33/03/28


تحمیل
 الموضوع :-

مسألة ( 308 ) و ( 309 ) / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 مسألة( 308 ):- إذا أحدث أثناء طوافه جاز له أن يخرج ويتطهر ثم يرجع ويتم طوافه على ما تقدم ، وكذلك الخروج لإزالة النجاسة من بدنه أو ثيابه . ولو حاضت المرأة أثناء طوافها وجب عليها قطعه والخروج من المسجد الحرام فوراً وقد مر حكم طواف هؤلاء في شرائط الطواف.

 تشتمل هذه المسالة على ثلاث نقاط
 النقطة الأولى:- ان المكلف إذا أحدث أثناء الطواف خرج وتطهّر وبنى على ما سبق من دون حاجة إلى استئناف طواف جديد.
 النقطة الثانية:- الأمر كذلك بالنسبة إلى من أصابه الخبث في بدنه أو لباسه فانه يخرج ويتطهر ويبني على ما سبق بلا حاجةٍ إلى استئناف الطواف من جديد.
 النقطة الثالثة:- إذا حاضت المرأة أثناء طوافها وجب عليها الخروج فوراً وقطع الطواف.
 ولنا تعليقان فنيّان:-
 الأول:- ان جميـع ما ذكـره (قده) قد مرت الإشارة إلـيه سـابقــاً فـي مسـألـــة ( 285 ) ومسـالـة ( 300 ) وغيرهما فذكر ذلك من جديد ليس إلا تكراراً وربما مشوِّشاً.
 الثاني:- ان ما ذكره هنا ربما يختلف عما ذكره هناك وينبغي أن يحافظ على وحدة المطلب في حالة التكرار ، فهنا قال ان من أحدث يخرج وتطهر وبنى على ما سبق ، وأما هناك فقال ان ذلك مشروط بما إذا كان بعد الشوط الرابع أما إذا كان قبله فيستأنف طوافاً جديداً .
 وهكذا الحال بالنسبة إلى من طرأ عليه الخبث فان الذي تقدم هو أنه لو حصل ذلك قبل الشوط الرابع خرج وتطهّر واتى بطوافٍ كاملٍ أعم من التمام والإتمام لا أنه يبني على ما سبق ، وعلى أي حال الأمر سهل فان القضية فنيَّة لا أكثر.
 
 
 مسألة ( 309 ):- إذا التجأ الطائف إلى قطع طوافه وخروجه من المطاف لصداع أو وجع في البطن أو نحو ذلك فان كان ذلك قبل إتمام الشوط الرابع بطل طوافه ولزمته إعادته وان كان بعده فالا حوط أن يستنيب للمقدار الباقي ويحتاط بالإتمام والإعادة بعد زوال العذر.

 ..........................................................................................................
 هذه المسألة ترتبط بمن خرج من المسجد ولكن لا لأنه أحدث واحتاج إلى التطهير أو طرأ عليه الخبث فاحتاج إلى تطهيرٍ ولا أنه دعاه مؤمنٍ لقضاء حاجة فخرج لذلك ولا أنه طرأت له حاجة - كشراء شيء - فخرج وإنما خرج لداعٍ تكوينيٍ كما إذا طرأ عليه عارض قلبي فانه لا يتمكن من السيطرة على نفسه والبقاء أو انكسرت رجله .... أو غير ذلك فان الحاجة من هذا القبيل التي ان صح أن نعبر عنها بـ( الحاجة التكوينية ) أو ( القهرية ) هي المنظورة في هذه المسألة . وقد أكدنا سابقاّ على قضية فنيَّة والآن نؤكد عليها من جديد وهي أنه لا ينبغي أن نلقي المسائل في الرسالة العملية بشكل متناثر فيما إذا أمكن جمعها تخت ضابط واحد بل نجمعها تحت الضابط ان وجد حتى يسهل على المكلف ضبط المسألة ، وهنا لو كان يقول ( إذا خرج الطائف من المسجد الحرام فلخروجه حالات متعددة:- الأولى:- لأجل الحدث ، والثانية:- لأجل الحاجة إلى التطهير ، والثاثة:- لأجل طرو الخبث .... وهذا ) فهنا يكون الترابط بين المسائل واضحاً.
 وعلى أي حال ذكر(قده) في هذه المسألة أن الخروج إذا كان قبل الشوط الرابع فلابد من إعادة الطواف وإذا كان بعده فالأحوط أن يجمع بين أمور ثلاثة فيستنيب مادام يعيش حالة العذر وبعد ارتفاع العذر يأتي إلى المسجد الحرام فيتم ما سبق وبعد ذلك يأتي بطوافٍ كاملٍ ، فصار الاحتياط مقتضياً للجمع بين أمورٍ ثلاثة.
 وكان بالإمكان اختصار الأمرين الأخيرين بالإتيان بطوافٍ واحدٍ بقصد الأعم من التمام والإتمام.
 وعلى أي حال لو بقينا والقاعدة فهي تقتضي بقاء الطواف السابق وعدم بطلانه - على الخلاف - فان اعتبرنا الموالاة فبشرط عدم فواتها وإن لم نعتبرها فهو باقٍ على الصحة رغم فواتها لأنا نشك أن مجرد الخروج للعارض التكويني هل هو مانع من صحة الطواف أو لا ؟ فيكون المورد من موارد الشك في المانعية وهو مجرى للبراءة حيث نشك هل اشتغلت ذمتنا بالحج المشتمل على الطواف المقيَّد بعدم الخروج لعارض تكويني فالمورد من موارد الشك في الاشتغال في التكليف الزائد فتجري البراءة.
 ولكن وردت رواية أو روايتان - وسيتضح التردد في العدد لأجلهما استحق العارض التكويني عقد مسألة مستقلة والروايتان هما:-
 الأولى:- صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام ( إذا طاف الرجل بالبيت ثلاثة أشواط ثم اشتكى أعاد الطواف يعني الفريضة ) [1] ، بتقريب:- ان الصحيح المذكور وان لم يذكر أن المكلف قد خرج من المسجد وإنما قال ( طاف ثلاثة أشواط ثم اشتكى أعاد الطواف ) فالخروج لم يذكر فكيف نثبت أن الرواية ناظرة إلى حالة الخروج الاضطراري والحال أنها لم تشر إليه ؟
 والجواب:- انه لابد من إضافة تتميم فيقال هكذا:- ان قوله ( ثم اشتكى ) أي عرضت له الشكاية من مرض أو وجع أو غيرهما ومعلوم أن مجرد عروض ذلك لا يحتمل أنه موجب للبطلان فانه من قبيل ما إذا عطس الشخص أثناء الطواف أو أصابه السعال فان السؤال عن ذلك شيء لا معنى له فلابد أن يكون ذلك مأخوذاً بنحو الطريقية خصوصاً بعد الملازمة العاديَّة فان من تطرأت عليه الشكاية يكون بحاجةٍ إلى الخروج ، إذن فرض الخروج مستبطن في الصحيحة وبالتالي هو مضمر وان لم يُذكر بالصراحة ، فلا ينبغي التوقف من هذه الناحية.
 وهناك قضية أخرى:- وهي أن الصحيحة قالت ( أعاد الطواف يعني الفريضة ) وجملة ( يعني الفريضة ) هل هي من الإمام عله السلام أو هي تفسير من الراوي أو من الكليني مثلاً الذي ذكر الرواية ..... أو من غيرهما ؟
 قد يقال:- ان ظاهر كل ما يذكر في الرواية فهو صادر من الإمام عليه السلام ، ولعله لأجل هذا لم يتعرض مثل السيد الخوئي(قده) وغيره لذلك اعتماداً على هذا الظهور أو الأصل.
 ولكن في مقام التعليق نقول:- هذا شيء وجيه لو لم تلمّح القرائن إلى كونه من الغير أما إذا لاح منها ذلك فثبوت الظهور المذكور أمر مشكل اذ أن مدركه هو العقلاء فهم يحكمون بأن جميع الكلام هو صادر من المتكلم ولكن هل يحكمون بذلك حتى لو لاحت من القرينة أنه من الغير ؟ هذا شيء غير ثابتٍ ، وفي الأدلة اللبية يقتصر على القدر المتيقن وهو ما إذا لم يلُح من القرائن أنه من الغير ، وكلمة ( يعني ) هنا تتناسب أن تكون من غير الإمام عليه السلام اذ لا معنى لأن يعبِّر الامام بذلك بل المناسب أن يقول ( أعاد الطواف ان كان واجباً ) أو ( أعاد الطواف الواجب ) أو ( ... غير النفل ) ، وعلى أي حال بعد وجود كلمة ( يعني ) يصعب أن نحكم بكون ذلك من الإمام عليه السلام .
 ولكن هذا لا يشكل عقبة فبالتالي ان لم تكن الجملة من الإمام أو كانت ليست موجودة فان القدر المتيقن هو الفريضة والثمرة إنما تظهر بالنسبة إلى النافلة والمهم من كلامنا ناظر إلى الفريضة ، وعلى أي حال لا ينبغي التوقف من هذه الناحية أيضاً.
 والشيء المهم في هذه الصحيحة هو عنوان ( ثلاثة أشواط ) حيث ان الوارد فيها ( طاف رجل بالبيت ثلاثة أشواط ) وصاحب الوسائل(قده) لم يشر إلى وجود نسخة ثانية ويظهر أنه لم يعثر عليها ، ولكن صاحب المدارك(قده) [2] وصاحب الحدائق(قده) [3] نقلا وجود نسخة أخرى وهي ( إذا طاف الرجل بالبيت أشواطاً ثم اشتكى ) وليس بقيد ( ثلاثة أشواط ) بل ( أشواطا ) وعلى هذا الأساس تكون عندنا نسختان من الرواية فعلى أيهما نعتمد ؟ وهذا يمكن أن يؤثر باعتبار أنه لو كان الوارد قيد ( ثلاثة أشواط ) فسوف يصير المفهوم ( أنه لو طاف أكثر من ثلاثة أشواط وعرضت له الشكاية فلا يبطل طوافه ) فالبطلان يختص بالثلاثة أو بالأحرى قبل النصف ، أما لو كان الوارد كلمة ( أشواط ) فحينئذ يثبت البطلان حتى لو فرض أنه طاف ستة أشواط مثلاً - أي تجاوز النصف فعرضت له الشكاية - وهذا فارق مهم في هذا المجال.
 وعلى أي حال لابد من أخذ هذه القضية بعين الاعتبار حينما نتعرض إلى كيفية الاستدلال . وهذه الرواية وهي المهمة من الروايتين.
 الرواية الثانية:- رواية إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام ( في رجل طاف طواف الفريضة ثم اعتلّ علّة لا يقدر معها على إتمام الطواف ، فقال :- ان كان طاف أربعة أشواط أمر من يطوف عنه ثلاثة أشواط فقد تم طوافه وان كان طاف ثلاثة أشواط ولا يقدر على الطواف فهذا مما غلب الله عليه فلا بأس بأن يؤخِّر الطواف يوماً ويومين فان خلته العلّة عاد فطاف أسبوعاً وان طالت علته أمر من يطوف عنه أسبوعاً ويصلي هو ركعتين ويسعى عنه وقد خرج من إحرامه وكذلك يفعل في السعي وفي رمي الجمار ) [4] .


[1] الوسائل 13 386 45 أبواب الطواف ح1.
[2] المدارك 8 - 155
[3] الحدائق 16 220.
[4] المصدر السابق ح2.