حلمه (ع) وتواضعه

البريد الإلكتروني طباعة

حلم الإمام الحسين ( عليه السلام ) وتواضعه

أولاً : حلمه ( عليه السلام ) :

فقد كان الحلم من أسمى صفات الإمام الحسين ( عليه السلام ) ومن أبرز خصائصه ، فقد كان – فيما أجمع عليه الرواة – لا يقابل مسيئاً بإساءته ، ولا مذنباً بذنبه .

وإنما كان ( عليه السلام ) يغدق عليهم بِبرِّه ومعروفه ، شأنه في ذلك شأن جده الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) الذي وَسع الناسَ جميعاً بأخلاقه وفضائله ، وقد عُرف ( عليه السلام ) بهذه الظاهرة وشاعت عنه .

ويقول المؤرخون :

إن بعض مواليه قد جنى عليه جناية توجب التأديب ، فأمر ( عليه السلام ) بتأديبه ، فانبرى العبدُ قائلاً : يا مولاي ، إن الله تعالى يقول : ( الكَاظِمِينَ الغَيْظَ ) .

فقابله الإمام ( عليه السلام ) بِبَسماته الفيَّاضة وقال له :

( خَلّوا عَنه ، فَقَد كَظمتُ غَيظِي ) .

وسارعَ العبدُ قائلاً : ( وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ) .

فقال له الإمام ( عليه السلام ) : ( قَد عَفوتُ عَنك ) .

وانبرى العبدُ يطلب المزيد من الإحسان قائلاً :

( وَاللهُ يُحِبُّ المُحسِنِينَ ) [ آل عمران : 134 ] .

فأجابه الإمام ( عليه السلام ) قائلاً : ( أنتَ حُرّ لِوَجهِ اللهِ ) .

ثم أمر ( عليه السلام ) له بجائزة سَنيّة تُغنيهِ عن الحاجة ومَسألة الناس .

فقد كان هذا الخلق العظيم من مقوِّماته التي لم تنفكّ عنه ( عليه السلام ) ، وظلَّت ملازمةً له طوال حياته .

ثانياً : تواضعه ( عليه السلام ) :

وَجَبلَ الإمام الحسين ( عليه السلام ) على التواضع ، ومجافاة الأنانية والكبرياء ، وقد وَرثَ هذه الظاهرة من جَدِّه الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) الذي أقام أصول الفضائل ، ومعالي الأخلاق في الأرض .

وقد نقل الرواة بَوادر كثيرة من سُموِّ أخلاقه ( عليه السلام ) وتواضعه .

فَمِنهَا :

أنه ( عليه السلام ) اجتاز على مساكين يأكلون في ( الصفة ) ، فدعوه إلى الغداء فنزل عن راحلته ، وتغذى معهم ، ثم قال ( عليه السلام ) لهم :

( قَد أجبتُكُم فَأَجِيبُونِي ) .

فَلبّوا كلامه وخفوا معه إلى منزله ، فقال ( عليه السلام ) لزوجه الرباب :

( أَخرِجي ما كُنتِ تَدَّخِّرين ) .

فأخرَجتْ الرباب ما عندها من نقودٍ فناولها ( عليه السلام ) لهم .

ومنها :

أنه ( عليه السلام ) مَرَّ على فقراء يأكلون كسراً من أموال الصدقة ، فَسلَّم عليهم فدعوه إلى طعامهم ، فجلس معهم ، وقال ( عليه السلام ) :

( لَولا أنهُ صَدَقة لأكلتُ مَعكُم ) .

ثم دعاهم ( عليه السلام ) إلى منزله ، فأطعمهم وكَسَاهم وأمرَ لَهم بِدَراهم .

ومنها :

أنه جرَت مشادة بين الإمام الحسين ( عليه السلام ) وأخيه محمد بن الحنفية ، فانصرف محمد إلى داره وكتب إليه ( عليه السلام ) رسالة جاء فيها :

( أما بعد : فإن لك شرفاً لا أبلغُه ، وفضلاً لا أُدركُه ، أبونا عَلي ( عليه السلام ) لا أفَضّلك فيه ولا تُفضّلني ، وأمي امرأة من بني حنيفة ، وأمك فاطمة ( عليها السلام ) بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ولو كان مِلءُ الأرض مثل أمِّي مَا وَفيْنَ بِأمِّك ، فإذا قرأت رُقعتي هذه فالبَس رِدَاءك ونَعلَيك وَسِرْ إِليَّ ، وتُرضِينِي ، وَإيَّاك أن أكونَ سابقُكَ إلى الفضلِ الذي أنت أولَى بِه مِنِّي ) .

ولمّا قرأ الإمام الحسين ( عليه السلام ) رسالة أخيه سارع إليه ، وتَرضَّاهُ ، وكان ذلك من معالي أخلاقه وسُموِّ ذاته ( عليه السلام ) .