أنت هنا: الرئيسية أهل البيت سيرة الأمام الحسين بن علي الزكي خروجه (ع) من مكة إلى العراق
 
 


خروجه (ع) من مكة إلى العراق

البريد الإلكتروني طباعة

خروج الامام الحسين (عليه السلام) من مكة إلى العراق

على اثر الرسائل الكثيرة التي أرسلها أهل الكوفة إلى الإمام الحسين (عليه السلام) عندما كان في مكة المكرمة، إرتأى (عليه السلام) أن يرسل مندوباً عنه إلى الكوفة فوقع الاختيار على ابن عمه مسلم بن عقيل (عليه السلام)، لتوفر مستلزمات التمثيل والقيادة به، ومنذ وصوله آلى الكوفة، راح يجمع الانصار، ويأخذ البيعة للإمام الحسين (عليه السلام) ويوضح اهداف الحركئ الحسينية، ويشرح اهداف الثورة لزعماء الكوفة، ورجالاتها، فاعلنت ولاءَها للإمام الحسين (عليه السلام)، وعلى اثر تلك الأجواء المشحونة، كتب مسلم بن عقيل إلى الإمام الحسين (عليهما السلام) يحثه بالمسير والقدوم إلى الكوفة. تسلّم الإمام الحسين رسالة مسلم بن عقيل (عليهما السلام)، وتقريره عن الاوضاع والظروف السياسية، واتجاه الرأي العام، فقرر التوجه إلى العراق وذلك في اليوم الثامن من ذي الحجة (يوم التروية) سنة (60 هـ)، ويعني ذلك أن الإمام (عليه السلام) لم يكمل حجه، بسبب خطورة الموقف ليمارس تكليفه الشرعي في الامامة والقيادة. جمع الإمام الحسين (عليه السلام) نساءه وأطفله وأبناءه واخوته وأبناء أخيه وأبناء عمومته، وشدّ الرحال وقرر الخروج من مكة المكرمة، فلما سرى نبأ رحيله (عليه السلام)، تملك الخوف قلوب العديد من مخلصيه، والمشفقين عليه، فأخذوا يتشبثون به، ويستشفعون إليه، ولعله يعدل عن رأيه ويتراجع عن قراره؛ إلا ان الإمام (عليه السلام) اعتذر عن مطالباته بالهدنة، ورفض كل مساعي القعود والاستسلام. والمتتبع لأخبار ثورة الإمام (عليه السلام)، يجد أن هناك سراً عظيماً في نهضته، يتوضح من خلال النصيحة التي قُدمت للإمام (عليه السلام)، من قبل أصحابه وأهل بيته ولكلهم كانوا يتوقعون الخيانة، وعدم الوفاء بالعهود التي قطعها له أهل الكوفة، ندرك هنا أن للإمام الحسين (عليه السلام) قراراً، وهدفاً لا يمكن ان يتراجع عنه، فقد كان واضحاً من خلال اصراره، وحواره أنه كان متوقعاِ للنتائج التي آل إليها الموقف، ومشخصاً لها بشكل دقيق إلا أنه كان ينطلق في حركته، من خلال ما يمليه عليه الواجب، والتكليف الشرعي. ونجد ذلك واضحاً في خطبته حيث قال (عليه السلام): « الحمد لله وما شاء الله ولا قوة إلا بالله خط الموت على ولد آدم مخطة القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلي يوسف، وخيرٌ لي مصرع أنا لاقيه، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء، فيملأن اركراشاً جوفا وأحوية سغباً، لا محيص عن يوم خط بالقلم، رضا الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه ويوفّينا أجورنا أجور الصابرين لن تشذ عن رسول الله لحمته، وهي مجموعة له في حظيرة القدس، تقرّ بهم عينه وينجر بهم وعده من كان باذلاً فينا مهجته، وموطناً على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا، فإني راحل مصبحاً إن شاء الله».مقتل الحسين (عليه السلام) لإبن طاووس: ص 23 اذن فكل شيء واضح أمام الحسين(عليه السلام) وهو مصمم على الكفاح و الشهادة ,فليس النصر يحسب دائماً بالنتائج الآنيّة المادية، فقد يحتاج الحدث الكبير إلى فترة زمنية طويلة يتفاعل فيها جملة من الحوادث والاسباب ليعطي نتائجه، وهذا ما حدث بالفعل بعد استشهاد الإمام (عليه السلام) إذ ظلت روح المقاومة تغلي في نقوس ابناء الامة واستمرت بعد موت يزيد (لعنه الله) حتى قضت على كيان الحكم الاموي، تلك الروح التي كانت شعاراً لكل ثائر في سبيل التحرر من الظلم والطغيان.