المقصد الثاني
غسل الحيض
وفيه فصول:
الفصل الأول
في سببه
وهو خروج دم الحيض الذي تراه المرأة في زمان مخصوص غالباً ، سواء خرج من الموضع الطبيعي للنوع أو الشخص وإن كان خروجه بقطنة ، أم خرج من الموضع العارضي ولكن بدفع طبيعي لا بمثل الإخراج بالآلة . وإذا انصب من الرحم إلى فضاء الفرج ولم يخرج منه أصلاً ففي جريان حكم الحيض عليه إشكال ، وإن كان الأظهر عدمه ، نعم لا إشكال في بقاء الحدث ما دام باقيا في باطن الفرج .
مسألة 212 : إذا افتضت البكر فسال دم وشك في أنه من دم الحيض ، أو من العذرة ، أو منهما ، أدخلت قطنة وصبرت فترة تعلم بنفوذ الدم فيها ثم استخرجتها برفق فإن كانت مطوقة بالدم فهو من العذرة ، وإن كانت مستنقعة فهو من الحيض ، وهذا الاختبار واجب وجوباً طريقياً لاستكشاف حالها ، فلا يحكم بصحة صلاتها ظاهراً ولا يجوز لها الإتيان بها بقصد الأمر الجزمي إلا مع الاختبار .
مسألة 213 : إذا تعذر الاختبار المذكور فالأقوى الاعتبار بحالها السابق ، من حيض ، أو عدمه ، وإذا جهلت الحالة السابقة فالأحوط استحباباً
( 73 )
الجمع بين عمل الحائض والطاهرة . والأظهر جواز البناء على الطهارة .
الفصل الثاني
يعتبر في دم الحيض أن يكون بعد البلوغ وقبل سن الستين ، فكل دم تراه الصبية قبل بلوغها تسع سنين لا يكون دم حيض ، وكذا ما تراه المرأة بعد بلوغها الستين لا تكون له أحكامه ، والأحوط الأولى في غير القرشية الجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة فيما بين الخمسين والستين فيما إذا كان الدم بحيث لو رأته قبل الخمسين لحكم بكونه حيضاً كالذي تراه أيام عادتها ، وأما سن اليأس الموجب لسقوط عدة الطلاق ـ بعد انقطاع الدم وعدم رجاء عوده لكبر سن المرأة ـ فمحدد بالخمسين على الأظهر .
مسألة 214 : يجتمع الحيض مع الحمل قبل ظهوره وبعد ظهوره ، نعم يلزم على الأحوط على الحامل ذات العادة الوقتية الجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة في صورة واحدة وهي ما إذا رأت الدم بعد مضي عشرين يوماً من أول عادتها وكان الدم بصفات الحيض ، وفي غير هذه الصورة حكم الحامل وغير الحامل على حد سواء .
الفصل الثالث
أقل الحيض وأكثره
أقل الحيض ما يستمر من حين خروج الدم ثلاثة أيام ولو في باطن الفرج ، ويكفي التلفيق من أبعاض اليوم ، ولا يكفي وجوده في بعض كل يوم من الثلاثة ولا مع انقطاعه فيما يتوسطها من الليالي ، نعم الفترات اليسيرة المتعارفة ولو في بعض النساء لا تخل بالاستمرار المعتبر فيه .
( 74 )
و أكثر الحيض عشرة أيام ، وكذلك أقل الطهر بين حيضتين ، وأما النقاء المتخلل بين الدمين من حيض واحد ففي كونه طهراً أو حيضاً وجهان ، فالأحوط الجمع فيه بين أحكام الطاهرة والحائض .
وعلى ما تقدم فكل دم تراه المرأة ناقصا عن الثلاثة أو زائدة على العشرة أو قبل مضي عشرة من الحيض الأول فليس بحيض .
الفصل الرابع
تصير المرأة ذات عادة بتكرر الحيض مرتين متواليتين من غير فصل بينهما بحيضة مخالفة ، فإن اتفقا في الزمان والعدد ـ كأن رأت في أول كل من الشهرين المتواليين سبعة أيام مثلاً ـ فالعادة وقتية وعددية . وإن اتفقا في الزمان خاصة دون العدد ـ كأن رأت في أول الشهر الأول سبعة وفي أول الثاني خمسة ـ فالعادة وقتية خاصة . وإن اتفقا في العدد فقط ـ كأن رأت الخمسة في أول الشهر الأول وكذلك في آخر الشهر الثاني ـ مثلاً فالعادة عددية فقط .
مسألة 215 : ذات العادة الوقتية ـ سواء أ كانت عددية أم لا ـ تتحيض بمجرد رؤية الدم في أيام عادتها وإن كان أصفر رقيقاً، وكذا إذا رأت الدم قبل العادة بيوم أو يومين أو أزيد ما دام يصدق عليه تعجيل الوقت والعادة بحسب عرف النساء ، فتترك العبادة ، وتعمل عمل الحائض في جميع الأحكام ولكن إذا انكشف أنه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة مثلاً وجب عليها قضاء الصلاة .
مسألة 216 : غير ذات العادة الوقتية ـ سواء أ كانت ذات عادة عددية فقط أم لم تكن ذات عادة أصلاً كالمبتدئة ـ إذا رأت الدم وكان جامعا
( 75 )
للصفات ، مثل : الحرارة ، والحمرة أو السواد ، والخروج بحرقة ، تتحيض أيضا بمجرد الرؤية ، ولكن إذا انكشف أنه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة ، وجب عليها قضاء الصلاة ، وإن كان فاقداً للصفات ، فلا تتحيض به إلا حين العلم باستمراره إلى ثلاثة أيام ـ ولو كان ذلك قبل إكمال الثلاثة ـ وأما مع احتمال الاستمرار فالأحوط وجوباً الجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة .
مسألة 217 : وإذا تقدم الدم على العادة الوقتية بأزيد ما يصدق عليه تعجيل الوقت بحسب عرف النساء ، أو تأخر عنها ولو قليلاً، فحكم المرأة في التحيض به وعدمه حكم غير ذات العادة الوقتية المتقدم في المسألة السابقة .
مسألة 218 : الأقوى عدم ثبوت العادة بالتمييز ، فغير ذات العادة المتعارفة ترجع إلى الصفات مطلقاً .
الفصل الخامس
في حكم رؤية الدم مرتين في شهر واحد
إذا تخلل بين دمين لا يقل أي منهما عن ثلاثة أيام ولا يزيد على عشرة نقاءً أقل من عشرة فهنا صورتان :
الأولى : ما إذا لم يكن مجموع الدمين والنقاء المتخلل أزيد من عشرة أيام ، ففي هذه الصورة يحكم بكون الدمين حيضا سواء أ كان أحدهما أو كلاهما واقعا في أيام العادة أو ما بحكمهما أم لا . وأما النقاء المتخلل بينهما فالأحوط فيه الجمع بين أحكام الحائض والطاهرة .
الثانية : ما إذا تجاوز عن العشرة ففي هذه الصورة لا يمكن أن يجعل الدمان معا من حيض واحد ، كما لا يمكن جعل كل واحد منهما حيضاً
( 76 )
مستقلا ، وحينئذ فإن كان أحدهما في العادة دون الآخر كان ما في العادة حيضا والآخر استحاضة مطلقاً إلا إذا كان ما في العادة متقدماً زماناً وكان الدم الثاني متصفا بصفة الحيض فإن المقدار الذي لم يتجاوز عن العشرة يحكم بكونه من الحيضة الأولى .
وأما إذا لم يصادف شيء منهما العادة ـ ولو لعدم كونها ذات عادة ـ فإن كان أحدهما واجداً للصفات دون الآخر جعلت الواجد حيضاً والفاقد استحاضة ، وإن تساويا في الصفات فالأقوى جعل أولهما حيضا سواء أ كانا معا متصفين بصفة الحيض أم لا ، والأحوط الأولى أن تحتاط في كل من الدمين خصوصا في الصورة الثانية .
مسألة 219 : إذا تخلل بين الدمين المفروضين أقل الطهر ، كان كل منهما حيضا مستقلاً، سواء أ كان كل منهما أو أحدهما في العادة أم لا ، وسواء أ كان كل منهما أو أحدهما واجداً للصفات أم لا على الأقوى .
الفصل السادس
في الاستبراء والاستظهار
إذا انقطع دم الحيض لدون العشرة في الظاهر ، فإن احتملت بقاءه في الرحم وجب عليها الاستبراء ولا يجوز لها ترك العبادة بدونه ، فإن خرجت القطنة ملوثة بقيت على التحيض ، كما سيأتي ، وإن خرجت نقية اغتسلت وعملت عمل الطاهرة ، ولا استظهار ـ هنا ـ حتى مع ظن العود ، إلا مع اعتياد تخلل النقاء على وجه تعلم أو تطمئن بعوده ، غير متجاوز عن العشرة فإن عليها حينئذ أن تحتاط فيه بالجمع بين أحكام الطاهرة والحائض على ما تقدم .
( 77 )
و كيفية الاستبراء أن تدخل قطنة وتتركها في موضع الدم وتصبر أزيد من الفترة اليسيرة التي يتعارف انقطاع الدم فيها مع بقاء الحيض كما تقدم ، والأولى لها في كيفية إدخال القطنة أن تكون ملصقة بطنها بحائط أو نحوه ، رافعة إحدى رجليها ثم تدخلها .
و إذا تركت الاستبراء لعذر ـ من نسيان أو نحوه ـ واغتسلت ، وصادف براءة الرحم صح غسلها ، وإن تركته ـ لا لعذر ـ ففي صحة غسلها إذا صادف براءة الرحم وجهان : أقواهما ذلك أيضا .
و إن لم تتمكن من الاستبراء ، لظلمة أو عمى مثلاً فالأظهر أنها تبقى على التحيض حتى تعلم بالنقاء ، وإن كان الأحوط الأولى لها أن تجمع بين أحكام الطاهرة ـ ومنها الاغتسال للصلاة ـ وأحكام الحائض إلى أن تعلم بالنقاء فتعيد الغسل وتقضي الصوم .
مسألة 220 : إذا استبرأت فخرجت القطنة ملوثة ولو بالصفرة ، فإن كانت مبتدئة ، أو لم تستقر لها عادة ، أو عادتها عشرة بقيت على التحيض إلى تمام العشرة ، أو يحصل لها العلم بالنقاء قبلها ، وإن شكت فيه أعادت الاستبراء ، وإن كانت ذات عادة ـ دون العشرة ـ فإن كان الاستبراء في أيام العادة ، فلا إشكال في بقائها على التحيض ، إلى أن تتمها إلا أن يحصل لها العلم بالنقاء قبله ، وإن شكت فيه أعادت الاستبراء كما تقدم ، وإن كان بعد انقضاء العادة فإن علمت انقطاع الدم قبل العشرة بقيت على التحيض إلى حين الانقطاع ، وإن علمت تجاوزه عنها اغتسلت وأتت بأعمال المستحاضة ، ومع التردد بين الأمرين فالأحوط الأولى أن تبقى على التحيض استظهاراً يوماً واحداً وتتخير بعده في الاستظهار وعدمه إلى العشرة إلى أن يظهر لها حال الدم ، وأنه ينقطع على العشرة ، أو يستمر إلى ما بعد العشرة . فإن اتضح لها الاستمرار ـ قبل تمام العشرة ـ اغتسلت وعملت عمل |
( 78 )
المستحاضة ، وإلا فالأحوط لها ـ استحباباً ـ الجمع بين أعمال المستحاضة ، وتروك الحائض . ثم أن ما ذكر من الاستظهار لذي العادة يختص بالحائض التي تمادى بها الدم ـ كما هو محل الكلام ـ ولا يشمل المستحاضة التي اشتبه عليها أيام حيضها بل أن عليها أن تعمل عمل المستحاضة بعد انقاضاء أيام العادة .
الفصل السابع
في حكم تجاوز الدم عن العشرة
مسألة 221 : قد عرفت حكم الدم المستمر إذا انقطع على العشرة في ذات العادة وغيرها ، وأما إذا تجاوز العشرة قليلاً كان أو كثيراً وكانت المرأة ذات عادة وقتية وعددية جعلت ما في العادة حيضا وإن كان فاقداً للصفات ، والزائد عليها استحاضة وإن كان واجداً لها ، سواء أمكن جعل الواجد أيضاً حيضا ـ منضما أو مستقلاً ـ أم لم يكن ، هذا إذا لم يتخلل نقاء في البين ـ كما هو مفروض الكلام ـ وإلا فربما يحكم بحيضية الواجد منضماً كما إذا كانت عادتها ثلاثة ـ مثلاً ـ ثم انقطع الدم ، ثم عاد بصفات الحيض ، ثم رأت الدم الأصفر فتجاوز العشرة ، فإن الظاهر في مثله جعل الدم الواجد للصفات ، مع ما في العادة حيضاً، وأما النقاء المتخلل بين الدمين فالأحوط أن تجمع فيه بين أحكام الطاهرة والحائض .
مسألة 222 : المبتدئة وهي : المرأة التي ترى الدم لأول مرة . والمضطربة وهي : التي رأت الدم ولم تستقر لها عادة ، إذا رأت الدم وقد تجاوز العشرة فإما أن يكون واجداً للتمييز بأن يكون الدم المستمر بعضه بصفة الحيض وبعضه بصفة الاستحاضة ، وأما أن يكون فاقداً له بأن يكون ذا لون واحد وأن اختلفت مراتبه كما إذا كان الكل بصفة دم الحيض ولكن
( 79 )
بعضه أسود وبعضه أحمر أو كان الجميع بصفة دم الاستحاضة ـ أي أصفر ـ مع اختلاف درجات الصفرة .
ففي القسم الأول : تجعل الدم الفاقد لصفة الحيض استحاضة كما تجعل الدم الواجد لها حيضاً مطلقاً إذا لم يلزم من ذلك محذور عدم فصل أقل الطهر ـ أي عشرة أيام ـ بين حيضتين مستقلتين وإلا فالأقوى جعل الثاني استحاضة أيضا ، هذا إذا لم يكن الواجد أقل من ثلاثة أيام ولا أكثر من العشرة وأما مع كونه أقل أو أكثر فلا بد في تعيين عدد أيام الحيض من الرجوع إلى أحد الطريقين الآتيين في القسم الثاني بتكميل العدد من الفاقد إذا كان أقل من ثلاثة وتنقيصه من الواجد إذا كان أكثر من العشرة ولا يحكم بحيضية الزائد على العدد .
و أما في القسم الثاني : فالمبتدئة تقتدي ببعض نسائها في العدد ، ويعتبر فيمن تقتدي بها أمران :
الأول : عدم العلم بمخالفتها معها في مقدار الحيض ، فلا تقتدي المبتدئة بمن كانت قريبة من سن اليأس مثلاً .
الثاني : عدم العلم بمخالفة عادة من تريد الاقتداء بها مع عادة من يماثلها من سائر نسائها . وإذا لم يمكن الاقتداء ببعض نسائها فالظاهر أنها مخيرة في كل شهر في التحيض فيما بين الثلاثة إلى العشرة ولكن ليس لها أن تختار عدداً تطمئن بأنه لا يناسبها ، والأحوط اختيار السبع إذا لم يكن كذلك . وأما المضطربة فالأحوط لها الرجوع إلى بعض نسائها ثم الرجوع إلى العدد على النحو المتقدم ، نعم إذا ثبت لها عادة عددية ناقصة بالنسبة إلى الأقل أو الأكثر كأن لم تر الدم أقل من خمسة أيام أو أزيد في ثمانية أيام مثلاً مراراً عديدة بحيث عد ذلك عادة لها عرفا لزمها رعايتها أيضاً كما سيأتي نظير ذلك في المسألة اللاحقة .
( 80 )
مسألة 223 : إذا كانت ذات عادة عددية فقط ونسيت عادتها ثم رأت الدم ثلاثة أيام أو أكثر ولم يتجاوز العشرة كان جميعه حيضا ، وأما إذا تجاوزها فحكمها في ذلك كله حكم المضطربة المتقدم في المسألة السابقة ، ولكنها تمتاز عنها في موردين :
1 ـ ما إذا كان العدد الذي يقتضيه أحد الضوابط الثلاثة المتقدمة أقل من المقدار المتيقن من عادتها ، كما إذا كان العدد المفروض سبعة وهي تعلم أن عادتها المنسية إما كانت ثمانية أو تسعة ، ففي مثل ذلك لا بد أن تجعل القدر المتيقن من عادتها حيضاً وهو الثمانية في المثال .
2 ـ ما إذا كان العدد المفروض أكبر من عادتها كما إذا كان ثمانية وهي تعلم بأن عادتها كانت خمسة أو ستة ، ففي مثل ذلك لا بد أن تجعل أكبر عدد تحتمل أنه كان عادة لها حيضا وهو الستة في المثال .
و أما في غير هذين الموردين فلا عبرة بالعدد المنسي ، ولكنها إذا احتملت العادة فيما زاد على العدد المفروض فالأحوط الأولى أن تعمل فيه بالاحتياط بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة .
مسألة 224 : إذا كانت ذات عادة وقتية فقط فنسيتها وتجاوز الدم عن العشرة فحكمها ما تقدم في المضطربة وقتا وعدداً من لزوم الرجوع إلى التمييز أو الرجوع إلى بعض نسائها أو اختيار العدد على التفصيل المتقدم ، ولا خصوصية للمقام إلا في موردين :
الأول : ما إذا علمت بأن زماناً خاصاً ـ أقل من الثلاثة ـ ترى فيه الدم فعلاً جزء من عادتها الوقتية ولكنها نسيت مبدأ الوقت ومنتهاه فحكمها حينئذ لزوم التمييز بالدم الواجد للصفات المشتمل على ذلك الزمان وأما مع عدم الاشتمال عليه فتعتبر فاقدة للتمييز فتختار العدد المشتمل عليه على التفصيل المتقدم .
( 81 )
الثاني : ما إذا لم تعلم بذلك ولكنها علمت بانحصار زمان الوقت في بعض الشهر كالنصف الأول منه وحينئذ فلا أثر للدم الواجد للصفة إذا كان خارجا عنه كما أنه ليس لها اختيار العدد في غيره ، هذا والأحوط الأولى لها أن تحتاط في جميع أيام الدم مع العلم بالمصادفة مع وقتها إجمالاً .
مسألة 225 : إذا كانت ذات عادة عددية ووقتية فنسيتها ففيها صور :
الأولى : أن تكون ناسية للوقت مع حفظ العدد والحكم فيها هو الرجوع في العدد إلى عادتها وفي الوقت إلى التمييز على التفصيل المتقدم في المسألة السابقة ، ومع عدم إمكان الرجوع إليه تجعل العدد في أول رؤية الدم على الأظهر إذا أمكن جعله حيضاً وإلا فتجعله بعده كما إذا رأت الدم المتجاوز عن العشرة بعد الحيض السابق من دون فصل عشرة أيام بينهما .
الثانية : أن تكون حافظة للوقت وناسية للعدد ، ففي هذه الصورة ـ مع انحفاظ مبدأ الوقت ـ تجعل ما تراه من الدم في وقتها المعتاد ـ بصفة الحيض أو بدونها ـ حيضا ، فإن لم يتجاوز العشرة فجميعه حيض ، وإن تجاوزها فعليها أن ترجع في تعيين العدد إلى التمييز إن أمكن وإلا فإلى بعض أقاربها على الأحوط ، وإن لم يمكن الرجوع إلى الأقارب أيضاً فعليها أن تختار عدداً مخيرة بين الثلاثة إلى العشرة ، نعم لا عبرة بشيء من الضوابط الثلاثة في موردين تقدم بيانهما في المسألة 223 .
الثالثة : أن تكون ناسية للوقت والعدد معاً والحكم في هذه الصورة وإن كان يظهر مما سبق إلا أنا نذكر فروعا للتوضيح :
الأول : إذا رأت الدم بصفة الحيض أياما ـ لا تقل عن ثلاثة ولا تزيد على عشرة ـ كان جميعه حيضاً، وأما إذا كان أزيد من عشرة ـ ولم تعلم بمصادفته لأيام عادتها ـ تحيضت به وترجع في تعيين عدده إلى بعض أقاربها وإلا فتختار عدداً بين الثلاثة والعشرة على التفصيل المشار إليه في الصورة
( 82 )
الثانية .
الثاني : إذا رأت الدم بصفة الحيض أياماً لا تقل عن ثلاثة ولا تزيد على عشرة وأياماً بصفة الاستحاضة ولم تعلم بمصادفة ما رأته من الدم مع أيام عادتها جعلت ما بصفة الحيض حيضا وما بصفة الاستحاضة استحاضة إلا في موردين تقدم بيانهما في المسألة 223 .
الثالث : إذا رأت الدم وتجاوز عشرة أيام وعلمت بمصادفته لأيام عادتها فالأولى أن تحتاط في جميع أيام الدم سواء كان جميعه أو بعضه بصفة الحيض أم لا ، ولكن الأظهر أن وظيفتها الرجوع إلى التمييز أن أمكن وإلا فإلى بعض نسائها على الأحوط ، فإن لم يمكن الرجوع إليهن أيضاً فعليها أن تختار عدداً بين الثلاثة والعشرة ، ولا أثر للعلم بالمصادفة مع الوقت إلا في موردين تقدم التعرض لهما في المسألة 224 ، وإنما ترجع إلى العدد الذي يقتضيه أحد الضوابط الثلاثة المتقدمة فيما إذا لم يكن أقل من القدر المتيقن من عددها المنسي ولا أزيد من أكبر عدد تحتمل أن تكون عليه عادتها ، وأما في هذين الموردين فحكمها ما تقدم في المسألة 223 .
مسألة 226 : الأظهر عدم ثبوت العادة الشرعية المركبة فإذا رأت الدم في الشهر الأول ثلاثة وفي الشهر الثاني أربعة وفي الشهر الثالث ثلاثة وفي الشهر الرابع أربعة لا تكون بذلك ذات عادة في شهر الفرد ثلاثة وفي شهر الزوج أربعة بل حكمها حكم المضطربة المتقدم في المسألة 222 ، نعم لو تكررت رؤية الدم بالكيفية المذكورة أو ما يشبهها مراراً كثيرة بحيث صدق عرفاً أنها عادتها وأيامها فالأظهر لزوم الأخذ بها .
( 83 )
الفصل الثامن
في أحكام الحيض
مسألة 227 : لا يصح من الحائض شيء مما يشترط فيه الطهارة من العبادات ـ كالصلاة ، والصيام ، والطواف ، والاعتكاف ـ ويحرم عليها جميع ما يحرم على الجنب مما تقدم ، ومنه المكث في المساجد الملازم للأخيرين .
مسألة 228 : يحرم وطؤها في القبل ، عليها وعلى الفاعل ، بل قيل إنه من الكبائر ، بل الأحوط وجوباً ترك إدخال بعض الحشفة أيضاً أما وطؤها في الدبر ففيه إشكال ، وإن كان الأظهر جوازه من حيث الحيضية بل مطلقاً مع رضاها ، وأما مع عدمه فالأحوط لزوماً تركه . ولا بأس بالاستمتاع بها بغير ذلك وإن كره بما تحت المئزر مما بين السرة والركبة ، وإذا نقيت من الدم ، جاز وطؤها وإن لم تغتسل ولكن الأحوط وجوباً أن تغسل فرجها قبل الوطء .
مسألة 229 : الأحوط ـ استحباباً ـ للزوج دون الزوجة الكفارة عن الوطء في أول الحيض دينار ، وفي وسطه بنصف دينار وفي آخره بربع دينار. والدينار هو ( 18 ) حمصة ، من الذهب المسكوك ، والأحوط ـ استحباباً ـ أيضا دفع الدينار نفسه مع الإمكان ، وإلا دفع القيمة وقت الدفع . ولا شيء على الساهي ، والناسي ، والصبي ، والمجنون ، والجاهل بالموضوع أو الحكم .
مسألة 230 : لا يصح طلاق الحائض وظهارها ، إذا كانت مدخولاً بها ـ ولو دبراً ـ وكان زوجها حاضراً ، أو في حكمه ، ـ على ما سيأتي تفصيله في كتاب الطلاق ـ إلا أن تكون مستبينة الحمل فلا بأس به حينئذ ، وإذا طلقها على أنها حائض فبانت طاهرة صح ، وإن عكس فسد .
( 84 )
مسألة 231 : يجب الغسل من حدث الحيض لكل مشروط بالطهارة من الحدث الأكبر ، ويستحب للكون على الطهارة ، وهو كغسل الجنابة في الكيفية من الارتماس ، والترتيب . والظاهر أنه يجزئ عن الوضوء كغسل الجنابة ، وإن كان الأحوط الأفضل الوضوء قبله .
مسألة 232 : يجب عليها قضاء ما فاتها من الصوم في رمضان بل والمنذور في وقت معين ـ على الأحوط ـ ولا يجب عليها قضاء الصلاة اليومية ، وصلاة الآيات ، والمنذورة في وقت معين .
مسألة 233 : الظاهر أنها تصح طهارتها من الحدث الأكبر غير الحيض ، فإذا كانت جنباً واغتسلت عن الجنابة صح ، وكذلك يصح منها الوضوء والأغسال المندوبة ، نعم في صحة غسل الجمعة منها قبل النقاء إشكال كما سيأتي .
مسألة 234 : يستحب لها التحشي والوضوء في وقت كل صلاة واجبة ، والجلوس في مكان طاهر مستقبلة القبلة ، ذاكرة لله تعالى ، والأولى لها اختيار التسبيحات الأربع .
مسألة 235 : يكره لها الخضاب بالحناء ، أو غيرها ، وحمل المصحف ولمس هامشه ، وما بين سطوره ، وتعليقه .
( 85 )
المقصد الثالث
الاستحاضة
مسألة 236 : دم الاستحاضة في الغالب أصفر بارد رقيق يخرج بلا لذع وحرقة ، عكس دم الحيض ، وربما كان بصفاته ، ولا حد لكثيره ، ولا لقليله ، ولا للطهر المتخلل بين أفراده ، ولا يتحقق قبل البلوغ وفي تحققه بعد الستين إشكال .
و هو ناقض للطهارة بخروجه ، ولو بمعونة القطنة من المحل المعتاد بالأصل ، أو بالعارض ، وفي غيره إشكال ، ويكفي في بقاء حدثيته ، بقاؤه في باطن الفرج بحيث يمكن إخراجه بالقطنة ونحوها ، والظاهر عدم كفاية ذلك في انتقاض الطهارة به ، كما تقدم في الحيض .
مسألة 237 : الاستحاضة على ثلاثة أقسام : قليلة ، ومتوسطة وكثيرة .
الأولى : ما يكون الدم فيها قليلاً، بحيث تلوث القطنة ولا يغمسها .
الثانية : ما يكون فيها أكثر من ذلك ، بأن يغمس القطنة ولكن لا يتجاوزها إلى الخرقة التي فوقها .
الثالثة : ما يكون فيها أكثر من ذلك ، بأن يغمسها ويتجاوزها إلى الخرقة فيلوثها .
مسألة 238 : الأحوط للمستحاضة أن تختبر حالها قبل الصلاة ـ ولو بإدخال قطنة في الموضع المتعارف والصبر عليها قليلا ثم إخراجها ـ لتعرف أنها من أي الأقسام الثلاثة ، وإذا صلت من دون اختبار بطلت إلا إذا طابق عملها الوظيفة اللازمة لها ، هذا فيما إذا تمكنت من الاختبار وإلا تبني على
( 86 )
أنها ليست بمتوسطة أو كثيرة إلا إذا كانت مسبوقة بها فتأخذ بالحالة السابقة حينئذ .
مسألة 239 : حكم القليلة وجوب الوضوء لكل صلاة ، فريضة كانت ، أو نافلة ، دون الأجزاء المنسية وصلاة الاحتياط فلا يحتاج فيها إلى تجديد الوضوء كما لا يحتاج إلى تبديل القطنة أو تطهيرها لكل صلاة وإن كان ذلك أحوط .
مسألة 240 : حكم المتوسطة مضافاً إلى ما ذكر ـ من وجوب الوضوء لكل صلاة والاحتياط الراجح بتبديل القطنة أو تطهيرها لها ـ الغسل مقدماً على الوضوء في كل يوم مرة واحدة ـ بتفصيل سيأتي إن شاء الله تعالى ـ ووجوب هذا الغسل مبني على الاحتياط وعليه تبتني جملة من الأحكام الآتية .
مسألة 241 : حكم الكثيرة ـ مضافا إلى وجوب تجديد القطنة والخرقة التي عليها على الأحوط ـ ثلاثة أغسال في كل يوم : غسل لصلاة الصبح وغسل للظهرين تجمع بينهما وغسل للعشائين كذلك ، ولا يجوز لها الجمع بين أكثر من صلاتين بغسل واحد ، ولكن يجوز لها التفريق بين الظهرين أو العشائين إلا أنه يجب عليها حينئذ الغسل لكل منها .
و يكفي للنوافل أغسال الفرائض ولا يجب الوضوء لكل صلاة منها ، بل الظاهر عدم وجوبه للفرائض أيضا وإن كان الأحوط استحباباً أن تتوضأ قبل كل غسل .
ثم أن ما ذكر من وجوب ثلاثة أغسال عليها يختص بما إذا كان الدم صبيباً لا ينقطع بروزه على القطنة ، وأما إذا كان بروزه عليها متقطعاً بحيث تتمكن من الاغتسال والإتيان بصلاة واحدة أو أزيد قبل بروز الدم عليها مرة أخرى فالأحوط الاغتسال عند بروز الدم ، وعلى ذلك فلو اغتسلت وصلت
( 87 )
ثم برز الدم على القطنة قبل الصلاة الثانية أو في أثنائها وجب عليها الاغتسال لها ، وليس لها الجمع بين الصلاتين بغسل واحد ، ولو كان الفصل بين البروزين بمقدار تتمكن فيه من الإتيان بصلاتين أو عدة صلوات فالأظهر أن لها ذلك من دون حاجة إلى تجديد الغسل .
مسألة 242 : تأتي المتوسطة بالغسل الواجب عليها لكل صلاة حدثت قبلها ، فإذا حدثت قبل صلاة الفجر اغتسلت لها وإذا حدثت بعدها اغتسلت للظهرين ، وإذا حدثت بعدهما اغتسلت للعشاءين ، وإذا حدثت بين الظهرين أو العشاءين اغتسلت للمتأخرة منها ، وإذا حدثت قبل صلاة الصبح ولم تغتسل لها عمداً ، أو سهواً ، اغتسلت للظهرين ، وعليها إعادة صلاة الصبح على الأحوط ، وكذا إذا حدثت أثناء الصلاة استأنفتها بعد الغسل والوضوء .
مسألة 243 : إذا حدثت الكبرى بعد صلاة الصبح وجب غسل للظهرين وآخر للعشاءين . وإذا حدثت بعد الظهرين وجب غسل واحد للعشاءين . على تفصيل في الصورتين يظهر مما تقدم في المسألة 241 ، وإذا حدثت بين الظهرين أو العشاءين وجب الغسل للمتأخرة منهما .
مسألة 244 : إذا انقطع دم الاستحاضة انقطاع برء قبل الأعمال وجبت تلك الأعمال ولا إشكال ، وإن كان بعد الشروع في الأعمال ـ قبل الفراغ من الصلاة ـ استأنفت الأعمال ، وكذا الصلاة إن كان الانقطاع في أثنائها ، وهكذا الحكم على الأحوط إذا كان الانقطاع انقطاع فترة تسع الطهارة والصلاة ، بل الأحوط لزوما ذلك أيضاً، إذا كانت الفترة تسع الطهارة وبعض الصلاة أو شك في ذلك ، فضلاً عما إذا شك في أنها تسع الطهارة وتمام الصلاة ، أو أن الانقطاع لبرء ، أو فترة تسع الطهارة وبعض الصلاة ، وإن كان الانقطاع بعد الصلاة فالأظهر عدم وجوب إعادتها إلا إذا بادرت إليها مع رجاء
( 88 )
الانقطاع فإن الأحوط لزوما حينئذ إعادتها بعده .
مسألة 245 : إذا علمت المستحاضة أن لها فترة تسع الطهارة والصلاة وجب تأخير الصلاة إليها على الأحوط ، وإذا صلت قبلها ولو مع الوضوء والغسل أعادت صلاتها إلا إذا حصل منها قصد القربة وانكشف عدم الانقطاع ، وإذا كانت الفترة في أول الوقت فالأحوط عدم تأخير الصلاة عنها ، وإن أخرت فعليها الصلاة بعد فعل وظيفتها .
مسألة 246 : إذا انقطع الدم انقطاع برء ، وجددت الوظيفة اللازمة لها ، لم تجب المبادرة إلى فعل الصلاة ، بل حكمها ـ حينئذ ـ حكم الطاهرة في جواز تأخير الصلاة .
مسألة 247 : إذا اغتسلت ذات الكثيرة لصلاة الظهرين ولم تجمع بينهما ـ ولو لعذر ـ وجب عليها تجديد الغسل للعصر ، وكذا الحكم في العشاءين ، على ما تقدم في المسألة 241 .
مسألة 248 : إذا انتقلت الاستحاضة من الأدنى إلى الأعلى كالقليلة إلى المتوسطة ، أو إلى الكثيرة ، وكالمتوسطة إلى الكثيرة ، فإن كان قبل الشروع في الأعمال فلا إشكال في أنها تعمل عمل الأعلى للصلاة الآتية ، أما الصلاة التي فعلتها قبل الانتقال فلا إشكال في عدم لزوم إعادتها ، وإن كان بعد الشروع في الأعمال فعليها الاستئناف ، وعمل الأعمال التي هي وظيفة الأعلى كلها ، وكذا إذا كان الانتقال في أثناء الصلاة ، فتعمل أعمال الأعلى وتستأنف الصلاة ، بل يجب الاستئناف حتى إذا كان الانتقال من المتوسطة إلى الكثيرة فيما إذا كانت المتوسطة محتاجة إلى الغسل وأتت به ، فإذا اغتسلت ذات المتوسطة للصبح ، ثم حصل الانتقال أعادت الغسل ، حتى إذا كان في أثناء الصبح ، فتعيد الغسل وتستأنف الصبح ، وإذا ضاق الوقت عن الغسل تيممت بدل الغسل وصلت ، وإذا ضاق الوقت عن ذلك
( 89 )
ـ أيضا ـ فالأحوط استحباباً الاستمرار على عملها ويجب عليها القضاء .
مسألة 249 : إذا انتقلت الاستحاضة من الأعلى إلى الأدنى استمرت على عملها للأعلى بالنسبة إلى الصلاة الأولى ، وتعمل عمل الأدنى بالنسبة إلى الباقي ، فإذا انتقلت الكثيرة إلى المتوسطة ـ أو القليلة ـ اغتسلت للظهر ، واقتصرت على الوضوء بالنسبة إلى العصر والعشاءين .
مسألة 250 : تجب على المستحاضة المبادرة إلى الصلاة بعد الوضوء والغسل على ما تقدم ، لكن يجوز لها الإتيان بالأذان والإقامة والأدعية المأثورة وما تجري العادة بفعله قبل الصلاة ، أو يتوقف فعل الصلاة على فعله ولو من جهة لزوم العسر والمشقة بدونه ، مثل الذهاب إلى المصلى ، وتهيئة المسجد ، ونحو ذلك ، وكذلك يجوز لها الإتيان بالمستحبات في الصلاة .
مسألة 251 : يجب عليها مع الأمن من الضرر التحفظ من خروج الدم من حين الفراغ من الغسل إلى أن تتم الصلاة ـ ولو بحشو الفرج بقطنة ، وشده بخرقة ـ فإذا قصرت وخرج الدم أعادت الصلاة ، بل الأحوط ـ الأولى ـ إعادة الغسل .
مسألة 252 : المشهور توقف صحة الصوم من المستحاضة الكثيرة على فعل الأغسال النهارية والليلية السابقة ، ولكن لا يبعد عدم توقفها عليه كما لا يتوقف صحة الصوم من المستحاضة المتوسطة على غسلها ، وكذا لا يتوقف جواز الوطء فيهما على الغسل وإن كانت رعاية الاحتياط في الجميع أولى ، وأما دخول المساجد وقراءة العزائم فالظاهر جوازهما للمستحاضة مطلقاً، ويحرم عليها مس المصحف ونحوه قبل تحصيل الطهارة ، ولا يبعد جوازه لها قبل إتمام صلاتها دون ما بعده .
( 90 )
المقصد الرابع
النفاس
مسألة 253 : دم النفاس هو دم يقذفه الرحم بالولادة معها أو بعدها ، على نحو يستند خروج الدم إليها عرفاً ، وتسمى المرأة في هذا الحال بالنفساء ، ولا نفاس لمن لم تر الدم من الولادة أصلا أو رأته بعد فصل طويل بحيث لا يستند إليها عرفاً كما إذا رأته بعد عشرة أيام منها . ولا حد لقليل النفاس فيمكن أن يكون بمقدار لحظة فقط وحد كثيره عشرة أيام ، وإن كان الأحوط الأولى فيما زاد عليها إلى ثمانية عشر يوماً مراعاة تروك النفساء مضافاً إلى أعمال المستحاضة ، ويلاحظ في مبدأ الحساب أمور :
1 ـ أن مبدأه اليوم ، فإن ولدت في الليل ورأت الدم كان من النفاس ولكنه خارج عن العشرة .
2 ـ أن مبدأه رؤية الدم لا نفس الولادة فإن تأخر رؤية الدم عنها كانت العبرة في الحساب بالرؤية .
3 ـ أن مبدأه الدم المرئي بعد الولادة على الأظهر وإن كان المرئي حينها نفاساً أيضاً . ثم أن الأحوط وجوبا في النقاء المتخلل بين نفاس واحد الجمع بين أحكام الطاهرة والنفساء وكذا في النقاء المتوسط بين ولادتين مع تداخل عشرتهما ، كما إذا ولدت في أول الشهر ورأت الدم إلى تمام اليوم الثالث ثم ولدت في اليوم الخامس ورأت الدم أيضاً، نعم النقاء المتخلل بين ولادتين مع عدم تداخل عشرتهما طهر ولو كانت لحظة واحدة فإنه لا يعتبر فصل أقل الطهر بين النفاسين بل لا يعتبر الفصل بينهما أصلاً كما إذا ولدت
( 91 )
ورأت الدم إلى عشرة ثم ولدت آخر على رأس العشرة ورأت الدم إلى عشرة أخرى ، فالدمان جميعاً نفاسان متواليان .
مسألة 254 : الدم الذي تراه الحبلى قبل ظهور الولد ليس من النفاس كما مر ، فإن رأته في حال المخاض وعلمت أنه منه فالأحوط أن ترتب عليه آثار دم الاستحاضة ، وإن كان الأظهر أنه بحكم دم الجروح . وإن رأته قبل هذه الحالة أو فيها ولم تعلم استناده إليه ـ سواء أ كان متصلاً بدم النفاس أم منفصلاً عنه بعشرة أيام أو أقل ـ فإن لم يكن بشرائط الحيض فهو استحاضة وإن كان بشرائطه فهو حيض لما مر أن الحيض يجتمع مع الحمل ولا يعتبر فصل أقل الطهر بين الحيض المتقدم والنفاس نعم يعتبر الفصل به بين النفاس والحيض المتأخر عنه ، كما سيأتي .
مسألة 255 : النفساء إذا رأت الدم واحداً فهي على أقسام :
1 ـ التي لا يتجاوز دمها العشرة، فجميع الدم في هذه الصورة نفاس .
2 ـ التي يتجاوز دمها العشرة، وتكون ذات عادة عددية في الحيض، وعلمت مقدار عادتها أو نسيتها ـ فإن الناسية تجعل أكبر عدد محتمل عادة لها في المقام ـ ففي هذه الصورة يكون نفاسها بمقدار عادتها والباقي استحاضة .
3 ـ التي يتجاوز دمها العشرة ولا تكون ذات عادة عددية في الحيض أي المبتدئة والمضطربة ، ففي هذه الصورة يكون نفاسها عشرة أيام ، والأظهر أنها لا ترجع إلى عادة أقاربها في الحيض أو النفاس ولا إلى عادة نفسها في النفاس .
مسألة 256 : النفساء إذا رأت في عشرة الولادة أزيد من دم واحد كأن رأت دمين أو ثلاثة أو أربعة وهكذا ـ سواء كان النقاء المتخلل كالمستوعب
( 92 )
لقصر زمن الدمين أو الدماء أم لم يكن كذلك ـ ففيها صورتان :
الأولى : أن لا يتجاوز شيء منها العشرة ففي هذه الصورة يكون كل ما تراه نفاساً ، وأما النقاء المتخلل فالأحوط الجمع فيه بين أعمال الطاهرة وتروك النفساء .
الثانية : أن يتجاوز الأخير منها اليوم العاشر وهي على قسمين :
الأول : أن لا تكون المرأة ذات عادة عددية في الحيض وحكمها ما تقدم في الصورة الأولى ، فما خرج عن العشرة من الدم الأخير يحكم بكونه استحاضة .
الثاني : ما إذا كانت ذات عادة عددية فهل يحكم بلزوم رجوعها إلى عادتها وأن كل دم خارج عنها ليس بنفاس ، أو تكون كغير ذات العادة التي تقدم حكمها في القسم الأول وأن كل دم تراه في العشرة فهو نفاس ؟ وجهان ، والأحوط في الدم الخارج عن العادة الجمع بين تروك النفساء وأعمال المستحاضة .
مسألة 257 : يعتبر فصل أقل الطهر وهي عشرة أيام بين دم النفاس ودم الحيض الذي بعده ـ كما كان يعتبر ذلك بين الحيضتين ـ فما تراه النفساء من الدم إلى عشرة أيام ـ بعد تمام نفاسها ـ استحاضة مطلقاً سواء أ كان الدم بصفات الحيض أو لم يكن ، وسواء أ كان الدم في أيام العادة أم لم يكن ، ويعبر عن هذه العشر بعشرة الاستحاضة ، فإذا رأت دماً بعدها ـ سواء استمر بها أم أنقطع ثم عاد ـ فهو على قسمين :
الأول : أن تكون النفساء ذات عادة وقتية ، وفي هذا القسم ترجع إلى عادتها ولا ترجع إلى التمييز ، فإن كانت العادة في العشرة التالية لعشرة الاستحاضة كان ما تراه فيها حيضا ، وإن لم تكن فيها بل فيما بعدها انتظرت
( 93 )
أيام عادتها وإن اقتضى ذلك عدم الحكم بتحيضها فيما بعد الولادة شهر أو أزيد ، وهذا كما إذا كان لها عادة وقتية واحدة في كل شهر وصادفت في الشهر الأول عشرة الاستحاضة .
الثاني : أن لا تكون لها عادة وقتية فإن كانت ذات تمييز من جهة اختلاف لون الدم وكون بعضه بلون الحيض وبعضه بلون الاستحاضة ـ مع توفر سائر الشرائط ـ رجعت إلى التمييز ، وهو قد يقتضي الحكم بتحيضها فيما بعد عشرة الاستحاضة بلا فصل ، وقد يقتضي الحكم بعدم تحيضها في شهر الولادة بالكلية ، أو الحكم بتعدد الحيض في شهر واحد ففي جميع هذه الحالات ترجع مستمرة الدم إذا كانت ذات تمييز إلى ما يقتضيه التمييز ولو في شهور متعددة ، وأما إذا لم تكن ذات تمييز بأن كان الدم ذا لون واحد في عشرة الاستحاضة وما بعدها إلى شهر أو شهور عديدة فحكمها التحيض في كل شهر بالاقتداء ببعض نسائها أو باختيار العدد الذي لا تطمئن بأنه لا يناسبها كما تقدم تفصيل ذلك كله في فصل الحيض .
مسألة 258 : النفساء بحكم الحائض في الاستظهار عند تجاوز الدم أيام العادة ، وفي لزوم الاختبار عند ظهور انقطاع الدم ، وتقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ، ويحرم وطؤها ، ولا يصح طلاقها .
و المشهور أن أحكام الحائض من الواجبات ، والمحرمات والمستحبات ، والمكروهات تثبت للنفساء أيضا ، ولكن جملة من الأفعال التي كانت محرمة على الحائض تشكل حرمتها على النفساء ، وإن كان الأحوط لزوما أن تجتنب عنها . وهذه الأفعال هي:
1 ـ قراءة الآيات التي تجب فيها السجدة .
2 ـ الدخول في المساجد بغير اجتياز .
( 94 )
3 ـ المكث في المساجد .
4 ـ وضع شيء فيها .
5 ـ دخول المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وآله ولو على نحو الاجتياز .