37/06/05


تحمیل

الموضوع: يجب القضاء دون الكفارة في موارد, المورد التاسع.

الرواية الثالثة: رواية الريان بن الصلت ، عن يونس (قال : الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء ، وإن تمضمض في وقت فريضة فدخل الماء حلقه (فليس عليه شيء ) وقد تم صومه ، وإن تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الاعادة ، والافضل للصائم أن لا يتمضمض) [1]

والاستدلال بها بأن يقال أن المقابلة في الرواية يقصد بها المضمضة لصلاة فريضة (تمضمض في وقت فريضة) والمضمضة لغير صلاة الفريضة (تمضمض في غير وقت فريضة) فليس عليه في الاولى قضاء اذا دخل الماء جوفه ويجب عليه القضاء في الثانية اذا دخل الماء جوفه والحالة الثانية بأطلاقها تشمل محل الكلام (تمضمض لغير صلاة فريضة) ولا نحتاج إلى الاولوية التي احتجنا اليها في الرواية السابقة.

وفي سند هذه الرواية اشكال من جهة سهل بن زياد حيث لم تثبت وثاقته عندنا ومن جهة اخرى ما ذكره الشهيد في الدروس ونبه عليه الشيخ صاحب الجواهر وهو احتمال أن تكون الرواية من فتاوى يونس نقلها الريان بن الصلت عنه وليس ذلك غريباً على يونس حيث أنه له فتاوى معروفة في باب الارث وغيرها وتنقل فتاواه في الكتب الفقهية والحديثية, وحينئذ ينبغي التعامل معها على هذا الاساس لا على اساس انها رواية مضمرة فليس فيها من العبارات التي تفيد هذا المعنى.

هذا ما يستدل به على وجوب القضاء في محل الكلام وفي المقابل قد يقال أن هذه الروايات معارضة بأمرين:-

الاول: بما دل على عدم وجوب شيء عند فعل المفطر سهواً, وقد اسميناه سابقاً بالقاعدة الثانوية, فالقاعدة الاولية تقول كل ما ارتكب الصائم مفطراً بطل صومه لأنه لم يأتي بالواجب بتمامه, والقاعدة الثانوية التي استفيدت من الروايات تقول أن بطلان الصوم ووجوب القضاء يترتب على الاتيان بالمفطر عمداً, أما اذا لم يكن عن عمد فلا يوجب القضاء ولا يوجب فساد الصوم, بل يحكم بصحة الصوم, وهذا القاعدة (الثانوية) تنافي هذه الروايات التي تقول بالرغم من أن دخول الماء إلى الجوف كان بلا اختيار فأنه يجب عليه القضاء. فتكون منافاة بينهما.

والجواب عن هذه المعارضة هو أن نقول بتقييد القاعدة الثانوية بهذه الروايات فهي خاصة في مورد خاص ومفطر خاص وبشكل خاص وهو استعمال الماء, فالنسبة بين القاعدة الثانوية المستفادة من روايات التعمد وبين هذه الروايات هي نسبة العموم والخصوص المطلق, لإختصاص هذه الروايات في محل الكلام بمفطر خاص وهو الماء وبشكل خاص ايضاً وهو استعمال الماء بهذه الطريقة التي ذكرت (تمضمض في غير وضوء فريضة (للتبرد مثلاً) فسبقه فدخل إلى جوفه), بينما القاعدة الثانوية تشمل كل المفطرات فنخصصها بخصوص هذا المفطر في هذه الحالة الخاصة فنلتزم بوجوب القضاء عملاً بهذه الروايات.

الثاني: قد يقال أن هذه الروايات معارضة بموثقة عمار الساباطي (قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن الرجل يتمضمض فيدخل في حلقه الماء وهو صائم ؟ قال : ليس عليه شيء إذا لم يتعمد ذلك ، قلت : فان تمضمض الثانية فدخل في حلقه الماء ؟ قال : ليس عليه شيء ، قلت : فان تمضمض الثالثة قال : فقال قد أساء ، ليس عليه شيء ولا قضاء) [2]

فالرواية بأطلاقها تشمل محل الكلام حيث أن قوله (تمضمض) اعم من أن يكون ذلك للصلاة أو للتبرد الذي هو محل الكلام وهي تدل على عدم وجوب القضاء والاعادة فتكون معارضة للروايات السابقة التي استفدنا منها وجوب القضاء فيما اذا تمضمض للتبرد.

وعلاج هذا التعارض بأحد طريقين:-

الاول: أن نصنع كما صنعنا في علاج التعارض الاول فنقول أن النسبة بينهما العموم والخصوص المطلق لأن موضوع موثقة عمار مطلق المضمضة (للصلاة فريضة أو نافلة ولغير الصلاة) فهي تشمل محل الكلام بالإطلاق, بينما روايات الباب مختصة بمحل الكلام فتكون اخص مطلقاً من موثقة عمار فتحمل موثقة عمار على غير محل الكلام, فنحملها مثلاً على المضمضة في الوضوء لصلاة الفريضة فهو المناسب مع الروايات الاخرى فعدم وجوب القضاء مسلم فيه, أو نحملها على الوضوء مطلقاً, ومن ثم يلتزم بروايات الباب في محل الكلام.

أو حمل روايات الباب التي تأمر بالقضاء على الاستحباب, فيقال بأن موثقة عمار صريحة في نفي القضاء وهي مطلقة بحسب الفرض حيث ذكرت المضمضة وهي اعم من أن تكون للوضوء أو للتبرد, فالرواية التي تقول يجب القضاء في حالة التبرد تحمل على الاستحباب, وحينئذ نفقد الدليل الذي يدل على وجوب القضاء في محل الكلام, لكن الجمع العرفي الاصح في المقام هو الاول فالعرف في مثل هذه الحالة يقدم التصرف في الموضوع على التصرف في الحكم والجمع الاول لازمه التصرف في الموضوع لا في الحكم حيث تبقى روايات الباب على ظهورها في وجوب القضاء وموثقة عمار تبقى على ظهورها في نفي الوجوب ولا نتصرف به ونتصرف في الموضوع فنقول بأن الموضوع في رواية عمار مطلق المضمضة فنقيده ونحمله على غير صورة المضمضة لأجل التبرد, بينما الجمع الثاني يقول ببقاء الموضوع على حاله فيبقى في موثقة عمار على اطلاقه مطلق المضمضة وكذلك الموضوع في روايات الباب ونتصرف في ما يدل على الحكم بحمل قوله عليه السلام (عليه قضاءه) في روايات الباب على الاستحباب وهذا تصرف في الحكم.

الجواب الثاني: لحل التعارض حيث حاولوا فيه التركيز على مسألة عدم وجود العموم والخصوص المطلق بين الطائفتين فروايات الباب تتحدث عن المضمضة للتبرد (محل الكلام) بينما موثقة عمار لا تشمل محل الكلام (المضمضة للتبرد) فهي اساساً مختصة بالوضوء للصلاة فلا داعي للقول بأطلاقها وشمولها المضمضة للتبرد والمضمضة للوضوء للصلاة ثم تحتاج إلى التقييد بل هي اساساً لا تشمل محل الكلام, والدليل على اختصاصها بالمضمضة لوضوء الصلاة بعض القرائن منها:-

القرينة الاولى: تثليث المضمضة حيث أنه غير معهود بهذا الشكل الا في الوضوء, فيعد قرينة على أن المقصود بالرواية هو المضمضة للوضوء.

القرنية الثانية: تعريف (الثانية و الثالثة) باللام وهذا يشعر بأن اللام عهدية أي أن هذه المضمضة معهودة سابقاً ولا تكون كذلك الا في باب الوضوء لا في باب المضمضة للتبرد.