37/04/28


تحمیل
الموضوع: يجب القضاء دون الكفارة في موارد(المورد السابع).
الكلام في سند رواية زيد الشحام وقد وقع في سندها شخصان فيهما كلام:-
الاول: ابو جميلة المفضل بن صالح.
الثاني: محمد بن عبدالحميد.
أما بالنسبة إلى المفضل بن صالح ابي جميلة فقد عنونه الشيخ في الفهرست وترجمه بشكل مفصل ولم يذكر ضعفه ولا وثاقته, وذكره في رجاله ايضاً وعده من اصحاب الامام الصادق عليه السلام لكنه ذكر أنه مات في حياة الامام الرضا عليه السلام ولم يتعرض لتوثيقه أو تضعيفه ايضاً وذكره البرقي في رجاله في اصحاب الامام الصادق عليه السلام ولم يذكر ضعفه ولا وثاقته وذكره ابن الغضائري ونص على ضعفه وذكر كما نقل عنه بأنه ضعيف كذاب يضع الحديث ثم نقل بسند ذكره عن معاوية بن حكيم أنه سمع (معاوية بن حكيم) ابا جميلة (المفضل بن صالح) أنه يقول انا وضعت رسالة معاوية إلى محمد بن ابي بكر فهو يعترف بأنه هو الذي وضعها وهذه الرسالة معروفة وفيها يعترف معاوية بكثير من الامور التي ترتبط بالخلفاء المتقدمين وكشف بعض الامور التي لم تكن معروفة, ولم يعنونه النجاشي ولم يذكر له ترجمة, نعم في ترجمة جابر بن يزيد الجعفي ذكر أنه روى عنهم جماعة غُمز فيهم وضُعّفوا وعدَّ منهم المفضل بن صالح ابا جميلة, هذه هي الامور التي يمكن أن يستدل بها على ضعفه.
أما بالنسبة إلى عبارة ابن الغضائري فهي صريحة في التضعيف, ويبقى الكلام في قبول تضعيفاته فأن من يقبلها فحينئذ يكون هذا تضعيف من قبل شخص ثقة وهو ابن الغضائري وهو خبير في هذا الباب, وحينئذ نلاحظ اذا كانت هناك توثيقات له أو لا؟
أما بالنسبة إلى عبارة النجاشي فليست كما يقول السيد الخوئي (قد) بأنه يظهر من عبارته أن هؤلاء يوجد تسالم على ضعفهم ومنهم ابو جميلة, فالظاهر أن عبارته لا يفهم منها التسالم على ذلك وإنما يقول أن هؤلاء غُمز فيهم وضعفوا وهو لا يريد أن يتحمل المسؤولية وغاية ما يستفاد من عبارته أن هناك من يضعف ابا جميلة ويغمز فيه ويكفي في هذا المقدار أن ابن الغضائري غمز فيه وضعفه وهذا يصحح للنجاشي أن يقول بأن جابر بن يزيد الجعفي روى عنه جماعة غمز فيهم وضعفوا ومنهم ابو جميلة أي يكفي في هذا المقدار أن ابن الغضائري الذي يعتمد عليه النجاشي كثيراً ويراجع كتابه كثيراً ويذكره دائماً ذكره كذلك(إنه ضعيف).
وفي المقابل ليس هناك ما يدل على توثيق الرجل الا رواية بعض المشايخ الثلاثة عنه بطريق صحيح فقد روى عنه البزنطي بطريق صحيح كما يظهر من الكافي ج7 كتاب الوصايا ص 44 ح1 وهكذا في ج7 ص218 ح8 لكن في هذا السند يروي عن ابي جميلة عن المفضل بن صالح والظاهر أن هذا اشتباه كما ذكر السيد الخوئي (قد) وغيره فالمراد عن ابي جميلة المفضل بن صالح كما أن ابن ابي عمير روى عنه بسند صحيح ولم يذكر ذلك السيد الخوئي (قد) بأعتبار أنه يتتبع الروايات الموجودة في الكتب الاربعة فقط وهذه الرواية ليست في الكتب الاربعة وإنما هي في كتاب كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق ص286 ح1 وفي هذه الرواية روى عنه بسند صحيح ابن ابي عمير عنه فيرويها الشيخ الصدوق بهذا الشكل قال حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رضي الله عنه قال حدثنا الحسين بن محمد بن عامر عن عمه عبدالله بن عامر عن محمد بن ابي عمير عن ابي جميلة المفضل بن صالح, والسند تام بناءً على أن جعفر بن محمد بن مسرور ثقة كما نبني عليه فهو من مشايخ الشيخ الصدوق ويروي عنه كثيراً ويترضى عليه كلما ذكره وهذا كافٍ في امكان الاعتماد عليه ولا اشكال في وثاقة الاخرين في السند فالحسين بن محمد بن عامر بن عمران الاشعري ثقة وهو من مشايخ الكليني ومن مشايخ الشيخ ابن قولويه وعمه عبدالله منصوص على وثاقته فيثبت بهذا السند أن محمد بن ابي عمير يروي عن المفضل بن صالح.
ومن هنا يظهر أن هذا الرجل كمحمد بن الفضيل تعارض فيه التوثيق والتضعيف, نعم اذا لم نقبل توثيقات ابن الغضائري كما يذهب إلى ذلك الكثير منهم السيد الخوئي (قد) حيث يقول بأنه لا يُعلم نسبة الكتاب إليه, أو قلنا بأن الكتاب له وثبت بانه ضعف ولكن شككنا في تضعيفاته بناءً على ما قالوه من أن هذا الرجل لا يسلم منه احد وقد ضعف اشخاص لا اشكال في وثاقتهم إلى غير ذلك مما ذكروا وهولوا لأثبات عدم الاعتماد على تضعيفات هذا الرجل فإذا لم نعتمد عليها لا يثبت كون هذا الرجل ضعيفاً وتبقى عبارة الشيخ النجاشي التي هي وان لم نستفد منها التسالم على ضعف الرجل لكن يستفاد منها أن هناك من ضعفه, وهل يكفي هذا (عندما يكون الذي ضعفه مجهولاً) لوحده لأثبات ضعف المفضل بن صالح؟؟ الظاهر أنه لا يمكن الاعتماد على ذلك فلابد من معرفة المضعف لكي نرى بأنه يمكن الاطمئنان بكلامه أو لا؟ ولم ينقل بأن الذي ضعفه جماعة لكي يقال بأنه بحساب الاحتمالات لا تخلوا من شخص يمكن الاعتماد عليه, فإذا شككنا بتضعيفات ابن الغضائري لا يبعد الالتزام بوثاقة هذا الرجل اعتماداً على وثاقة بعض المشايخ عنه, لكن حيث اننا لا نرى هذا الرأي ونرى تضعيفات ابن الغضائري تضعيفات معتبرة ويمكن الاعتماد عليها والكتاب ثابت, ونؤمن بأن الرجل من ابطال هذا الفن وخبير جداً ودقيق وليس كما يرمى بأنه لم يسلم منه احد ويضعف كل احد ويكفي أن النجاشي كثيراً ما يعتمد عليه وبناءً على هذا يثبت التضعيف ويكون معارضاً للتوثيق.
أما الكلام عن محمد بن عبدالحميد فهو محمد بن عبدالحميد بن سالم العطار ولم يرد فيه توثيق صريح, وقد بحثنا عنه مفصلاً وانتهينا إلى كونه ثقة اعتماداً على بعض القرائن اهمها ما ورد عن الكشي حيث يعبر عن جماعة بانهم اعلام ورؤساء وعدول ويذكر محمد بن عبدالحميد بن سالم العطار احدهم لكن في نسخة الكشي كان المذكور محمد بن سالم بن عبدالحميد العطار أي فيه تقديم وتأخير وقلنا _كما نصوا على ذلك_ أن هذا اشتباه وهذا يعزى إلى ما هو المعروف من أن نسخة الكشي فيها اغلاط كثيرة كما نبه على ذلك الشيخ النجاشي وغيره, إذن هذا توثيق له بشكل واضح ويمكن الاعتماد عليه مضافاً إلى وجود امور اخرى تؤيد هذا التوثيق وعلى كل سواء كان ثقة أم غير ثقة فالرواية ساقطة سنداً بأعتبار ابي جميلة المفضل بن صالح ومن هنا يظهر أن كلتا الروايتين الاخيرتين (الكناني وزيد الشحام) لا تخلوان من اشكال سندي .
أما الدلالة ففيهما ظهور في صحة الصوم وعدم وجوب القضاء في نفس الموضوع الذي كان في صحيحة زرارة الثانية على الاقل وتفترقان عن صحيحتي زرارة في انهما فرضتا غيم أو سحاب في السماء, وحينئذ يقع الكلام في أن هذا المعنى ينافي صحيحتي زرارة أو لا؟؟
الظاهر أنه لا ينافي ذلك ولا موجب لكونه منافياً لصحيحتي زرارة المتقدمتين وذلك بأعتبار أن هاتين الروايتين تحكمان بعدم القضاء وصحة الصوم في ما اذا كان في السماء غيم أو سحاب ولا يستفاد منها نفي صحة الصوم وعدم وجوب القضاء فيما اذا لم يكن في السماء غيم أو سحاب.
بعبارة اخرى
أن هاتين الروايتين لا مفهوم لهما, فيمكن العمل بهما في موردهما والعمل بصحيحة زرارة بأطلاقها فهي مطلقة من ناحية وجود غيم أو عدم وجود غيم, والنتيجة هي أن المكلف اذا ظن (اعتقد) غياب القرص وافطر ثم تبين الخلاف سواء كان هناك غيم أم لم يكن هناك غيم, ليس عليه قضاء ويصح منه الصوم عملاً بأطلاق صحيحة زرارة ولا داعي للتخصيص لأنه فرع التنافي وهو يتحقق عندما يكون للروايتين مفهوم أي اذا دلت على نفي الحكم المذكور فيها عما عدا موردها فتكون مقيدة قهراً لأطلاق صحيحة زرارة وهذا هو الذي تعامل به المشهور حيث شككوا بأطلاق صحيحة زرارة, إذن ما في هذه الروايات يؤيد ما تقدم في الجملة _ في حالة ما اذا كان في السماء غيم_ ولا ينافيه, والنتيجة نحن نرى لا داعي للتقييد بصحة الصوم فيما اذا كان في السماء غيم, بل تثبت الصحة _مطلقاً_ بمجرد أن يعتقد أن الشمس غابت وافطر بناءً على هذا الاعتقاد فأنه يصح منه الصوم اذا تبين الخلاف وان لم يكن في السماء غيم, لكن المشهور خصص الحكم بالصحة وعدم القضاء بما اذا كان في السماء غيم.
وتوجد روايات في مقابل هذه تدل على وجوب القضاء الذي يعني فساد الصوم في مورد هذه الروايات (ما اذا كان في السماء غيم), ومن هنا لابد من علاج حالة التعارض فعلى رأي المشهور الذي يرى صحة هاتين الروايتين الاخيرتين لابد أن يعالج التعارض بين هذه الروايات(الدالة على وجوب القضاء والدالة على عدمه) وعلى رأينا حيث قلنا بعدم تمامية سند هاتين الروايتين لابد من علاج التعارض بين هذه الروايات الدالة على وجوب القضاء في حالة وجود غيم وبين صحيحة زرارة الدالة على عدم وجوب القضاء مطلقاً, ولابد من البحث في هذه الروايات وهل هي تامة الدلالة أو لا؟؟
رواية أبي بصير وسماعة (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس فرأوا أنه الليل فافطر بعضهم، ثم إن السحاب انجلى فاذا الشمس، فقال : على الذي أفطر صيام ذلك اليوم، إن الله عزوجل يقول : ( وأتموا الصيام إلى الليل )(1) فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه لأنه أكل متعمدا)[1]
رواية سماعة (قال : سألته عن قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس فظنوا أنه ليل فأفطروا ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس، فقال : على الذي أفطر صيام ذلك اليوم إن الله عز وجل يقول : " وأتموا الصيام إلى الليل فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه لأنه أكل متعمدا)[2]
وكل من سند الروايتين تام وليس فيه مشكلة أما الرواية الاولى التي ينقلها الشيخ صاحب الوسائل عن الشيخ الكليني فسندها (علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن أبي بصير وسماعة) واذا وجدت مشكلة ففي رواية محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس حيث يوجد فيها كلام وان كنا لا نشك في روايات محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس.
أما السند الاخر فيرويه الشيخ الكليني عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة, نعم في الرواية اضمار ومضمرات سماعة معروفة وقلنا مراراً بأن الاضمار لا يضر في هذه الروايات وفي خصوص هذه الرواية لا يضر بشكل خاص بأعتبار أن هذه الرواية نفسها التي يرويها سماعة ويصرح بأنها عن ابي عبدالله عليه السلام, فيتضح أن الشخص الذي يعود عليه الضمير في المضمرة هو الامام ابي عبدالله الصادق عليه السلام.