37/06/04


تحمیل

الموضوع: يجب القضاء دون الكفارة في موارد, المورد التاسع.

 

قال الماتن

(التاسع : إدخال الماء في الفم للتبرد بمضمضة أو غيرها فسبقه ودخل الجوف فإنه يقضي ولا كفارة عليه وكذا لو أدخله عبثا فسبقه وأما لو نسي فابتلعه فلا قضاء عليه أيضا وإن كان أحوط ولا يلحق بالماء غيره على الأقوى وإن كان عبثا كما لا يلحق بالإدخال في الفم الإدخال في الأنف للاستنشاق أو غيره وإن كان أحوط في الأمرين)[1]

عمم السيد الماتن ادخال الماء للفم في المقام لغير المضمضة, والمفروض عدم تعمد ادخال الماء للجوف وعدم العلم بسبق الماء إلى الجوف عند ادخاله إلى الفم.

لأنه في حال التعمد أو العلم بدخول الماء إلى جوفه يكون مفطراً متعمداً ويترتب عليه حكم تعمد الافطار.

وقد تعرض السيد الماتن إلى عدة فروع نذكرها بالتسلسل وقبل ذلك يقال هل يجوز للصائم المضمضة تكليفاً؟ فالظاهر عدم الاشكال عندهم في الجواز_بل يرى بعضهم جواز ذلك حتى عبثاً_ ويستدل عليه بأصالة البراءة وبعض الروايات من قبيل مرسلة حماد ، عمن ذكره ( عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في الصائم يتمضمض ويستنشق ؟ قال : نعم ، ولكن لا يبالغ)[2]

فالنهي فيها عن المبالغة في المضمضة لا عن اصلها.

وراية الحميري في قرب الاسناد (قال : قال علي ( عليه السلام ) : لا بأس بأن يستاك الصائم بالسواك الرطب في أول النهار وآخره ، فقيل لعلي في رطوبة السواك ، فقال : المضمضة بالماء أرطب منه ، فقال علي ( عليه السلام ) : فإن قال قائل : لابد من المضمضة لسنة الوضوء ، قيل له : فإنه لا بد من السواك للسنة التي جاء بها جبرئيل)[3]

فيفهم من هذا الحديث أن المضمضة للصائم جائزة ومفروغ عن جوازها وإنما الكلام في السواك والامام عليه السلام يستدل بجواز المضمضة على جواز السواك للصائم.

ولا حاجة إلى هذه الروايات فالأصل يكفي في المقام لأثبات جواز المضمضة للصائم, نعم في قبال هذه الروايات هناك بعض الروايات التي قد توجب التوقف في التوصل إلى هذه النتيجة, وذلك من قبيل رواية الريان بن الصلت ، عن يونس (قال : الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء ، وإن تمضمض في وقت فريضة فدخل الماء حلقه (فليس عليه شيء ) وقد تم صومه ، وإن تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الاعادة ، والافضل للصائم أن لا يتمضمض)[4] حيث ورد في ذيلها (والافضل للصائم أن لا يتمضمض) لكنها لا تنافي جواز المضمضة فأنها لا يستفاد منها الكراهة فضلاً عن عدم الجواز وإنما يستفاد منها أن عدم المضمضة افضل من المضمضة وهذا لا يعني كراهة المضمضة.

وموثقة عمار الساباطي (قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن الرجل يتمضمض فيدخل في حلقه الماء وهو صائم ؟ قال : ليس عليه شيء إذا لم يتعمد ذلك ، قلت : فان تمضمض الثانية فدخل في حلقه الماء ؟ قال : ليس عليه شيء ، قلت : فان تمضمض الثالثة قال : فقال قد أساء ، ليس عليه شيء ولا قضاء)[5]

وقد عبر ب(فقال قد أساء) في المرة الثالثة وقد يقال بأنه يستفاد من هذه العبارة التحريم فتكون منافية لما دل على استحباب المضمضة في الوضوء, لكن يمكن أن يقال _كما اشير في كلماتهم_ أن الرواية ليس فيها اكثر من (اساء) المتعلق بالمضمضة الثالثة المسبوقة بمضمضتين دخل الماء إلى الجوف بعد كل واحد منهما, وحينئذ تكون دالة على النهي في هذا المورد وليس فيها دلالة على تحريم المضمضة بالنسبة إلى الصائم أو كراهتها.

الفرع الاول: _من الفروع التي ذكرها السيد الماتن_ إدخال الماء في الفم للتبرد بمضمضة أو غيرها فسبقه ودخل الجوف فإنه يقضي ولا كفارة عليه.

وقد نسب ذلك إلى المشهور بل ادعي عليه الاجماع بل لم يُعرف مخالف واضح في هذه المسألة, وقبل ذلك لابد من معرفة مقتضى القاعدة في المقام فهل تقتضي وجوب القضاء أو عدمه؟؟ الظاهر انها تقتضي عدم وجوب القضاء, وذلك بأعتبار أن المفروض في المسألة أن دخول الماء إلى الجوف ليس بأختيار المكلف, وبطلان الصوم مشروط بأستعمال المفطر بأختيار وعمد, أما فرضنا أنه سبقه فدخل في جوفه فقد تقدم في الروايات السابقة أنه رزق ساقه الله إليه, وهذا _ دخول الماء إلى الجوف مع عدم العلم وعدم العمد_ هو المفروض في محل الكلام, ومن هنا يكون ما نسب إلى المشهور من وجوب القضاء في المقام على خلاف مقتضى القاعدة فلابد من الاستدلال عليه للخروج عن القاعدة.

وقد استدل على ذلك ببعض الروايات:-

 

الرواية الاولى: موثقة سماعة ـ( في حديث ـ قال : سألته عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من عطش فدخل حلقه ؟ قال : عليه قضاؤه ، وإن كان في وضوء فلا بأس به)[6]

والكلام في الوضوء سيأتي في مسألة مستقلة وكلامنا فعلاً في ما لو ادخل الماء إلى فمه لغرض التبرد, فيستدل بصدر الرواية على وجوب القضاء وهي صريحة في ذلك حيث ثقول(عليه قضاؤه).

الرواية الثانية: صحيحة حماد (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل الماء حلقه ، فقال : إن كان وضوؤه لصلاة فريضة فليس عليه شيء ، وإن كان وضوؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء)[7]

ويروي هذه الرواية الشيخ الكليني بهذا السند (محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ))

ورواها الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب

(وبإسناده عن أحمد بن محمد ، عن الحسين ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام )) فكأن الراوي عن الامام بنقل الشيخ الطوسي هو ا لحلبي بينما بنقل الشيخ الكليني هو حماد مع أن الرواية هي نفسها.

ويحتمل _ كما يذكر ذلك صاحب المعالم في منتقى الجمان_ أن الرواية واحدة لأتحاد المتن والالفاظ وان (عن الحلبي) سقطت في نسخة الشيخ الكليني, وعلى كل حال سواء كانت رواية واحدة أم روايتين يكون الاستدلال بها بأن موضوع وجوب القضاء فيها هو (وإن كان وضوؤه لصلاة نافلة) فقالوا يستدل بها في محل الكلام بالأولوية بأعتبار أنه اذا كان سبق الماء ودخول الجوف في صلاة نافلة يجب عليه القضاء ففي المقام_ اذا ادخل الماء فمه للتبرد فسبقه إلى جوفه_ يثبت وجوب القضاء من باب اولى, وقد لا تكون هذه الاولوية واضحة لكنه يقررونها باعتبار قياس الوضوء لصلاة نافلة على الوضوء لصلاة فريضة, حيث قال بعدم وجوب القضاء اذا كان الوضوء لصلاة فريضة وكأن اهمية صلاة الفريضة هي التي اوجبت عدم القضاء حتى مع دخول الماء إلى جوفه, ولما جئنا إلى مرتبة اقل اهمية قال الامام عليه السلام يجب القضاء, فكيف اذا تنزلنا إلى ما هو اقل اهمية حتى من صلاة النافلة وهو ما اذا ادخله إلى فمه لغرض التبرد فلا يقصد به الاتيان بما يأمر به الشارع اصلاً كما هو الحال في صلاة الفريضة وصلاة النافلة, وحينئذ يكون وجوب القضاء ثابتاً من باب اولى.