33/04/27


تحمیل
 الموضوع :- تكملة مسألة( 316 ) ، مسألة ( 317 ) / الشك في عدد الأشواط / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 الدليل الثالث:- وحاصله:- ان رواية أبي بصير قالت ( قلت له:- رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر ستة طاف أم سبعة أم ثمانية ، قال:- يعيد طوافه حتى يحفظ ) بتقريب:- ان المقصود هو ( حتى يحفظ ويجزم ويتيقن بالسبع ) فان السبع كالركعتين الأوليين من الفريضة ، فقوله عليه السلام ( يعيد حتى يحفظ ) يدل على خصوصية لحفظ الشبعة وأن حفظها لازمٌ في صحة الطواف ، وحيث أنه في موردنا هو لم يحفظ السبعة ولم يجزم بتحققها فيكون طوافه باطلاً.
 وفيه:- انه كما يحتمل أن يكون المقصود من فقرة ( حتى يحفظ ) ما أشار اليه(قده) - أي حتى يحفظ سبعة أشواط - كذلك يكون من المحتمل أن المقصود هو ( حتى يحفظ عدد الأشواط ) ولا يحصل له شك فيها من دون ادخال السبعة كركنٍ في ذلك بل حفظ الأشواط هو في نفسه لازم في الطواف لا حفظ السبعة.
 وقد تقول :- ان هذا الاحتمال وجيه كما قلت بيد أنه لا يضر السيد الخوئي(قده) فانه بالتالي اذا لم يحفظ عدد الأشواط فطوافه باطل ، وفي مقامنا حيث أنه لم يحفظ عدد الاشواط فيلزم أن يكون طوافه باطلاً . اذن الوصول الى المطلوب الذي أراده(قده) - وهو أن الشك بين السبعة والثمانية قبل الوصول الى الحجر الاسود مبطل للطواف - سوف يثبت ويتحقق حتى بناءً على هذا الاحتمال والتفسير ولا يتوقف على أن نفسر ( حتى يحفظ ) بأنه ( حتى يحفظ السبعة ).
 والجواب:- انه بناءً على هذا الاحتمال سوف تكون الرواية دالة على مطلبٍ كليٍّ عامٍ وهو أن الشك في عدد الاشواط بأي شكل من أشكاله مبطل للطواف ، فانه سوف يثبت هذا الأصل الكليّ وقد طرأ مخصص لهذا الأصل الكليّ وهو صحيحة الحلبي فإنها قالت:- من شك بين السبعة والثمانية فلا يبطل بذلك طوافه ، فتكون هذه الصحيحة مخصصة لهذا العموم الكليّ ومقتضى اطلاقها هو أن الشك بين السبعة والثمانية لا يبطل الطواف من دون فرق بين أن يكون الشك عند الوصول الى الحَجَر أو قبيل ذلك ، واطلاق المخصص مقدَّم على اطلاق أو عموم العام وبالتالي تتقدم صحيحة الحلبي وتكون النتيجة هي الصحة.
 واذا أردت أن تدافع وتقول:- ان صحيحة الحلبي توجد فيها قرينة على عدم ثبوت الاطلاق فيها والشمول لمن شك قبل الوصول الى الحَجر الأسود وهي قوله عليه السلام ( أما السبعة فقد استيقن ) فانه يدل على لزوم استيقان السبعة.
 قلت:- ان هذا عودة الى الدليل الأول ، أي انا نتمسك بكلمة ( استيقن ) ولا يعود هذا الدليل دليلاً جديداً في مقابل ذلك الدليل وانما يكون دليلاً جديداً لو لم نتشبث بكلمة ( استيقن ) أما بعد التشبث بها فهذا هو نفس الدليل الأول.
 وقد اتضح من كل هذا أن جميع ما ذكره(قده) قابل للتأمل والمناقشة.
 ولعل الأجدر التمسك بالبيان التالي المركب من مقدمتين لإثبات البطلان:-
 المقدمة الأولى:- قد يستفاد من بعض الروايات أن الشك في عدد أشواط الطواف مبطلٌ بشكلٍ مطلقٍ من دون خصوصيةٍ لموردٍ دون آخر ، والروايات الدالة على ذلك هي من قبيل الرواية المتقدمة لأبي بصير فإنها قالت ( حتى يحفظ ) ، ومثل صحيحة صفوان المتقدمة التي جاء فيها ( سألته عن ثلاثة قد دخلوا في الطواف فقال واحد منهم احفظوا الطواف فلما ظنوا أنهم قد فرغوا قال واحد منهم معي سبعة أشواط وقال الآخر معي ستة أشواط وقال الثالث معي خمسة أشواط ، قال:- ان شكّوا كلهم فليستأنفوا وان لم يشكوا وعلم كل واحد ما في يديه فليبنوا ) فانه قد يستفاد منها أن الشك مبطل سواءً كان في الخمسة أو في الستة أو في السبعة.
 ومن هذا القبيل أيضاً رواية أبي بصير ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل شك في طواف الفريضة ، قال:- يعيد كلما شك ) ، انه قد يستفاد هذا الأصل الكليّ من مجموع هذه الروايات ، فان تمَّ سنداً ودلالةً ضممنا اليه المقدمة الثانية.
 المقدمة الثانية:- قد قرأنا في علم الأصول أنه اذا كان لدينا عام أو مطلق وخرج منه بالمخصص المنفصل عنوانٌ مرددٌ بين السعة والضيق - أي بين الأقل والأكثر - من قبيل ( أكرم كل فقير ) وقال المخصص المنفصل ( لا تكرم الفقير الفاسق ) وشككنا بأن الفاسق هل يشمل فاعل الصغيرة أيضاً أو لا ؟ انه شكٌ في مفهوم الفاسق وليس في المصداق بين السعة الضيق ، فهنا نتمسك بعموم العام في مورد الشك وبالتالي يجب اكرامه.
 ونطبق هذه القاعدة في مقامنا ونقول:- قد خرج من ذلك العموم عنوان الشك بين السبعة والثمانية في صحيحة الحلبي ولكن نشك هل هو يشمل من شك قبل الوصول الى الحَجَر الأسود أو يختص بمن وصل اليه وتجاوزه مثلاً أو من دون تجاوز ؟ فالقدر المتيقن هو من وصل اليه وشك بين السبعة والثمانية أما من لم يصل اليه فيُشَكُّ في شمول المفهوم الوارد في الخاص له فنتمسك آنذاك بعموم العام وبذلك تكون النتيجة هي البطلان لكن من خلال هذا الطريق المركب من مقدمتين.
 تكملة مفيدة:- قد عرفنا أنا بحاجة الى هاتين المقدمتين ، فان جزمت بهما ، - أي جزمت بوجود عامٍ تامٍ دلالةً وسنداً وجزمت أيضاً بأن المخصص مردد بين السعة والضيق مفهوماً لا أنه مختص بمن وصل الى الحَجَر الأسود - فحينئذ نجزم بالفتوى ونقول ( من شك بين السبعة والثمانية قبل الوصول الى الحَجَر الأسود فطوافه باطل ) ، واما اذا فرض أنهما لم يتمّا بنظرنا - بمعنى أنه اما أن نشكك في تمامية ذلك العموم ولو من جهة السند باعتبار أن رواية أبي بصير قد ورد في سندها على بن أبي حمزة أو غير ذلك ، أو فرض أنا لم نجزم بالمقدمة الثانية ولكنها لهما درجة من الوجاهة والمقبولية بحيث يصعب على الفقيه تجاوز هذه الدرجة من المقبولية - فنصير الى الاحتياط الوجوبي ، والمسالة مرتبطة بنفسية الفقيه ، فمن كان يبني على وثاقة البطائني فالمقدمة الأولى تكون تامة عنده ، وهكذا اذا كان يبني على أن صحيحة الحلبي مجملة حقاً ومرددة بين السعة والضيف فيفتي آنذاك . فالمسألة مرتبطة بنفسية الفقيه من هذه الناحية ، ولا أقل - كما قلت ان الاحتياط شيء وجيه.
 
 
 مسألة( 317 9 ):- اذا شك في عدد الأشواط كما اذا شك بين السادس والسابع أو بين الخامس والسادس وكذلك الأعداد السابقة حكم ببطلان طوافه وكذلك اذا شك في الزيادة والنقصان معاً كما اذا شك في أن شوطه الأخير هو السادس أو الثامن

. ..........................................................................................................
 قبل أن ندخل في صميم المسألة نود الاشارة الى قضية:- وهي أن الشك في أشواط الطواف له حالات متعددة ، فقد يكون الشك بعد الفراغ - وهذا ما تقدمت الاشارة اليه في مسألة ( 315 ) - وأخرى يكون في الاثناء قبل الفراغ وعلى التقدير الثاني تارةً يكون الشك في الزيادة فقط - أي لا يكون بين الزيادة والنقيصة ولا في النقيصة فقط بل في الزيادة فقط - كما لو كان الشك بين السبعة والثمانية فانه نحتمل زيادة شوط من دون أن نحتمل النقيصة وهذا ما تم التعرض اليه في المسألة السابقة ( 316 ) - وأخرى يكون الشك في الزيادة والنقيصة معاً كما اذا شك بين الستة والسبعة والثمانية فانه يحتمل الستة الذي لازمه النقيصة ويحتمل الثمانية الذي لازمه الزيادة ولا يوجد مصداق آخر لهذ الحالة ، وثالثةً أن يفترض احتمال النقيصة فقط من دون ادخال احتمال الزيادة وهذا له مصداقان الأول أن يتردد الأمر بين الستة والسبعة والثاني أن يتردد الأمر بين الأقل من ذلك كما لو شك بين الخمسة والستة او الاربعة والخمسة ... وهكذا.
 وهذه الحالات الثلاث لم يُشر اليها في المسائل السابقة - وأعني بها الدوران بين الزيادة والنقيصة ، أي بين الستة والسبعة والثمانية - وهكذا حالة احتمال النقيصة من حيث المصداق الأول - أي بين الستة والسبعة - وهكذا حالة المصداق الأخر - وهو الأقل من الستة والسبعة - ويراد في هذه المسألة التعرض الى هذه المصاديق والحالات الثلاث ، فأشار(قده) بقوله ( اذا شك في عدد الأشواط كما اذا شك بين السادس والسابع ) الى المصداق الأول من حالة احتمال النقيصة فقط ، ثم قال ( أو بين الخامس والسادس أو بين الأعداد السابقة ) ومقصوده من الأعداد السابقة هو الشك بين الاربعة والخمسة والثلاثة والأربعة ..... وهكذا وهذا اشارة الى المصداق الثاني لحالة احتمال النقيصة ، ثم قال ( وكذلك اذا شك في الزيادة والنقيصة معا كما لو شك بأن شوطه الأخير هو السادس أو الثامن ) وهذا اشارة الى حالة احتمال الزيادة والنقيصة.
 وكان من المناسب بعد أن أعطى عنواناً لهذه الحالة الأخيرة وهو أنه تحتمل الزيادة والنقيصة معاً ان يعطي عنوناً لما سبق أيضاً وهو عنوان احتمال النقيصة فيقول هكذا ( اذا شك في عدد الأشواط وكان يحتمل النقيصة فقط ) ثم يقول ( كما اذا شك بين السادس والسابع أو بين الخامس والسادس ) فهنا تصير المسألة منضبطة بشكل أكبر . وأحسن من هذا أن يعنون صور الشك من البداية بالشكل الذي أشرنا اليه.