33/05/08


تحمیل
 الموضوع :- ( 322 ) / الشك في عدد الأشواط / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 ذكرنا أن صاحب الجواهر(قده) استدل بحيث رفع الخطأ والنسيان المعتضد بقاعدة نفي الحرج اذ هو أراد أن يُخَرِّج الحكم على طبق القاعدة - أي قاعدة الرفع -.
 وفيه:-
 أولاً:- ان حديث رفع الخطأ والنسيان غاية ما يستفاد منه هو أن من نسى أو أخطأ فلا شيء عليه ، أما أنه يقضي متى ما ذكر ويكفي هذا القضاء في صحة الفعل والاجتزاء به فلا يدل عليه الحديث ، والمفروض أننا نريد أن نثبت هذه النتيجة وهي أنه متى ما ذكر فعليه قضاء الطواف المنسي ويصح بذلك الفعل - أي الحج - وهذا ما لا يفي به الحديث الشريف ولا قاعدة نفي الحرج.
 وثانياً:- لو تنزلنا وسلمنا أن النتيجة التي نريد اثباتها هي أنه لا شيء عليه - من دون اضافة أن عليه القضاء متى ما تذكر - فأيضاً لا يمكن التمسك بالحديث المذكور فان غاية ما يستفاد منه هو أن من نسي أو أخطأ فلا عقوبة عليه من كفارة أو غير ذلك لو فرض ترتبه على الفعل كما هو الحال في باب الصوم فان من أفطر فعليه الكفارة فيمكن أن نتمسك بالحديث لرفع الكفارة ، أما اذا فرض أن المكلف لم يأت بالواجب من الأساس فلا معنى للتمسك بالحديث واثبات أنه كالآتي بالفعل ، فلو فرض مثلاّ أن شخصاً غفل عن حلول شهر رمضان اما بسبب الخطأ أو النسيان وبالتالي لم يصمه الى أن انقضى فهل يمكن أن نتمسك بالحديث ونقول انه كالآتي بالفعل - أي كالصائم - وبالتالي لا قضاء عليه وتفرغ ذمته ؟ كلا . ومقامنا من هذا القبيل فان المكلف اذا ترك الطواف ناسياً فذلك معناه أنه لم يأتِ بالواجب - اذ أن فوات جزء الواجب هو فوات لكل الواجب المطلوب - فلا معنى للتمسك بالحديث واثبات أنه كالآتي بالحج الكامل الذي تفرغ به ذمته ولا يجب عليه في السنة الثانية الاتيان بالحج من جديد ، كلا ان هذا لا يفي به لسان دليل رفع الخطأ والنسيان وانما المقدار الذي يفي به هو أن الفعل لو ترتبت عليه عقوبة فهي مرتفعةٌ مادام قد صدر عن خطأ أو نسيان ، أما أنه اذا لم يصدر الفعل فينزَّل منزلة صدوره وبذلك تفرغ ذمة المكلف فلا يستفاد ذلك من الحديث.
 ومن هنا نعرف أن المكلف في باب الصوم لو غفل فأكل فغاية ما يمكن اثباته بحديث رفع النسيان هو رفع الكفارة ، أما أن ما أتى به يجزي وتفرغ به الذمة فلا ، اذ هو لم يأت بالواجب اذ الواجب هو الترك - أي ترك المفطرات في الفترة المحددة - وهو لم يأت بالمأمور به والحديث لا يقول ان غير الآتي بالواجب هو بمثابة الآتي به مادام كان ناسياً وانما يلزم أن نثبت ذلك بدليلٍ خاصٍ . وهذه نكتة ظريفة يجدر الالتفات اليها.
 والأجدر لإثبات أنه يكفي القضاء متى ما ذكر:- التمسك بصحيحة علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام ( سألته عن رجل نسي طواف الفريضة حتى قدم بلاده وواقع النساء كيف يصنع ؟ قال:- يبعث بهديٍ ، ان كان تركه في حجٍ بعث به في حجٍ ، وان كان تركه في عمرةٍ بعثه في عمرةٍ ، ووكَّل من يطوف عنه ما تركه من طواف ) [1] فآنها دلّت على أن الناسي للطواف لا يبطل بذلك حجّه وانما عليه شيآن الأول أن يوكّل من يطوف عنه والثاني يبعث بهديٍ.
 نعم ذكرت بعض الخصوصيات في الحديث من قبيل أنه واقع النساء.
 وهذا لا خصوصية له ، وبضم عدم احتمال الخصوصية يعمّ الحديث الموارد الأخرى
 أجل حمل الشيخ الطوسي(قده) الطواف في هذه الرواية على طواف النساء . وقد تقدم أن هذا لا داعي له اذ الحديث لم يخصّص الطواف المنسي بخصوص طواف النساء وعدم استفصال الامام عليه السلام يدل على التعميم وأن الحكم المذكور ثابتٌ سواء كان المنسي طواف الحج أو العمرة أو النساء.
 بل قد تذكر نكتةٌ في الحديث تؤكد بأن المنسي ليس هو طـواف النسـاء وهـي قولـه عليـه السـلام ( ان كان تركه في عمرة بعث به في عمرة ) فان عمرة التمتع ليس فيها طواف النساء ، وعليه الرواية تعمّ أقسام الطواف الثلاثة ولا وجه لما ذكره الشيخ الطوسي(قده).
 ثم ان السيد الخوئي(قده) حاول أن يبرز قرينة أخرى على أن الطواف المنسي ليس هو طواف النساء بل هو طواف الحج أو العمرة وهي التعبير عن الطواف بـ(طواف الفريضة ) حيث قال في الرواية ( سألته عن رجل نسي طواف فالفريضة ) والفريضة هي بمعنى ( فرض الله عز وجل ) وبتعبير آخر ( ما ذكر تشريعه في القران الكريم ) فان كل ما شرَّعه القرآن الكريم هو عبارة عن فرض الله عز وجل ، وحيث أن طواف النساء هو مما شرَّعه الرسول صلى الله عليه وآله وليس مما أشير اليه في القرآن الكريم فعليه يثبت أن المقصود من طواف الفريضة غير طواف النساء.
 وفيه:- ان كلمة ( الفريضة ) تستعمل بمعنيين ، فتارة تستعمل بمعنى فرض الله عز وجل في مقابل ما سنَّه الرسول صلى الله عليه وآله فيعبَّر عما شرَّعه الرسول بالسنَّة رغم أنه واجب ، وتارةً أخرى تستعمل في مقابل النافلة وهذا استعمال متداول وقد تقدمت الاشارة اليه في بعض الروايات السابقة حيث قال عليه السلام في باب الشكوك ( ان كان طواف فريضة فليُعِد وان كان طواف نافلة فليبن على الأقل ) فهنا استعمل لفظ الفريضة بالمعنى المقابل للنافلة ، وعليه فلا يمكن ان نستكشف من استعمال كلمة ( الفريضة ) أن المقصود هو المعنى الأول - أي ما يقابل سنَّة الرسول - بل التعبير من هذه الجهة صالح للاثنين معاً.
 بل يمكن أن نصعِّد اللهجة ونقول:- ان حمل الفريضة على المصطلح المذكور لو تم فهو يتم فيما لو ورد التعبير المذكور في لسان الامام عليه السلام فانه ذلك شيء مقبول ، فالإمام عليه السلام يستعمل لفظ ( الفريضة ) بمعنى فرض الله في مقابل سنَّة الرسول صلى الله عليه وآله ولكن المفروض في مقامنا أن الاستعمال في كلام السائل ، وعادةً لا يقصد السائل هذا المعنى الدقيق الذي لا يُلتَفَت اليه عادةً وانما يقصد النافلة ، وعليه فالمناسب ما أشرنا اليه لا ما أشار اليه هو(قده).
 هذا كله بالنسبة الى النقطة الاولى وقد اتضحت النتيجة النهائية وهي أن الالتفات الى فوات الطواف ان كان قبل فوات المحل فيلزم فعله على طبق القاعدة ، واما اذا التفت بعد فوات المحل فيأتي به متى ما ذكر ، والمستند ليس هو حديث رفع الخطأ والنسيان كما قال صاحب الجواهر(قده) بل المستند هو صحيحة علي بن جعفر فأنها لا تختص بطواف النساء كما ذكر الشيخ الطوسي(قده).
 النقطة الثانية:- الأحوط عند تدارك الطواف هو تدارك السعي بعده كما أشار الى ذلك في المدارك [2] .


[1] الوسائل 13 405 58 من ابواب الطواف ح1.
[2] المدارك 8 177.