32/12/26


تحمیل
 وحمل الشيخ الطوسي (قده) صحيحة محمد بن مسلم على طواف النافلة.
 إذن حينما قالت يبني على ما سبق حتى في حالة طرو الحيض عند إتمام الأشواط الثلاث أو قبل ذلك نحمله على طواف النافلة أما الطواف الواجب فنبقيه تحت تلك الروايات ، أي كما عليه المشهور.
 والسيد الخوئي(قد) [1] وافق الشيخ الطوسي(قده) في حمل الطواف في صحيحة محمد بن مسلم على طواف النافلة ، أما ما توجيه ذلك ؟ فان الطوسي لم يذكر وجهاً أما السيد الخوئي فقد ذكر وجوها ثلاثة:-
 الأول:- ان الطواف الواجب يبطل بالحدث الأصغر لو طرأ قبل النصف فيلزم بالأولوية بطلانه عند طرو الحدث الأكبر - وهو الحيض هنا - قبل النصف.
 الثاني:- بقطع النظر عن الأولوية نقول انه لو طرأ الحدث الأكبر - أعني الحيض - فسوف تنتظر المرأة إلى أن تطهر وأقل فترة هي ثلاثة أيام وعادة في هذه المدة يحصل الحدث الأصغر فيلزم من ذلك بطلان طوافها لأنه بالتالي قد تحقق الحدث الأصغر ، فإذا كنت ترفض الأولوية فيكفينا هذا المقدار.
 الثالث:- انه يعتبر التوالي بين الأشواط في باب الطواف ، وهنا يلزم من انتظار المرأة إلى أن تطهر حصول فاصل كثير بين ما سبق وبين ما يأتي من الأشواط والفاصل أقله ثلاثة أيام فيختل التوالي فيحكم بالبطلان إذ بالتالي يلزم حمل الطواف في صحيحة محمد بن مسلم على طواف النافلة.
 بيد أن هذه الوجوه الثلاثة هي كما ترى ، فان الجزم بالأولوية مشكل واحتمال أن الحدث الأصغر في خصوص المقام لا يؤثر تحققه قبل إتمام النصف لخصوصية في المورد ، والتوالي أيضاً لا يعتبر لخصوصية في المورد أي تصير الصحيحة مخصصة لعدم اعتبار التوالي أو لعدم تحقق الحدث الأصغر قبل النصف.
 والأجدر أن يقال:- تارة نبني على حجية الروايات الأربع من باب أنها أربع فبعضها يدعم بعضاً فيتولد الاطمئنان بصدور مضمونها وحقانيته خصوصاً بعد الالتفات إلى أنها مدعومة بعمل المشهور ، أو أن نبني على عدم حجيتها ، فان بنينا على حجيتها فسوف تتحقق المعارضة بينها وبين صحيحة محمد بن مسلم فان الروايات الأربع قد دلت على لزوم الإعادة لو طرأ الحيض قبل النصف بينما صحيحة محمد بن مسلم دلت على عدم لزوم الإعادة فتتحقق المعارضة ، ولكن تارة يقال ان هذه المعارضة ليست مستقرة فيمكن الجمع العرفي بحمل الروايات الأربع على الرجحان والأفضلية بقرينة صحيحة محمد بن مسلم فإنها صريحة بعدم لزوم الإعادة لو طرأ الحيض قبل النصف بينما الروايات الأربع ظاهرة في لزوم الإعادة فنحمل الإعادة على الرجحان والأفضلية والنتيجة تصير في صالح الشيخ الصدوق ، وعلى تقدير المعارضة المستقرة فيتساقطان ونرجع إلى الأصل العملي ومقتضاه في صالح الشيخ الصدوق أيضاً لأنّا نشك في اشتغال الذمة بالحج المقيد بعدم طرو الحيض في الطواف قبل إتمام النصف أو اشتغلت بالأعم والأوسع منه ؟ فننفي اشتغالها بخصوص هذا بمقتضى أصل البراءة . هذا كله إذا بنينا على حجية سند هذه الروايات.
 وأما إذا بنينا على عدم حجيتها فتبقى صحيحة محمد بن مسلم وحدها.
 إذن النتيجة على جميع التقادير الثلاثة في صالح الشيخ الصدوق(قده) وتكون واحدة أو متقاربة ، وأنا قلت متقاربة لأنها على إمكان الجمع فالأفضل هو الإعادة ، بينما على التقديرين الآخرين لا يثبت الاستحباب . هذا هو المناسب صناعياً.
 ولكن الأحسن من ذلك أن نقول بمقالة توافق الاحتياط - وهذا إذا يوقع لم الاحتياط المكلف كثيراً في المشقة - وذلك بأن نقول للمرأة:- إذا طرأ الحيض أثناء الطواف - من دون أن نفصل بين طروه قبل النصف أو بعده - فتنتظرين إلى حين الطهر والاغتسال وتأتين آنذاك بطواف واحد كامل بنيَّة الأعم من التمام والإتمام ، ففي هذه الطريقة سوف تحرز الواقع.
 نعم لو فرض أن الوقت لا يسع إلى أن تطهر وتغتسل قبل الموقف في عرفات فالمناسب هنا كونها بالخيار بين أن تأتي بالسعي والتقصير وتؤخر الطواف إلى ما قبل طواف الحج ويكون قضاءً وبين أن تنقل حجها إلى الإفراد. أما ما هو مستند هذا التخيير ؟ والحال أنه لا توجد رواية ناظرة حالة ما إذا طرأ الحيض أثناء الطواف والفترة لا تسع وإنما الرواية ثابتة فيما لو طرأ الحيض قبل الطواف ؟
 والجواب:- لا يحتمل وجود خصوصية لحالة الطرو قبل الطواف ، مضافاً إلى أنه بقطع النظر عن هذا يكفينا أن نقول ان أمرها لا يخلو من ذلك إذ لا يحتمل بطلان حجها رأساً ومع عدم الاحتمال المذكور يتعين دوران الأمر بين هذين وحيث لا معين لأحدهما بالخصوص فتكون بالخيار بينهما.نعم حيث أن المشهور بنوا على أن من طرأ عليها الحيض قبل الطواف تؤخر طواف العمرة إلى ما بعد منى فمن المناسب أن يكون هذا أرجح في المقام ، ولعله من هذه الناحية اقتصر السيد الماتن(قده) في عبارة المتن على هذا ولم يذكر الانتقال إلى الإفراد.
 إذن النتيجة من خلال هذا هي أن المناسب للمرأة إذا طرأ عليها الحيض أثناء الطواف الإتيان بطواف كامل بعد الطهر بنية الأعم من التمام والإتمام وإذا لم يكن في الوقت سعة فهي مخيرة بين الأمرين.
 يبقى شيء في عبارة المتن:- وهو أن السيد الماتن(قده) ذكر أوَّلاً رأي المشهور ثم ذكر رأيه بعده وهو وان الأحوط الإتيان بطواف أعم من التمام والإتمام ، وكان المناسب عدم الإشارة إلى رأي المشهور فان كتاب المناسك هو لعوام الناس وليس كتاباً درسياً وعلمياً ، فذلك يوجب طول المسألة والتشويش فكان عليه أن يقول ( إذا طرأ الحيض أثناء الطواف فالأحوط أن تأتي بعد الطهر والاغتسال بطواف كامل أعم من التمام والإتمام ...... ) ان هذا هو الأولى والأجدر . هذا كله على رأي السيد الماتن
 وأما على رأينا فقد اتضح أن المناسب هو البناء على ما سبق مطلقاً من دون تفصيل كما بنى عليه الشيخ الصدوق(قده) ، ولكن رغم ذلك الأحوط ما أشار إليه السيد الماتن(قده).


[1] المعتمد 4 314.