33/01/21


تحمیل
 الموضوع :-

مسألة 294 / اشتراط الطهارة في الطواف / شروط الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي (قد).
 مسالة 294 :- إذا دخلت المرأة مكة وكانت متمكنة من أفعال العمرة ولكنها أخرتها إلى أن حاضت حتى ضاق الوقت مع العلم والعمد فالظاهر فساد عمرتها والأحوط أن تعدل إلى حج الإفراد ولابد لها من إعادة الحج في السنة القادمة.

 ذكر ( قده) في المسالة ( 290 ) أن المرأة إذا طرأ عليها الحيض بعد أن دخلت مكة - يعني أنها أحرمت من الميقات لعمرة التمتع وهي طاهرة وبعد إحرامها طرأ عليها الحيض - ولم يكن في الوقت سعة تتخير بين أن تنقل حجها إلى الإفراد فتخرج إلى عرفات بلا حاجة إلى طواف وسعي وتقصير مسبق وبين أن تؤجل الطواف إلى ما بعد الإحرام بالحج فتأتي بالسعي حيث لا يشترط فيه الطهارة وتقصِّر ثم تحرم للحج وتأتي بأفعاله ، وقبيل أن تطوف للحج تطوف طواف العمرة . هذا ما ذكره سابقاً.
 وهذا المطلب واضح إذا فرض أن المرأة لم تتوانَ في أمرها ، أما إذا توانت بأن فرض أنها أحرمت وهي طاهرة وكانت تعلم أنه سوف يطرأ عليها الحيض - أي بعد يوم أو يومين - وتعلم أن فترة حيضها طويلة ولكن رغم هذا لم تسرع في الإتيان بأفعال العمرة من الطواف والسعي وغيرها فهي قد توانت عن علم وعمد حتى ضاق عليها الوقت ،فان مثل هذه المرأة هل هي مخيرَّة أيضاً بين العدول إلى حج الإفراد أو تؤخر الطواف إلى ما بعد طواف الحج ؟ أو يحكم ببطلان حجها وعمرتها وعليها أن تحج من جديد في السنة الآتية وان كان الاحتياط يقتضي أن تعدل بإحرامها إلى حج الإفراد أو أنها تعدل إلى ما هو الأعم وعمَّا اشتغلت به الذمة واقعاً من العمرة المفردة أو حج الإفراد وبعد ذلك تكمل العمل وتحل . ان هذا شيء احتياطي ، ولكن في السنة الثانية يتحتم عليها لا من باب الاحتياط بل من باب الفتوى والحكم الجزمي أن تعيد الحج.
 والخلاصة:- هل يشمل الحكم المتقـدم في مســالة ( 290 ) هذه المرأة أو انه يختص بمـن لــم تتوانَ ؟
 والفت النظر قضية واضحة:- وهي أن المفروض في مقامنا هو أنها قد أحرمت من الميقات ودخلت مكة لعمرة التمتع ولكنها توانت إلى أن ضاق عليها الوقت ، أما إذا فرض أنها لم تُحرِم وبقيت قُبيل الميقات إلى أن ضاق الوقت فهنا حتماً سوف يقال لها ارجعي إلى بلدك ولا يوجد احتياط لأنها لم تأت بالإحرام حتى يقال كيف تحل منه ولا يكون ذلك إلا بحج أو بعمرة ، فالمفروض في هذه المسالة هي أنها قد أحرمت ثم ضاق عليها الوقت باختيارها وتهاونها.
 قال (قده) الظاهر فساد عمرتها ، وذلك باعتبار أن الأخبار السابقة التي دلت على أنها تعدل إلى حج الإفراد أو أنها تطوف طواف العمرة قبيل طواف الحج منصرفة عن مثل هذه المرأة وناظرة إلى المرأة التي لم تتوانَ ، وعليه فنرجع إلى مقتضى القاعدة وهي تقتضي وجوب الإعادة في السنة الثانية وما أتت به يكون فاسداً لأنها لا تتمكن من إكماله فهي قد أحرمت لعمرة التمتع ولا يمكنها إكمالها مع حج التمتع فينكشف فساد إحرامها وعمرتها وعليها أن تعيد الحج في السنة الثانية.
 نعم لو دل دليل على أن مثلها تعدل إلى حج الإفراد لحكمنا بذلك ولكن النصوص منصرفة عنها ومختصة بمن لم تتوانَ.
 نعم مقتضى الاحتياط أنها تعدل إلى حج الإفراد ولكن يتحتم عليها في السنة الثانية أن تعيد الحج.
 ولكن نقول:- انه (قده) على مبناه في باب الإطلاق يكون المناسب هو شمول الأخبار الدالة على العدول لمثل المرأة المذكورة ، وذلك إذا لم يكن شيئاً جزمياً فلا أقل كان من المناسب أن يتوقف في الحكم بنحو الجزم ولا يقول ( فالظاهر فساد عمرتها ) بل المناسب أن يخفف اللهجة وذلك بأن يقول مثلاً ( فجواز العدول إلى الإفراد محلاً إشكال ) فيغير التعبير من قوله ( فالظاهر فساد عمرتها ) الذي هو فتوى بالفساد إلى قول ( فالقول بجواز العدول إلى الإفراد محل إشكال ).
 وعلى أي حال فلنرجع إلى الروايات السابقة ، والمهم روايتان:-
 الرواية الأولى:- موثقة أو صحيحة إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام - والترديد باعتبار أن إسحاق هل هو من قسم الثقاة أو من قسم العدول ؟ لأنه يوجد تردد في أنه هل هو واحد أو اثنين - ( سألته عن المرأة تجيء متمتعة فتطمث قبل أن تطوف بالبيت حتى تخرج إلى عرفات قال تصير حجة مفردة قلت عليها شيء قال دم تهريقه وهي أضحيتها ) [1] ، وقد ذكرنا أنه يُحمل الدم على الاستحباب لأنه لا يوجد في حج الإفراد دم.
 الرواية الثانية:- صحيحة العلاء عن أبي عبد الله عليه السلام ( المرأة المتمتعة إذا قدمت مكة ثم حاضت تقيم ما بينها وبين التروية فان طهرت طافت بالبيت وسعت بين الصفا والمروة وإذا لم تطهر إلى يوم التروية اغتسلت واحتشت ثم سعت بين الصفا والمروة ثم خرجت إلى منى فإذا قضت المناسك وزارت البيت طافت بالبيت طوافاً لعمرتها ثم طافت طوافاً للحج ..... ) [2] وذكرنا هناك أن الرواية الأولى تدل على أن الحكم هو الانتقال إلى حج الإفراد بينما الرواية الثانية تدل على أن الحكم هو تأخير طواف العمرة ، ومقتضى الجمع هو الحكم بالتخيير بين المطلبين . هكذا حكمنا سبقاً وهكذا حكم السيد الماتن(قده).
 والذي نريد أن نذكره هنا هو أنا لو لاحظنا هاتين الروايتين لرأينا أن فيهما إطلاقاً - أي هما تشملان حتى مثل المرأة التي توانت عن قصد - فان الرواية الأولى قالت ( سألته عن المرأة تجيء متمتعة فتطمث قبل أن تطوف بالبيت ) ان هذا التعبير كما يشمل غير المتوانية يشمل المتوانية أيضاً ولا أقل ان احتمال الشمول وجيه ، وهكذا الرواية الثانية التي قالت ( المرأة المتمتعة إذا قدمت مكة ثم حاضت .... ) فان هذا التعبير يشمل مثل المرأة المذكورة ، وعلى مبناه في باب الإطلاق من الوجيه دعوى الإطلاق هنا ولا أقل قضية الانصراف ليست واضحة ومؤكَّدة ، فكان من المناسب له أن يخفف لهجة تعبيره من قوله ( فالظاهر فساد عمرتها ) إلى قوله ( فجواز الانتقال إلى الإفراد محل إشكال ).
 نعم بناءاً على مختارنا في باب الإطلاق تكون دعوى الإطلاق واضحة التأمُّل ، فانا ذكرنا فيما سبق ان شرط التمسك بالإطلاق هو استهجان الإطلاق لو فرض أن المراد الواقعي هو المقيَّد بحيث لو ظهر المتكلم وقال ان مرادي هو المقيَّد لاستهجن منه الإطلاق فلو استهجن منه الإطلاق صح التمسك به آنذاك ما دام يستهجن لو لم يقيِّد فمن عدم التقييد نستكشف الإطلاق ، أما إذا لم يُستَهجن الإطلاق لو كان المراد الواقعي هو المقيَّد ففي مثله لا يصحّ التمسك بالإطلاق لفرض عدم استهجانه عرفاً عند كون المراد واقعاً هو المقيَّد ، وقلنا انه بناءاً على هذا ربما تنهدم الكثير من الاطلاقات ومن ذلك الإطلاق في مقامنا ، فلو ظهر المتكلم وقال ان مرادي من هذا الإطلاق هو المقيَّد أي المرأة المتعارفة التي ليست متوانية عادةً وليس مرادي هو كل مرأة بما في ذلك المتوانية لا يستهجن منه الإطلاق ولا يقال له إذن لِمَ لمْ تُقيِّد ؟ فانه يتمكن أن يدافع عن نفسه ويقول ( لا حاجة للتقييد بعد أن كان ذلك هو المتعارف وقد اعتمدت عليه لأنه متعارفٌ ) وكثيراً ما نطلق كلامنا اعتماداً على الحالة المتعارفة ولا يستهجن مثل الإطلاق المذكور.
 إذن بناءاً على مختارنا يشكل التمسك بالإطلاق المذكور في موردنا ، بل لا يجوز لعدم استهجانه رغم كون المقصود واقعاً هو المقيَّد ، وأما على مختاره فلا محذور في التمسك بالإطلاق.
 يبقى شيء بالنسبة إلى عبارة المتن:- فقد ورد فيها هكذا ( إذا دخلت المرأة مكة وكانت متمكنة من أفعال العمرة ولكنها أخرتها إلى أن حاضت ) ان المناسب إضافة كلمة ( وأحرمت ) فتكون العبارة هكذا ( إذا أحرمت المرأة ودخلت مكة ) فالمفروض أنها محرمة وإلا إذا لم تكن محرمة فلا حج لها ولا عمرة وتعود إلى بلدها والقضية واضحة ولكن العامي قد يغفل عن مثل هذه النكات.
 وقال بعد ذلك ( الأحوط أن تعدل إلى حج الإفراد ولا بد لها من إعادة الحج في السنة القادمة ) ان قوله ( ولابد لها من إعادة الحج ) ليس جزءاً من متعلق الاحتياط ، أي لا يريد أن يقول ( الأحوط أمران الانتقال إلى الإفراد وإعادة حج في السنة الآتية ) كلا ليس هذا مقصوده بل المقصود هو أن إعادة الحج في السنة الآتية هو فتوى لا احتياط ، والاحتياط هو في العدول إلى حج الإفراد فقط ، فكان من المناسب - لأجل أن نتغلب على هذا أن نقدم ونؤخر في العبارة فنقول هكذا ( فالظاهر فساد عمرتها ولابد لها من إعادة الحج في السنة الآتية وان كان الأحوط إضافةً إلى ذلك أن تعدل إلى الإفراد ).


[1] الوسائل 11 296 21 أقسام الحج ح13.
[2] الوسائل 13 448 84 ابواب الطواف ح1.