37/02/08


تحمیل

الموضوع: الصوم, كفارة الافطار, مسألة, 24.

لا يبعد أن مسألة عدم التعدي هي الاقرب في المقام فهو بشكل عام يحتاج إلى دليل, فالتعدي من مورد إلى غيره يحتاج إلى دليل وعندما نشكك فيه فأن هذا يعني التشكيك بالدليل وبعبارة اخرى فأن التعدي يحتاج إلى الجزم بعدم الفرق أو استظهار ذلك, كما لو كان ظاهر الدليل هو عدم وجود خصوصية للمورد الذي ورد فيه, أما اذا لم يكن جزم بعدم الفرق والغاء الخصوصية ولا استظهار ذلك كما هو في محل الكلام حيث أن ما ذكر, ذكر في كفارة اليمين ولا يمكن استظهار الغاء الخصوصية من نفس الدليل الدال على ذلك ولا جزم بألغاءها من الخارج فيكون حينئذ التعدي مشكلاً, وعليه فمن يدعي الجزم والغاء الخصوصية في محل الكلام فأن هذه دعوى عهدتها على مدعيها فمن أين يحصل هذا الجزم مع ان الحال أن الكفارات مختلفة؟؟ فأن في بعض الكفارات مثلاً صرح بوجوب دفع مدين فهل يمكن الغاء الخصوصية في ذلك المورد ونثبت المدين في المقام, بحيث تكون هذه الادلة معارضة للأدلة التي تدل على كفاية المد الواحد؟ فمع وجود هذه الفوارق في الكفارات لا يمكن أن نجعل الكفارات كلها في خانة واحدة بحيث اذا دل دليل على شيء في كفارة نتعدى منه إلى سائر الكفارات, فأن هذا الأمر ليس واضحاً ويحتاج إلى جزم بالتعدي والغاء الخصوصية وهذا لا يخلو من صعوبة ولذا نلاحظ أنهم يتعدون في بعض الموارد ويستشكلون في التعدي في بعض الموارد الاخرى, وفيما يرتبط في محل كلامنا ما يقوله السيد الخوئي (قد) وما ذكره السيد الحكيم (قد) من الاشكال_ من أن التعدي من الروايات الواردة في كفارة اليمين إلى محل الكلام يحتاج إلى جزم بألغاء خصوصية كفارة اليمين_ صحيح وفي محله, نعم لا يبعد التعدي في مسألة الاشباع فأن الاشباع شيء واحد والاختلاف في العدد فالإشباع الذي نكتفي فيه بالصغير في الكفارة نكتفي به في المقام والاشباع الذي لا نكتفي به هناك بالصغير ونقول كل صغيرين بكبير فالظاهر أنه في محل الكلام ايضاً كذلك لكن هذا يبقى احتمال لا يمكن أن نستظهره من الدليل وإنما هي شيء من الحدس ولا يمكن التعويل عليه ولذا فأن كلام السيد الحكيم (قد) كان دقيقاً جداً حيث قال (التعدي فيه نظر) وهذا هو الصحيح وحينئذ لابد أن نرجع إلى مقتضى القاعدة في محل الكلام وهو يقول بوجوب اطعام ستين مسكيناً وفرضنا أن الاطعام يصدق على الاشباع واشباع ستين مسكيناً يصدق على الصغير كما يصدق على الكبير وحينئذ لا مشكلة بأن يطعم ستين مسكيناً سواء كانوا كلهم صغاراً أو بعضهم فأن العبرة في صدق العنوان وهو يصدق على الصغير والكبير, هذا هو مقتضى القاعدة في محل الكلام بعد التوقف والاشكال بالتعدي في محل الكلام وان كان محتملاً في خصوص المقام.

 

التسليم: وهو أن يعطي المساكين ويسلمهم الطعام, وهل يكفي اعطائهم مداً أم يجب اكثر من ذلك؟؟ الروايات مختلفة في المقام ومتعددة و السيد الخوئي (قد) عندما طرح هذه المسألة ذكر بأن الروايات في كفارة افطار شهر رمضان لم يرد فيها (مدان) وإنما الوارد مد واحد وهي كثيرة جداً في نصوص الباب لكن في كفارة الظهار ورد مدان ويقول أن بنينا المسألة على عدم الفصل بين الظهار وبين المقام كما هو غير بعيد بل لعله الاظهر لعدم احتمال التفكيك بين الموردين من هذه الجهة, وهذا يعني أنه (قد) يجزم بألغاء الخصوصية ولذا فأنه جعل روايات المدين في الظهار شاملة لمحل الكلام بعد التعدي وحينئذ يحصل التعارض بين روايات المدين في كفارة الظهار ورواية المد الواحد في المقام وبعد أن اوقع التعارض بينهما قال أن الجمع العرفي بين هذه الدليلين هو حمل روايات المدين على الاستحباب والافضلية وانتهى إلى نفس النتيجة المعروفة وهي كفاية المد في محل الكلام, وأما اذا بنينا على عدم التعدي فيقول بأننا نصل إلى نفس النتيجة لأنه لابد من الاقتصار على الروايات الواردة في المقام.

والظاهر أن الروايات الواردة في كفارة شهر رمضان على طوائف فمنها ما تتعرض بشكل واضح إلى كفاية المد لكن هناك روايات تعارضها وسنذكر ذلك, وهناك طائفة تذكر بالصاع وهي مختلفة فبعضها يقدر بخمسة عشر صاعاً صاعاً وبعضها عشرين صاعاً وهي روايات ليست بقليلة وهي لم توافق روايات المد لأن الصاع اربع امداد, نعم روايات الخمسة عشر صاعاً توافق روايات المد لأنها تساوي ستين مداً لستين مسكيناً أما روايات العشرين فأنها تساوي ثمانين مداً فيكون لكل مسكين مد وثلث المد وهناك روايات تذكر عشر اصواع, وقد ركز السيد الخوئي (قد) كلامه على هذا الفرق بعد أن فرغ بعد من عدم الاشكال في نصوص الباب من حيث الامداد لأنها متفقة على كفاية المد الواحد, وإنما المشكلة تأتي من كفارة الظهار, وبعد أن ذكر الاختلاف في الصوع حلها بطريقة ستأتي إن شاء الله وكأنه لم يأخذ بنظر الاعتبار أن روايات الصاع هل من روايات كفاية المد الواحد أو عدم كفايته؟ فأن الروايات التي تقول بكفاية خمسة عشر صاعاً فأنها تقول بعبارة اخرى يعطي مداً لكل مسكين لأن الصاع اربعة امداد والروايات التي تقول عشرين صاعاً معارضة لروايات المد الواحد, ولابد من حل هذا التعارض وليس القضية بلحاظ الاصوع فقط ويحل بأن يقال بأن الصاع يختلف والكلام فيه كالكلام في الرطل في مسألة الكر حيث يختلف الرطل المدني عن المكي وعن العراقي فليس القضية بهذا الشكل, فهو يقول في الصاع_ كالقول في الرطل_ بأنه الكمية واحدة وهي ما تساوي ستين مداً ونفرض أنه مثلاً بحساب مكة تساوي خمسة عشر صاعاً وبحساب العراق يساوي عشرين صاعاً وبحساب آخر يساوي عشر اصوع.

القول بكفاية المد هو القول المشهور والمعروف وقالوا بأنه لم يخالف في ذلك الا الشيخ الطوسي فأنه خالف في محل الكلام واصر على الخلاف وقد ذكر ذلك في كثير من كتبه وذكر بأنه لابد من دفع مدين لكل مسكين, وتبعه جماعة من تلامذته واتباعه على ذلك.

حاول صاحب الوسائل أن يجمع الروايات في الباب الثامن من ابواب ما يمسك عنه الصائم ومن هذه الروايات:

اولاً: رواية عبد المؤمن بن الهيثم الانصاري (عن أبي جعفر ( عليه السلام ) أن رجلا أتى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : هلكت وأهلكت ! فقال : وما أهلكك ؟ قال : أتيت امرأتي في شهر رمضان وأنا صائم ، فقال له النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اعتق رقبة ، قال : لا أجد ، قال فصم شهرين متتابعين ، قال : لا اطيق ، قال ، تصدق على ستين مسكينا ، قال : لا أجد ، فاتى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعذق في مكتل فيه خمسة عشر صاعا من تمر ، فقال له النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : خذ هذا فتصدق بها ، فقال : والذي بعثك بالحق نبيا ما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا ، فقال : خذه وكله أنت وأهلك فانه كفارة لك)[1]

ثانياً: رواية عبد الرحمن بن أبي عبدالله (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : سألته عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا ، قال : عليه خمسة عشر صاعاُ ، لكل مسكين مد بمد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أفضل)[2]

وهذه الرواية تصرح بأن لكل مسكين مد وتفيد بأن تقسيم خمسة عشر صاعاً يساوي مداً لكل مسكين في كفارة افطار شهر رمضان عمداً

ثالثاً: ورواية سماعة (قال : سألته عن رجل لزق بأهله فأنزل ؟ قال : عليه إطعام ستين مسكينا ، مد لكل مسكين) [3]

وصرح بكفاية المد الواحد في غير المورد من الكفارات ككفارة اليمين وكفارة الخطأ كما في الباب العاشر والباب الثاني عشر من ابواب الكفارات, لكن هذا ليس محل كلامنا فنحن بصدد النظر إلى الروايات الواردة في محل الكلام.

ومن الروايات التي ورد فيها غير المد في محل الكلام( أي المعارضة لروايات المد)

اولاً:جميل بن دراج (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) أنه سئل عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا ؟ فقال : إن رجلا أتى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : هلكت يا رسول الله ! فقال : مالك ؟ قال : النار يا رسول الله ! قال : ومالك ؟ قال : وقعت على أهلي ، قال : تصدق واستغفر فقال الرجل : فوالذي عظم حقك ما تركت في البيت شيئا ، لا قليلا ولا كثيرا ، قال : فدخل رجل من الناس بمكتل من تمر فيه عشرون صاعا يكون عشرة أصوع بصاعنا ، فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : خذ هذا التمر فتصدق به ...الحديث)[4]

وقوله (فيه عشرون صاعا يكون عشرة أصوع بصاعنا) يدل على اختلاف الصاع في زمن النبي عن الصاع في زمن الرواية أي في زمن الامام الصادق عليه السلام, والعشرون صاعاً يساوي ثمانين مداً يكون لكل مسكين مد وثلث المد, وسيأتي الكلام في الجمع بينها وبين الروايات التي تذكر خمسة عشر صاعاً.

 

ثانياً: ورواية عبدالرحمن بن أبي عبدالله (قال : سألته عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمداً ؟ قال : يتصدق بعشرين صاعا ويقضي مكانه)[5]