33/04/09


تحمیل
 الموضوع :- الزيادة في الطواف / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 الوجه الثاني:- التمسك بمفهوم العدد وذلك بأن يقال:- إن الشرع حينما أوجب سبعة أشواط فهذا يفهم منه أن الزيادة لا تجوز فان هذا هو المفهوم من ذكر العدد.
 وفيه:- إن العدد وان كان له مفهوم بيد أن مفهومه هو من جانب النقيصة - أي أن الأقل من ذلك لا يكفي - وما أن الأكثر لا يكفي أيضاً فذلك يختلف باختلاف المقامات فأحياناً يكون الأمر كذلك كما في تحديدات الطبيب ، فلو قال الطبيب ( استعمل حبتين في كل يوم ) فيفهم من ذلك أن الأقل لا يصح والأكثر أيضاً لا يصح ، وأخرى لا يفهم منه ذلك كما في إطعام ستين مسكيناً فان أقصى ما نفهم منه أن الأقل لا يكفي أما أن إطعام واحداً وستين لا يكفي فهذا لا نفهمه منه ، وهكذا في رمي الجمرات بسبع حصيات فان أقصى ما نفهم منه هو أن الأقل لا يكفي أما أن الأكثر لا يكفي فلا نفهم منه ذلك ، وهكذا حينما يقال في وتر صلاة الليل أنه يستغفر لأربعين مؤمناً فلا نفهم من ذلك أن الزيادة لا تجوز .
 ولا أريد أن أدعي أنه يُفهم منه في الموارد المذكورة أن الزيادة تجوز ، كلا بل أريد أن أقول أنه لا يفهم هذا ولا ذاك فلا يفهم الجواز و لا عدمه - أي يكون مسكوتاً عنه - وعلى هذا الأساس نرجع إلى الأصل العملي بعد الشك في الكلفة الزائدة - وهي التقيُّد بشرط عدم الزيادة - وهو يقتضي البراءة.
 الوجه الثالث:- التمسك بما دل على أن الشك في الطواف - أي في عدد الأشواط - مبطل له ، وستأتي الإشارة إلى تلك الروايات فيما بعد إنشاء الله تعالى ، فإذا قبلنا بكون الشك مبطلاً للطواف فنقول إن هذا يدل بالالتزام على عدم جواز الزيادة إذ لو كانت جائزة أمكن تصحيح الطواف حالة الشك وذلك بأن يقال للمكلف ( ابن على الأقل فان غاية ما يلزم هو أنك سوف تفعل الزيادة على تقدير أن الأقل ليس مطابقاً للواقع فان غاية ما يلزم هو زيادة شوط ) فإذا كانت الزيادة ليست مبطلةً فلا موجب لبطلان الطواف بالشك.
 إذن الحكم ببطلان الطواف بمجرد عروض الشك يكشف عن كون الزيادة مبطلة للطواف.
 وفيه:- إن أحكام الشرع نجهل نكاتها في كثر من الأحيان ، فالزيادة مثلاً إذا كانت مبطلة نسأل عن نكتتها لماذا أنها مبطلة ؟ انه شيء مجهول لنا ولا ندري لماذا وجب عنوان السبعة دون الأقل ودون الأكثر وهذا ما يطلق عليه أحياناً بـ( تعبدية الأحكام ) أو بـ( توقيفيتها ) ويقصد من ذلك هو نكاتها مجهولة ، فإذا قبلنا بهذا فنقول لعله هناك نكتة تقتضي أن الشك بعنوانه وحالة التزلزل وعدم الثبات بما هي مبطلة للطواف فالمبطل شيئان الشك بعنوانه والزيادة بعنوانها ولا ربط لأحدهما بالآخر ، وحينئذ لا يمكن أن نستنتج من بطلان الطواف بالشك أن الزيادة مبطلة إذ لعل الشك بعنوانه هو مبطل لنكتة خاصة بقطع النظر عن كون الزيادة مبطلة أو ليست مبطلة ، فربط أحدهما بالآخر لا وجه له بعد جهلنا بنكات الأحكام.
 الوجه الرابع:- التمسك بصحيحة معاوية المتقدمة ( من اختصر في الحِجر فليعد طوافه من الحَجَر الأسود إلى الحَجَر الأسود ) فان الإمام عليه السلام حدَّد بكون النهاية هي إلى الحَجَر الأسود وهذا يفهم منه أن الزيادة لا تجوز إذ لو كانت جائزة فلماذا حدَّد بكونه النهاية إلى الحَجَر الأسود فإذا لم تجز الزيادة ولو بخطوةٍ فلا تجوز الزيادة إذا كانت شوطاً بالأولوية .
 وفيه:- إن من المحتمل أن يكون المقصود هو أن الواجب هو هذا - أي إلى الحَجَر الأسود - أما أنه لا يجوز الأكثر فليس الإمام بصدده فانه بصدد بيان المقدار اللازم على المكلف فلا يمكن أن يفهم من ذلك أن الزيادة بمقدار خطوة لا تجوز ويكفينا عدم الدليل فنتمسك بالأصل كما قلنا.
 الوجه الخامس:- التمسك بصحيحة أبي كهمس أو ( كهمش ):- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي فطاف ثمانية أشواط ، قال:- إن ذكر قبل أن يبلغ الركن فليقطعه وقد أجزأ عنه وان لم يذكر حتى بلغه فليتم أربعة عشر شوطاً وليصلِّ أربع ركعات ) [1] ، بتقريب:- أنه عليه السلام حكم بأن المكلف إذا زاد شوطاً ثامناً فتارة يلتفت إلى ذلك قبل أن يبلغ ركن الحجر الأسود - وبعبارة أخرى قبل أن ينتهي من الشوط الزائد - وهنا أمر عليه السلام بالقطع ، وأما إذا بلغ ركن الحَجَر الأسود - بمعنى انه أتم الشوط الثامن - فعليه أن يضيف ستة أشواط.
 إذن أمر الإمام عليه السلام بالقطع إذا التفت قبل أن يبلغ الحَجَر الأسود يدل على أن الزيادة لا تجوز إذ لو كانت جائزة فلماذا أمر عليه السلام بالقطع بل كان من المناسب أن يقول ( فليتم إلى أن يصل إلى الحَجَر الأسود ) إن هذا معناه أن الزيادة لا تجوز حالة العمد والالتفات فانه بعد أن التفت صار مصداقاً للمتعمّد فأمر عليه السلام بالقطع . إذن الزيادة في الطواف لا تجوز للعامد بمقتضى أمر الإمام بالقطع . هكذا قد يتمسك بالصحيحة المذكورة.
 وفيه:- إن أمره عليه السلام بالقطع لعله لا من جهة أن الزيادة العمدية مبطلة بل من جهة أنه أراد أن يخفف عنه الكلفة والعناء باعتبار أنه لو أكمله شوطاً كاملاً صار الواجب عليه إلحاق ستة أشواط ليتحقق بذلك أسبوعان فلذلك أمر عليه السلام بالقطع حتى لا يتوجه إليه الأمر بإتمام أسبوعين ، انه من المحتمل أن تكون النكتة هي هذه وليست تلك - أعني بطلان الطواف بالزيادة العمدية - .
 هذا ما قد يتمسك به لإثبات البطلان وقد اتضح أن المناسب هو التمسك بالروايتين المتقدمتين دون هذه الوجوه.
 هذا وقد يستدل في المقابل على العكس وأن الزيادة ليست مبطلة بتقريب :- أن الإمام عليه السلام في حالة الإتيان بثمانية أشواط أمر بإضافة ستةٍ وهذا معناه أن السابق ليس بباطل بعد الالتفات إلى أنه أمر بإضافة ستة مع الإتيان بأربع ركعات - أي ركعتان للطواف الأوَّل وركعتان للطواف الثاني - وهذا معناه أن الطواف الأوَّل صحيح وإلا فلماذا الإتيان بركعتين لأجله . إذن هذه الروايات الدالة على أن من أتى بثمانية فعليه ضمّ ستة تدل على صحة الطواف الأوَّل.
 وفيه:-
 أولاً:- إن هذا يختص بحالة السهو فان الروايات المذكورة - أي من أتى بثمانية أشواط - هي خاصة بحالة السهو وسيأتي في المسألة التالية التعرض إلى ذلك وللروايات المذكورة والفروض أن كلامنا هو في حالة الزيادة العمديَّة فلا يمكن إذن التمسك بهذه الروايات لإثبات أن الزيادة العمدية ليست مبطلة للطواف السابق.
 وثانياً:- سلمنا أن الطواف السابق ليس باطلاً بقرينة الإتيان بركعتين لأجله ولكن هذه هي نتيجة البطلان فان نتيجة البطلان هي عدم الاكتفاء بالطواف السابق ولابد من الإتيان بطواف جديد وهذه الروايات تثبت هذه النتيجة وأنه لا يكتفى بالطواف السابق بل لابد من إضافة ستة أشواط وهذه هي نتيجة البطلان وان لم تكن عينه والاسم والعنوان لا يؤثر شيئاً ، أي نفترض أنا لا نحكم بأن الطواف الأوَّل باطل ولكن بالتالي لا يكتفى به وحده بل لابد من ضم الإضافة إليه وهذا كما قلنا هو نتيجة البطلان وان لم تكن عينه.
 هذا كله بالنسبة إلى الزيادة العمدية وأنها مبطلة في الجملة وقد اتضح أن المدرك المهم هو الروايتان.


[1] السائل 13 364 34 من أبواب الطواف ح4.