32/06/26


تحمیل

المحظور رقم ( 23 ) :- التقليم .

لا يجوز للمحرم تقليم ظفره ولو بعضه إلا أن يتضرر المحرم ببقائه كما إذا انفصل بعض ظفره وتألم من بقاء الباقي فيجوز له حينئذ قطعه ويكفر عن كل ظفر بقبضة من الطعام .

 تشتمل المسالة على نقاطٍ ثلاث:-

النقطة الأولى:- إن المحرم لا يجوز له تقليم أظفاره ، والتقليم هو قطعها وإزالتها إما بالآلة القاطعة كالمقص أو بغير ذلك ولو بالأسنان ، على خلاف القص فانه يختص بما إذا كان بالمقص ، فالتقليم هو مطلق الإزالة.

 وعلى أي حال لا يجوز التقليم ، ولم ينقل خلاف في ذلك ، قال في الجواهر[1] ( بلا خلاف أجده فيه بل الإجماع بقسميه عليه ) .

 إذن من حيث الفتوى لم ينقل خلاف في ذلك .

 وأما من حيث الروايات فهي أيضاً ليست مختلفة ، والمهم منها روايتان كلتاهما تدلان على التحريم وهما:-

الرواية الأولى:- صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ( سألته عن الرجل المحرم تطول أظفاره ، قال: لا يقص شيئاً منها إن استطاع ، فان كانت تؤذيه فليقصها وليطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام )[2] ، ودلالتها على التحريم واضحة .

الرواية الثانية:- موثقة إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام ( سألته عن الرجل أحرم فنسي أن يقلم أظفاره ، قال فقال: يدعها ، قال إنها طوال ، قال: وان كانت ، قلت فان رجلاً أفتاه ان يقلمها ويغتسل ويعيد إحرامه ففعل ، قال: عليه دم )[3] ، إذن كلتا الروايتين ظاهرهما التحريم فان الإمام عليه السلام نهى عن التقليم ، والنهي ظاهر في الحرمة ، وعليه فلا ينبغي التوقف من هذه الناحية .

ومن باب الفائدة الجانبية التي لا ربط لها بالمقام:- ذكر صاحب الجواهر أن الإمام عليه السلام نهى عن تقليم الأظفار وان طالت ، وهذا يدل على أن طول الظفر لا يؤثر على الوضوء ، خلافاً لبعض حيث يقول إن طول الظفر يمنع من إصابة الماء للظاهر بالكامل ، وهذه وسوسة لا داعي لها إذ الرواية تدل على أن الوضوء صحيحُ ، ونص عبارته ( ومنه يستفاد عدم قدح طولها في الوضوء كما يحكى عن بعض أفاضل العصر بناءاً على انه حاجب لما يجب غسله من السطح المعتاد )[4] ولا يبعد أن الضمير في قوله ( يحكى ) يرجع إلى القدح.

النقطة الثانية:- إذا أضرَّ الظفر بالمحرم جاز تقليمه ، والوجه في ذلك أن الضرر إذا كان بحدٍّ يصدق معه الحرج أو الاضطرار أو الضرر فيمكن آنذاك نفي الحرمة بقاعدة ( ما جعل عليكم في الدين من حرج ) وبحديث ( رفع عن أمتي ما اضطروا إليه ) وحديث ( لا ضرر ولا ضرار ) ، أما إذا لم يبلغ الإيذاء الدرجة المذكورة لكنه كان بدرجةٍ ما فهل يجوز قطعه آنذاك ؟ يمكن أن يستفاد من صحيحة معاوية جواز التقليم لأنه عليه السلام قال ( فان كانت تؤذيه فليقصها ) وهذا معناه أن الإيذاء متى ما صدق فيجوز القص آنذاك.

إن قلت:- هذا وجيه إذا فرض أن هذه العبارة قد وردت في الرواية وحدها ، ولكن ورد إلى جنبها فقرة أخرى وهي ( قال لا يقص شيئاً منها إن استطاع ) ثم قال بعد ذلك ( فان كانت تؤذيه فليقصها ) وهذا معناه انه ما دام يستطيع تحمُّل الإيذاء فلا يجوز له القص ، فتحصل معارضة بين الفقرتين ، فمدلول الأولى أي ( لا يقص شيئا منها إن استطاع ) انه مع الاستطاعة والقدرة التحمل لا يجوز القطع وان كان الظفر مؤذياً ، بينما الفقرة الثانية جوزت القطع حتى مع فرض استطاعة التحمل ، فلماذا نأخذ بالفقرة الثانية وندع الأولى .

قلت:- إن كلمة ( الاستطاعة ) تارة يراد منها الاستطاعة الدقيَّة وأخرى يقصد منها الاستطاعة العرفية التي تزول بوجود الإيذاء بدرجة معتد بها ، وعليه فنقول إن ذكر الإيذاء في الفقرة الأخرى قرينة عرفية على أن المقصود من الاستطاعة هو العرفية ، ومع الإيذاء بالدرجة المعتد بها لا تصدق الاستطاعة العرفية ، ومعه يرتفع التنافي في البين.

النقطة الثالثة:- بعد أن عرفنا أن التقليم في حالة الإيذاء يجوز ، نسأل هل توجد كفارة ؟ والجواب : نعم ، وهي قبضة من طعام على ما دلت عليه صحيحة معاوية السابقة حيث قالت ( فان كانت تؤذيه فليقصها وليطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام ) وهذا من أحد الموارد التي ثبتت فيها الكفارة رغم إباحة الفعل .

 إذن يمكن أن يقال إن ثبوت الكفارة لا يلازم الحرمة.

ومن باب لفت النظر المسبق نقول:- انه سوف يأتي في المسالة التالية أن تقليم الظفر يثبت فيه مد من طعام ، بينما هنا قلنا يثبت كف من طعام ، أوليس هذا تنافياً ؟ كلا ، انه لا تنافي ، فان القبضة ثابتةٌ في حالة الإيذاء ، أما إذا لم يكن بقاء الظفر مؤذياً وقلَّمه فالكفارة آنذاك مدٌّ من طعام ، وهذه قضية سوف تأتي الإشارة إليها فيما بعد.

مسالة 274 :- كفارة تقليم كل ظفر مد من الطعام . وكفارة تقليم أظافر اليد جميعها في مجلس واحد شاة وكذلك الرجل. وإذا كان تقليم أظافر اليد وأظافر الرجل في مجلس واحد فالكفارة أيضا شاة. وإذا كان تقليم أظافر اليد في مجلس وتقليم أظافر الرجل في مجلس أخر فالكفارة شاتان

 ..........................................................................................................

 عرفنا في المسالة السابقة انه يجوز القطع مع الإيذاء مع التكفير بقبضةٍ من طعام ، أما مع عدم الإيذاء فلا يجوز القطع .

 ولكن لو خالف المحرم وقطع فما هي كفارته ؟ انه لكل ظفر مد من طعام إلى تمام العشرة ، فإذا قلم جميع الأظافر لليدين فعليه شاة ، وهكذا بالنسبة إلى أظافر الرجل ، وإذا قلمهما معاً فان كان ذلك في مجلس واحد فتبقى الشاة واحدة ، وفي المجلسين تثبت شاة أخرى . هذا هو المشهور بين الأصحاب .

وفي المقابل يوجد قولان:-

احدهما:- لابن الجنيد الاسكافي فانه ذهب إلى أن في كل ظفر مدٌّ إلى الخمسة ، ومن بعد ذلك تثبت شاة وليس بالعشرة .

وثانيهما:- لأبي الصلاح الحلبي فانه ذهب إلى أن في كل إصبع كفٌّ من طعام ، وفي أصابع اليد الواحدة صاع من طعام ، وفي تمام اليدين شاة ، قال في الجواهر ( هذا هو المشهور ..... خلافاً للمحكي عن الاسكافي ففي الظفر مدٌّ أو قيمته حتى يبلغ خمسة فصاعداً فدمٌ إن كان في مجلس واحد ، وان كان في مجلسين فلكلٍ دمٌ ...... وخلافاً للحلبي حيث ذهب أن في قص ظفر واحد كفاً من طعام ، وفي أظفار إحدى يديه صاعاً ، وفي أظفار كلتيهما شاة ، وكذا حكم أظفار رجليه، وان كان الجميع في مجلس فدمٌ......ثم قال: وهما محجوجان بما سمعت ، بل في المدارك لم يعثر لهذين القولين على مستند)[5] إذن الرأي المشهور ما اشرنا إليه.

[1] الجواهر 18 - 411

[2] الوسائل 12 538 77 تروك الإحرام ح1 ، وذكرها أيضا في كفارات الإحرام ج13 163 12 بقية كفارات الإحرام ح .4

[3] المصدر السابق ح2 ، وهكذا ذكرت في باب كفارات الإحرام ح2 .

[4] الجواهر 18 - 411

[5] الجواهر 20 - 399