33/07/13


تحمیل
 الموضوع:- مسألة ( 334 ) ، مسألة ( 335 ) / الواجب الرابع من واجبات عمرة التمتع ( السعي ) / باب السعي / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 مسألة ( 334 ):- يعتبر في السعي النية بأن يأتي به عن العمرة ان كان في العمرة وعن الحج ان كان في الحج قاصداً به القربة إلى الله تعالى.
 هذه المسألة تتضمن حكماً واحداً وهو أن النيّة معتبرة في السعي ، أما ما هي النية ؟ انها عبارة عن أمرين قصد القربة وقصد أن يكون السعي سعياً في العمرة ان كان العمل عمرة أو سعياً في الحج ان كان العمل حجاً.
 وفي هذا المجال نقول:-
 أما بالنسبة إلى قصد القربة فقد أشرنا إلى وجه اعتبارها فيما سبق وقلنا أنه يدل على اعتبارها الارتكاز المتوارث.
 وأما أنه يعتبر قصد السعي المعيّن وأنه سعي للعمرة أو سعي للحج فهذا وان كان وجيهاً في الجملة إذ لابد من تعيين العمل ما دام يحتمل أوجهاً متعددة ولكن لا حاجة إلى التعيين أثناء السعي - يعني أثناء ارادة فعل السعي - بعدما عيّنه مسبقاً فانه حينما أحرم فقد أحرم للعمرة مثلاً وما دام قد عيّن العمل وأنه عمرة فما الداعي بعد ذلك إلى التعيين من جديد حين ارادة فعل السعي ؟ ان هذا شبيه بحكم الصلاة فالمكلف حينما يريد أن يدخل في الصلاة ينوي أنها صلاة الظهر الواجبة الأدائية مثلاً وبعد هذا التعيين في البداية فحينما يأتي بالركوع فلا حاجة إلى أن ينوي الإتيان بالركوع في صلاة الظهر الأدائية مع المشخصات الأخرى ، ان هذا التعيين لا داعي إليه بعدما فرض أنه قد عيّن مسبقاً ، ونفس الشيء يمكن أن نسرّيه إلى قصد القربة فانه ما دام قد قصد القربة بكامل العمل في البداية فما الحاجة إلى قصده من جديد في كل جزءٍ جزء.
 والمستند العلمي لعدم الاعتبار بعد ذلك:- هو أن ما دل على عبادية الحج لم يدل عليه إلا على كونه عبادة في الجملة ، يعني أنه يحتاج إلى انتساب إلى الله عز وجل ويتحقق هذا الانتساب بالقصد من البداية ، أما في كل جزء جزء بعد ذلك القصد المسبق فلا دليل على اعتباره وهو منفي بأصل البراءة ، وكما سلم الفقهاء بذلك في باب الصلاة فيلزم أن يسلموا ذلك في باب الحج أيضاً فما عدى مما بدى حيث نراهم حينما وصلوا إلى باب الحج أخذوا يكرون اضافات مورثة للوسوسة واحتياطات لا داعي إليها ، فمثلا ترى الشيخ النائيني(قده) يقول في واجبات السعي ( وواجبات السعي أمور:- الأول النية مقارنة لأوله مشتملة على قصده والقربة ولا يعتبر فيها شيء آخر وان كان الأولى اخطارها بل التلفظ بها مشتملة على نيّة الوجه بأن يقول أسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط لعمرة التمتع إلى حج الاسـلام لوجوبـه امتثـالاً لأمـر الله سبحانـه ..... ) [1] .
 وأغرب من هذا ما ذكره السيد الشهيد(قده) في مناسكه فانه قال ( يجب في السعي النيّة وصورتها مثلاً اسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط لعمرة التمتع لحج الاسلام قربة إلى الله تعالى ......).
 والمناسب عدم اعتبار كل هذا ، بل المناسب عدم الإشارة إلى ذلك من الأساس فانه مورث للوسوسة ولا داعي إليه.
 
 مسألة ( 335 ):- يبدأ بالسعي من أول جزء من الصفا ثم يذهب بعد ذلك إلى المروة وهذا يعد شوطاً واحداً ثم يبدأ من المروة راجعاً إلى الصفا إلى أن يصل إليه فيكون الاياب شوطاً آخر هكذا يصنع إلى أن يختم السعي بالشوط السابع بالمروة ، والأحوط لزوماً اعتبار الموالاة بأن لا يكون فصلاً معتد به بين الاشواط.
 ..........................................................................................................
 تشتمل هذه المسألة على النقاط التالية:-
 النقطة الأولى:- يلزم أن تكون بداية السعي من الصفا دون المروة وهذا شيء متسالم عليه ولم ينقل فيه خلاف ، وتدل عليه غير واحدة من الروايات من قبيل صحيحة معاوية عن أبي عبد الله عليه السلام ( من بدأ بالمروة قبل الصفا فليطرح ما سعى وليبدأ بالصفا قبل المروة ) [2] ، ونحوها غيرها . بل بقطع النظر عن الروايات يمكن أن ندعي ثبوت الحكم المذكور وذلك للارتكاز المتوارث بين المسلمين فانهم يشرعون من الصفا بنحو اللزوم ، والأمر واضح.
 النقطة الثانية:- لا يلزم الصعود على الصفا بل يكفي الشروع من أول جزء منه . وهذا الحكم ينحّل إلى حكمين:-
 الأول:- ان الصعود على الصفا والمروة ليس شيئاً لازماً.
 والثاني:- انه لابد في الشروع تحقق ذلك بأول جزء من الصفا ، وبالنسبة إلى المروة فيختم بأول جزء منها.
 أما بالنسبة إلى الحكم الأول:- فيكاد أن يكون متفقاً عليه ، ويدل على ذلك أن الواجب هو السعي بين الصفا والمروة كما قال تعالى ( فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما ) والمقصود من ( بهما ) يعني ( بينهما ) والطواف بنحو البينيّة يتحقق من دون حاجة إلى صعود ، وجاء في صحيحة معاوية عن أبي عبد الله عليه السلام ( السعي بين الصفا والمروة فريضة ) [3] . إذن اللازم هو البينونة - أي السعي ما بين الجبلين - بمقتضى الآية والروايات فلا حاجة إلى الصعود.
 وإذا فرضنا أن بعض الروايات يلوح منها ذلك فيلزم حمله على الاستحباب ، من قبيل صحيحة معاوية عن أبي عبد الله عليه السلام ( ........ ثم اخرج إلى الصفا من الباب الذي خرج منه رسول الله صلى الله عليه وآله وهو الباب الذي يقابل الحَجَر الأسود حتى تقطع الوادي وعليك السكينة والوقار فاصعد على الصفا حتى تنظر إلى البيت وتستقبل الركن الذي فيه الحَجر الأسود فاحمد الله عز وجل اثنِ عليه ..... ) ، وقد ذكرها صاحب الوسائل مقطعة [4] فانه عليه السلام عبَّر بقوله ( فاصعد على الصفا ) وقد يتمسك بذلك لإثبات الوجوب.
 ولكنه كما ترى حتى بناءً على مسلك حكم العقل في استفادة الوجوب والتحريم:- فانا ذكرنا فيما سبق - وان هم لم يذكروه - وقلنا يلزمهم هذا الشيء وهو:- انه نقبل حكم العقل بالوجوب فيما إذا لم تقترن الرواية بكثرة كاثرة من المستحبات بأن فرض أنها تشتمل على حكم مستحب واحد أو اثنين لا أن الطابع العام هو المستحبات فانه في المورد المذكور نستبعد أن أصحاب مسلك حكم العقل يقولون حتى في هذا المورد ان العقل يحكم بالوجوب كما هو الحال في هذه الرواية فانها مقترنة بكثرة كاثرة من المستحبات فاستفادة الوجوب أمر مشكل.
 وبل يمكن أن نصعد اللهجة ونقول:- حتى لو استفدنا الوجوب يلزم أن نرفع اليد عنه وذلك بالبيان الذي أشرنا إليه غير مرّة وحاصله:- ان المسألة ابتلائية فلو كان الصعود لازماً لكان الحكم المذكور واضحاً بسبب ابتلائية المسألة ولانعكس هذا الوضوح على فتوى الفقهاء والحال أن الفتوى المعروفة لديهم هي عدم لزوم الصعود . وهذه طريقة يمكن التمسك بها لرفع اليد عن الوجوب أو الحرمة بهذا الشرط - وهذه مسألة عامة وسيّالة -.
 ونظير ذلك ما يقال في غسل الإحرام فانه توجد روايات ربما يظهر منها أن الغسل للإحرام واجب ونفس هذا البيان يأتي هناك فيقال:- سلمنا أن ظاهر الروايات هو وجوب الغسل للإحرام ولكن لابد من رفع اليد عن ذلك لنفس هذه النكتة بالبيان المذكور . وعلى أي حال لا ينبغي التشكيك من هذه الناحية فالصعود ليس بلازم.
 نعم ذكر بعض الفقهاء كالشهيد الأول - على ما نقل عنه - ان الأحوط أن يصعد على الصفا إلى المرقاة الرابعة [5] ، قال في الجواهر ( في محكي التذكرة والمنتهى اجماع أهل العلم على عدم وجوب الصعود إلا من شذّ مما لا يعتدّ به ، ولكن في الدروس:- والاحتياط الترقي إلى الدرج ويكفي الرابعة ...... التي قيل أنها كانت تحت التراب فظهرت الآن حيث أزالوا التراب .... ) [6] .
 والخلاصة:- ان الصعود ليس بلازم ، نعم الحكم بذلك بنحو الاستحباب شيء جيد لصحيحة معاوية ولكن مع بقية الأمور المستحبة من التوجّه إلى الكعبة والدعاء والثناء وغيرها.


[1] في مناسكه.
[2] الوسائل 13 487 10 من أبواب السعي ح1.
[3] الوسائل 13 467 1 من أبواب السعي ح1.
[4] فلاحظ الوسائل 13 475 3 من أبواب السعي ، باب 4 من السعي ح1 وغير ذلك.
[5] أي إلى الدرجة الرابعة ، ويقال انه في ذلك الزمن أزيل التراب فظهرت درج ومرقاة رابعة وقالوا ان الصعود على الدرجة الرابعة شيء مستحب.
[6] الجواهر 19 413.