و الخوف بشروط خاصة فتكون ركعتين ، و أما النوافل فكثيرة أهمها الرواتب اليومية : ثمان للظهر قبلها ، و ثمان بعدها قبل العصر للعصر ، و أربع بعد المغرب لها ، و ركعتان من جلوس تعدان بركعة بعد العشاء لها ، و ثمان صلاة الليل ، و ركعتا الشفع بعدها ، و ركعة الوتر بعدها ، و ركعتا الفجر قبل الفريضة ، و في يوم الجمعة يزاد على الست عشرة أربع ركعات قبل الزوال ، و لها آداب مذكورة في محلها ، مثل كتاب مفتاح الفلاح للمحقق البهائي ( قدس سره ) .
مسألة 498 : يجوز الاقتصار على بعض أنواع النوافل المذكورة ، بل يجوز الاقتصار في نوافل الليل على الشفع و الوتر ، و على الوتر خاصة ، و في نافلة العصر على أربع ركعات بل على ركعتين ، و إذا أريد التبعيض في غير هذه الموارد فالأحوط الإتيان به بقصد القربة المطلقة حتى في الاقتصار في نافلة المغرب على ركعتين .
مسألة 499 : يجوز الإتيان بالنوافل الرواتب و غيرها في حال المشي ، كما يجوز الإتيان بها في حال الجلوس اختياراً ، و لا بأس حينئذ بمضاعفتها رجاءً بأن يكرر الوتر مثلا مرتين و تكون الثانية برجاء المطلوبية .
مسألة 500 : الصلاة الوسطى التي تتأكد المحافظة عليها ، صلاة الظهر .
الفصل الثاني
وقت صلاة الجمعة أول الزوال عرفاً من يوم الجمعة ، و وقت الظهرين من الزوال إلى المغرب ، و تختص الظهر من أوله ، بمقدار أدائها ، و العصر من آخره كذلك ، و ما بينهما مشترك بينهما ، و وقت العشائين للمختار من المغرب
( 167 )
إلى نصف الليل ، و تختص المغرب من أوله بمقدار أدائها ، و العشاء من آخره كذلك ، و ما بينهما مشترك أيضا بينهما ، و أما المضطر لنوم ، أو نسيان ، أو حيض ، أو غيرها فيمتد وقتهما له إلى الفجر الصادق ، و تختص العشاء من آخره بمقدار أدائها و الأحوط وجوباً للعامد المبادرة إليهما بعد نصف الليل قبل طلوع الفجر من دون نية القضاء ، أو الأداء ، و مع ضيق الوقت يأتي بالعشاء ثم يقضيها بعد قضاء المغرب احتياطاً، و وقت الصبح من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس .
مسألة 501 : الفجر الصادق هو البياض المعترض في الأفق الذي يتزايد وضوحا و جلاءاً ، و قبله الفجر الكاذب ، و هو البياض المستطيل من الأفق صاعداً إلى السماء كالعمود الذي يتناقص و يضعف حتى ينمحي .
مسألة 502 : الزوال هو المنتصف ما بين طلوع الشمس و غروبها و يعرف بزيادة ظل كل شاخص معتدل بعد نقصانه ، أو حدوث ظله بعد انعدامه ، و نصف الليل منتصف ما بين غروب الشمس و الفجر على الأظهر ، و يعرف الغروب بذهاب الحمرة المشرقية عند الشك في سقوط القرص و احتمال اختفائه بالجبال أو الأبنية أو الأشجار أو نحوها ، و أما مع عدم الشك فلا يترك مراعاة الاحتياط بعدم تأخير الظهرين إلى سقوط القرص و عدم نية الأداء و القضاء مع التأخير و كذا عدم تقديم صلاة المغرب على زوال الحمرة .
مسألة 503 : المراد من اختصاص الظهر بأول الوقت عدم صحة العصر إذا وقعت فيه عمدا من دون أداء الظهر قبلها على وجه صحيح ، فإذا صلى الظهر قبل الزوال باعتقاد دخول الوقت فدخل الوقت قبل إتمامها صحت صلاته و جاز له الإتيان بصلاة العصر بعدها و لا يجب تأخيرها إلى مضي مقدار أربع ركعات من أول الزوال و كذا إذا صلى العصر في الوقت
( 168 )
المختص بالظهر ـ سهوا ـ صحت و إن كان الأحوط استحباباً أن يجعلها ظهراً ثم يأتي بأربع ركعات بقصد ما في الذمة أعم من الظهر و العصر ، و كذلك إذا صلى العصر في الوقت المشترك قبل الظهر سهواً ، سواء كان التذكر في الوقت المختص بالعصر ، أو المشترك ، و إذا تضيق الوقت في الوقت المشترك للعلم بمفاجأة الحيض أو نحوه يجب الإتيان بصلاة الظهر ، و مما تقدم تبين المراد من اختصاص المغرب بأول الوقت .
مسألة 504 : وقت فضيلة الظهر بين الزوال و بلوغ الظل أربعة أسباع الشاخص و الأفضل ـ حتى للمتنفل ـ عدم تأخيرها عن بلوغه سبعيه ، و وقت فضيلة العصر من بلوغ الظل سبعي الشاخص إلى بلوغه ستة أسباعه ، و الأفضل ـ حتى للمتنفل ـ عدم تأخيرها عن بلوغه أربعة أسباعه ، هذا كله في غير القيظ - أي شدة الحر - و أما فيه فلا يبعد امتداد وقت فضيلتهما إلى ما بعد المثل و المثلين بلا فصل ، و وقت فضيلة الغرب لغير المسافر من المغرب إلى ذهاب الشفق و هو الحمرة المغربية ، و أما بالنسبة إلى المسافر فيمتد وقتها إلى ربع الليل ، و وقت فضيلة العشاء من ذهاب الشفق إلى ثلث الليل ، و وقت فضيلة الصبح من الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء ، و الغلس بها أول الفجر أفضل كما أن التعجيل في جميع أوقات الفضيلة أفضل على التفصيل المتقدم .
مسألة 505 : وقت نافلة الظهرين من الزوال إلى آخر إجزاء الفريضتين ، لكن الأولى تقديم فريضة الظهر على النافلة بعد أن يبلغ الظل الحادث سبعي الشاخص ، كما أن الأولى تقديم فريضة العصر بعد أن يبلغ الظل المذكور أربعة أسباع الشاخص ، و وقت نافلة المغرب بعد الفراغ منها إلى آخر وقت الفريضة ، و إن كان الأولى تقديم فريضة العشاء بعد ذهاب الحمرة المغربية ، و يمتد وقت نافلة العشاء بامتداد
( 169 )
وقتها ، و وقت نافلة الفجر - على المشهور - بين الفجر الأول و طلوع الحمرة المشرقية و إن كان يجوز دسها في صلاة الليل قبل الفجر ، و لكن لا يبعد أن يكون مبدأ وقتها مبدأ وقت صلاة الليل بعد مضي مقدار يفي بأدائها و امتداده إلى قبيل طلوع الشمس ، نعم الأولى تقديم فريضة الفجر عند تضيق وقت فضيلتها على النافلة ، و وقت نافلة الليل من منتصفه على المشهور ، و يستمر إلى الفجر الصادق و أفضله السحر ، و الظاهر أنه الثلث الأخير من الليل .
مسألة 506 : يجوز تقديم نافلتي الظهرين على الزوال يوم الجمعة بل و في غيره أيضاً إذا كان له عذر - و لو عرفي - من الإتيان بهما بعد الزوال فيجعلهما في صدر النهار ، و كذا يجوز تقديم صلاة الليل على النصف للمسافر إذا خاف فوتها إن أخرها ، أو صعب عليه فعلها في وقتها ، و كذا الشاب و غيره ممن يخاف فوتها إذا أخرها لغلبة النوم ، أو طرو الاحتلام أو غير ذلك .
الفصل الثالث
إذا مضى على المكلف من أول الوقت مقدار أداء نفس الصلاة بحسب حاله في ذلك الوقت من الحضر و السفر و التيمم و الوضوء و الغسل و المرض و الصحة و نحو ذلك و لم يصل حتى طرء أحد الأعذار المانعة من التكليف بالصلاة مثل الجنون و الحيض و الإغماء وجب عليه القضاء بل الأحوط وجوبه فيما إذا تمكن من الإتيان بها مع الطهارة الترابية لضيق الوقت عن الوضوء أو الغسل ، و أما مع استيعاب العذر لجميع الوقت فلا يجب القضاء في الأعذار المتقدمة و نحوها دون النوم فإنه يجب فيه القضاء و لو كان مستوعباً، و إذا أرتفع العذر في آخر الوقت فإن وسع
( 170 )
الصلاتين مع الطهارة وجبتا جميعا ، و كذا إذا وسع مقدار خمس ركعات معها ، و إلا وجبت الثانية إذا بقي ما يسع ركعة معها ، و إلا لم يجب شيء .
مسألة 507 : لا تجوز الصلاة قبل دخول الوقت ـ بلا لا تجزئ ـ إلا مع العلم به ، أو قيام البينة ، نعم يجتزئ بأذان الثقة العارف بالوقت و بإخباره مع حصول الاطمئنان منهما بل بكل ما يوجب الاطمئنان من سائر الأمارات الموجبة له ، و في جواز العمل بالظن في الغيم ، و كذا في غيره من الأعذار النوعية إشكال فضلاً عن الموانع الشخصية ، فالأحوط لزوما تأخير الصلاة إلى حين الاطمئنان بدخول الوقت .
مسألة 508 : إذا أحرز دخول الوقت بالوجدان ، أو بطريق معتبر فصلى ، ثم تبين أنها وقعت قبل الوقت لزم إعادتها ، نعم إذا علم أن الوقت قد دخل و هو في الصلاة ، فالأظهر أن صلاته صحيحة ، و إن كان الأحوط إعادتها ، و أما إذا صلى غافلاً و تبين دخول الوقت في الأثناء ، ففي الصحة إشكال ، نعم إذا تبين دخوله قبل الصلاة أجزأت ، و كذا إذا صلى برجاء دخول الوقت ، و إذا صلى و بعد الفراغ شك في دخوله أعاد على الأحوط و لا يبعد عدم وجوبها .
مسألة 509 : يجب الترتيب بين الظهرين بتقديم الظهر ، و كذا بين العشائين بتقديم المغرب ، و إذا عكس في الوقت المشترك عمداً أعاد و إذا كان سهواً لم يعد على ما تقدم ، و إذا كان التقديم من جهة الجهل بالحكم ، فالأقرب الصحة إذا كان الجاهل معذوراً ، سواء أ كان متردداً ، أم كان جازماً .
مسألة 510 : قد يجب العدول من اللاحقة إلى السابقة كما في الأدائيتين المترتبتين ، فلو قدم العصر ، أو العشاء سهواً ، و ذكر في الأثناء فإنه يعدل إلى الظهر ، أو المغرب ـ إلا إذا لم تكن وظيفته الإتيان بها لضيق الوقت ـ و لا يجوز العكس كما إذا صلى الظهر ، أو المغرب ، و في الأثناء ذكر
( 171 )
أنه قد صلاهما ، فإنه لا يجوز له العدول إلى العصر أو العشاء .
مسألة 511 : إنما يجوز العدول من العشاء إلى المغرب إذا لم يدخل في ركوع الرابعة ، و إلا أتمها عشاءً ثم أتى بالمغرب على الأظهر .
مسألة 512 : يجوز الإتيان بالصلاة العذرية في أول الوقت و لو مع العلم بزوال العذر قبل انقضائه إذا كان العذر هو التقية و لا يجب إعادتها حينئذ بعد زوال موجبها إلا مع الإخلال بما يضر الإخلال به و لو في حال الضرورة كما إذا اقتضت التقية ان يصلي من دون تحصيل الطهارة الحدثية، واما اذا كان العذر غير التقية فلا يجوز البدار مع العلم بارتفاع العذر في الوقت و يجوز مع اليأس عن ذلك و هل يجتزي بها حينئذ إذا اتفق ارتفاع العذر في الوقت أم لا ؟ فيه تفصيل ، و كذا في جواز البدار اليها مع رجاء ارتفاع العذر في الوقت و قد تقدم التعرض لبعض مواردها في كتاب الطهارة و تأتي جملة أخرى في المباحث الآتية .
مسألة 513 : الأقوى جواز التطوع بالصلاة لمن عليه الفريضة أدائية ، أو قضائية مالم تتضيق .
مسألة 514 : إذا بلغ الصبي في أثناء الوقت وجب عليه الصلاة إذا أدرك مقدار ركعة أو أزيد ، و لو صلى قبل البلوغ ثم بلغ في الوقت في أثناء الصلاة أو بعدها فالأقوى كفايتها و عدم وجوب الإعادة ، و إن كان الأحوط استحباباً الإعادة في الصورتين .
( 172 )
المقصد الثاني
القبلة
يجب استقبال القبلة مع الإمكان في جميع الفرائض و توابعها من الأجزاء المنسية بل و في سجود السهو أيضاً على الأحوط الأولى ، و أما النوافل فلا يعتبر فيها الاستقبال حال المشي و الركوب و إن كانت منذورة ، و الأحوط اعتباره فيها حال الاستقرار ، و القبلة هي المكان الواقع فيه البيت الشريف ، و يتحقق استقباله بالمحاذاة الحقيقية مع التمكن من تمييز عينه و المحاذاة العرفية عند عدم التمكن من ذلك .
مسألة 515 : يجب العلم بالتوجه إلى القبلة و تقوم مقامه البينة ـ إذا كان إخبارها عن حس أو ما بحكمه ـ و يكفي أيضا الاطمئنان الحاصل من المناشئ العقلائية كإخبار الثقة أو ملاحظة قبلة بلد المسلمين في صلواتهم ، و قبورهم و محاريبهم ، و مع تعذر ذلك يبذل جهده في تحصيل المعرفة بها ، و يعمل على ما يحصل له من الظن ، و مع تعذره يكتفي بالصلاة إلى أي جهة يحتمل وجود القبلة فيها ، و الأحوط استحباباً أن يصلي إلى أربع جهات مع سعة الوقت ، و إلا صلى بقدر ما وسع و إذا علم عدمها في بعض الجهات اجتزأ بالصلاة إلى المحتملات الأخر .
مسألة 516 : من صلى إلى جهة اعتقد أنها القبلة ، ثم تبين الخطأ فإن كان منحرفا إلى ما بين اليمين ، و الشمال صحت صلاته ، و إذا التفت في الأثناء مضى ما سبق و استقبل في الباقي ، من غير فرق بين بقاء الوقت و عدمه ، و لا بين المتيقن و الظان ، و الناسي و الغافل ، نعم إذا كان ذلك عن
( 173 )
جهل بالحكم ، فالأحوط لزوم الإعادة في الوقت ، و القضاء في خارجة ، و أما إذا تجاوز انحرافه عما بين اليمين و الشمال ، أعاد في الوقت ، سواء كان التفاته أثناء الصلاة ، أو بعدها ، و لا يجب القضاء إذا التفت خارج الوقت إلا في الجاهل بالحكم فإنه يجب عليه القضاء .
( 174 )
المقصد الثالث
الستر و الساتر
وفيه فصول:
الفصل الأول
يجب مع الاختيار ستر العورة في الصلاة و توابعها ـ بل و سجود السهو على الأحوط استحبابا ـ و إن لم يكن ناظر ، أو كان في ظلمة .
مسألة 517 : إذا بدت العورة لريح أو غفلة ، أو كانت بادية من الأول و هو لا يعلم ، أو نسي سترها صحت صلاته ، و إذا التفت إلى ذلك في الأثناء وجبت المبادرة إلى سترها و صحت أيضاً على الأظهر .
مسألة 518 : عورة الرجل في الصلاة القضيب ، و الانثيان ، و الدبر دون ما بينهما ، و عورة المرأة في الصلاة جميع بدنها ، حتى الرأس ، و الشعر عدا الوجه بالمقدار الذي لا يستره الخمار عادة مع ضربه على الجيب ـ و إن كان الأحوط لها ستر ما عدا المقدار الذي يغسل في الوضوء ـ و عدا الكفين إلى الزندين ، و القدمين إلى الساقين ، ظاهرهما ، و باطنهما ، و لابد من ستر شيء مما هو خارج عن الحدود .
مسألة 519 : الصبية كالبالغة فيما تقدم إلا في الرأس و شعره و العنق ، فإنه لا يجب عليها سترها .
مسألة 520 : إذا كان المصلي واقفاً على شباك ، أو طرف سطح
( 175 )
بحيث لو كان ناظر تحته لرأى عورته ، فالأقوى وجوب سترها من تحته نعم إذا كان واقفا على الأرض لم يجب الستر من جهة التحت إلا مع وقوفه على جسم عاكس ترى عورته بالنظر إليه فإنه يجب حينئذ سترها من هذه الجهة أيضا .
الفصل الثاني
يعتبر في لباس المصلي أمور
الأول : الطهارة ، إلا في الموارد التي يعفى عنها في الصلاة ، و قد تقدمت في أحكام النجاسات .
الثاني : الإباحة ، فلا تصح الصلاة في المغصوب على الأحوط لزوماً فيما كان ساتراً للعورة فعلاً ، و استحباباً في غيره ، نعم إذا كان جاهلاً بالغصبية أو ناسيا لها و لم يكن هو الغاصب أو كان جاهلاً بحرمته جهلاً يعذر فيه أو ناسيا لها أو مضطراً تصح صلاته .
مسألة 521 : لا فرق في الغصب بين أن يكون عين المال مغصوباً أو منفعته ، أو كان متعلقاً لحق موجب لعدم جواز التصرف فيه ، بل إذا اشترى ثوبا بعين مال فيه الخمس كان حكمه حكم المغصوب ، و أما إذا اشتراه بعين مال فيه حق الزكاة ففي كونه كذلك إشكال بل منع ـ كما سيأتي في محله ـ و إذا كان الميت مشغول الذمة بالزكاة أو المظالم و نحوهما من الحقوق المالية سواء أ كان مستوعباً للتركة أم لا لم يجز التصرف في تركته بما ينافي أداء الحق منها و إذا كان له وارث قاصر لم يجز التصرف في تركته إلا بمراجعة وليه الشرعي من الأب أو الجد ثم القيم ثم الحاكم الشرعي .
مسألة 522 : لا بأس بحمل المغصوب في الصلاة إذا لم يتحرك
( 176 )
بحركات المصلي ، بل و إذا تحرك بها أيضاً على الأظهر .
الثالث : أن لا يكون من أجزاء الميتة التي تحلها الحياة ، من دون فرق بين ما تتم الصلاة فيه و ما لا تتم فيه الصلاة على الأحوط وجوباً ، و الأظهر اختصاص الحكم بالميتة النجسة و إن كان الأحوط الاجتناب عن الميتة الطاهرة أيضا ، و قد تقدم في النجاسات حكم الجلد الذي يشك في كونه مذكى أو لا ، كما تقدم بيان ما لا تحله الحياة من الميتة فراجع ، و المشكوك في كونه من جلد الحيوان ، أو من غيره لا بأس بالصلاة فيه .
الرابع : أن لا يكون من أجزاء السباع بل مطلق ما لا يؤكل لحمه من الحيوان على الأحوط ، و الأظهر اختصاص المنع بما تتم الصلاة فيه و إن كان الاجتناب عن غيره أيضا أحوط ، كما أن الأحوط الاجتناب حتى عن الشعرة الواحدة الواقعة منه على الثوب و إن كان الأظهر عدم وجوبه ، نعم لا يبعد المنع عن روثه و بوله و عرقه و لبنه إذا كان الثوب متلطخاً به ، و أما حمل بعض أجزائه ـ كما إذا جعل في قارورة و حملها معه في جيبه ـ فلا بأس به على الأقوى .
مسألة 523 : إذا صلى في غير المأكول جهلاً به صحت صلاته و كذا إذا كان نسياناً ، أو كان جاهلاً بالحكم ، أو ناسياً به ، نعم تجب الإعادة إذا كان جاهلاً بالحكم عن تقصير على ما تقدم .
مسألة 524 : إذا شك في اللباس ، أو فيما على اللباس من الرطوبة أو الشعر ، أو غيرهما في أنه من المأكول ، أو من غيره ، أو من الحيوان ، أو من غيره ، صحت الصلاة فيه .
مسألة 525 : لا بأس بالشمع ، و العسل ، و الحرير الممزوج ، و مثل البق ، و البرغوث ، و الزنبور و نحوها من الحيوانات التي لا لحم لها ، و كذا لا بأس بالصدف ، و لا بأس بفضلات الإنسان كشعره ، و ريقه ، و لبنه و نحوها
( 177 )
و إن كانت واقعة على المصلي من غيره ، و كذا الشعر الموصول بالشعر المسمى بـ ( الباروكة ) سواء أ كان مأخوذاً من الرجل ، أم من المرأة .
مسألة 526 : تجوز الصلاة في جلد الخز ، و السنجاب و وبرهما ، ما لم يمتزج بوبر غيرهما من السباع بل مطلق غير مأكول اللحم على الأحوط ، و في كون ما يسمى الآن خزاً ، هو الخز إشكال ، و إن كان الظاهر جواز الصلاة فيه ، و الاحتياط طريق النجاة ، و أما السمور ، و القماقم و الفنك فالأحوط الاجتناب عن الصلاة في أجزائها و إن كان الأظهر الجواز .
الخامس : أن لا يكون من الذهب ـ للرجال ـ و لو كان حلياً كالخاتم ، أما إذا كان مذهباً بالتمويه و الطلي على نحو يعد عند العرف لونا فلا بأس و يجوز ذلك كله للنساء ، كما يجوز أيضا حمله للرجال كالساعة ، و الدنانير .نعم الظاهر المنع عن كل ما يطلق على استعماله عنوان اللبس عرفا مثل الزناجير المعلقة و الساعة اليدوية .
مسألة 527 : إذا صلى في الذهب جاهلاً ، أو ناسيا صحت صلاته .
مسألة 528 : لا يجوز للرجال لبس الذهب في غير الصلاة أيضاً و فاعل ذلك آثم ، و الأحوط ترك التزين به مطلقاً حتى فيما لا يصدق عليه اللبس ، كجعل أزرار اللباس من الذهب أو جعل مقدم الأسنان منه ، نعم لا بأس بشدها به أو جعل الأسنان الداخلية منه .
السادس : أن لا يكون من الحرير الخالص ـ للرجال ـ و لا يجوز لهم لبسه في غير الصلاة أيضاً كالذهب ، نعم لا بأس به في الحرب و الضرورة و الحرج كالبرد و المرض حتى في الصلاة ، كما لا بأس بحمله في حال الصلاة و غيرها و كذا افتراشه و التغطي و التدثر به على نحو لا يعد لبساً له عرفاً ، و لا بأس بكف الثوب به ، و الأحوط استحباباً أن لا يزيد على أربع أصابع ، كما لا بأس بالأزرار منه و السفائف و القياطين و إن تعددت و كثرت ، و أما ما لا
( 178 )
تتم فيه الصلاة من اللباس، فالأحوط استحباباً تركه .
مسألة 529 : لا يجوز جعل البطانة من الحرير و إن كانت إلى النصف .
مسألة 530 : لا بأس بالحرير الممتزج بالقطن ، أو الصوف أو غيرهما مما يجوز لبسه في الصلاة ، لكن بشرط أن يكون الخلط بحيث يخرج اللباس به عن صدق الحرير الخالص ، فلا يكفي الخلط بالمقدار اليسير المستهلك عرفا .
مسألة 531 : إذا شك في كون اللباس حريراً ، أو غيره جاز لبسه و كذا إذا شك في أنه حرير خالص ، أو ممتزج .
مسألة 532 : يجوز للولي إلباس الصبي الحرير ، أو الذهب ، و تصح صلاته فيه على الأظهر .
الفصل الثالث
الأحوط في الساتر الصلاتي في حال الاختيار صدق عنوان ( اللباس ) عليه عرفاً ، و إن كان الأظهر كفاية مطلق ما يخرج المصلي عن كونه عارياً كالورق و الحشيش و القطن و الصوف غير المنسوجين ، بل الطين إذا كان من الكثرة بحيث لا يصدق معه كون المصلي عارياً ، و أما في حال الاضطرار فيجزي التلطخ بالطين و نحوه ، و إذا لم يتمكن المصلي من الساتر بوجه فإن تمكن من الصلاة قائماً مع الركوع و السجود بحيث لا تبدو سوأته للغير المميز ـ أما لعدم وجوده أو لظلمة أو نحوها ـ فالأقوى وجوب الإتيان بها كذلك و إن كان الأحوط الجمع بينها و بين الصلاة قائماً مومياً ، و لو اقتضى التحفظ على عدم بدو سوءته ترك القيام و الركوع و السجود الاختياريين صلى
( 179 )
جالساً مومياً ، و لو اقتضى ترك واحد من الثلاثة تركه و أتى ببدله فيومي بالرأس بدلاً عن الركوع و السجود و يجلس بدلاً عن القيام ، و لكن الأحوط في الفرض الأخير الجمع بينه و بين الصلاة قائما مومياً و الأحوط لزوماً للعاري ستر السوأتين ببعض أعضائه كاليد في حال القيام و الفخذين في حال الجلوس .
مسألة 533 : إذا انحصر الساتر بالمغصوب أو الذهب أو الحرير أو السباع أو غيرها مما لا يؤكل لحمه فإن لم يضطر إلى لبسه صلى عارياً إلا في الأخير فيجمع بين الصلاة فيه و الصلاة عارياً على الأحوط ، و إن اضطر إلى لبسه صحت صلاته فيه في حال الاضطرار و إن لم يكن مستوعباً للوقت إلا في الأخيرين فإنه لا تصح الصلاة في حال لبسهما اضطراراً ما لم يكن الاضطرار مستوعباً لجميع الوقت ، نعم لو اطمأن بالاستيعاب فصلى كذلك ثم اتفق زواله في الوقت لم يجب إعادتها على الأظهر .و إذا انحصر الساتر في النجس فالأحوط الجمع بين الصلاة فيه و الصلاة عارياً و إن كان الأظهر الاجتزاء بالصلاة فيه كما سبق في أحكام النجاسات .
مسألة 534 : الأحوط لزوماً تأخير الصلاة عن أول الوقت إذا لم يكن عنده ساتر و احتمل وجدانه قبل انقضائه ، نعم إذا يئس عن وجدانه في الوقت جاز له البدار إليها فإن استمر عذره إلى آخر الوقت فلا شيء عليه و كذا إن لم يستمر على الأصح .
مسألة 535 : إذا كان عنده ثوبان يعلم إجمالاً أن أحدهما مغصوب أو حرير ، و الآخر مما تصح الصلاة فيه ، لا تجوز الصلاة في واحد منهما بل يصلي عاريا ، و إن علم أن أحدهما نجس ، و الآخر طاهر ، صلى صلاتين في كل منهما صلاة ، و كذا إذا علم أن أحدهما مما يؤكل لحمه و الآخر من السباع أو من غيرهما مما لا يؤكل لحمه على ما تقدم .
( 180 )
المقصد الرابع
مكان المصلي
مسألة 536 : لا تصح الصلاة فريضة ، أو نافلة في المكان المغصوب على الأحوط و إن كان الركوع و السجود بالإيماء ، و لا فرق في ذلك بين ما يكون مغصوباً عيناً أو منفعة أو لتعلق حق ينافيه مطلق التصرف في متعلقه حتى مثل الصلاة فيه ، و الظاهر اختصاص الحكم بالعالم العامد فلو كان جاهلاً بالغصب أو كان ناسياً له ، و لم يكن هو الغاصب صحت صلاته و كذلك تصح صلاة من كان مضطراً لا بسوء الاختيار ، أو كان مكرها على التصرف في المغصوب كالمحبوس بغير حق ، و الأظهر صحة الصلاة في المكان الذي يحرم المكث فيه لضرر على النفس ، أو البدن لحر ، أو برد أو نحو ذلك ، و كذلك المكان الذي فيه لعب قمار ، أو نحوه ، كما أن الأظهر صحة الصلاة فيما إذا وقعت تحت سقف مغصوب ، أو خيمة مغصوبة .
مسألة 537 : إذا اعتقد غصب المكان ، فصلى فيه بطلت صلاته و إن انكشف الخلاف إلا إذا تمشى منه قصد القربة .
مسألة 538 : لا يجوز لأحد الشركاء الصلاة في الأرض المشتركة إلا بإذن بقية الشركاء ، كما لا تجوز الصلاة في الأرض المجهولة المالك إلا بإذن الحاكم الشرعي مطلقا على الأحوط .
مسألة 539 : إذا سبق واحد إلى مكان في المسجد للصلاة أو لغيرها من الأغراض الراجحة كالدعاء و قراءة القرآن و التدريس لم يجز لغيره إزاحته عن ذلك المكان أو إزاحة رحله عنه و منعه من الانتفاع به سواء توافق السابق
( 181 )
مع المسبوق في الغرض أو تخالفا فيه نعم يحتمل عند التزاحم تقدم الطواف على غيره في المطاف و الصلاة على غيرها في سائر المساجد فلا يترك الاحتياط للسابق بتخلية المكان للمسبوق في مثل ذلك ، و على كل حال إذا أزاح الشخص من ثبت له حق السبق في مكان من المسجد أو أزاح رحله عنه ثم قام بالصلاة فيه أو بسائر التصرفات فالأظهر صحة صلاته و جواز تصرفاته و إن كان آثما في الإزاحة .
مسألة 540 : إنما تبطل الصلاة في المغصوب مع عدم الإذن من المالك في الصلاة ، و لو لخصوص زيد المصلي ، و إلا فالصلاة صحيحة .
مسألة 541 : إنما يعتبر الإذن من المالك في جواز الصلاة و غيرها من التصرفات بما أنه كاشف عن رضاه و طيب نفسه بها ، و إلا فلا يعتبر الإذن ـ أي إنشاء الإباحة و التحليل ـ بعنوانه ، كما لا يعتبر في الرضا أن يكون ملتفتاً إليه فعلا فيكفي و لو لم يكن كذلك لنوم أو غفلة أو نحوهما ، فيجوز الصلاة و غيرها من التصرفات في ملك الغير مع غفلته إذا علم من حاله أنه لو التفت إليها لأذن .
مسألة 542 : يستكشف الرضا بالصلاة ، إما بالقول كأن يقول : صل في بيتي ، أو بالفعل كأن يفرش له سجادة إلى القبلة ، أو بشاهد الحال كما في المضائف المفتوحة الأبواب و نحوها ، و في غير ذلك لا تجوز الصلاة و لا غيرها من التصرفات ، إلا مع العلم بالرضا و لو لم يكن ملتفتاً إليه فعلاً، و لذا يشكل في بعض المجالس المعدة لقراءة التعزية الدخول في المرحاض و الوضوء بلا إذن ، و لا سيما إذا توقف ذلك على تغير بعض أوضاع المجلس من رفع ستر ، أو طي بعض فراش المجلس ، أو نحو ذلك مما يثقل على صاحب المجلس ، و مثله في الإشكال البصاق على المواضع النزهة ، و الجلوس في بعض مواضع المجلس المعدة لغير مثل الجالس لما فيها من
( 182 )
مظاهر الكرامة المعدة لأهل الشرف في الدين مثلاً، أو لعدم كونها معدة للجلوس فيها ، مثل الغطاء الذي يكون على الحوض المعمول في وسط الدار ، أو على درج السطح ، أو فتح بعض الغرف و الدخول فيها ، و الحاصل أنه لابد من إحراز رضا صاحب المجلس في كيفية التصرف و كمه ، و موضع الجلوس ، و مقداره ، و مجرد فتح باب المجلس لا يدل على الرضا بكل تصرف يشاءه الداخل .
مسألة 543 : الحمامات المفتوحة ، و الخانات لا يجوز الدخول فيها لغير الوجه المقصود منها ، إلا بالإذن ، فلا يصح الوضوء من مائها و الصلاة فيها ، إلا بإذن المالك أو وكيله ، و مجرد فتح أبوابها لا يدل على الرضا بذلك و ليست هي كالمضائف المسبلة للانتفاع بها .
مسألة 544 : تجوز الصلاة في الأراضي المتسعة اتساعاً عظيماً و الوضوء من مائها و إن لم يعلم رضا المالك ، بل و إن علم كراهته أو كان صغيراً أو مجنوناً ، و أما غيرها من الأراضي غير المحجبة ، كالبساتين التي لا سور لها و لا حجاب ، فيجوز أيضا الدخول إليها و الصلاة فيها و إن لم يعلم رضا المالك ، و لكن إذا ظن كراهته أو كان قاصراً فالأحوط لزوماً الاجتناب عنها .
مسألة 545 : لا تصح ـ على الأحوط ـ صلاة كل من الرجل و المرأة إذا كانا متحاذيين حال الصلاة ، أو كانت المرأة متقدمة على الرجل ، بل يلزم تأخرها عنه بحيث يكون مسجد جبهتها محاذياً لموضع ركبتيه ـ و الأحوط استحباباً أن تتأخر عنه بحيث يكون مسجدها وراء موقفه ـ أو يكون بينهما حائل أو مسافة أكثر من عشرة أذرع بذراع اليد ، و لا فرق في ذلك بين المحارم و غيرهم ، و الزوج و الزوجة و غيرهما ، نعم الأظهر اختصاص المنع بالبالغين وإن كان التعميم أحوط ، كما يختص المنع بصورة وحدة المكان بحيث
( 183 )
يصدق التقدم و المحاذاة ، فإذا كان أحدهما في موضع عال ، دون الآخر على وجه لا يصدق التقدم و المحاذاة فلا بأس ، و كذا يختص المنع بحال الاختيار و أما في حال الاضطرار فلا منع و كذا عند الزحام بمكة المكرمة على الأظهر .
مسألة 546 : لا يجوز استدبار قبر المعصوم في حال الصلاة و غيرها إذا كان مستلزما للهتك و إساءة الأدب ، و لا بأس به مع البعد المفرط ، أو الحاجب المانع الرافع لسوء الأدب ، و لا يكفي فيه الضرائح المقدسة و لا ما يحيط بها من غطاء و نحوه .
مسألة 547 : تجوز الصلاة في بيت من تضمنت الآية جواز الأكل فيها بلا إذن مع عدم العلم أو الاطمئنان بالكراهة ، و هم : الأب ، و الأم ، و الأخ ، و الأخت ، و العم ، و الخال ، و العمة ، و الخالة. و من ملك الشخص مفتاح بيته و الصديق ، و أما مع العلم أو الاطمئنان بالكراهة فلا يجوز .
مسألة 548 : إذا دخل المكان المغصوب جهلاً أو نسيانا ثم التفت إلى ذلك وجبت عليه المبادرة إلى الخروج سالكا أقرب الطرق الممكنة ، فإن كان مشتغلاً بالصلاة و التفت في السجود الأخير أو بعده جاز له إتمام صلاته في حال الخروج و لا يضره فوات الجلوس و الاستقرار مع عدم الإخلال بالاستقبال ، و أما إن التفت قبل ذلك أو قبل الاشتغال بالصلاة ففي ضيق الوقت يلزمه الإتيان بها حال الخروج مراعياً للاستقبال بقدر الإمكان و يومي للسجود و يركع إلا أن يستلزم ركوعه تصرفا زائداً فيومئ له أيضا و تصح صلاته و لا يجب عليه القضاء ، و المراد بضيق الوقت أن لا يتمكن من إدراك ركعة من الصلاة في الوقت على تقدير تأخيرها إلى ما بعد الخروج ، و أما في سعة الوقت فلا تصح منه الصلاة في حال الخروج على النحو المذكور بل يلزمه تأخيرها إلى ما بعد الخروج ، و لو صلى قبل أن يخرج حكم ببطلانها على الأحوط كما مر .
( 184 )
مسألة 549 : يعتبر في مسجد الجبهة ـ مضافا إلى ما تقدم من الطهارة ـ أن يكون من الأرض ، أو نباتها ، و الأفضل أن يكون من التربة الشريفة الحسينية ـ على مشرفها أفضل الصلاة و التحية ـ فقد روي فيها فضل عظيم ، و لا يجوز السجود على ما خرج عن اسم الأرض من المعادن ـ كالذهب ، و الفضة و غيرهما ـ دون ما لم يخرج عن اسمها كالأحجار الكريمة من العقيق و الفيروزج و الياقوت و نحوها فإنه يجوز السجود عليها على الأظهر ، كما يجوز السجود على الخزف ، و الآجر ، و على الجص و النورة بعد طبخهما على الأقوى ، و لا يجوز السجود على ما خرج عن اسم النبات كالرماد و لا على ما ينبت على وجه الماء ، و في جواز السجود على الفحم و القير و الزفت إشكال و لا يبعد الجواز في الأول و تقدم الأخير على غيرهما عند الاضطرار .
مسألة 550 : يعتبر في جواز السجود على النبات ، أن لا يكون مأكولاً كالحنطة ، و الشعير ، و البقول ، و الفواكه و نحوها من المأكول ، و لو قبل وصولها إلى زمان الأكل على الأحوط ، أو احتيج في أكلها إلى عمل من طبخ و نحوه ، نعم يجوز السجود على قشورها بعد الانفصال إذا كانت مما لا يؤكل و إلا فلا يجوز السجود عليها مطلقا كقشر الخيار و التفاح بل جواز السجود على نخالة الحنطة و الشعير بل مطلقاً القشر الأسفل للحبوب لا يخلو عن إشكال ، و أما نواة التمر و سائر النوى فيجوز السجود عليها و كذا على التبن و القصيل و الجت و نحوها ، و فيما لم يتعارف أكله مع صلاحيته لذلك لما فيه من حسن الطعم المستوجب لإقبال النفس على أكله إشكال ، و مثله عقاقير الأدوية إلا ما لا يؤكل بنفسه بل يشرب الماء الذي ينقع أو يطبخ فيه كورد لسان الثور و عنب الثعلب فإنه يجوز السجود عليه على الأظهر ، و كذا يجوز السجود على ما يؤكل عند الضرورة و المخمصة أو عند بعض الناس نادراً .
مسألة 551 : يعتبر أيضاً في جواز السجود على النبات ، أن لا يكون
( 185 )
ملبوسا كالقطن ، و الكتان ، و القنب ، و لو قبل الغزل ، أو النسج و لا بأس بالسجود على خشبها و ورقها ، و كذا الخوص ، و الليف ، و نحوهما مما لا صلاحية فيه لذلك ، و إن لبس لضرورة أو شبهها ، أو عند بعض الناس نادراً .
مسألة 552 : يجوز السجود على القرطاس الطبيعي و هو بردي مصر ، و كذا القرطاس الصناعي المتخذ من الخشب و نحوه ، دون المتخذ من الحرير و الصوف و نحوهما مما لا يصح السجود عليه ، نعم لا بأس بالمتخذ من القطن و الكتان على الأقرب .
مسألة 553 : لا بأس بالسجود على القرطاس المكتوب إذا كانت الكتابة معدودة صبغاً ، لا جرماً ، نعم إذا كان متخذاً مما يصح السجود عليه ، أو كان المقدار الخالي من الكتابة بالقدر المعتبر في السجود ـ و لو متفرقا ـ جاز السجود عليه .
مسألة 554 : إذا لم يتمكن من السجود على ما يصح السجود عليه لتقية ، جاز له السجود على كل ما تقتضيه التقية و لا يجب التخلص منها بالذهاب إلى مكان آخر كما لا يجب تأخير الصلاة إلى زوال موجب التقية ، و أما إذا لم يتمكن لفقد ما يصح السجود عليه ، أو لمانع من حر ، أو برد فقد مر تقدم القير و الزفت على غيرهما عندئذ ، و مع عدم إمكان السجود عليها أيضا ، فالأظهر عدم ثبوت بدل خاص حينئذ و إن كان الأحوط أن يسجد على ثوبه فإن لم يتمكن منه أيضا سجد على غيره مما لا يصح السجود عليه اختياراً كالذهب و الفضة و نحوهما أو سجد على ظهر كفه .
مسألة 555 : لا يجوز السجود على الوحل ، أو التراب اللذين لا يحصل تمكن الجبهة في السجود عليهما ، و إن حصل التمكن جاز ، و إن لصق بجبهته شيء منهما أزاله للسجدة الثانية إذا كان مانعاً عن مباشرة الجبهة
( 186 )
للمسجد و إن لم يجد إلا الطين الذي لا يحصل التمكن في السجود عليه سجد عليه من غير تمكن .
مسألة 556 : إذا كانت الأرض ذات طين بحيث يتلطخ بدنه أو ثيابه ، إذا صلى فيها صلاة المختار و كان ذلك حرجيا ، صلى مؤمياً للسجود ، و لا يجب عليه الجلوس للسجود و لا للتشهد .
مسألة 557 : إذا اشتغل بالصلاة ، و في أثنائها فقد ما يصح السجود عليه ، جاز له السجود على غيره و تصح صلاته و لو كان ذلك في سعة الوقت على الأظهر .
مسألة 558 : إذا سجد على ما لا يصح السجود عليه سهواً أو باعتقاده أنه مما يصح السجود عليه فإن التفت بعد رفع الرأس مضى و لا شيء عليه ، و كذا إذا التفت في الأثناء بعد الإتيان بالذكر الواجب ، و أما لو التفت قبله فإن تمكن من جر جبهته إلى ما يصح السجود عليه فعل ذلك ، و مع عدم الإمكان يتم سجدته و تصح صلاته .
مسألة 559 : يعتبر في مكان صلاة الفريضة أن يكون بحيث يستقر فيه المصلي و لا يضطرب على نحو لا يتمكن من القيام أو الركوع أو السجود ، بل الأحوط لزوما اعتبار أن لا يكون على نحو تفوت به الطمأنينة ـ بمضي سكون البدن ـ فلا تجوز الصلاة على الدابة السائرة و الأرجوحة و نحوهما ، و تجوز على الدابة و السفينة الواقفتين مع حصول الاستقرار على النحو المتقدم ، و كذا إذا كانتا سائرتين إن حصل ذلك أيضاً، و نحوهما العربة و القطار و أمثالهما فإنه تصح الصلاة فيها إذا حصل الاستقرار على النحو المذكور و كذا الاستقبال و لا تصح إذا فات شيء منها إلا مع الضرورة و حينئذ ينحرف إلى القبلة كلما انحرفت الدابة أو نحوها ، و مع عدم التمكن من استقبال عين الكعبة يجب مراعاة أن تكون بين المشرق و المغرب ، و إن لم يتمكن من الاستقبال إلا في
( 187 )
تكبيرة الإحرام اقتصر عليه ، و إن لم يتمكن منه أصلاً سقط ، و كذا الحال في الماشي و غيره من المعذورين و الأقوى جواز ركوب السفينة و السيارة و نحوهما اختياراً قبل دخول الوقت و إن علم أنه يضطر إلى أداء الصلاة فيها فاقداً لشرطي الاستقبال و الاستقرار .
مسألة 560 : الأحوط وجوبا عدم إيقاع الفريضة في جوف الكعبة الشريفة اختياراً وأما اضطراراً فلا إشكال في جوازها ، و كذا النافلة و لو اختياراً .
مسألة 561 : تستحب الصلاة في المساجد من غير فرق بين مساجد فرق المسلمين و طوائفهم. نعم يخرج عنها حكماً بل موضوعاً المسجد المبني ضراراً أو تفريقاً بين المسلمين فإنه لا تجوز الصلاة فيه ، و أفضل المساجد المساجد الأربعة، وهي المسجد الحرام و مسجد النبي صلى الله عليه و آله و المسجد الأقصى و مسجد الكوفة ، و أفضلها الأول ثم الثاني ، و قد روي في فضل الجميع روايات كثيرة ، و كذا في فضل بعض المساجد الأخرى كمسجد خيف و الغدير و قبا و السهلة ، و لا فرق في استحباب الصلاة في المساجد بين الرجال و النساء و إن كان الأفضل للمرأة اختيار المكان الأستر حتى في بيتها .
مسألة 562 : تستحب الصلاة في مشاهد الأئمة عليهم السلام ، بل قيل أنها أفضل من المساجد ، و قد روي أن الصلاة عند علي عليه السلام بمائتي ألف .
مسألة 563 : يكره تعطيل المسجد ، ففي الخبر : ثلاثة يشكون إلى الله تعالى : مسجد خراب لا يصلي فيه أحد ، و عالم بين جهال ، و مصحف معلق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه .
مسألة 564 : يستحب التردد إلى المساجد ، ففي الخبر : من مشى إلى
( 188 )
مسجد من مساجد الله فله بكل خطوة خطاها حتى يرجع إلى منزله عشرة حسنات ، و محي عنه عشرة سيئات ، و رفع له عشر درجات ، و يكره لجار المسجد أن يصلي في غيره لغير علة كالمطر ، و في الخبر : لا صلاة لجار المسجد إلا في مسجده .
مسألة 565 : يستحب للمصلي أن يجعل بين يديه حائلاً إذا كان في معرض مرور أحد قدامه ، و يكفي في الحائل عود أو حبل أو كومة تراب .
مسألة 566 : قد ذكروا أنه تكره الصلاة في الحمام ، و المزبلة و المجزرة ، و الموضع المعد للتخلي ، و بيت المسكر ، و معاطن الإبل ، و مرابط الخيل ، و البغال ، و الحمير ، و الغنم ، بل في كل مكان قذر ، و في الطريق و إذا أضرت بالمارة حرمت ، و في مجاري المياه ، و الأرض السبخة ، و بيت النار كالمطبخ ، و أن يكون أمامه نار مضرمة ، و لو سراجاً ، أو تمثال ذي روح ، أو مصحف مفتوح ، أو كتاب كذلك ، و الصلاة على القبر و في المقبرة ، أو أمامه قبر إلا قبر معصوم، و بين قبرين و إذا كان في الأخيرين حائل ، أو بعد عشرة أذرع ، فلا كراهة ، و أن يكون قدامه إنسان مواجه له ، و هناك موارد أخرى للكراهة مذكورة في محلها .