موقفه (ع) في معركة النهروان

البريد الإلكتروني طباعة

موقف الامام علي (عليه السلام) في معركة النهروان

بعد التحكيم الذي جرى في حرب صفين عاد أمير المؤمنين (عليه السلام) بجيشه إلى الكوفة، وفجأة خرجت مجموعة من الجيش تعدادها أربعة آلاف امتنعت من دخول الكوفة وسلكت طريقاً إلى منطقة (حروراء) واستقرت بها، وقوام هذه الفئة المتمردة كان من الفئات التي أجبرت الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) على قبول التحكيم في صفين. وأعلنت هذه الفئة مبررات خروجها تحت شعار (لا حكم إلا لله) ونحن لا نرضى بأن تحكم الرجال في دين الله، وقد كان قبول التحكيم منا خطيئة ونحن الآن تُبنا ورجعنا عن ذلك، وطالبوا الإمام بالرجوع وإلا فنحن منك براء. فأوضح لهم الإمام ان الأخلاق الإسلامية تقتضي الوفاء بالعهد (الهدنة لمدة عام) وهو ما أبرم بين المعسكرين وقال لهم: (وَيْحَكُمْ، بعد الرضا والعهد والميثاق أرجع؟). استمر الخوارج (المارقون) في غيّهم وأشتد خطرهم بانضمام أعداد جديدة لمعسكرهم، وراحوا يُعلنون القول بشرك معسكر الإمام ورأوا استباحة دمائهم، ولكن الإمام لم يتعرض لهم وأعطاهم الفرصة عسى أن يعودوا إلى الرأي السديد غير أنهم بدأوا يشكّلون خطراً حقيقياً على دولة الإمام من الداخل، وبدأ خطرهم يتعاظم عندما قتلوا الصحابي الجليل عبد الله بن خباب وبقروا بطن زوجته وهي حامل، وقتلوا نساءً من قبيلة طي. أرسل إليهم أمير المؤمنين (عليه السلام) الصحابي الحارث بن مرة العبدي، لكي يتعرف الى حقيقة الموقف غير أنهم قتلوه كذلك، فلما علم الإمام بالأمر تقدم نحوهم بجيش من منطقة الأنبار وبذل مساعيه من اجل اصلاح الموقف دون إراقة الدماء، فبعث إليهم أن يرسلوا إليه قتلة عبد الله بن الخباب والحارث العبدي وغيرهما وهو يكف عنهم ولكنهم أجابوه: أنهم كلهم قاموا بالقتل. ثم أرسل إليهم الصحابي قيس بن سعد فوعظهم وحذّرهم وطالبهم بالرجوع عن جواز سفك دماء المسلمين وتكفيرهم دون مبرر مقنع. وتابع الإمام موقفه الإنساني فارسل إليهم أبا ايوب الانصاري فوعظهم ورفع راية ونادى: مَنْ جاء تحت هذه الراية ــ ممن لم يقتل ــ فهو آمن ومن انصرف إلى الكوفة أو المدائن فهو آمن لا حاجة لنا به بعد أن نصيب قتله إخواننا. وقد نجحت المحاولة الأخيرة نجاحاً جزئياً حيث تفرق منهم اعداد كبيرة ولم يبق إلا أربعة آلاف معاند قاموا بالهجوم على جيش الإمام فأمر الإمام أصحابه بالكف عنهم حتى يبدأوا بالقتال فلما بدأوا بقتال جيش الإمام شدّ عليهم أمير المؤمنين (عليه السلام) بسيفه ذو الفقار ثم شد أصحابه فأفنوهم عن آخرهم الا تسعة نفر فرّوا ، وتحقق الظفر لراية الحق وكان ذلك في التاسع من صفر سنة 38 هـ. هذه قصة معركة النهروان التي سُحق فيها الخوارج الذين سبق لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ان سمّاهم بـ (المارقين) في حديث رواه أبو سعيد الخدري حيث قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «أنّ قوماً يخرجون، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية».