أنت هنا: الرئيسية المكتبة الاسلامية الـذنـب اسبابه وعلاجه 3 ـ الارضية الاقصادية للذنب
 
 


3 ـ الارضية الاقصادية للذنب

البريد الإلكتروني طباعة
كتاب الذنب ص 92 ـ ص 116

3 ـ الأرضية الاقتصادية للذنب


ان بعض الامور الاقتصادية تهيىء الارضية لاقتراف الذنب وهي على نوعين .
1 ـ الغنى والثروة المالية .
2 ـ الفقر والفاقة .

ان الفقر والفاقة عاملان لطغيان وكفر الانسان احياناً وكذلك الثروة وكثرة الاموال فهي سبب آخر للطغيان .
وكثير من الروايات والآيات القرآنية تؤكد ذلك وسوف نذكر بعض النماذج لاثبات المقصود . ولكن في البداية يجب الانتباه الى ان كلامنا يدور حول الغنى والثروة اللذين يهيئان الارضية للذنب احياناً .
وليس الغنى دليل الفساد والذنب كما تقول الشيوعية ، لانّ هناك فرق كبير بين الارضية والدليل ، وبعبارة واضحة : ان الغنى ليس سبباً للذنب . بل يميل بالانسان الى الذنب في بعض الاحيان ، وسوف نشرح ذلك في الآية 6 و 7 من سورة العلق حيث تقول الآية :


(93)


( انّ الأنسان ليطغى أن رآه استغنى ) .
إن هذه الآية لم تقل ان الثروة وعدم الفاقة سبب وعامل للفساد ، بل تقول : ان الانسان اذا رأى نفسه غنياً اصابه الطغيان أما اذا لم تكن هذه النظرة عنده فالثروة والغنى ليست سبباً للفساد .
ولتوضيح ذلك نطرح هذا السؤال وهو : هل الثروة سبب للفساد ؟
والجواب على هذا سؤال على نحوين أن الثروة عامل فساد :
1 ـ اذا كانت رؤية الانسان بان الاموال قد جمعها بقوته وذكائه .
2 ـ اذا اعتقد الانسان بأنه حرّ في جمع المال وانفاقه بالطريقة التي يريدها .
ولكن الآيات القرآنية والروايات تؤكد أن الثروة والمال ليست ملكاً للانسان بل هي مال الله سبحانه الذي يرزق به عباده .
حيث ورد في القرآن الكريم ذكر كلمة ( رزقناكم ) 7 مرات كلمة ( رزقناهم ) 13 مرة ( يرزقكم ) 5 مرات . وجعل حدوداً لجمع وانفاق الاموال ، فمثلاً اذا حصل الانسان المال عن طريق الربا او الكذب او الرشوة او الظلم فذلك حرام بالطبع ، فالمال بمثابة السكين في يد الكافر ، حيث يذبح ويقتل ويكون سبباً للفساد ، ولكن اذا كانت في يد المؤمن فهي وسيلة حسنة .
أو كمثل الزجاجة حيث نستطيع ان نستفيد منهابان


(94)


نضع فيها ماء الليمون ويمكننا ان نضع فيها الخمر والنبيذ أيضاً . اذن فالزجاجة وسيلة ولكن لاي غرض تستخدم ؟

مثال آخر :


ان البرد يسبب الرشح عند من يصيبه ولكنه ليس علة لأنّ الانسان يستطيع ان يحفظ نفسه من البرد في فصل الشتاء ؛ كذلك يصاب الانسان بالرشح في الصيف اذا أهمل نفسه ولم يهتم بها .
وعلى هذا الاساس فالبرد يهيىء الارضية للمرض وليس علة للمرض .

الثروة في يدي فرعون وقارون سبب للفساد . ولكن في يدي حضرة سليمان ( عليه السلام ) سببّ للعمار وسد النواقص الاقتصادية والاجتماعية .

وهناك نموذجان من الاثرياء في القرآن الكريم :


1 ـ النبي سليمان ( عليه السلام ) .
2 ـ قارون .

إنّ هذين الثريين أوتيا من المال ما لم يؤت لاحدٍ مثلهما ، وكلاهما تصرف باستخدام المال بطريقته الخاصة ، فالاول جعل الثروة والملك وسيلة للوصول الى مرضاة الله سبحانه وان ما يملك هو كله من عند الله سبحانه وتعالى . فيقول :


(95)


( هذا من فضل ربّي ليبلوني أأشكر أم أكفر ) ( سورة النمل الآية 40 ) .
أما الآخر فتصور أنّ المال الذي امتلكه ، كان نتيجة لقدرته وذكائه وعلمه وجعله وسيلة للفساد وزينة للدنيا .
ولكن نرى سليمان ( عليه السلام ) انه فقير الى الله سبحانه وكل ما يملك مرده الى الله جل وعلا .
أما قارون ذلك الثري الذي يرى ثراءه وملكه من عنده فعندما طالبه موسى ( عليه السلام ) بزكاة امواله حسب الاوامر الالهية اعترض وقال :
( إنّما اوتيته على علم عندي ) ( القصص الآية 78 ) .
فغضب الله عليه بقوله جل وعلا في سورة القصص الآية 81 :
( فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئةٍ ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين ) . ( القصص الآية 81 )

الترف والمترفون في القرآن الكريم :


جاءت عبارة « الترف والمترف » باشكالٍ مختلفة ولثمان مرات في القرآن الكريم .
« المترف » من أصل الترف والترفه « على وزن لقمة » ومعناها الزيادة وكثرة النعم التي تجعل صاحبها غافلاً ومغروراً الى حد الطغيان . وبهذا الصدد نقرأ ما جاء في الآية 34 من سورة سبأ :
( وما ارسلنا في قريةٍ من نذيرٍ إلاّ قال مترفوها انّا بما


(96)


أرسلتم به كافرون ) .
ويذكر القرآن الكريم أن الثروة التي يطغي بها صاحبها ويغتر هي تلك التي تهيىء الارضية للذنب . ومثل أولئك نراهم تحت الانذار الالهي الشديد . ومصداق ذلك جاء في الآية 58 من سورة القصص .
( وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم الاّ قليلاً ) .
وجاء في الآية الاولى من سورة التكاثر : ( الهاكم التكاثر ) .
قال الرسول الاكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
« التكاثر في الأموال جمعها من غير حقها ومنعها من حقها ، في الأوعيةٍ » . (1)

علاقة الفقر والفاقة بالذنب :


كما ذكرنا سابقاً بان الفقر في بعض الاحيان يهيىء الارضية للذنب ، ولكن نرى ان بعض الروايات تمدح الفقر وبعضها تذمّه ، أمّا الذي ذمته الروايات فهو الفقر الاقتصادي الذي يحصل بسبب الستغلال المستعمرين وجشع أصحاب رؤوس الأموال والاوضاع الاقتصادية المتدهورة التي تتولّد عنها الفوضى والبطالة .
وهذا الفقر والفاقة هما اللذان يسببان الانحراف واقتراف الذنب . مثل : الادمان ، السرقة ، والجرائم الاخرى . كما في المثل
____________
(1) نور الثقلين ج 5 ص 662 .


(97)


القائل :
« الانسان الجائع لا ايمان له » .
وعلى هذا الاساس فانّ أحد الاسباب التي تساعد على ايجاد الارضية الاقتصادية للذنب هو الفقر .
ولصيانة المجتمع بشكل جيد من الانحراف يجب محاربة الفقر والفاقة .
1 ـ قال امير المؤمنين علي ( عليه السلام ) :
« الفقر الموت الاكبر » .
2 ـ وقال أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) لابنه محمد بن الحنفية :
« ... فانّ الفقر منقصة للدّين ، مدهشة للعقل داعية للمقت » . (2)
3 ـ وقال ( عليه السلام ) كذلك :
« القبر خير من الفقر » . (3)

معالم في الاقتصاد الاسلامي :


يرتكر الاقتصاد الاسلامي على أساسين مهمين في المجتمع :
أولهما ان لا يكون اسراف وتفريط ، وثانيهما القضاء على الفقر
____________
(1) نهج البلاغة حكمة 163 .
(2) نهج البلاغة حكمة 319 .
(3) فهرس الغرر باب ( الفقر ) .


(98)


والفاقة . وبالانتباه الى هذين الاساسين وتطبيقهما تحلّ الكثير من المشاكل الاقتصادية . نعم : ان هناك مميزات وخطوطاً عريضة في الاقتصاد الاسلامي اذا طبقت حسب المجرى الصحيح فلا يبقى في المجتمع أثر للمشكلات الاقتصادية ، والخطوط العريضة عبارة عن :
1 ـ يعتبر المال والثروة في نظر الاسلام « أمانة » .
2 ـ الناس متساوون في الاستفادة من الموارد الطبيعية كـ ( الماء ، والهواء ، والغابات ، والجبال والسهول ) . وحسب الموازين والقوانين ، المتقدم سابق ، حق التقدم معه .
3 ـ حق العمل للناس ولا يقتصر على الاعمال العضلية بل يتعدى الى الاعمال الفكرية والكتابية و ....
4 ـ يعتبر العمل مقدساً وعبادة في الاسلام .
5 ـ تعتبر الملكية في الاسلام ملكية فردية وجماعية خلاف الافكار والنظريات الاخرى .
6 ـ الهدف من العمل في الاسلام هو هدف مقدس ومكسب للمال حسب الحدود الشرعية .
7 ـ يعتبر الاسلام ان كسب المال عزة . كما ورد في الحديث عن الائمة الاطهار « اذهب نحو عزتك » . (1)
فتعني اذهب نحو العمل والكسب والعزة ، فالفقر يكون عاملاً لنفوذ الاجانب في المجتمع الاسلامي ، والثروة المشروعة تكون
____________
(1) وسائل الشيعة ج 12 ص 5 .


(99)


حائلاً دون نفوذهم .
8 ـ بخس حق العامل من اكبر الذنوب .
9 ـ الدنيا والمادة وسيلة وليست الهدف .
10 ـ يجب الاهتمام بالدنيا والاخرة على حد سواء .
11 ـ العمل مطلوب للرجل والمرأة مع الالتفات الى اختيار ما يناسبهما .
قال أحد الائمة المعصومين ( عليهم السلام ) :
« طلب الحلال فريضة على كل مسلم ومسلمةٍ » . (1)
12 ـ التسكع ممنوع في الاسلام كما قال الامام ( عليه السلام ) لأحد الاشخاص :
« احمل على رأسك واستغن عن الناس » . (2)
13 ـ العمل الكاذب والمصطنع ممنوع في الاسلام « مثل الدلالة والواسطة التي لا حاجة فيها » .
14 ـ جميع اولياء الله سبحانه كانوا يعملون لكسب رزقهم فمثلاً كان نوح ( عليه السلام ) نجاراً ، وهود ( عليه السلام ) كان تاجراً ، وادريس ( عليه السلام ) خياطاً ، واكثرهم كانوا يربون الحيوانات ويزرعون الارض ورعاة للأغنام ، وهنا ملاحظة لطيفة في حكاية شعيب وموسى ( عليهم السلام ) وذلك عندما اراد شعيب ( عليه السلام ) ان يزوج احدى ابنتيه الى موسى ( عليه السلام ) حيث شرط عليه
____________
(1) بحار الانوار : ج 103 ، ص 9 .
(2) فروع الكافي ج 5 ص 77 .


(100)


ان يرعى أغنامه مدّة ثمان سنوات ثم قال :
( وما أريد ان اشقّ عليك ستجدني ان شاء الله من الصّالحين ) ( القصص آية 27 ) .
15 ـ يهتم الاسلام اهتماماً بالغاً في المسائل والاعمال المنتجة مثل : الزراعة وتربية الحيوانات ، ويعتني بها عناية خاصة .
كما ورد عن احد الائمة الاطهار ( عليهم السلام ) انه قال :
« فانكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم » .
16 ـ الكسل والاهمال وعدم السعي الى كسب الحلال والقاء كل الانسان على الناس يعتبر كلّها من الذنوب الكبيرة .
وفي رواية معروفة عن الرسول الاكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال :
« ملعون من ألقى كلّه على الناس » . (1)
ومن دعاء الرسول الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
« اللهمّ بارك لنا في الخبز ولا تفرق بيننا وبينه ، فلولا الخبز ما صلّينا ولا صمنا ولا ادّينا فرائض ربّنا » . (2)
قال علي بن ابي حمزة : ان ابي قال : رأيت الامام الكاظم ( عليه السلام ) يعمر ارضاً وقد غطى العرق قدميه ، فقلت له :
فداك ابي وامي يا ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اين مواليك ؟ ـ حتى لا يدعوك تتعب من العمل ـ فقال ( عليه السلام ) :
____________
(1) فروع الكافي ج 5 ص 72 .
(2) نفس المصدر السابق ص 73 .


(101)


« يا علي قد عمل باليد من هو خير مني في ارضه ومن ابي » .
فقلت له : ومن هم ؟
فقال ( عليه السلام ) :
« رسول الله وامير الممؤمنين وآبائي كلهم قد عملوا بايديهم وهو من عمل النبيّين والمرسلين والاوصياء الصالحين » .


* * *


عبرة من التأريخ :


إن التجارب المرة التي عاشها الانسان كان سببها الحرص على الثروة والتعلق الشديد بالدنيا . ولم يكن الحرص والتعلق سبباً في تهيئة الارضية للذنب فحسب ، بل كانا سبباً للكفر والشرك والارتداد عن الدين . وعلى سبيل المثال نرى :
1 ـ عندما طلبوا من قارون أن يساعد الفقراء والمحرومين طغى وأعلن الحرب على موسى ( عليه السلام ) . (1)
2 ـ أحد أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يدعى ثعلبة . عاش عيشة مترفة بدعاء الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فلما تحسن وضعه المالي وصار مالكاً للمواشي والزراعة نقل ثروته الى خارج المدينة لكثرتها .
وبالرغم من حضوره الى صلاة الجمعة والجماعة ايام فقره أصبح محروماً من نعمة الحضور مع الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لشغفه في الثروة
____________
(1) شرح في تاريخ الطبري ط بيروت ج 1 ص 262 الى 265 .


(102)


والاغنام الى ان استحق ما يملكه الزكاة فارسل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الجباة اليه . فعارض ثعلبة الجباة وانكر الزكاة عليهم بزجرٍ وتذمر و نسي عهده الله ورسوله ان لو رزقة الله سبحانه وتعالى لكان اول من يساعد الفقراء والمحتاجين ولكن عندما أصبح ثرياً طغى واستكبر . (1)
فنزل قرآن في ذمّه بقوله تعالى :
( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدّقنّ ولنكوننّ من الصّالحين . فلمّا آتاهم من فضله بخلوا به وتولّوا وهم معرضون ) ( التوبة الآية 75 ـ 76 ) .
3 ـ قال الطبري : في معركة أحد أجلس رسول الله رجالاً بازاء الرماة وأمّر عليهم عبد الله بن جبير و قال لهم : لا تبرحوا مكانكم ان رأيتمونا ظهرنا عليهم وان رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا فلما لقى القوم هزم المشركون حتى رأيت النساء قد رفعن عن سوقهنّ وبدت خلا خيلهن فجعلوا يقولون : الغنيمة الغنيمة ، فقال عبدالله بن جبير : مهلاً أما علمتم ما عهد اليكم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فابوا فانطلقوا فلما أتوهم صرف الله وجوههم فاصيب من المسلمين سبعون : وحتى شفاه واسنان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد جرحت واستشهد عمه حمزة ( عليه السلام ) في هذه المعركة لاجل ترك الرماة مواضعهم من اجل جمع الغنائم . (2)
____________
(1) شرح في اسد الغابة ج 1 ص 237 ـ البحار ج 22 ص 40 .
(2) التوضيح في تاريخ الطبري ج 2 ص 192 ـ 193 وتاريخ اليعقوبي ج 2 ص 47 سيرة ابن هشام ج 3 ص 129 الى ما بعد .


(103)


4 ـ قال ابو جعفر الاسكافي : روي ان معاوية بذل لسمرة بن جندب مائة الف درهم حتى يروي ان هذه الآية نزلت في علي ( عليه السلام ) :
( ومن الناس من يعجبك قوله .... ) .
وان الآية الثانية ( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله ) نزلت في ابن ملجم فلم يقبل ، فبذل له مائتي الف درهم فلم يقبل فبذل ثلاثمائة الف درهم فلم يقبل فبذل له اربعمائة الف فقبل . (1)
5 ـ عمر بن سعد لشدة عشقه لملك الري صار قائداً لمعسكر الاعداء وقد شارك في قتل الامام الحسين ( عليه السلام ) .
6 ـ عند رحيل الامام الكاظم ( عليه السلام ) من الدنيا جمعت الأموال عند أحد وكلائه الذي يدعى ( عثمان بن عيسى ) وكان من الواجب ان يقدّم الاموال الى الامام الرضا ( عليه السلام ) ولكنه بسبب أكله اموال الناس اعلن ان لا امام بعد الامام السابع وان الامامة قد انتهت وبهذه العقيدة وقفوا عند الامام الكاظم ( عليه السلام ) فسمي مذهبهم بمذهب الواقفية » . (2)
7 ـ انتقد القرآن الكريم الذين قتلوا اولادهم خوف الفقر والفاقة ( الانعام ـ 151 ـ الاسراء ـ 31 ) .
____________
(1) شرح ابن ابي الحديد ج 1 ص 471 ـ سفينة البحار ج 1 ص 654 .
(2) التوضيح في مجمع البحرين ( وقف ) .


(104)


وعلى كل حال نرى عبادة الدنيا وطلب المقام كل يوم ، وكل ساعة تجعل اناساً بسطاء يغترون بالدنيا وطلب المقام فهناك كثير من الامثلة التي تحتاج الى مجلدات من الكتب لاحصائها .
8 ـ مرّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) براعي ابل فبعث يستسقيه ، فقال : أمّا مافي ضروعها فصبوح الحي و أمّا ما في آنيتها فغبوقهم ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اللهم اكثر ماله وولده ، ثم مّر براعي غنم فبعث اليه يستسقيه فحلب له ما في ضروعها واكفأ ما في إنائه في اناء رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبعث اليه بشاة وقال : هذا ما عندنا و ان احببت ان نزيدك زدناك ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اللهم ارزقه الكفاف فقال له بعض اصحابه : يا رسول الله دعوت للذي ردك بدعاء عامتنا نحبه ودعوت للذي اسعفك بحاجتك بدعاء كلّنا نكرهه ! فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ان ما قل و كفى خير مما كثر وألهى .... (1)
فالنتيجة ان الحرص والطمع بالثروة والمقام من العوامل المهيئة للذنب .

الكسل والضجر :


جاء في الآية 7 من سورة الانشراح : ( فاذا فرغت فانصب ) .
وهدف هذا الأمر الالهي هو القضاء على اوقات الفراغ الذي هو سبب لايجاد الارضية لانواع الذنوب .
____________
(1) اصول الكافي ج 2 ص 141 .


(105)


لان الفراغ يدعو الى ارتكاب الجرائم والادمان عليها وشل نشاط الانسان ، لذلك نرى ان سجل الجرائم يرتفع الى سبع مرات بسبب البطالة والفراغ ولهذا نجد ان الروايات الاسلامية مليئة بحثّ الانسان على العمل ونبذ الكسل والضجر .
1 ـ قال الامام الصادق ( عليه السلام ) :
« أجر العامل أجر المجاهد في سبيل الله » . (1)
2 ـ وقال ايضاً ( عليه السلام ) :
« إياك والكسل والضّجر فانهما يمنعانك من حظّك من الدّنيا والآخرة » (2) .
3 ـ وقال الامام الصادق ( عليه السلام ) ايضاً :
« ومن كسل عمّا يصلح به امر معيشته فليس فيه خير لأمر دينه » (3) .
4 ـ وقال الامام موسى بن جعفر ( عليه السلام ) :
« ان الله عزوجل يبغض العبد النّوام الفارغ » .
5 ـ وقال الامام موسى بن جعفر ( عليه السلام ) ايضاً :
« اياك والكسل والضجّر فانك إن كسلت لم تعمل وإن ضجرت لم تعط الحقّ » . (4)
____________
(1) فروع الكافي ج 5 ص 88 .
(2) فروغ الكافي ج 5 ص 85 .
(3) نفس المصدر السابق .
(4) فروع الكافي ج 5 ص 84 .


(106)


6 ـ قال امير المؤمنين ( عليه السلام ) :
« ان الاشياء لمّا ازدوجت ازدوج الكسل والعجز فنتجا بينهما الفقر » (1)
ومن أهم الاسباب التي تحطم شخصية الانسان وتدعوه الى اقتراف الذنوب هو التسكع ومد اليد للمساعدة والسؤال .
قال الرسول الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « مسألة الناس من الفواحش » . (2)
فالنتيجة ان البطالة والضعف يوجبان الفقر ويكونان عاملاً مساعداً للذنب .
____________
(1) فروع الكافي ج 5 ص 86 .
(2) جامع السعادات ج 2 ص 89 .


(107)


<center<

4 ـ الارضية الاجتماعية للذنب

حول الارضية الاجتماعية للذنب نستطيع ان نحصرها في الامور التالية :

1 ـ المحيط الفاسد والسالم .


2 ـ القيادة الضالة .
3 ـ جلساء السوء .
4 ـ المحرومية والنبذ الاجتماعي .

1 ـ المحيط الفاسد والسالم :
مما لا شك فيه ان المحيط الفاسد والملوث أحد العوامل المؤثرة على ارتكاب الذنب فكما أن مكان النفايات سبب في ايجاد ونمو الجراثيم ، كذلك المحيط الفاسد . وللمحيط عدة اقسام من جهة الكمية والكيفية مثل محيط المدرسة ، محيط البيت ، والمحيط


(108)

الثقافي ، والمحيط الادراي ، ومحيط القرية ، ومحيط المدينة ، ومحبط الجامعة ، ومحيط الحوزة العلمية ، ومحيط المستشفى ، ومحيط المجلس و ....

تأثير المحيط :


جاء في آية 138 ـ 139 من سورة الاعراف عندما تجاوز موسى ( عليه السلام ) وأصحابه البحر ونجاهم الله سبحانه وتعالى من فرعون وجنوده الكفرة . وجدوا قوماً عاكفين على عبادة الاصنام فتأثرروا بهذا المنظر والمحيط :
( قالوا يا موسى اجعل لنا الها كما لهم آلهة ) . ( الاعراف آية 138) .
نعم ؛ ان اصحاب موسى بالرغم من وجود موسى ( عليه السلام ) وهدايته المستمرة لهم نرى أن المحيط قد أثر عليهم تأثيراً بالغاً ، ولكن موسى ( عليه السلام ) اعترض عليهم قائلاً :
( انّكم قوم تجهلون ـ إنّ هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون ) . ( الاعراف آية 138 ـ 139 )

قصة قرآنية أخرى عن تأثير المحيط :


كان قارون أحد الاثرياء الطغاة في زمن موسى ( عليه السلام ) . وقد خرج ذات يوم بزينته أمام الناس مستعرضاً ومفتخراً بأمواله وثروته الطائلة .


(109)

قال تعالى : ( فخرج على قومه في زينته ) . ( القصص آية 79 ) .
وقد وقع اكثر الناس تحت تأثير هذا الجو وتمنوا بحسرات شديدة أن لو عندهم مثل قارون من الثروة كما نرى في قوله تعالى :
( قال الّذين يريدون الحياة الدّنيا يا ليت لنا مثل ما اوتي قارون إنّه لذو حظٍ عظيمٍ ) . ( القصص آية 79 ) .
ولكن عدداً من أصحاب العلم والمعرفة اعترضوا على الطامعين كما جاء في آية (80) من سورة القصص :
( وقال الّذين اوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً ولا يلقّاها إلاّ الصّابرون ) . (1)

الفرار والهجرة من المحيط الفاسد :


إنّ من المواضيع المهمة في الاسلام هو الهجرة والابتعاد عن المحيط الفاسد . فاذا انتشر الفساد في كل مكان وخاف الانسان المؤمن على دينه بل اضحى دنيه مهدداً بالخطر الشديد فيجب عليه الابتعاد والهجرة من ذلك المكان الفاسد الى مكان يأمن به على دينه . أما اذا اقاموا ولم يهاجروا ووقعوا تحت تاثير هذا المحيط الفاسد فمن المستحيل ان يلقوا تبعات أعمالهم السيئة على عاتق المحيط ، لذلك
____________
(1) يتضح في كلا القصتين ان الجهل وعدم المعرفة هما السبب في ان يجعل للمحيط تاثير بالغ وعلى العكس من العلم والمعرفة فليس للمحيط تأثير عليه .
(110)

نرى القرآن الكريم قد حذرهم ووعدهم عذاب جهنم . وتوضيحاً لهذا : جاء في التاريخ ان عدداً من المسلمين قد دخلوا الاسلام في مكة المكرمة ظاهراً وحفظاً على سلامة أموالهم وبيوتهم . ولم يهاجروا مع الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والمسلمين الى المدينة وايضاً لاجل حفظ بيوتهم وأموالهم اشتركوا مع المشركين في معركة بدر الكبرى وقتل بعضهم على ايدي المؤمنين . وجاء في الآية 97 من سورة النساء :
( إنّ الذّين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنّا مستضعفين في الارض قالوا الم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً ) .
وورد إصطلاح الهجرة ( 26) مرة في القرآن الكريم وإنّ بعض الآيات أكّدت كثيراً على الهجرة والابتعاد عن مواطن الاثم والفساد .
قال الرسول الاعظم ( صلى الله عليه وآله سلم ) في بيان اهمية الهجرة :
« من فرّ بدينه من أرضٍ الى أرض وإن كان شبراً من الارض استوجب الجنة وكان رفيق محمدٍ وإبراهيم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) » . (1)
فمن اجل الحفاظ على الدين لابدّ للمسلم ان يهاجر متأسياً بالنبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وابراهيم اللذين كانا من المهاجرين العظماء .
قال الامام الصادق ( عليه السلام ) لأحد أصحابه يدعى ( المفضّل ) :
____________
(1) نور الثقلين ج 1 ص 541 .
(111)

« وفرّ منها الى قلّة الجبال ومن الحجر الى الحجر » . (1)
يبن هذا الحديث الشريف ان الابتعاد عن المحيط الفاسد والملوث من الواجبات لحفظ سلامة دين الانسان ، أما اذا كان الانسان مؤثراً في المحيط الملوث فبقاؤه جائز بل واجب احياناً ، واذا لم يمكنه فالابتعاد أفضل .

التأثير بالناس :


ان احدى العوامل المهمة لتهيئة الارضية للمحيط الفاسد هي ( التأثر بالناس ) ، ويعبر عنه احياناً بالتأثر بالعوام او الجو . ان الدين الاسلامي يعلّم الانسان ان يكون فكره ، وذكره ، وعمله خالصاً لله سبحانه وتعالى ومحباً لكل شيء فيه مرضاة الله جل وعلا ومبغضاً لكل شيء يثير غضب الله سبحانه وسخطه . وان تكون أعماله وفقاً للموازين الشرعية .
فلا للمحيط ولا للناس في المجتمع ولا للعوام تأثير عليه . ولكن اذا وقع تحت تأثير المحيط والناس والعوام أصبح بعيداً كل البعد عن المحيط الالهي ويتلوث بالاهواء النفسية .
لذا يجب عليه ان يرفض أي رأي يخالف الامر الالهي حتى ولو كانت أغلبية الناس متفقة عليه . وما أعظم الحكمة التي وردت في قول الامام موسى بن جعفر ( عليه السلام ) لأحد تلامذته البارزين وهو ( هشام ابن
____________
(1) متتخب التواريخ ص 875 .
(112)

الحكم ) إذا قال :
« يا هشام ! لو كان في يدك جوزة وقال الناس لؤلؤة ما كان ينفعك وانت تعلم أنها جوزة ولو كان في يدك لؤلؤة وقال الناس إنّها جوزة ما ضرك وانت تعلم أنّها لؤلؤة ؟ » . (1)
وجاء في وصية لقمان ( عليه السلام ) الى ابنه أنه قال :
( لا تعلّق قلبك برضى الناس فانّ ذلك لا يحصل فلا تلتفت اليهم واشتغل برضى الله جلّ جلاله » . (2)
ولأجل أن يوضح هذا الأمر لابنه . خرج لقمان وابنه مع حمارهما من البيت فركب لقمان الحمار وترك ابنه يمشي خلفه فمرّا على جماعة من الناس فسمعهم يقولون : انظروا الى هذا الرجل العجوزكم هو قسي القلب وعديم الرحمة ، كيف ركب الحمار وترك ابنه ماشياً وراءه ، فنزل من الحمار وركب ابنه وسارا . حتى مرّا على جماعةٍ آخرين فسمعهم يقولون : انظروا الى هذا الابن والاب . الاب لم يربّ ابنه تربية جيدة والابن لم يحترم ويرحم أباه . فنزل الابن من على ظهر الحمار وسارا معاً خلف الحمار فسمعوا جماعة من الناس يقولون : عجيب أمر هذين الرجلين تركا الحمار يمشي ولم يركباه وسارا خلفه . فركب لقمان وابنه على ظهر الحمار فمرّا على جماعةٍ آخرين فسمعهم يقولون : انظروا الى هذين الرجلين ، عديمي الرحمة
____________
(1) سفينة البحار ج 2 ص 528 .
(2) سفينة البحار ج 2 ص 511 .

(113)

ركبا الحمار على ضعفه .
عندها نظر لقمان الى ابنه وقال له : بنيّ العزيز هل نظرت الى ان إرضاء الناس لا يدرك ؟ فلا تلتفت اليهم واشتغل برضى الله جل جلاله .
قال الرسول الاكرم :
« من أرضى سلطاناً بسخط الله عزّ وجل كان حامده من الناس ذامّاً » . (1)
وقال الامام الباقر ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
« من طلب مرضاة الناس بما يسخط الله عزوجل كان حامده من الناس ذامّاً ؛ ومن آثر طاعة الله عز وجل بما يغضب الناس كفاه الله عز وجل عداوة كل عدو وحسد كل حاسد وبغي كل باغ ، وكان الله له ناصراً وظهيراً » . (2)

عوامل فساد المحيط :


نهى الاسلام وبشدة عن امورٍ كثيرة مثل : التجاهر بالفسق ، اشاعة المنكرات ، ومساعدة الظالم والرضا بالذنب ، والغيبة وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واختيار القادة المفسدين وتعطيلٍ حدود الله سبحانه وتعالى و ... فهذه عوامل تؤدي الى تلوث
____________
(1) فروع الكافي ج 5 ص 63 .
(2) فروع الكافي ج 5 ص 62 .

(114)

المحيط .
وكذلك نهى الاسلام عن امورٍ لها صلة و ثيقة بنشر الفساد في المجتمع مثل : ترك الحجاب ، برامج الضلالة مثل الافلام الجنسية والادمان على المواد المخدرة ولم ينه عنها فحسب ، بل وقف امامها بشدة وجعل احدى وظائف الحكومة الاسلامية الوقوف امامها ، كما جعل مراقبة الاوضاع والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واجباً شرعياً في ذمة الناس . واذا دققنا النظر في تلك الوظيفتين الخطيرتين نجد ان اجراء هاتين الوظيفتين له دور حيوي في طهارة المحيط ، وبعبارة اوضح : ان الانسان موجود أجتماعي يعيش في وسط المجتمع الكبير . فطهارة المجتمع والمحيط عامل مساعد على طهارة البيت ، لأن بيته هو المجتمع الذي يعيش فيه وعدم طهارة المجتمع يؤدي الى عدم طهارة الفرد .
وعلى هذا الاساس وقف الاسلام بشدة أمام التلوث الاجتماعي وجعل مرتبته اعلى من التلوث الفردي ، لان التلوث الاجتماعي موجب للاستهانة بالذنب ونشر بذور الذنوب في كل مكان . فمثلاً : اذا شب حريق في نقطة من نقاط المجتمع فيجب اطفاؤه او محاصرته والا التهم الحريق كل مكان وأحرق تمام المجتمع .
قال الرسول الاكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « ان قوماً ركبوا سفينة في البحر واقتسموا فصار كل واحد منهم موضعه فنقر رجل موضعه بفأس


(115)

فقالوا : ما تصنع ؟ قال : هو مكاني أصنع به ما شئت ، فإن اخذوا على يديه نجا ونجوا وإن لم يأخذوا على يديه هلك وهلكوا » . (1) والآن : نستعرض وبصورة مختصرة الذنوب التي تسبب فساد المجتمع ولنتعرف على درجات قبح اقتراف الذنوب .

أ : اشاعة الذنب :


جاء في آية 19 من سورة النور قوله تعالى :
( إنّ الّذين يحبّون أن تشيع الفاحشة في الّذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدّنيا والآخرة ) .
الملاحظة في هذه الآية الشريفة أنّ من أحبّ شيوع الفاحشة بدون ارتكابها يوجب العذاب الاليم . وهذا التعبير يبين لنا شدة التأكيد على ترك اشاعة الذنب .
وعلى كل حال فاذا أردنا مجتمعاً سالماً يجب علينا ستر العيوب وعدم إشاعتها ، لكي لا يستهان بها .
ولاجل توضيح هذا الأمر نذكر عدة روايات :
1 ـ قال الرسول الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
« من أذاع فاحشة كان كمبتدئها » .
2 ـ وقال الرسول الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
____________
(1) مجموعة ورّام ج 2 ص 294 .
(2) اصول الكافي ج 2 ص 356 ( باب التّعبير ) .

(116)

« المستتر بالحسنة يعدل سبعين حسنة ، والمذيع بالسيئة مخذول والمستتر بها مغفور له » . (1)
3 ـ وقال الامام الباقر ( عليه السلام ) :
« يجب للمؤمن على المؤمن أن يستر عليه سبعين كبيرةً » (2) .
4 ـ وقال الامام الصادق ( عليه السلام ) :
« إني لأرجو النجاة لهذه الامة لمن عرف حقنا منهم إلاّ لأحد ثلاثة : صاحب سلطان جائر ، وصاحب هوى والفاسق المعلن » . (3)
5 ـ وقال الامام الصادق ( عليه السلام ) أيضاً :
« اذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له ولا غيبة » . (4)
6 ـ وقال الرسول الاكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
« اللهمّ اني أعوذ بك من خليلٍ ماكرٍ ... ان رأى حسنةً دفنها . وإن رأى سيئةً أذاعها » . (5)
7 ـ وقال امير المؤمنين علي ( عليه السلام ) :
« ذوو العيوب يحبون إشاعة معائب الناس لهم العذر » . (6)
وفي الفقه هناك احكام شرعية متشعبة تتعلق بالمذنب ، منها الذي يخفي الذنب والمذنب المعلن المتجاهر بالذنب ، واليك نموذج
____________
(1) اصول الكافي ج 2 ص 160 ( باب ستر الذنوب ) .
(2) سفينة البحار ج 1 ص 598 .
(3) البحار ج 73 ص 355 .
(4) سفينة البحار ج 2 ص 361 .
(5) نهج الفصاحة ص 101 .
(6) فهرس الغرر ص 288 .