31/11/10


تحمیل

الموضوع: المسالة 229 .

 ذكرنا ان كلامنا في هذ المسالة يقع في ثلاث نقاط ،انتهينا الى النقطة الثانية وهي النظر الى الاجنبية مع الامناء، قلنا تترتب على ذالك الكفارة وهي كما اشير اليه بدنة للموسر وبقر للمتوسط وشاة للمعسر

 قلنا في هذا المجال توجد روايات ثلاث صحاح السند

الاولى: صحيحة ابي بصير قلت لابي عبد الله رجل محرم نظر الى ساق امراة فامنى قال ان كان موسرا فعليه بدنة وان كان وسطا فعليه بقرة وان كان فقيرا فعليه شاة

الثانية: صحيحة زرارة: سأل ابا جعفر عن رجل محرم نظر الى غير اهله فانزل قال عليه جزور او بقرة فان لم يجد فشاة

الثالثة: صحيحة معاوية بن عمار: محرم نظر الى غير اهله فانزل قال عليه دم لانه نظر الى غير مايحل له وان لم يكن انزل فليتقي الله ولايعد وليس عليه شيئ

والكلام يقع في جهات ثلاث

الاولى: هل هناك ترتيب بين الجزو والبقرة كما دلت عليه الصحيحة الاولى او لاترتيب بينهما بل يثبتان بنحو التخيير نعم مع العجز عنهما ينتقل الى الشاة

الثانية: ان الصحيحة الثالثة قد يفهم منها كفاية الدم بلا تفريق اي الشاة تكفي من دون ان تكون على الموسر بدنة والمتوسط بقرة بل الشاة مطلقا تكفي

الثالثة: هل الكفارة ثابتة على الملاعبة بشهوة وان لم يمني او بشرط الامناء.

اما الجهة الاولى: فقد ذكر السيد الخوئي في المعتمد ج 4 ص 104 وهكذا الشيخ التبريزي في تهذيبه ج2 ص 66، ان المناسب لزوم الترتيب اي ان البدنة للموسر والبقرة للمتوسط والوجه في ذالك هو ان الصحيحة الاولى صريحة باعتبار الترتيب بين البدنة والبقرة حيث صرحت وقالت ان كان موسرا وان كان وسطا فعليه بقرة بينما الصحيحة الثانية هي ظاهرة في التخيير وليست صريحة في التخيير حيث قالت عليه جزور او بقرة، واذا سلمنا ان الاولى صريحة في التخيير والثانية ظاهرة في التخير فنطبق قانون كلما اجتمع ظاهر وصريح اُوّلَ الظاهرُ لحساب الصريح فتكون النتيجة اعتبار الترتيب

وفيه: انا نسلم ان الاولى صريحة باعتبار الترتيب الا انها ليست صريحة بنحو اللزوم والوجوب وانما هو ظاهر، والثانية ايضا ظاهرة في التخيير فيكون الدوران بين ظاهرين وبكلمة اخرى لايكتفى بمجرد صراحة الاولى باعتبار الترتيب وانما المهم صراحتها بلزوم الترتيب وهي غير صريحة، فالمناسب هو الجمع بحمل الترتيب الذي اشارت اليه الصحيحة الاولى على كونه افضل بقرينة الثاني

 واذا رفضت هذا وقلت ان بينهما تساويا فنقول يتساقطان ونرجع الى الاصل واذا شككنا ان الترتيب لازم او لا فهذه كلفة زائدة مشكوكة فتجري البرائة عن لزوم ذالك، وبذالك تعود النتيجة كما هي فالمناسب صناعيا وفنيا عدم لزوم الترتيب بين البدنة والبقرة وانما ذالك افضل نعم لانصير الى الفتوى بذالك بل ننتقل الى الاحتياط الوجوبي مراعاة للمشهور

 والمهم من انه صناعيا لامعنى للحكم بلزوم الترتيب، هذا كله بالنسبة للجهة الاولى

واما الجهة الثانية: وهو هل ان اصل الترتيب معتبر او ان المكلف مخير بين ان يذبح شاة او بقرة او بدنة حيث ان الصحيحة الثالثة قالت عليه دم وهذا معناه انه يكفية اي واحد من المصاديق الثلاثة والتي اقلها الشاة فلالزوم للترتيب على هذه الصحيحة

فالمناسب ان يقال: لو اريد تطبيق فكرة الظاهر والصريح بالشكل الذي ذكره العلمان في الجهة الاولى فيقال ان الصحيحة الاولى وهكذا الثانية هما صريحتان في الترتيب والثالثة ظاهرة في التخيير فيقدم الصريح على الظاهر، انه لو اريد تطبيق هذا فالجواب الجواب حيث نقول ان الاولى والثانية ليستا صريحتين في كون الترتيب لازما وواجبا، نعم هما صريحتان في اصل الترتيب واعتباره اما على نحو اللزوم فليستا صريحتين بذالك

 فلابد ان نفكر بشيئ اخر لاثبات اعتبار الترتيب

فنقول: ان الاخيرة مطلقة حيث قالت عليه دم واطلقت، ومقتضى الاطلاق كفاية كلما يصدق عليه دم الذي اقله الشاة حتى في حق الموسر، ولكن الاولى مقيدة فتقيد الثالثة بالاولى،اذا نعتبر الترتيب لامن باب تقديم الصريح على الظاهر بل من باب تقديم المقيد على المطلق، نعم بهذا يثبت اعتبار الترتيب بين المعسر وغيره اما بين المتوسط والموسر فقد تقدم في الجهة الاولى انه صناعيا لايلزم ذالك، هذا بالنسبة الجهة الثانية

واما الجهة الثالثة: وهي اعتبار الانزال في وجوب الكفارة، فقد يقال ان الانزال ليس بلازم في ثبوت الكفارة فمن نظر الى الاجنبية حتى اذا لم يمني فليس عليه كفارة والوجه في ذالك هو انه (عليه السلام) ذكر في صحيحة ابي بصير اني لم اجعل عليه هذا لانه امنى بل لانه نظر الى مالايحل، وهذا معناه ان الموجب للكفارة هو النظر الى مالايحل وليس للامناء مدخلية في ثبوت الكفارة

وفيه: انه ذكر في صحيحة معاوية مانصه: وان لم يكن انزل فاليتقي الله ولايعد وليس عليه شيئ، انها واضحة في انه من دون الانزال لاتثبت الكفارة ومعه نحمل صحيحة ابي بصير حينما قالت اني لم اجعل على ان المقصود ان الامناء بما هو لايوجب الكفارة وانما الموجب له هو النظر المؤدي الى الانزال فليس الانزال وحده موجبا كما ان النظر وحده ليس موجبا وانما النظر المؤدي الى الانزال هو الموجب، انه بناء على هذا يحصل الجمع بين هاتين الصحيحتين، وعليه تكون النتيجة ان كل واحد منهما بانفراده لايوجب الكفارة وانما الموجب هو المجموع بالنظر المؤدي الى الانزال

نعم تبقى مشكلة: وهي ان صحيحة معاوية التي جعلناها قرينة على كون الكفارة ليس على مجرد النظر هي لم تسند الى الامام (عليه السلام) فانه قد رواها الشيخ الكليني بسند صحيح ينتهي الى معاوية بن عمار وبدايتها: في محرم نظر الى غير اهله فانزل قال عليه دم... الخ ، ولايوجد ضمير من قبل سألته او قلت له حتى يقال كما في سائر المضمرات لايتوقف باعتبار ان الضمير يعود الى الامام (عليه السلام) كما اشرنا اليه سابقا، ان هذا لايكفي فانه لايوجد ضمير في الرواية حتى تصير مضمرة بل هي مقطوعة ففي المضمرة يوجد ضمير وربما يقول هو يعود الى الامام (عليه السلام) اما في المقطوعة لايوجد ضمير كما هنا، نعم هناك كلمة (قال عليه جمع) ولعل ضمير يرجع الى معاوية نفسه وعليه فهذه الرواية قد يشكك في حجيتها باعتبار انها مقطوعة يحتمل كون الحكم صادرا من معاوية

وفيه: ان معاوية له روايات كثيرة في باب الحج ونتمكن ان نقول ان الرجل له اختصاص في باب الحج وهذه الرواية جزء مقتطع من بقية رواياته المسندة الى الامام (عليه السلام) واحتمال ان ذالك فتوى منه واجتهاد وليس نقلا بنفس ماصدر من الامام (عليه السلام) ضعيف جدا، خصوصا ان التعابير لو لوحظت فانها تساعد على الصدور من الامام (عليه السلام) حيث جاء: قال عليه دم لانه نظر الى غير مايحل له وان لم يكن انزل فاليتقي الله ولايعد وليس عليه شيئ، ان هذه التعابير لاتتناسب مع افتراض صدورها من معاوية بل هي انسب للامام (عليه السلام) كما هو واضخ

 المهم ان القضية من هذه الزاوية تعود الى نفسية الفقيه، فرب فقيه يقول ان احتمال كون ذالك من معاوية شيئ ضعيف ورب اخر يقول بالعكس

ونحن نستبعد ان ذالك من معاوية واجتهاد منه

هذا وقد يجاب: بما افاد السيد الخوئي (قده) ان هذه الرواية قد نقلها الشيخ الكليني في الكافي وقد التزم انه لايذكر الاماروي عنهم (عليهم السلام) اذاً هذه الرواية هي من الامام (عليه السلام) بشهادة الشيخ الكليني

وهو واضح التامل: فان اجتهاد الشيخ الكليني ليس حجة علينا فهو يرى ان الرواية هي من الامام (عليه السلام) ولكن هذه رؤية اجتهادية وليست رؤية حسية، نعم للسيد الخوئي رؤية اخرى فقد قال اني اقطع ان هذه الرواية مع الرواية المذكور في الباب 17 من كفارات الاستمتاع وهي عن معاوية ايضا ومسندة الى الامام وقريبة التعابير من هذه، فنحن نقطع انهما واحدة غايته في روايتنا حذف ذكر الامام (عليه السلام) بينما هناك ذكر الامام (عليه السلام) وما دامتا واحدة فلا مشكلة، وهذا لاباس فيه غير انه عودة الى قطع الفقيه

 بهذا انتهى حديثنا عن الجهة الثاثة وانتهى الحديث عن النقطة الثانية والآن يقع الكلام عن النقطة الثالثة

النقطة الثالثة: واما النظر الى الاجنبية من دون امناء فقد اتضح من خلال الجهة الثالثة المتقدمة انه لادليل على ثبوت الكفارة فهناك قصور في المقتضي فنرجع الى اصل البرائة، بل ربما يقال ان صحيحة معاوية صرحت في ذيلها انه اذا لم ينزل فليتقي الله ولايعد ولاشيئ عليه.