كتاب الشركة

البريد الإلكتروني طباعة

مسألة 572 : العبرة في تحقق السبق بالصدق العرفي إلا إذا اتفق الطرفان على غيره. مسألة 573 : إذا فسد العقد قيل : لا أجرة للغالب ، ولو ظهر العوض مستحقاً للغير مع عدم إجازته قيل : وجب على الباذل مثله أو قيمته ، ولكن كلا القولين لا يخلو عن إشكال فلا يترك الاحتياط بالتراضي بصلح أو نحوه.


( 175 )

كتاب الشركة


( 176 )


( 177 )

تطلق الشركة على معنيين : الأول : كون شيء واحد لاثنين أو أزيد. الثاني : العقد الواقع بين اثنين أو أزيد على الاشتراك فيما يحصل لهم من ربح وفائدة من الإتجار أو الاكتساب أو غيرهما ، وتسمى بـ ( الشركة العقدية ). مسألة 574 : تتحقق الشركة بالمعنى الأول باستحاق شخصين فما زاد عيناً أو ديناً أو منفعة أو حقا ، وسببها قد يكون إرثاً وقد يكون عقداً ناقلاً كما إذا اشترى اثنان معاً مالاً أو شرك أحدهما الآخر في ماله أو استأجرا عيناً أو صولحا على حق تحجير مثلاً ، ولها أسباب ثلاثة أخرى تختص بالشركة في الأعيان : الأول : الإحياء كما إذا حفرا بئراً أو شقا نهراً أو قناة وما شاكل ذلك. الثاني : الحيازة كما إذا اصطادا صيداً أو اقتلعا شجرة مباحة أو اغترفا ماءً مباحا بآنية واحدة دفعة ونحو ذلك. الثالث : الامتزاج ، كما إذا امتزج خل شخص بخل شخص آخر. مسألة 575 : الامتزاج والخلط قد يوجب الشركة وقد لا يوجبها ، ومن الأول ما إذا حصل خلط وامتزاج تام بين ما يعين من جنس واحد كالماء بالماء والدهن بالدهن سواء وقع ذلك قهراً أو اختياراً ، ومثله خلط الجامدات الناعمة من جنس واحد بعضها ببعض كخلط دقيق الحنطة بدقيق الحنطة فيما إذا كان الخلط بمثله ، وأما إذا كان الخلط بالأجود أو بالأردأ ، أو كان الخلط بغير الجنس مع عد الموجود طبيعة ثالثة كخلط دهن اللوز بدهن الجوز وخلط


( 178 )

الخل بالسكر وحصول السكنجبين منهما فإن حصل ذلك على وجه لا يكون مضموناً على أحد المالكين كان المجموع مشتركاً بينهما وإلا كان لصاحبه المطالبة ببدل ماله من المثل أو القيمة وله عدم المطالبة به والرضا بالاشتراك في الخليط بنسبة المالية مع أخذ ما به التفاوت بين قيمة ماله قبل الخلط وقيمته بعده لو كان الخلط سببا في تنزل قيمته كما سيأتي في المسألة 853. ومن الثاني ـ أي ما لا يجب الشركة ـ الامتزاج بغير الجنس فيما اذا عد الموجود خليطا من موجودات متعددة وإن لم يمكن إفراز بعضها عن بعض إلا بكلفة بالغة كمزج طن من حب الحنطة بطن من حب الشعير ، ومثله على الظاهر الامتزاج بالجنس فيما إذا لم يعد الموجود شيئاً واحداً كخلط اللوز باللوز والجوز بالجوز وخلط حب الحنطة بحب الحنطة سواء أ كان الخلط بمثله أو بالأجود أو بالأردأ ، فإن في مثل ذلك كله لا تتحقق الشركة ولا تجري عليها أحكام المال المشترك بل لابد من أن يتصالح الطرفان بوجه لا يستلزم الربا. مسألة 576 : لا يجوز لبعض الشركاء التصرف في المال المشترك إلا برضا الباقين ، بل لو أذن أحد الشريكين في التصرف جاز للمأذون ولم يجز للآذن إلا أن يأذن له المأذون أيضاً ، ويجب أن يقتصر المأذون بالمقدار المأذون فيه كماً وكيفاً ، نعم الإذن في الشيء إذن في لوازمه العرفية عند الإطلاق ولكنها تختلف حسب اختلاف الموارد فربما يكون الإذن للشخص في سكنى الدار إذناً له عرفاً في إسكان أهله وعياله وأطفاله وتردد أصدقائه ونزول ضيوفه بالمقدار المعتاد فيجوز ذلك كله إلا أن يمنع عنه كلاً أو بعضاً فيتبع. مسألة 577 : إذا كان الاشتراك في أمر تابع مثل البئر والطريق غير النافذ والدهليز ونحوها مما كان الانتفاع به مبنياً عرفاً على عدم الاستئذان جاز التصرف وإن لم يأذن الشريك.


( 179 )

مسألة 578 : إذا كان ترك التصرف موجباً لنقص العين كما لو كانا مشتركين في طعام فإذا امتنع أحدهما من الإذن في التصرف فيه ولم يرض بتقسيمه رجع الشريك في ذلك إلى الحاكم الشرعي ليسلم من الضرر. مسألة 579 : إذا كانا شريكين في دار مثلاً فتعاسرا وامتنع أحدهما من الإذن للآخر بالتصرف فيها بحيث أدى ذلك إلى الضرر رجع الشريك إلى الحاكم الشرعي ليأذن في التصرف الأصلح حسب نظره. مسألة 580 : إذا طلب الشريك بيع ما يترتب على قسمته نقص ليقسم الثمن تجب إجابته ويجبر الشريك عليه لو امتنع. مسألة 581 : تتصور الشركة العقدية على أنحاء : النحو الأول : شركة العنان ، وهي الاتفاق بين شخصين مثلاً على الإتجار والتكسب بأعيان من أموالهما على أن يكون بينهما ما يحصل من ذلك من ربح أو خسران ، وهذا النحو يمكن أن يقع على قسمين يختلفان في جملة من الأحكام كما سيأتي : القسم الأول : اتفاق شخصين مثلاً على الإتجار بالمال المشاع بينهما بأحد أسباب الإشاعة في مرحلة سابقة على العقد ، وهذا من العقود الإذنية ونعبر عنه بـ ( الشركة الإذنية ). القسم الثاني : إنشاء شخصين مثلاً المشاركة في رأس مال مكون من مالهما للإتجار والتكسب به بكيفية وشروط معينة ، وهذا من العقود المعاوضية لتضمنه انتقال حصة من المال المختص بكل من الطرفين إلى الطرف الآخر بنفس العقد ، ونعبر عنه بـ ( الشركة المعاوضية ). النحو الثاني : شركة الأبدان ، وهي الاتفاق بين شخصين مثلاً على الاشتراك فيما يربحانه من حاصل عملهما سواء اتفقا في العمل كالخياطين أو اختلفا كالخياط والنساج ، ومن ذلك معاقدة شخصين على أن كل ما يحصل


( 180 )

كل منهما بالحيازة من الحطب أو الحشيش مثلاً يكون مشتركاً بينهما. و هذه الشركة باطلة فيختص كل من الطرفين بأجرة عمله وبما حازه ، نعم لو صالح أحدهما الآخر بنصف منفعته إلى مدة معينة بإزاء نصف منفعة الآخر إلى تلك المدة وقبل الآخر صح واشترك كل منهما فيما يحصله الآخر في تلك المدة بالأجرة أو الحيازة ، وكذا لو صالح أحدهما الآخر عن نصف منفعته إلى مدة بعوض معين وصالح الآخر أيضاً نصف منفعته في تلك المدة بذلك العوض ، ولو اتفقا في ضمن عقد لازم على أن يعطي كل منهما نصف أجرته للآخر صح ذلك ووجب العمل بالشرط. النحو الثالث : شركة الوجوه ، وهي الاتفاق بين طرفين مثلاً على أن يشتري كل منهما متاعاً نسيئة لنفسه ويكون ما يبتاعه كل منهما بينهما فيبيعانه ويؤديان الثمن ويشتركان فيما يربحانه منه ، وهذه الشركة باطلة أيضاً ، نعم لا بأس بأن يوكل كل منهما صاحبه في أن يشاركه فيما اشتراه بأن يشتري لهما وفي ذمتهما فإذا اشترى شيئاً كذلك يكون لهما ويكون الربح والخسران أيضاً بينهما. النحو الرابع : شركة المفاوضة ، وهي أن يتفق طرفان مثلاً على أن يكون كل ما يحصل لكل منهما من ربح تجارة أو فائدة زراعة أو أجرة عمل أو إرث أو وصية أو غير ذلك يكون بينهما وكذا كل غرامة وخسارة ترد على أحدهما تكون عليهما معا. وهذه الشركة باطلة أيضاً، نعم لو اتفقا في ضمن عقد لازم على أنه إن ربح أحدهما أعطى صاحبه نصف ربحه وإن خسر أحدهما تدارك صاحبه نصف خسارته صح ولزم العمل به. مسألة 582 : لو آجر اثنان نفسهما بعقد واحد لعمل واحد بأجرة معينة كانت الأجرة مشتركة بينهما ، وكذا لو حاز اثنان معاً مباحاً كما لو اقتلعا معا


( 181 )

شجرة أو اغترفا ماءً دفعة بآنية واحدة كان ما حازاه مشتركاً بينهما وليس ذلك من شركة الأبدان حتى تكون باطلة وتقسم الأجرة وما حازاه بنسبة عملهما ولو لم تعلم النسبة فالأحوط التصالح. مسألة 583 : لابد في عقد الشركة من إيجاب وقبول ، ويكفي قولهما ( اشتركنا ) أو قول أحدهما ذلك مع قبول الآخر ، وتجري فيها المعاطاة أيضاً. مسألة 584 : يعتبر في الشركة العقدية كل ما يعتبر في العقود المالية في المتعاقدين من البلوغ والعقل والاختيار وعدم الحجر لسفه أو فلس ، فلا تصح شركة الصبي والمجنون والمكره والسفيه والمفلس فيما حجر عليه من أمواله. مسألة 585 : لو اشترطا في عقد الشركة أن يشتركا في العمل كل منهما مستقلاً أو منضماً مع الآخر أو يعمل أحدهما فقط أو يعمل ثالث يستأجر لذلك وجب العمل على طبق الشرط ، ولو لم يعينا العامل فإن كانت الشركة إذنية لم يجز لأي منهما التصرف في رأس المال بغير إذن الآخر ، وإن كانت الشركة معاوضية فمقتضى إطلاق العقد جواز تصرف كل منهما بالتكسب برأس المال بأي نحو لا يضر بالشركة. مسألة 586 : يجب على العامل أن يكون عمله على طبق ما هو المقرر بينهما ، فلو قررا ـ مثلاً ـ أن يشتري نسيئة ويبيع نقداً، أو يشتري من المحل الخاص وجب العمل به ولو لم يعين شيء من ذلك لزم العمل بما هو المتعارف على وجه لا يضر بالشركة. مسألة 587 : لو تخلف العامل عما شرطاه أو عمل على خلاف ما هو المتعارف في صورة عدم الشرط فالأظهر صحة المعاملة ، فإن كانت رابحة اشتركا في الربح وإن كانت خاسرة أو تلف المال ضمن العامل الخسارة أو التلف.


( 182 )

مسألة 588 : إطلاق الشركة يقتضي بسط الربح والخسران على الشريكين بنسبة ماليهما فإن تساوى المالان تساويا في الربح والخسران وإلا كان الربح والخسران بنسبة المالين ، فلو كان مال أحدهما ضعف مال الآخر كان ربحه وضرره ضعف الآخر سواء تساويا في العمل أو اختلفا أو لم يعمل أحدهما أصلاً. و لو اشترطت زيادة الربح عما تقتضيه نسبة المالين لمن يقوم بالعمل من الشريكين أو الذي يكون عمله أكثر أو أهم من عمل الآخر صح الشرط ووجب الوفاء به ، وهكذا الحال لو اشترطت الزيادة لغير العامل منهما أو لغير من يكون عمله أكثر أو أهم من عمل صاحبه على الأظهر ، ولو اشترطا أن يكون تمام الربح لأحدهما أو يكون تمام الخسران على أحدهما ففي صحة العقد إشكال. مسألة 589 : الشريك العامل في رأس المال أمين فلا يضمن التالف كلاً أو بعضاً من دون تعد أو تفريط. مسألة 590 : لو ادعى العامل التلف من مال الشركة فإن كان مأموناً عند صاحبه لم يطالبه بشيء وإلا جاز له رفع أمره إلى الحاكم الشرعي ويكون القول قول العامل بيمينه ما لم يكن مخالفاً للظاهر ـ كما لو كان بين أمواله فادعى تلفه بحريق أصابه وحده دون غيره ـ ، وهكذا لو ادعى عليه التعدي أو التفريط فأنكر. مسألة 591 : الشركة الأذنية عقد جائز من الطرفين ، فيجوز لكل منهما فسخه فينفسخ لكن لا تبطل بذلك الشركة في رأس المال ، وكذا ينفسخ لعروض الموت والجنون والإغماء والحجر بالفلس أو السفه وتبقى أيضاً الشركة في رأس المال ، وأما الشركة المعاوضية فعقد لازم لا ينفسخ إلا بانتهاء أمد الشركة أو بالتقايل أو الفسخ ممن له الخيار ولو من جهة تخلف


( 183 )

بعض الشروط التي جعلاها في ضمن العقد. مسألة 592 : لو جعلا للشركة أجلاً فإن كانت معاوضية لزم مطلقاً وإن كانت إذنية لم يلزم فيجوز لكل منهما الرجوع قبل انقضائه ، نعم لو اشترطا عدم فسخها إلى أجل معين ـ بمعنى التزامهما بأن لا يفسخاها إلى حينه ـ صح الشرط ووجب العمل به سواء جعلا ذلك شرطاً في ضمن نفس عقد الشركة أو في ضمن عقد خارج لازم ، ولكن مع ذلك تنفسخ بفسخ أيهما وإن كان الفاسخ آثماً. مسألة 593 : إذا تبين بطلان عقد الشركة بعد أن أتجر أحد الشريكين بمال الشركة ، فإن لم يكن الإذن في التصرف مقيداً بصحة الشركة صحت المعاملة ويرجع ربحها إليهما وإن كان الإذن مقيدا بصحة العقد كان العقد بالنسبة إلى الآخر فضولياً فإن أجاز صح وإلا بطل.

القسمة وأحكامها

وهي تعيين الحصة المشاعة من المال المشترك في جزء معين منه سواء اقتضى إزالة الشيوع عنه بالمرة أو اقتضى تضييق دائرته كما إذا قسم المال المشترك بين أربعة أشخاص إلى قسمين يشترك كل اثنين منهم في قسم ، وهي ليست ببيع ولا معاوضة ، نعم تشتمل قسمة الرد على تعويض بعض الحصة المشاعة بما هو خارج عن المال المشترك فتحتاج إلى المصالحة أو نحوها. مسألة 594 : لابد في القسمة من تعديل السهام بحسب القيمة والمالية ، وهو يتحقق بالأنحاء الثلاثة التالية : النحو الأول : تعديل السهام بحسب الكمية كيلاً أو وزناً أو عداً أو مساحة ، وتسمى ( قسمة الإفراز ) ، وموردها ما إذا كان كل سهم مساو مع السهم


( 184 )

الآخر في الكمية مساوياً معه في المالية أيضاً ، فتجري في الصنف الواحد من الحبوب والأدهان والألبان وفي الدراهم والدنانير والمصنوعات بالمكائن الحديثة من آلات وأدوات وأوانى ومنسوجات وسيارات ومكائن ونحوها ، وكذا في الأرض الوسيعة البسيطة بالشرط المتقدم. هذا إذا لم تكن للهيئة الاجتماعية للسهام دخلاً في ماليتها وإلا لم تجر فيها قسمة الإفراز لاستلزامها الحيف والضرر بالشركاء ، فلا تجري في طاقة عباءة واحدة أو سجادة واحدة أو قطعة أرض ضيقة لو أفرزت بعض أجزائها لم تصلح للبناء مثلاً. النحو الثاني : تعديل السهام بجعل بعضها أو جميعها متشكلاً من شيئين أو أشياء مختلفة وتسمى ( قسمة التعديل ) ، وموردها ما إذا كان المال المشترك مشتملاً على أشياء مختلفة من حيث القيمة والمالية ولكن أمكن تعديل السهام فيها على النحو المذكور ، كما إذا اشترك اثنان في ثلاثة أغنام قد ساوى أحدها الآخرين في القيمة فيجعل الواحد سهماً والاثنان سهماً ، أو اشترك شخصان في سيارة وسجادة وحانوت وغنم وبقر وقد ساوى اثنان منها البقية في القيمة. النحو الثالث : تعديل السهام بضم مقدار من المال مع بعض السهام ليعادل البعض الآخر وتسمى ( قسمة الرد ) ، كما إذا كانت بين اثنين سيارتان قيمة إحداهما ألف دينار وقيمة الأخرى خمسمائة دينار فإنه إذا ضم إلى الثانية مأتان وخمسون ديناراً يحصل التساوي اللازم في مقام القسمة. مسألة 595 : الأموال المشتركة قد لا يتأتى فيها إلا نحو واحد من القسمة كقسمة الرد كما في مثال السيارتين المتقدم آنفاً فإن في مثله لا يتأتى قسمة الإفراز والتعديل ، وقد يتأتى فيها نحوان من القسمة كقسمة التعديل والرد كما إذا كان بينهما ثلاث سيارات قيمة إحداها ألف دينار وقيمة كل من الأخريين خمسمائة دينار ، فيمكن أن تجعل الأولى سهماً والأخريان سهما


( 185 )

فتكون من قسمة التعديل ، ويمكن أن تجعل الأولى مع واحدة من الأخريين سهماً والأخرى منهما مع خمسمائة دينار سهماً فتكون من قسمة الرد. وقد تتأتى فيها الأنحاء الثلاثة ، كما إذا اشترك اثنان في مائة كيلو غراماً من الحنطة قيمتها عشرة دنانير مع مائة كيلو غراما من الشعير قيمتها خمسة دنانير ومائة كيلو غراما من الحمص قيمتها خمسة عشر ديناراً فإذا قسمت كل واحدة منها بانفرادها كانت قسمة إفراز ، وإن جعلت الحنطة مع الشعير سهماً والحمص سهماً كانت قسمة تعديل ، وإن جعل الحمص مع الشعير سهماً والحنطة مع خمسة دنانير سهماً كانت قسمة الرد ، والظاهر صحة الجميع مع التراضي حتى قسمة الرد مع إمكان غيرها. مسألة 596 : لا يعتبر في القسمة العلم بمقدار السهام بعد أن كانت معدلة ، فلو كانت صبرة من حنطة مجهولة الوزن بين ثلاثة فجعلت ثلاثة أقسام معدلة بمكيال مجهول المقدار ، أو كانت بينهم عرصة أرض متساوية الأجزاء قيمة فجعلت ثلاثة أجزاء متساوية المقدار بخشبة أو حبل لا يدرى أن طولها كم ذراع صح. مسألة 597 : إذا طلب أحد الشريكين القسمة بأحد أقسامها ، فإن كانت قسمة رد أو كانت مستلزمة للضرر فللشريك الآخر الامتناع عنها ولم يجبر عليها لو امتنع ، وتسمى القسمة ( قسمة تراض ) ، بخلاف ما إذا لم تكن قسمة رد ولا مستلزمة للضرر فإنه يجبر عليها الممتنع لو طلبها الشريك الآخر ، وتسمى القسمة ( قسمة إجبار ) ، فإن كان المال المشترك مما لا يمكن فيه إلا قسمة الإفراز أو التعديل فلا إشكال ، وأما فيما أمكن كلتاهما فإن طلب قسمة الإفراز يجبر عليها الممتنع ، بخلاف ما إذا طلب قسمة التعديل ، فإذا كانا شريكين في أنواع متساوية الأجزاء قيمة كحنطة وشعير وتمر وزبيب فطلب أحدهما قسمة كل نوع بانفراده قسمة إفراز أجبر الممتنع ، وإن طلب قسمتها


( 186 )

بالتعديل بحسب القيمة لم يجبر ، وكذا إذا كانت بينهما قطعتا أرض أو داران أو دكانان فإنه يجبر الممتنع لو طلب أحد الشريكين قسمة كل منها على حده ولم يجبر إذا طلب قسمتها بالتعديل ، نعم لو كانت قسمتها منفردة مستلزمة للضرر دون قسمتها بالتعديل أجبر الممتنع على الثانية إن طلبها أحد الشريكين دون الأولى. مسألة 598 : إذا اشترك اثنان في دار ذات علو وسفل وأمكن قسمتها قسمة إفراز على نحو يصل إلى كل منهما بمقدار حصته من العلو والسفل ، وقسمتها على نحو يحصل لكل منهما حصته من العلو والسفل بالتعديل ، وقسمتها على نحو يحصل لأحدهما العلو وللآخر السفل ، فإن طلب أحد الشريكين النحو الأول ولم يستلزم الضرر يجبر الآخر لو امتنع ، ولا يجبر لو طلب أحد النحوين الآخرين ، هذا مع إمكان النحو الأول وعدم استلزامه الضرر وأما مع عدم إمكانه أو استلزامه الضرر وانحصار الأمر في النحوين الأخيرين فالظاهر تقدم الأول فلو طلبه أحدهما يجبر الآخر لو امتنع بخلاف الثاني ، نعم لو انحصر الأمر فيه يجبر إذا لم يستلزم الضرر ولا الرد وإلا لم يجبر كما مر. مسألة 599 : لو كانت دار ذات بيوت أو خان ذات حجر بين جماعة وطلب بعض الشركاء القسمة أجبر الباقون ، إلا إذا استلزم الضرر من جهة ضيقهما وكثرة الشركاء. مسألة 600 : إذا كان بينهما بستان مشتمل على نخيل وأشجار فقسمته بأشجاره ونخيله بالتعديل قسمة إجبار إذا طلبها أحدهما يجبر الآخر ، بخلاف قسمة كل من الأرض والأشجار على حده فإنها قسمة تراض لا يجبر عليها الممتنع. مسألة 601: إذا كانت بينهما أرض مزروعة يجوز قسمة كل من الأرض


( 187 )

والزرع ـ قصيلاً كان أو سنبلاً ـ على حده وتكون القسمة قسمة إجبار ، وأما قسمتهما معاً فهي قسمة تراض لا يجبر الممتنع عليها إلا إذا انحصرت القسمة الخالية عن الضرر فيها فيجبر عليها ، هذا إذا كان الزرع قصيلاً أو سنبلاً وأما إذا كان حباً مدفوناً أو مخضراً في الجملة بحيث لم يمكن تعديل السهام فلا إشكال في قسمة الأرض وحدها وبقاء الزرع على إشاعته كما أنه لا إشكال في عدم جواز قسمة الزرع مستقلاً ، وفي جواز قسمة الأرض بزرعها بحيث يجعل من توابعها إشكال والأحوط قسمة الأرض وحدها وإفراز الزرع بالمصالحة. مسألة 602 : إذا كانت بينهم دكاكين متعددة متجاورة أو منفصلة ، فإن أمكن قسمة كل منها بانفراده وطلبها بعض الشركاء وطلب بعض آخر منهم قسمة بعضها في بعض بالتعديل لكي يتعين حصة كل منهم في دكان تام أو أزيد يقدم ما طلبه الأول ويجبر البعض الآخر ، إلا إذا انحصرت القسمة الخالية عن الضرر في النحو الثاني فيجبر الأول. مسألة 603 : إذا كان بينهما حمام وشبهه مما لم يقبل القسمة الخالية عن الضرر لم يجبر الممتنع ، نعم لو كان كبيراً بحيث يقبل الانتفاع بصفة الحمامية من دون ضرر ولو بإحداث مستوقد أو بئر آخر فالأقرب الإجبار. مسألة 604 : لو كان لأحد الشريكين عشر من دار مثلاً وهو لا يصلح للسكنى ويتضرر هو بالقسمة دون الشريك الآخر ، فلو طلب هو القسمة بغرض صحيح يجبر شريكه ولم يجبر هو لو طلبها الآخر. مسألة 605 : يكفي في الضرر المانع عن الإجبار ترتب نقصان في العين أو القيمة بسبب القسمة بما لا يتسامح فيه في العادة وإن لم يسقط المال عن قابلية الانتفاع بالمرة. مسألة 606 : لابد في القسمة من تعديل السهام ثم القرعة ، وفي


( 188 )

االاكتفاء بالتراضي بعد التعديل من غير حاجة إلى القرعة وجه ولكن الأحوط استحباباً خلافه. أما كيفية التعديل فإن كانت حصص الشركاء متساوية ـ كما إذا كانوا اثنين ولكل منهما نصف أو ثلاثة ولكل منهم ثلث وهكذا ـ يعدل السهام بعدد الرؤوس ، فيجعل سهمين متساويين إن كانوا اثنين وثلاثة أسهم متساويات إن كانوا ثلاثة وهكذا ، ويعلم كل سهم بعلامة تميزه عن غيره ، فإذا كانت قطعة أرض متساوية الأجزاء قيمة بين ثلاثة مثلاً تجعل ثلاث قطع متساوية بحسب المساحة ويميز بينها إحداها الأولى والأخرى الثانية والثالثة الثالثة ، وإذا كانت دار مشتملة على بيوت بين أربعة مثلاً تجعل أربعة أجزاء متساوية بحسب القيمة وتميز كل منها بمميز كالقطعة الشرقية والغربية والشمالية والجنوبية المحدودات بحدود كذائية ، وإن كانت الحصص متفاوتة ـ كما إذا كان المال بين ثلاثة سدس لعمرو وثلث لزيد ونصف لبكر ـ يجعل السهام على أقل الحصص ، ففي المثال السهام ستة وتعلم كل منها بعلامة كما مر. ثم إنه إذا أمكن تعديل السهام على أنواع متعددة تختلف بحسب الأغراض العقلائية كما يتصور ذلك في مثال الأرض المذكورة حيث يمكن تعديل السهام على أشكال هندسية مختلفة كالمربع والمستطيل والمثلث ونحوها فإن حصل التراضي بنوع التعديل فهو وإلا لا يجبر أحد على نوع معين منه إلا بالقرعة. و أما كيفية القرعة بعد التعديل ففي الأول ـ وهو فيما إذا كانت الحصص متساوية ـ تؤخذ رقاع بعدد رؤوس الشركاء رقعتان إذا كانوا اثنين وثلاث إن كانوا ثلاثة وهكذا ، ويتخير بين أن يكتب عليها أسماء الشركاء على إحداها زيد وعلى الأخرى عمرو وعلى الثالثة بكر وهكذا وبين أن يكتب عليها أسماء السهام على إحداها الأول وعلى الأخرى الثاني وعلى الثالثة الثالث وهكذا ، ثم تشوش وتستر ويؤمر من لم يشاهدها فيخرج واحدة واحدة ، فإن كتب عليها أسماء


( 189 )

الشركاء يعين أحد السهام كالأول مثلاً ويخرج رقعة باسم ذلك السهم بقصد أن يكون هذا السهم لكل من خرج اسمه ، فكل من خرج اسمه يكون ذلك السهم له ، ثم يعين السهم الثاني ويخرج رقعة أخرى لذلك السهم فكل من خرج اسمه كان السهم له وهكذا ، وإن كتب عليها أسماء السهام يعين أحد الشركاء ويخرج رقعة فكل سهم خرج اسمه كان ذلك السهم له ، ثم يخرج رقعة أخرى لشخص آخر وهكذا. وأما في الثاني ـ وهو ما كانت الحصص متفاوتة كما في المثال المتقدم الذي قد تقدم أنه يجعل السهام على أقل الحصص وهو السدس ـ فتؤخذ أيضاً رقاع بعدد رؤوس الشركاء ويتعين فيها كتابة أسمائهم فيكتب مثلاً على إحداها زيد وعلى الأخرى عمرو وعلى الثالثة بكر وتستر كما مر ، ويقصد أن كل من خرج اسمه على سهم كان له ذلك فإن لم يكن تمام حصته كان له أيضاً ما يليه بما يكمل تمامها ، ثم يخرج إحداها على السهم الأول فإن كان عليها اسم صاحب السدس تعين له ، ثم يخرج أخرى على السهم الثاني فإن كان عليها اسم صاحب الثلث كان الثاني والثالث له ، ويبقى الرابع والخامس والسادس لصاحب النصف ولا يحتاج إلى إخراج الثالثة ، وإن كان عليها اسم صاحب النصف كان له الثاني والثالث والرابع ويبقى الأخيران لصاحب الثلث ، وإن كان ما خرج على السهم الأول صاحب الثلث كان الأول والثاني له ، ثم يخرج أخرى على السهم الثالث فإن خرج اسم صاحب السدس كان ذلك له ويبقى الثلاثة الأخيرة لصاحب النصف ، وإن خرج صاحب النصف كان الثالث والرابع والخامس له ويبقى السادس لصاحب السدس ، وقس على ذلك غيرها. مسألة 607 : الظاهر أنه ليست للقرعة كيفية خاصة ، وإنما تكون الكيفية تابعة لمواضعة القاسم والمتقاسمين بإناطة التعيين بأمر ليس لإرادة المخلوق مدخلية فيه مفوضاً للأمر إلى الخالق جل شأنه ، سواء كان بكتابة


( 190 )

رقاع أو إعلام علامة في حصاة أو نواة أو ورق أو خشب أو غير ذلك. مسألة 608 : إذا بنوا على التقسيم وعدلوا السهام وأوقعوا القرعة ـ في مورد الحاجة إليها ـ فقد تمت القسمة ولا يحتاج إلى تراض آخر بعدها فضلاً عن إنشائه ، نعم في قسمة الرد تتوقف على المصالحة أو نحوها كما مر. مسألة 609 : إذا طلب بعض الشركاء المهاياة في الانتفاع بالعين المشتركة أما بحسب الزمان بأن يسكن هذا في شهر وذاك في شهر مثلاً ، وأما بحسب الأجزاء بأن يسكن هذا في الفوقاني وذاك في التحتاني مثلاً ، لم يلزم على شريكه القبول ولم يجبر إذا امتنع ، نعم يصح مع التراضي لكن ليس بلازم ، فيجوز لكل منهما الرجوع ، هذا في شركة الأعيان ، وأما في شركة المنافع فينحصر إفرازها بالمهاياة لكنها فيها أيضاً غير لازمة ، نعم لو حكم الحاكم الشرعي بها في مورد لأجل حسم النزاع والجدال يجبر الممتنع وتلزم. مسألة 610 : القسمة في الأعيان إذا وقعت وتمت لزمت وليس لأحد من الشركاء إبطالها وفسخها ، بل الظاهر أنه ليس لهم فسخها وإبطالها بالتراضي ، لأن الظاهر عدم مشروعية الإقالة فيها. مسألة 611 : لا تشرع القسمة في الديون المشتركة ، فإذا كان لزيد وعمرو معاً ديون على الناس بسبب يوجب الشركة كالإرث فأرادا تقسيمها قبل استيفائها فقسماها سهمين متعادلين وجعلا ما على الحاضر مثلاً لأحدهما وما على البادي للآخر لم تفرز بل تبقى على إشاعتها ، فكل ما حصل كل منهما يكون لهما وكل ما يبقى على الناس يكون بينهما ، ولو اشتركا في دين على أحد واستوفى أحدهما حصته ـ بأن قصد كل من الدائن والمديون أن يكون ما يأخذه وفاءً وأداءً لحصته من الدين المشترك ـ ففي تعينه له وبقاء حصة الشريك في ذمة المديون إشكال.