37/04/15


تحمیل

الموضوع: يجب القضاء دون الكفارة في موارد.

الأمر السادس: حكم استعمال المفطر قبل المراعاة من الناحية التكليفية.

والظاهر عدم الخلاف في جواز ذلك, ويستدل عليه ببعض الادلة:-

منها الآية الشريفة (وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)[1]

وقد استدل الامام عليه السلام بالآية الشريفة كما في مرسلة للعياشي في ( تفسيره ) عن سعد ، عن أصحابه( عنهم ( عليهم السلام ) ، في رجل تسحر وهو يشك في الفجر ، قال : لا بأس ( كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر....)[2]

ومن الروايات يستدل بموثقة إسحاق بن عمار (قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : آكل في شهر رمضان بالليل حتى أشك ؟ قال : كل حتى لا تشك)[3]

وكأن السائل يسأل هل يمنع الشك بطلوع الفجر من الاكل بحيث ينتهي الجواز الثابت قبله؟ والامام عليه السلام اجابه (قال : كل حتى لا تشك) أي أن جواز الاكل مستمر إلى أن تتيقن من طلوع الفجر فتكون الرواية ظاهرة في جواز الاكل مع الشك.

ومرسلة الصدوق محمد بن علي بن الحسين (قال : سأل رجل الصادق ( عليه السلام ) فقال : آكل وأنا أشك في الفجر ؟ فقال : كل حتى لا تشك)[4] وفي هذه المرسلة نفس المضمون المتقدم في موثقة اسحاق.

ويدل على ذلك _بعض ما تقدم اذا تم الاستدلال بما تقدم _ استصحاب بقاء الليل فالاستصحاب حجة واركانه متوفرة في المقام فإذا شك يجري في حقه استصحاب بقاء الليل وعدم طلوع الفجر, ويجوز له ترتيب الاثر على هذا الاستصحاب, فيجوز له الاكل تكليفاً.

نُقل عن الشيخ الخلاف في هذه المسألة وانه لم يجوز استعمال المفطر حين الشك لكن الظاهر أنه لا وجه لذلك فعلى اقل التقادير وفرض النقاش في الآية والروايات يكفي الاستصحاب في اثبات الجواز.

ويناقش في هذه الروايات بأن يقال أن الاستدلال بها مبني على دعوى عدم انصراف الشك المذكور فيها إلى الشك المستقر بعد الفحص والمراعاة, واذا قلنا بهذا الانصراف لا يصح الاستدلال بالروايات في محل الكلام لأننا نتكلم عن الشك قبل المراعاة وقبل الفحص والذي هو شك غير مستقر, وقد ادعي أن الشك في بعض الروايات منصرف إلى الشك المستقر أي بعد الفحص والمراعاة.

المورد الخامس: من موارد وجوب القضاء دون الكفارة, وهو عبارة عن (الأكل تعويلا على من أخبر ببقاء الليل وعدم طلوع الفجر مع كونه طالعا)

وقد قالوا بان هذا المورد من موارد وجوب القضاء دون الكفارة والظاهر أن وجوب القضاء في هذا المورد مما لا خلاف ولا اشكال فيه في الجملة, وكذا لا شكال ولا خلاف في عدم وجوب الكفارة, أما عدم وجوب الكفارة فالظاهر أن هذا مضافاً لما تقدم يدل عليه الاصل مع عدم وجود دليل على وجوب الكفارة, مضافاً إلى ذلك أن الكفارة نوع من انواع العقوبة وهي لا تناسب المقام بأعتبار أن هذا المكلف اعتمد على خبر, والمفروض أن قول المخبر حجة كما لو اخبره عدلان, ويضاف إلى ذلك أن العمد الذي هو موضوع الكفارة غير متحقق في المقام, لأنه اكل اعتماداً على كلام المخبر, إذن مسألة عدم وجوب الكفارة مسألة واضحة وتدل عليها كل هذه الادلة التي ذكرناها.

وإما وجوب القضاء الذي يقع فيه الكلام فالظاهر من عبارة المتن وجوب القضاء مطلقاً أي سواء كان المخبر واحداً أم متعدداً عادلاً أم غير عادل.

ويستدل على وجوب القضاء _ مطلقاً ومهما كان المخبر_ بأمرين:-

الاول: أن هذا هو مقتضى القاعدة, لأن هذا اكل بعد طلوع الفجر فهو لم يأتي بالصوم الكامل الذي يجب عليه وإنما جاء بصوم ناقص ومقتضى القاعدة أنه لا يكون مجزياً. والاشكال العام في التمسك بالقاعدة هو أن القاعدة يمكن التسمك بها عند عدم الدليل على عدم وجوب القضاء.

الثاني: صحيحة معاوية بن عمار (قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : آمر الجارية ( أن تنظر طلع الفجر أم لا) فتقول : لم يطلع بعد ، فآكل ثم أنظر فأجد قد كان طلع حين نظرت ، قال : اقضه ، أما انك لو كنت أنت الذي نظرت لم يكن عليك شيء)[5]

وهي تدل على وجوب القضاء مع التعويل على اخبار الجارية والظاهر أنه لا يمكن الاشكال في دلالة الرواية على هذا المقدار, أي مع اخبار الجارية وتبين الخلاف فالرواية صريحة في هذا, فلا يمكن التوقف في دلالة الصحيحة على هذه المقدار, الا أن المراد في المقام كما هو كلام السيد الماتن مطلق يشمل اخبار الجارية واخبار الشخص الاخر بل حتى اخبار العدلين (البينة).

قد يقال أن غاية ما يستفاد من الصحيحة هو وجوب القضاء اذا اكل تعويلاً على اخبار الجارية وليس فيها دلالة على ما لو كان المخبر عدلين.

وفي المقابل قد يقال بإمكان الاستدلال بالرواية على الاطلاق وذلك بقرينة ذيلها (أما انك لو كنت أنت الذي نظرت لم يكن عليك شيء) حيث يستفاد من هذه العبارة حصر عدم القضاء بما اذا باشر النظر بنفسه, فليس مفاد الرواية عدم القضاء مع مباشرة الصائم بنفسه للنظر فحسب, بل تدل على ما هو اكثر من ذلك حيث تدل على أن المباشرة معتبرة في عدم القضاء, فهي تريد القول أن سبب عدم القضاء هو المباشرة, وعليه فمع عدم تحقق المباشرة لا يسقط وجوب القضاء. هذا ما يمكن أن يقال في مقام تقريب الاستدلال بهذه الرواية ولعل من استدل بها في المقام كان ناظراً إلى هذا البيان.

وقد يدعى في المقابل أنه على تقدير تسليم دلالة الرواية على الحصر (حصر سقوط القضاء بالمباشرة) فأنه حصر اضافي, بمعنى أن اعتبار المباشرة في سقوط القضاء إنما هو في مقابل اخبار الجارية المذكور في صدر الرواية وليس في مقابل اخبار الغير مطلقاً, والحصر الاضافي لا يدل الا على عدم كفاية اخبار الجارية, أما غير ذلك كأخبار العدلين مثلاً فالرواية ليست ناظرة إليه فلا تدل على الحصر في مقابله, وحينئذ لا يصح الاستدلال بها في المقام.

والانصاف أن كون الحصر اضافياً في الرواية ليس واضحاً وذلك لأن الرواية فيها عدة تأكيدات وهي لا تناسب الحمل على الحصر الاضافي, فالحصر الاضافي المدعى في المقام مرجعه إلى الغاء اعتبار المباشرة, نعم تكون معتبرة بمقدارٍ في مقابل اخبار الجارية, وكأنه يريد أن يقول أن اخبار الجارية لا يكفي, وحينئذ لابد من تفسير هذا الذيل الذي فيه كل هذه التأكيدات على أن اخبار الجارية لا يكفي في اثبات هذا الحكم, ولكن هذا بعيد مع وجود هذه التأكيدات في الرواية مضافاً إلى هذا ما قالوا من أن الاصل في الحصر أن يكون حقيقياً لا اضافياً, ولا نرفع اليد عن كونه حقيقياً الا بدليل, فحمل الحصر على كونه حصراً اضافياً خلاف الظهور الاولي للحصر, نعم اذا دل الدليل على عدم كون الحصر حقيقياً كما في كثير من الموارد التي تقدمت كما في رواية محمد بن مسلم (قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال : الطعام والشراب ، والنساء ، والارتماس في الماء)[6] حيث أن المستفاد من الرواية حصر المضر بالصائم بثلاثة اشياء وقد دل الدليل على أن الرابع مضر وان الخامس مضر ايضاً فقالوا بأن هذا الحصر الذي في الرواية ليس حصراً حقيقياً بل هو حصر اضافي.