ينظم موعظة

البريد الإلكتروني طباعة

الشاعر ابو الاسود الدؤلي
ينظم موعظة

حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم اعداءٌ له وخصومُ
كضرائرِ الحسناءِ قلن لوجهـها حَسَداً وبَغياً انه لـدَمِـيـمُ
والوَجْه يَشرق في الظلام كأنه بَدرٌ مُنيـرٌ والسماء نجومُ
فـاتـركْ مُـجـاراة السفيهِ فـإنـهـا ندمٌ وغبٌ بعدَ ذاكَ وخيمُ
وإذا عتبتَ على السّـفيهِ ولمتـَه في مثلِ ما يأتي فأنتَ ظلومُ
يا أيـّهـا الـرّجـلُ المعـلـمُ غـيره هَـلا لنفسِكَ كانَ ذا التـّعـليمُ
لا تـَنْهَ عن خُلـُقٍ وتأتي مـثـلـه عـارٌ عليكَ إذا فعلتَ عـظيمُ
إبدَءْ بـِنَـفسِـك وانْهَها عَنْ غـيّها فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ
فهناكَ يـقـبل ماوعظت ويقتدي بالرأي منك وينفع التعليمُ
تصف الدواء وأنت أولى بالدوا وتعالجُ المرضى وأنتَ سقيمُ
وكذاك تلقحُ بالرشادِ عقولنا أبداً وأنت من الرشادِ عَقيمُ
ويلُ الشجيّ من الخليّ فإنه نصب الغواة بشجوه مغمومُ
وترى الخليَّ قرير عين لاهياً وعلى الشجيّ كآبة وهمومُ
ويقول مالك لا تقول مقالتي ولسان ذا طلق وذا مكطومُ
لا تكلمنْ عرض ابن عمّـك ظالماً فإذا فعلت فعرضك المكلومُ
وحريمه أيضاً حريمك فاحمه كيلا يباح لديك منه حريمُ
وإذا اقتضضت من ابن عمك كلمة فكلامه لك ان فعلت كلومُ
وإذا طـلبـت الى كـَريـم ٍ حاجَـة فلـقاؤه يكـفيكَ والتـّسليمُ
فـإذا رآك مُـسَـلـِماً ذكـَـرَ الـذي حَـمـّـلـْـته فـكـأنـه مَحْـتـُومُ
فارج الكريم وإن رأيتَ جَفاءه فالعتب منه والفعال كريمُ
وعجبتُ للدنيا ورغبةِ أهلها والرزقُ فيما بينهم مَـقسومُ
والاحمقُ المرزوق أحمق من أرى من أهلها والعاقلُ المحرومُ
ثم انقضى عَجَبي لِعِلمي أنه قـدر مُـوافٍ وقته مَعلومُ