أنت هنا: الرئيسية المكتبة الاسلامية الآداب الطبية في الإسلام الفصل الثاني : الطب في العهد الاسلامي
 
 


الفصل الثاني : الطب في العهد الاسلامي

البريد الإلكتروني طباعة
كتاب الآداب الطبية في الإسلام ص21 ـ ص40


يكن لهم حضارة طبية ذات قيمة تذكر ، نعم قد ظهر فيهم عدد محصور من الاطباء لم يكن لهم نبوغ مميز ، ولا اشتهر عنهم ابداعات او منجزات تذكر في هذا المجال ...
وقد عرف من هؤلاء الاطباء ، الذين عاش بعضهم الى ما بعد ظهور الاسلام .
1 ـ ابن حذيم : من تيم الرباب ، وقد زعموا : انه اطب العرب ، حتى قيل : اطب في الكي من ابن حذيم ... (1) .
وهذه الكلمة كما ترى تدل على انه انما اشتهر بالكي اكثر من غيره من سائر المعالجات التي كانت معروفة آنذاك ... وليس لدينا ما يدل على براعة ما ، له في سائر فروع الطب وفنونه ...
2 ـ الحارث بن كلدة ، بن عمرو ، بن علاج : قال ابو عمر : توفي في اول الاسلام : ولم يصح اسلامه . وتعلم الطب من رجل جنديشابوري : ويقال : انه عالج سعد بن ابي وقاص بأمر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، او بمراجعة سعد له ، بعد ان امره ( ص ) بمراجعته (2)
____________
(1) تاريخ التمدن الاسلامي ، المجلد الثاني ص 22 ، والمفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ج 8 ص 386 عن بلوغ الارب ج 3 ص 337 .
(2) راجع : تاريخ الحكماء للقفطي : وعيون الانباء ط سنة 1965 ص 161 ، وهامش الاشتقاق لابن دريد ص 305 ، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري ص 92 ، والاصابة ج 1 ص 288 والاستعياب بهامشها ج 1 ص 289 ، والطب النبوي لابن القيم ص 75 وطبقات ابن سعد ج 5 ص 372 . والترجمة الفارسية لطبقات الاطباء والحكماء لابن جلجل ص 124 ، والتراتيب الادارية ج 1 ص 456 / 457 عن سنن ابي داود وغيره ، وكنز العمال ج 10 ص 14 و 46 / 47 عن ابي داود ، والحسن بن سفيان ، وابي نعيم . والمفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ج 8 ص 382 عن بعض من تقدم ، وعن : بلوغ الارب ج 3 ص 328 وشرح ديوان لبيد ص 102 واخبار الحكماء ص 111 وطبقات الاطباء لابن صاعد ص 27 ، وطبقات الاطباء لابن جلجل ص 54 .


( 22 )


ويقول البعض : كان النبي ( ص ) يأمر من كانت به علة ان يأتيه ، فيسأله عن علته (1) .
ونسب اليه كتاب المحاورة في الطب بينه وبين كسرى ، ولعله هو الذي ذكره ابن ابي اصيبعة ، وابن عبد ربه ، وغيرهما (2) .
3 ـ النضر بن الحارث ، بن كلدة ، بن عبد مناف ، بن عبد الدار ، يقال : انه سافر الى البلاد ، ورأى العلماء . ويذكر : انه كان له معرفة بالطب (3) .
4 ـ ابن ابي رمثة : كان طبيبا على عهد الرسول ، يزاول اعمال اليد ، وصناعة الجراح (4) .
5 ـ الشمردل بن قباب ، من نجران ، وقد اسلم على يد النبي ( ص ) وله كلام معه حول ممارسته لهذه الصناعة (5) .
____________
(1) طبقات ابن سعد ج 5 ص 372 والتراتيب الادارية ج 1 ص 456 / 457 عنه وعن ابن طرخان .
(2) عيون الانباء ص 162 والعقد الفريد ج 6 ص 373 وعن بلوغ الارب ج 3 ص 328 والتراتيب الادارية ج 2 ص 359 .
(3) وزعم في عيون الانباء ص 167 : انه ابن الحارث بن كلدة الثقفي . وليس كذلك لان هذا من قريش من بني عبد الدار ، وقد امر ( ص ) بقتله يوم بدر .. راجع : نسب قريش لمصعب ص 255 ، والاشتقاق ص 160 ، وسيرة ابن هشام ج 1 ص 320 وج 2 ... وغير ذلك .
(4) التراتيب الادارية ج 1 ص 462 و 464 وطبقات الاطباء والحكماء ( الترجمة الفارسية ) ص 128 وهوامشها ، ومسند احمد ج 4 ص 163 ، وتهذيب التهذيب ج 12 ص 97 وتاريخ الحكماء ص 436 ، وعيون الانباء ص 170 ولسان العرب ج 6 ص 232 ، وتاريخ التمدن الاسلامي ، المجلد الثاني ص 24 ، والمفصل ج 8 ص 386 عن بعض من تقدم وعن ابن جلجل ص 57 ، وابن صاعد ص 47 .
(5) الاصابة ج 2 ص 156 ، ولسان الميزان ج 4 ص 478 .


( 23 )


6 ـ ضماد بن ثعلبة : كان صديقا للنبي ( ص ) في الجاهلية ـ كما يقال ـ وكان يتطبب ، ويرقى : ويطلب العلم ، ويداوي من الريح (1) .
7 ـ زهير بن جناب . الذي كان طبيب قومه ، وقد تقدم ذكره .
8 ـ وثمة نفر من قبيلة انمار ، كانوا يزاولون الطب في زمن النبي صلى الله عليه وآله (2) .
9 ـ وكان العباديون ايضا معروفين بالطب (3) ، ولعله بعامل تنصرهم ، كما قيل (4) .
النساء والطب :
ويذكر هنا : ان بعض النساء اللواتي ادركن الاسلام ، كن يزاولن مداواة الجرحى ، وتمريض المرضى . ونعتقد : ان مهمتهن هذه كانت الى التمريض اقرب ، ولسوف يأتي ذكر اسماء طائفة منهن ممن عاش في زمن النبي ( ص ) في القسم الثاني من هذا الكتاب ، في الفصل الخامس ، حين الكلام على تمريض المرأة للرجل ... فالى هناك .
____________
(1) التراتيب الادارية ج 1 ص 462 ، والاصابة ج 2 ص 202 ، والاستيعاب بهامشها ج 2 ص 209 ، والمفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ج 8 ص 386 عنهما وعن : نهاية الارب ج 18 ص 7 وج 17 ص 350 .
(2) موطأ مالك ج 3 ص 121 ، وطبقات الاطباء والحكماء لابن جلجل ( الترجمة الفارسية ) ص 124 والهوامش في ص 126 ، والمفصل ج 7 ص 276 عن ابن جلجل ص 54 .
(3) المفصل في تاريخ العرب ج 8 ص 412 عن الفاخر ص 58 .
(4) المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ج 8 ص 412 ولم نستطع ان نتحقق اسم الطبيب الذي جيء به لمداواة عمر حين طعن فسقاه النبيذ ثم اللبن ، فخرجا من جرحه ...


( 24 )

 


( 25 )


الفصل الثاني :

 

الطب في العهد الاسلامي
في القرنين : الاول والثاني الهجريين

 


( 26 )

 


( 27 )

 

العرب في اول الاسلام ... والطب

اننا نلاحظ ، ان الاسلام قد ظهر في حين كان الطب لا يزال يقطع مراحل طفولته . وكان العرب في علم الطب خاصة اضعف من سائر الامم ، لانهم لم يكن لديهم حكومة مركزية يتوفر في ظلها عنصر الامن والاستقرار ، ليكون ثمة مجال للتنافس والسعي لتحقيق الطموحات التي يمكن ان تعتلج في نفوس الكثيرين لاسباب مختلفة .
وباستثناء الحارث بن كلدة الذي استأثر بشيء من الشهرة الواسعة ، والتي لم تكن له لولا انه تعلم الطب على ايدي الجنديشابوريين ، وباستثناء ابن حذيم .
فاننا لانجد في العرب ما يشجعنا على ان نعتبرهم قد اسهموا في تقدم هذا العلم ، بل ليس ما يشجعنا لان نعتبر انه قد كان عندهم اطباء بالمعنى الحقيقي للكلمة ، وحتى ابن كلدة ، وابن حذيم فاننا لانعرف مقدار ما كانا يتمتعان به من براعة وحذق في هذا المجال . وليس لهم آثار علمية ، ولا في التاريخ ما يمكن ان نستدل به على شيء من هذا . وقد تقدم بعض ما يشير الى ذلك في الفصل السابق .


( 28 )


الطب في الصدر الاول الاسلامي :
لقد اشرنا فيما سبق الى : ان الاسلام يعتبر الطب وظيفة شرعية ، واحد الواجبات التي لا مجال للتساهل فيها .
كما ان من يراجع كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والائمة عليهم السلام ، وما وصل الينا من كلام لهم في الطب والعلاج ، وهو ثروة كبيرة جدا ، لا تتناسب مع ما لاحظناه من سير هذا العلم في القرن الاول الهجري ونصف الثاني ـ نعم ان المراجع لذلك ـ يخرج بحقيقية هامة ، تتلخص في انهم عليهم السلام كانوا يحاولون بعث نهضة شاملة في هذا المجال ، تتسم بالشمولية والعمق والدقة ، مستمدة ذلك من الواقعية الرائدة التي تعتمد عليها ، وعلى هدى من المعاني الانسانية النبيلة التي تتجه اليها .
ولكن الذي يظهر : هو ان العرب لم يستطيعوا ان يكونوا في مستوى هذا الحدث الجديد ، الذي هو ظهور الاسلام ... وانما كانت طموحاتهم وتوجهاتهم منصبة على مجالات اخرى ، تتناسب مع ما كانوا يعانونه من تأثرات وتغيرات نفسية وفكرية ، وغيرهما ، مما طرأ عليهم بعد ظهور الاسلام فيهم .
ولا نبعد كثيراً اذا قررنا هنا حقيقة : انه قد كان ثمة اثر كبير للتوجهات التي كانت تفرضها عليهم طموحاتهم ، التي ولدت في ظل ظروف موضوعية معينة متعددة بعد ظهور الاسلام ... والتي كانت تتجه اكثر الى نزعة التسلط والقهر للامم الاخرى ، وبسط النفوذ على اكبر قدر ممكن من البلاد ...
وقد ساعد على ذلك بشكل فعال ... بعض سياسات الحكام الذين جاؤا بعد الرسول صلى الله عليه وآله ـ باستثناء علي عليه السلام ـ الذين كانوا غير مستعدين للاستعانة بغير العرب الا بالمقدار الذي يرفع ضرورتهم ، من دون اي توجه الى حاجات ابناء شعبهم ، او حتى التفكير فيها ... هذا عدا عن انهم شعوبا وحكاما لم تسطع


( 29 )


نفوسهم وعقلياتهم ان ترقى الى مستوى الحدث الذي كان بمثابة القفزة الواسعة التي عرضت على مجمل حياتهم وواقعهم بظهور الاسلام فيهم .
كل ذلك مع عدم توجههم لاهداف وتعاليم نبيهم ودينهم ، وعدم اهتمامهم بالعمل على تطبيقها وتحقيقها .
نعم ... فبقيت علوم كثيرة ، ومنها علم الطب مهملة عندهم ، ان لم تكن معدومة الى مطلع الدولة العباسية ، التي جاءت بعد انتهاء الحكم الاموي ، الذي ساهم في اشباع الرغبة في الحكم والتسلط ، وبدأ الاتجاه الى حياة الاستقرار والرخاء ومواجهة متطلبات الحضارة ، الامر الذي كان يفرض عليها الاستجابة لهذه المتطلبات والحاجات ، التي يصعب اهمالها او تجاهلها .
فكان عصر النهضة العلمية ، وبدأ العصر الذهبي ... واستطاع المسلمون في فترة وجيزة جدا ان يحققوا على صعيد العلم والمعرفة اعظم المنجزات التي يمكن ان تحققها امة في فترة زمنية كهذه .
دور غير المسلمين في النهضة العلمية :
وكان طبيعيا ان يكون ظهور علم الطب بقوة عند المسلمين في اجواء كهذه في مطلع الدولة العباسية ، بمساعدة متخصصين من الامم الاخرى ، ولا سيما اولئك الذين انتهت اليهم المعارف الطبية الى تلك الفترة من الزمن ، وهم اهل جند يشابور .
وترجم هؤلاء وغيره الكثير من الكتب الطبية ، ومارسوا الطب في بلاط الخلفاء وغيرهم من الاعيان ، وحصلوا على الاموال بأرقامها الخيالية .
ولا غرو ان نجد الحكام والخلفاء يهتمون في ان يكون اطباؤهم من هؤلاء الذين هم من غير المسلمين ، بل من اليهود ، والنصارى ، والمجوس ، حتى لقد كان للمتوكل ( 56 ) طبيبا كلهم من النصارى (1) ... فانهم ما كانوا يطمئنون الا
____________
(1) تاريخ التمدن الاسلامي ، المجلد الثاني ص 200 عن طبقات الاطباء ج 2 ص 140 .


( 30 )


اليهم ، ولا يعتمدون في تنفيذ مآربهم السياسية ـ كتصفية خصومهم (1) ـ الا عليهم .
رغم وجود النطاسيين في هذا الفن من المسلمين ، والذي كان لهم فيه اليد الطولى ، ابداعاً واختراعاً ، وشموليةً وعمقاً ، مثل : احمد بن ابي الاشعث ، وعلي بن عيسى الكحال ، واحمد بن محمد الطبري ، وابن الصوري ، وغيرهم ممن يعد بالعشرات ، والمئات .
وقد كان علماء المسلمين يلومون الخلفاء والوزراء في تعظيمهم النصارى للتطبب (2) .
نعم ... لقد استعان المسلمون بغيرهم في عالم الطب ... ولكنهم لم تمض عليهم مدة وجيزة حتى حققوا فيه اعظم المنجزات ، التي يمكن ان يحققها انسان في فترة وظروف كتلك التي مرت على المسلمين آنذاك ... حتى لقد ارسوا القواعد والاسس الصحيحة والسليمة لقيام النهضة الطبية في هذا القرن الرابع عشر الهجري ... وعلى تلك القواع ، وهاتيك الاسس والمنجزات العظيمة اعتمدت اوربا وغيرها في نهضتها الطبية الحاضرة ، كما هو معلوم .
هذا ... ونحن نشير هنا الى مجمل بسيط عن الحركة العلمية الطبية الاسلامية ، وما يرتبط بذلك ، مع مراعاة الاختصار الشديد ، حسبما يقتضيه المقام ... فنقول :
____________
(1) فقد كان ابن اثال النصراني ، طبيب معاوية هو الاداة التي يستخدمها معاوية في تصفية خصومه السياسيين ، ( عيون الانباء ص 171 / 172 ، والتراتيب الادارية ج 1 / 461 ونسب قريش لمصعب الزبيري ص 327 وغيره ) ، كما ان المعتصم قد تخلص من المأمون على يد يوحنا بن ماسويه النصراني ( عيون الانباء ص 254 ) وابو الحكم النصراني الدمشقي كان يعتمد عليه معاوية في تركيب الادوية لاغراض قصدها منه ( عيون الانباء ص 175 والتراتيب الادارية ج 1 ص 461 ) وغير ذلك كثير ، لا مجال لتتبعه .
(2) البحار ج 81 ص 209 عن الدعوات للراوندي .


( 31 )


الطب في القرن الاول الهجري :
قد اشرنا فيما سبق الى انه قد كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله بعض المعاريف من الاطباء آنئذ ، والى بعض معارفهم ، ونزيد هنا :
ان قوماً من الانصار قالوا : يا رسول الله . ان لنا جاراً يشتكي بطنه ، افتأذن لنا ان نداويه ؟ قال ( ص ) : بماذا تداوونه ؟ قالوا : يهودي هاهنا يعالج من هذه العلة ، قال : بماذا ؟ قالوا : بشق بطنه ، فيستخرج منه شيئاً ، فكره ذلك رسول الله ( ص ) ولم يجبهم ، فعاودوه . مرتين او ثلاثا ، فقال : افعلوا ماشئتم ، فدعوا اليهودي فشق بطنه ، ونزع منه رجراجا كثيرا ، ثم غسل بطنه ، ثم خاطه وداواه ، فصح ... واخبروا النبي بذلك ، فقال : ان الذي خلق الادواء جعل لها الدواء ... الخ (1) .
وعن ابن سنان عن ابي عبد الله ( ع ) قال : سألته عن الرجل ينفصم سنه : ايصلح له ان يشدها بذهب ؟ وان سقطت ، ايصلح ان يجعل مكانها سن شاة ؟ قال : نعم ، ان شاء ، ليشدها بعد ان تكون ذكية ... وعن الحلبي ، عنه عليه السلام مثله (2) . وعن زرارة ، عن ابي عبد الله عليه السلام ، قال : سأله ابي وانا حاضر ، عن الرجل يسقط سنه ، فيأخذ من اسنان ميت ، فيجعله مكانه ، قال : لا بأس (3) .
وقد تقدم : انه ( ص ) قد امر الضحاك بأن يتخذ انفا من ذهب ... وتقدم : ان الحارث بن كلدة ـ وقد اختلف في اسلامه ـ قد الف كتابا في الطب .
وفيما عدا ذلك ، فاننا لا نجد في القرن الاول الهجري ، بل ... وحتى مطلع
____________
(1) البحار ج 62 ص 73 ، وطب الامام الصادق عليه السلام ص 16 كلاهما عن دعائم الاسلام .
(2) البحار ج 66 ص 51 / 52 عن مكارم الاخلاق ص 109 .
(3) المحاسن للبرقي 644 والبحار ج 66 ص 50 و 540 عنه وعن مكارم الاخلاق ص 109 .


( 32 )


الدولة العباسية اي نشاط طبي عند المسلمين ـ الا ما يذكر عن النبي ( ص ) ، والائمة المعصومين عليهم السلام ـ ولا اسماء بعض اطباء عاشوا في الجاهلية ، وصدر الاسلام مثل : ابن ابي رمثة ، والحارث بن كلدة ، والنضر بن الحارث ، وغيرهم ممن قدمنا ويذكر ايضا : انه لما ضرب امير المؤمنين علي عليه السلام جمع له الاطباء ، وكان ابصرهم بالطب ابن عمريا ، اثير بن عمرو السكوني . وكان صاحب كرسي يتطبب (1) كما ان الذي جيء به لعلاج عمر حينما طعن كان من الانصار من بني معاوية (2) .
اما في عهد بني امية ، فنجد ان الحكام كانوا يعتمدون على بعض الاطباء من اهل الملل الاخرى ، كابن اثال النصراني ، وابي الحكم النصراني ، وثياذوق ، وابن ابجر المسيحي (3) طبيب عمر بن عبد العزيز ، وان كان البعض يحاول أن يدعي : أن خالد بن يزيد كان ماهرا في الطب أيضا (4) ، ولكن ذلك لايمكن الاعتماد عليه ، نعم يمكن ان يكون قد شجع على ترجمة بعض الكتب الطبية كما سيأتي واذا كان حقا له بصر بهذا العلم فانه ولا شك لم يتعد المجال النظري ، فلم يمارسه في يوم من الايام . والمشتهر عنه هو ميله الى صناعة الكيمياء ، اما اتقانه لعلم الطب فلم نجده الا عند ابن خلكان .
ونجد ايضا في جملة من يعد ممن له معرفة بالطب ، بعض النساء اللواتي عشن في زمنه صلى الله عليه وآله ، مثل : رفيدة ، التي كان لها خيمة في مسجد الرسول لمداواة المرضى والجرحى ، وامرأة من عذرة ، وليلى الغفارية ، وام سليم وام عطية ، وربيع بنت معوذ ، وغيرهن ... ممن سنذكرهن مع المصادر في
____________
(1) معجم البلدان ج 1 ص 93 والجوهرة في نسب علي بن ابي طالب وآله للتلمساني البري ص 115 / 116 .
(2) تاريخ عمر لابن الجوزي ص 245 .
(3) راجع بعض الهوامش المتقدمة عن قريب ، حول دور هؤلاء الاطباء في الاغتيالات التي كان ينفذها الحكام على ايديهم ضد خصومهم السياسيين .
(4) وفيات الاعيان ج 1 ص 168 والتراتيب الادارية ج 2 ص 263 عنه .


( 33 )


الفصل الخامس من القسم الثاني من هذا الكتاب ، حين الكلام على معالجة وتمريض المرأة للرجل ... فالى هناك .
وكانت ام جميلة تعالج من الكلف ، وقد سألت عائشة عن ذلك ، فأمرتها بالاستمرار على ذلك (1) .
وفي عهد بني امية ، كانت زينب الاودية تتطبب ، وتعالج العين والجراح (2) واخيرا ... فاننا لا نجد في تتبع الحركة الطبية في هذه الفترة كبير فائدة ، لانها كانت ضعيفة جدا ، بل تكاد تكون معدومة .
استدراك : ويذكر في الاطباء في القرن الاول : مرة بن شراحيل الطبيب كما عند البلاذري في انساب الاشراف ج 2 ص 357 ، كما ان رواية ابن سنان الانفة تدخل في نشاط القرن الثاني ، اما رواية زرارة فيحتمل فيها ذلك .
الطب في كلمات المعصومين :
نعم ... لابد من التوفر الكامل على دراسة الثروة الطبية الهائلة ، التي اتحفنا بها النبي صلى الله عليه وآله ، واهل بيته الكرام عليهم الصلاة والسلام حيث انهم قد تكلموا في مختلف الشؤون الطبية بشكل واسع وشامل ، حتى في فترة الركود الفكري والعلمي في زمن الامويين وغيرهم ، حسبما تقدمت الاشارة اليه .
وهذا ما يحتم التوفر التام على دراسة تلك الثروة ، لاستخلاص الكنوز الرائعة ، والحقائق الجليلة ، التي تضمنتها كلماتهم ، وحوتها تعاليمهم الفذة .
واننا لعلى يقين من انه لو اوليت هذه النصوص ما تستحقه من عناية واهتمام لامكن الخروج بنتائج يمكن ان تكون على درجة كبيرة من الاهمية
____________
(1) كنز العمال ج 10 ص 45 والتراتيب الادارية ج 1 ص 463 كلاهما عن ابن جرير .
(2) عيون الانباء ص 181 ، والمفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ج 8 ص 387 وتاريخ التمدن الاسلامي ، المجلد الثاني ص 201 .


( 34 )


حتى بالنسبة للحياة الطبية الحاضرة .
هذا ... ولا يسعنا هنا الا ان نعبر عن اسفنا العميق ، لاننا رأينا : ان المسلمين الذين عاصروا النبي صلى الله عليه وآله ، والائمة عليهم السلام ... لا يهتمون ـ حتى شيعتهم ـ الا ببعض العلوم الطبية ، التي كرسوا لها كل اوقاتهم وجهودهم واهتماماتهم ، واهملوا ما عداها ... حتى اننا لنجد الائمة عليهم السلام يحاولون توجيههم نحو البحث عن العلل والاسباب ، فنجد الامام الباقر ( ع ) يأمر اصحابه اذا افتاهم بفتوى : ان يسألوه عن مخرج الفتوى ومأخذها من القرآن الكريم ... ولكن الملاحظ : هو ان ذلك التوجيه والتحريض لم يكن له الاثر المرجو والمطلوب ، حيث نجد : انهم ـ مع ذلك ـ كانوا يكتفون منه بالجواب عن المسألة فقط !! .
ولعل عدم اهتمامهم هذا يفسر لنا ما نلاحظه من عدم وجود سند صحيح ـ غالبا ـ للروايات الواردة في الطب ، والمأكولات ، والادوية ونحوها ، ولا اهتم ارباب الجرح والتعديل بنقد اسانيدها وتصحيحها .
وعلى كل حال ... فأما بالنسبة الى الطب فيما بعد القرن الاول الهجري فلا بد من ايجاز القول فيه على النحو التالي :
المسلمون ... والطب :
ويحاول كثيرون ، ولاهداف لاتخفى !! ان يعطوا المنجزات الطبية ، وكل تقدم علمي صفة قومية بالدرجة الاولى ، فهذا يركز :
اليونان ...
وهذا على المصريين ...
وذاك على الفرس ...
وذاك على العرب ...
وهكذا ...
ونقول لكل هؤلاء : لماذا لم تستطع تلك الامم في كل تاريخها الطويل


( 35 )


الذي يعد بألوف السنين ، الذي عاشته قبل ظهور الاسلام ان تحقق تقدما يوازي او حتى يداني التقدم الذي حققته في هذه الفترة الوجيزة التي عاشتها في ظل الاسلام ؟ !
بل ان كل منجزاتها بدون الاسلام ليست شيئا يستحق الذكر اذا ما قورنت بمنجزاتها في هذه الفترة المحدودة .
مع ان تلك الامم قد كانت تمتلك ـ قبل الاسلام ـ الدولة القوية ، والموارد المادية الضخمة ، والمعنويات العالية ، والطموحات البعيدة ، حسبما يدعون ، او حسبما يريدون الايحاء به للبسطاء والسذج من الناس .
وهكذا ... فانه يجب ان يعزى ما حققه المسلمون على اختلاف اجناسهم الى الاسلام نفسه ، واعتباره العامل الرئيس في تفجير الطاقات ، وتحقيق الطموحات .
بل اننا نجد الاخرين الذين لم يعتنقوا الاسلام ، رغم انهم كانوا المعلمين الاول للمسلمين في علم الطب ، وهم اهل جنديشابور وغيرهم من اتباع الاديان المختلفة ، قد بدأ يتقلص ظلهم ، ويأفل نجمهم ، كلما زاد شمس المعارف الطبيبة في العالم الاسلامي (1) والذي كان يتم بسرعة مذهلة .
نعم ... لقد تقلص ظلهم ، وافل نجمهم ، مع انه قد كان لخلفاء المسلمين وحكامهم عناية فائقة بهم ، واهتماما لا نظير له بشؤونهم .
وحسبنا ما ذكرناه هنا ، ولننقل الكلام الى عصر النهضة العلمية لدى المسلمين ... والذي يستدعي منا الحديث في نقاط عديدة ، منها :
1 ـ حركة الترجمة في العلوم الطبية وغيرها .
2 ـ حركة التأليف ، وازدهار الطب عند المسلمين .
3 ـ بعض المنجزات العلمية للمسلمين ، واثر المسلمين في النهضة الطبية الحديثة .
4 ـ اثر المسلمين في الصيدلة .
5 ـ اشارة الى بعض الخدمات الطبية ، كبناء المستشفيات ونحوها .
____________
(1) ولا يختص ذلك في علم الطب ، بل ينسحب على غيره من مختلف العلوم والمعارف كما يظهر لكل باحث ، فراجع .


( 36 )


الى غير ذلك من الامور التي يقتضيها البحث : والتي ربما لايمكن تجاهلها فالى المطالب التالية :
حركة الترجمة :
لقد بدأت الترجمة في الحقيقة في القرن الاول الهجري ، ولكن بشكل محدود جدا ، ونشطت في مطلع الدولة العباسية ( التي اسست سنة 132 هـ ) وانتعشت اكثر في زمن هارون ، الذي توفي سنة 193 هـ . وبلغت ذروتها في زمن المأمون المتوفى سنة 218 هـ .
وبنشاط حركة التأليف والابداع لدى المسلمين ... بدأت حركة الترجمة بالتراجع ، فلم يعد لها في اواسط القرن الثالث فما بعده رونق يميزها عن غيرها من النشاطات ، ان لم نقل : انها لم يعد لها رونق اصلا ... بل يرى البعض : ان اكثر الترجمات قد كانت ما بين اواسط النصف الاول من القرن الثاني ، وحتى النصف الاول من القرن الثالث (1) .
وعلى كل حال ... فقد كان غير المسلمين هم الذين يقومون بأمر الترجمة بصورة عامة ، سواء في ذلك النصارى ، او اليهود ، او غيرهم ... فهم رواد هذه الحركة ، وعليهم كان الاعتماد فيها ... ولكننا لايجب ان ننسى هنا دور النوبختيين في الترجمة ، وهم من الفرس ، المسلمين ، الشيعة ، فانهم قد اسدوا خدمات جلى في هذا السبيل ،
ويقول كوستاف لوبون : ان اول كتاب طبي ترجم الى العربية قد ترجمه هارون سنة 685 ميلادية (2) ... ونحن نعتقد : انه قد غلط في ذلك ، فـ :
اولاً : ان الكتاب هو كناش « اي مجموعة فيها قواعد وفوائد طبية » من مؤلفات ( اهرن ) ، وقد ترجمه ماسرجويه ، اما في زمن عمر بن عبد العزيز ،
____________
(1) تاريخ طب در ايران ج 2 ص 194 .
(2) تمدن اسلام وعرب ص 609 .


( 37 )


او انه ترجمه في زمن مروان بن الحكم ، وبقى في خزائن الكتب حتى اخرجه ابن عبد العزيز الى الناس (1) .
وثانيا : اننا نجدهم يقولون : ان ابن اثال طبيب معاوية ـ الذي قتل في زمنه ـ قد سبق الى ترجمة كتاب في الادوية المفردة من اليونانية الى العربية (2) ... وبمثل ذلك يرد على من زعم ان خالد بن يزيد كان اول من ترجم كتب النجوم والطب ... الخ (3) ، ويقول وجدي : ان ابن وحشية قد ترجم عن الكلدان كتابا في السموم وذلك في سنة 170 ميلادية (4) .
وهو غلط ايضا ، فان ابن وحشية قد عاش في اواخر القرن الثالث ، وفي مطلع القرن الرابع الهجري (5) ، ومما ذكرنا نعرف عدم صحة قولهم : ان جورجس هو اول من ابتدأ في نقل الكتب الطبية الى العربية عندما استدعاه المنصور (6) .
وعلى كل حال ... فانهم يقولون : ان الخليفة العباسي هارون قد ارسل الى روما من جلب له الكتب الخطية الطبية ... كما انه هو نفسه قد جلب معه مخطوطات من انقرة ، وعمورية وغيرها من بلاد الروم ، وطلب من يوحنا
____________
(1) عيون الانباء ص 232 عن ابن جلجل ، وتاريخ الحكماء ص 324 / 325 وتاريخ طب در ايران ج 2 ص 194 وراجع ص 215 ، وتاريخ الاطباء والحكماء لابن جلجل ص 133 الترجمة الفارسية وهوامشه ، والتراتيب الادارية ج 2 ص 269 / 270 عن تاريخ آداب اللغة العربية ج 1 ص 233 .
(2) تاريخ طب در ايران ج 2 ص 141 .
(3) البيان والتبيين ج 1 ص 328 ، وشرح نهج البلاغة ج 15 ص 258 ، والتراتيب الادارية ج 2 ص 268 / 269 عنهما وعن اوائل السيوطي انه اول من ترجمت له كتب الطب راجع محاضرة الاوائل ص 71 ، والاوائل للعسكري ج 2 ص 145 .
(4) دائرة معارف القرن العشرين ج 5 ص 665 .
(5) تاريخ طب در ايران ج 2 ص 294 .
(6) عيون الانباء ص 279 .


( 38 )


بن ماسويه ، ان يترجمها من اليونانية الى العربية (1) .
اما في زمن المأمون فقد بلغ هذا الامر ذروته ، حتى ليذكرون ، انه كان يعطى وزن ما يترجم له ذهبا (2) ، بل لقد ذكر وجدي : ان المأمون قد جعل بعض شروط الصلح مع اليونانيين اعطاءه نسخة من كتاب نادر الوجود (3) .
كما انه قد ارسل جماعة الى بلاد الروم ليأتوه بالمخطوطات . (4) واسس دار الحكمة المشهورة ، وكان فيها قسم للترجمة .. وبعضهم ينسب دار الحكمة للرشيد ، لكن من المؤكد انها قد بلغت اوج عظمتها في عهد المأمون (5) ...
كما ان الاهتمام بجمع المخطوطات لم يكن مقصورا على الخلفاء ، بل كان غيرهم من الاعيان يهتم بذلك ايضا (6) ...
وقد نقلوا الى العربية كتاب جالينوس وابقراط وغيرهما ... ومن المعروفين بالنقل : حنين بن اسحاق ، وحبيش الاعسم (7) واصطفان بن بسيل ، وثابت بن قرة ، واسحاق بن سليمان ، وابن البطريق ، ومنكه الهندي ، وقسطا بن لوقا البعلبكي ،
____________
(1) تاريخ الحكماء للقفطي ص 380 ، وعيون الانباء ص 246 ، وتاريخ طب در ايران ج 2 ص 207 / 208 .
(2) عيون الانباء ص 260 ، وتاريخ طب در ايران ج 2 ص 242 .
(3) دائرة معارف القرن العشرين ج 5 ص 665 .
(4) الفهرست لابن النديم ص 353 ، وعيون الانباء ص 260 ، وتاريخ طب در ايران ج 2 ص 208 وتاريخ التمدن الاسلامي المجلد الثاني ص 157 .
(5) تاريخ طب در ايران ج 2 ص 302 ، وغيره .
(6) تاريخ التمدن الاسلامي المجلد الثاني ص 157 ، وتاريخ طب در ايران ج 2 ص 242 / 207 والفهرست لابن النديم ص 353 / 354 .
(7) ولعل بعض ما ترجمه حبيش ، قد نسب الى حنين ، بسبب اشتباه الاسمين حين القراءة بسبب عدم نقط الكلمات في السابق ، حتى قيل : من جملة سعادة حنين صحبة حبيش له فان اكثر ما نقله حبيش نسب الى حنين . راجع : تاريخ مختصر الدول لابن العبري ص 145 / 146 وتاريخ التمدن الاسلامي المجلد الثاني ص 160 .


( 39 )


وابن دهن ، وغيرهم كثير ، فراجع الباب التاسع من عيون الانباء للاطلاع على اسماء الكثيرين منهم ...
المشتغلون بالطب في عصر الترجمة :
اما الذين كانوا يمارسون الطب في عصر الترجمة ، فقد كان اكثرهم من غير المسلمين ... واكثرهم من نفس اولئك الذين كانوا يهتمون بالترجمة الى اللغة العربية ...
وقد اشتهر في ذلك العصر من هؤلاء آل بختيشوع ، ابتداء من جرجيس الذي استقدمه المنصور من جنديشابور ، ثم ولده بختيشوع ، الذي استقدمه الرشيد ، (1) وجعله كبير ورئيس الاطباء ، ثم ابنه جبرئيل ، ثم ابنه بختيشوع ، الذي غضب عليه الواثق فاعاده الى جنديشابور وصادر كل مايملك ، ثم عاد فطلبه منها ، فوصلها بعد موت الواثق ... فاحتفى به المتوكل ، ثم يأتي عبيد الله بن بختيشوع .
وهناك من مشاهير اطبائهم : يوحنا بن ماسويه ، الذي عينه المأمون رئيساً لبيت الحكمة سنة 215 ، وقسطا بن لوقا البعلبكي ، وثابت بن قرة ، وسعيد بن يعقوب ، وغيرهم كثيرون ...
بين الشهرة ... والواقع :
لقد اشتهر الجنديشابوريون في بادىء الامر بصناعة الطب ، بشكل ليس له مثيل ، وكان لتأييد الحكام لهم نصيب وافر من هذه الشهرة التي حصلت لهم ، وفي مقام التدليل على مدى همينة غير المسلمين في مجال الطب ، وانبهار الناس بهم
____________
(1) وقيل استقدمه المهدي لمعالجة ولده الهادي ، ثم عاد الى بلده ؛ فاستقدمه هارون راجع : مجلة الهادي سنة 2 عدد 2 ص 52 .


( 40 )


وتبيعتهم لهم ، ولا سيما الجنديشابوريين منهم نذكر القصة التي رواها او صنعها الجاحظ المتوفى سنة 255 هـ .
وهي على النحو التالي :
يقول الجاحظ :
كان أسد بن جاني (1) رجلا طبيباً ، وفي فترة ما توقف عمله ، وكسدت سوقه ، فقال له احد الاشخاص : الاوبئة كثيرة في هذه السنة ، وقد انتشرت الامراض كثيرا بين الناس ، وانت رجل عالم ، ولك صبر واناة ، كما وانك خدوم للناس ، صاحب لسان ، وعارف بأحوال الناس ... ومع كل هذا فما هو السر في كساد سوقك ؟ !
فأجاب : اولا : انني مسلم ، والناس قبل ان اكون طبيبا ، بل وقبل ان اخلق ، يعتقدون : ان المسلم لا يكون طبيبا ناجحا ...
وثانيا : ان اسمى ( اسد ) في حين يجب ان يكون اسمى صليبا ، او مرابل ، او يوحنا ، او بيرا ... وكنيتي : ابو الحارث . في حين انها يجب ان تكون : ابا ـ عيسى ، او ابو زكريا ، او ابو ابراهيم ... وارتدى عباءة من الكتان الابيض (2) . في حين انه كان يجب ان البس عباءة من الحرير الاسود (3) نعم .. هكذا اصبح الناس
____________
(1) لانعرف عن هذا الرجل الا ما ذكره عنه الجاحظ ، ولاندري انه كان شخصية حقيقية او مخترعة للجاحظ ليعبر عن مفهوم معين بهذا الاسلوب الطريف .
(2) قال في عيون الانباء ص 654 : « لما فتح الملك الناصر صلاح الدين يوسف ابن ايوب الكرك اتى الى دمشق موفق الدين يعقوب بن سقلاب النصراني ، وهو شاب على رأسه كوفية ، وتخفيفة صغيرة وهو لابس جوخة ملوطة زرقاء ، زي اطباء الفرنج ، وقصد الحكيم موفق الدين بن المطران وصار يخدمه ويتردد اليه لعله ينفعه ؛ فقال له : هذا الزي الذي انت عليه ما يمشي لك به حال في الطب في هذه الدولة بين المسلمين ؛ وانما المصلحة ان تغير زيك ، وتلبس عادة الاطباء في بلادنا ، ثم اخرج له جبة واسعة عنابية وبقياراً مكملا ، وامره ان يلبسهما » انتهى ... وهذا يدل على تغيير الزي السابق المشار اليه في المتن .
(3) البخلاء ص 121 ط سنة 1960 وتاريخ طب در ايران ج 2 ص 204 ومجلة الهادي سنة 2 ـ عدد 2 ص 62 .