منعه (ع) من الماء

البريد الإلكتروني طباعة

منع الامام الحسين (عليه السلام) من الماء

بعث عمر بن سعد خمسمائة فارس بقيادة عمرو بن الحجاج، فنزلوا على الشريعة، وحالوا بين الحسين (عليه السلام) واصحابه، وبين الماء، ومنعوهم ان يستسقوا منه قطرة، وذلك في اليوم السابع من المحرم عام (61) هـ. ولما اشتد العطش بالحسين واصحابه أمر أخاه العباس بن علي (عليهما السلام)، فسار في عشرين رجلاً يحملون القرب، وثلاثين فارساً فجاؤوا حتى دنوا من الماء ليلاً، وأمامهم نافع بن هلال الجملي يحمل اللواء، فقال عمرو بن الحجاج مَن الرجل؟ قال: نافع، قال: ما جاء بك؟ قال: جئنا نشرب من هذا الماء الذي حلأتمونا [منعتمونا] عنه، قال: فأشرب هنيئاً، قال نافع: لا والله لا أشرب منه قطرة والحسين عطشان هو وأصحابه. وروى سبط بن الجوزي: أنهم اقتتلوا على الماء، ولم يمكنوهم من الوصول اليه، وضيّق القوم على الحسين (عليه السلام)، حتى نال منه العطش ومن أصحابه، فقال له برير بن خضير: يا ابن رسول الله أتأذن لي أن اخرج الى القوم، فاذن له فخرج إليهم فقال: يا معشر الناس إن الله عز وجل بعث محمداً بالحق بشيراً ونذيراً، وداعياً الى الله باذنه وسراجاً منيراً، وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد وكلابه، وقد حيل بينه وبين ابن نبيه، فقالوا: يا برير قد اكثرت الكلام، فاكفف والله ليعطش الحسين كما عطش من كان قبله، فقال الحسين (عليه السلام) اقعد يا برير ثم قام (عليه السلام)، فنادى بأعلى صوته فقال: أنشدكم الله هل تعلمون ان جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قالوا: اللهم نعم، قال: أنشدكم الله تعلمون أمي فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قالوا: اللهم نعم، قال: أنشدكم الله هل تعلمون ان أبي علي بن ابي طالب (عليه السلام) قالوا: اللهم نعم، قال: أنشدكم الله هل تعلمون ان جدتي خديجة بنت خويلد أول نساء هذه الأمة اسلاماً قالوا: اللهم نعم، قال: أنشدكم الله هل تعلمون ان سيد الشهداء حمزة عم أبي قالوا: اللهم نعم، قال: فأنشدكم الله هل تعلمون ان هذا سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنا متقلده قالوا: اللهم نعم، قال: أنشدكم الله هل تعلمون ان هذه عمامة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنا لابسها قالوا: اللهم نعم، قال: أنشدكم الله هل تعلمون ان علياً كان أول القوم اسلاماً، واعلمهم علماً وأعظمهم حلماً، وانه ولي كل مؤمن ومؤمنة قالوا: اللهم نعم، قال: فيم تستحلون دمي وأبي الذائد عن الحوض، يذود عنه رجالاً كما يذاد البعيرالصاد عن الماء، ولواء الحمد في يد أبي يوم القيامة قالوا: قد علمنا ذلك كله ونحن غير تاركيك، حتى تذوق الموت عطشاً. فلما خطب الحسين (عليه السلام) هذه الخطبة، وسمع بناته واخواته كلامه بكين، وارتفعت اصواتهن فوجه اليهن أخاه العباس وعلياً ابنه (عليهما السلام)، وقال لهما اسكتاهن فلعمري ليكثرن بكاؤهن.