1441/05/05


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/05/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الديات

(مسألة 212): دية القتل في الأشهر الحرم عمداً أو خطأً دية كاملة وثلثها، وعلى القاتل متعمّداً مطلقاً كفّارة الجمع وهي عتق رقبة وصوم شهرين متتابعين وإطعام ستّين مسكيناً، وإذا كان القتل في الأشهر الحرم فلا بدّ وأن يكون الصوم فيها فيصوم يوم العيد أيضاً إذا صادفه(4) والكفّارة مرتّبة إذا كان القتل خطأً (5)

4- بحثنا هذه المسالة في مبحث الصوم وكان حاصل ما قلناه بانهم ذكروا بانه لا يجوز الشروع في الصوم المشروط فيه التتابع في زمان يعلم بتخلل العيد فيه واستثنوا من ذلك موارد منها كفارة القتل في الاشهر الحرم فقالوا بانه يجوز ان يصوم شهرين متتابعين وان علم بتخلل العيد، ورواية زرارة صريحة في الاستثناء قال : سألت أبا عبدالله (عليه‌ السلام) عن رجل قتل رجلا خطأ في أشهر الحرم؟ فقال : ((عليه الدية وصوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم.

قلت: إن هذا يدخل فيه العيد وأيام التشريق ، قال : يصومه فانه حق لزمه))[1]

فانها تدل على امرين

الاول: ان صوم شهرين متتابعين من الاشهر الحرم يستلزم وقوع العيد فيها وهذا واضح من سؤال السائل ومن جواب الامام (عليه السلام) وهذا استثناء مما اتفقوا عليه من عدم جواز الشروع في الصوم الذي يشترط فيه التتابع مع العلم بتخلل العيد

الثاني: وجوب صوم يوم العيد وهذا يستفاد من قول الامام (عليه السلام) ((يصومه فانه حق لزمه)) وهذا استثناء من حرمة صوم يوم العيد

وبناءً على العمل بهذه الصحيحة لا بد ان نلتزم بوجوب صوم شهرين متتابعين من الاشهر الحرم ويدخل في ذلك العيد فيجب صومه ولا يكتفى بصوم شهر منها ويوم من الاخر، اذ على القول بان التتابع يتحقق بصوم شهر ويوم من الاخر فلا ملازمة بين صوم شهرين متتابعين من الاشهر الحرم ودخول يوم العيد فيها والرواية ظاهرة في ان ذلك يستلزم دخول العيد فيها

ويظهر من السيد الماتن انه يحمل هذه الصحيحة على ما اذا اراد صوم شهرين بنحو يستلزم دخول العيد كما لو شرع في الصوم في منتصف ذي القعدة -بناءً على جواز التلفيق في الشهرين- مع انه بامكانه ان يصوم شهرين متتابعين من دون تخلل العيد بان يصوم شهر ذي القعدة ويوم من ذي الحجة

وهذا مرجعه الى منع الاستثناء الثاني المتقدم بمعنى ان التتابع يتحقق بصوم شهر ويوم من الاخر ولا يدخل فيه العيد، ولكن ظاهر نصوص المسالة سؤالاً وجواباً ان صوم شهرين متتابعين من الاشهر الحرم يستلزم دخول العيد فيهما بل ظاهر الرواية المفروغية عن هذا الامر

كما ان ظهور جواب الامام في ذلك واضح باعتبار انه لم يذكر بانه يمكنه ان يصومهما بدون ان يدخل فيهما العيد وانما قال (يصومه فانه حق لزمه) ومن الواضح بان صوم يوم العيد لا يكون حقاً لازماً اذا قلنا بجواز التتابع بالنحو المذكور في صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) عن قطع صوم كفارة اليمين وكفارة الظهار وكفارة القتل ، فقال : ((إن كان على رجل صيام شهرين متتابعين والتتابع أن يصوم شهرا ويصوم من الآخر شيئا أو أياما منه ، فإن عرض له شيء يفطر منه أفطر ثم يقضي ما بقي عليه ، وإن صام شهرا ثم عرض له شيء فأفطر قبل أن يصوم من الآخر شيئا فلم يتابع أعاد الصوم كله))[2]

ثم ان رواية زرارة قد عمل بها الشيخ الصدوق في المقنع والشيخ الطوسي في المبسوط والنهاية وابن حمزة في الوسيلة، خلافاً لغيرهم حيث اعترضوا على الاستدلال بها بامور

منها: ضعف سندها بسهل بن زياد في احد طرقها وبالارسال في طريق اخر وهو اشارة الىى رواية ابن ابي عمير عن ابان بن تغلب، الا انها مروية بطرق اخرى تامة كما في التهذيب والفقيه

ومنها: انها ساقطة عن الاعتبار لاعراض المشهور عنها، مع ان الادلة العامة تقول ان التتابع يتحقق بصوم شهر ويوم من الشهر الاخر فبالامكان صوم الشهرين من دون ان يقع العيد فيهما

وقد عرفت عمل الشيخ الطوسي والصدوق وابن حمزة وغيرهم بالرواية، ثم ان كثيراً ممن لم يعمل بها بين سبب تركها بانها ضعيفة اما بالارسال او بسهل بن زياد، ولو اطلعوا على الطرق الاخرى لزال هذا الاعراض، فعدم عملهم لا يشكل اعراضاً

ومنها ان الوارد في صحيحة الحلبي ((والتتابع أن يصوم شهرا ويصوم من الآخر شيئا أو أياما منه))

ولسانها لسان الحكومة على كل ما دل على صوم شهرين متتابعين، فلا بد من العمل بهذه الصحيحة في محل الكلام

وجوابه بان الحكومة وان كانت واضحة من لسان صحيحة الحلبي الا ان المدعى وجود رواية صحيحة تدل على عدم كفاية التتابع بهذا النحو في محل الكلام فلا بد من تخصيص هذا اللسان، وصحيحة زرارة تدل على عدم كفاية التتابع بهذه الكيفية باعتبار ما ذكرناه من انها ظاهرة في المفروغية عن ان صوم شهرين متتابعين من الاشهر الحرم يستلزم دخول العيد فيها، ولا معنى لهذا الاستلزام اذا قلنا بتحقق التتابع بصوم شهر ويوم من الاخر

ومن هنا يظهر ان هذا حكم استثنائي خاص بالقتل العمدي بمعنى انه لا بد ان يصوم شهرين متتابعين كاملين وان تخللهما العيد فانه يصومه لانه حق لزمه

5- الذي يدل على ذلك الاية الشريفة لانها تقول ((وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ ..... فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ)) غاية ما في الامر ان الاية لم تتعرض للاطعام الا ان هذا لا يشكل عقبة في الاستدلال فان النص والفتوى على ثبوت الاطعام مرتباً على عدم العتق والصوم فتكون الروايات مقيدة لاطلاق الاية، ويدل على هذا الحكم من الروايات

صحيحة عبدالله بن سنان ، قال : قال أبو عبدالله (عليه‌ السلام) : ((كفارة الدم إذا قتل الرجل مؤمنا متعمدا ، ـ إلى أن قال : ـ وإذا قتل خطأ أدى ديته إلى أوليائه ، ثمّ أعتق رقبة ، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين ، فان لم يستطع أطعم ستين مسكينا مدا مدا))[3]

كما تدل عليه رواية الزهري الا انها غير تامة سندا

وصحيحة أبي المغرا ، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) في الرجل يقتل العبد خطأ ، قال : ((عليه عتق رقبة ، وصيام شهرين متتابعين ، وصدقة على ستين مسكينا ، قال : فان لم يقدر على الرقبة كان عليه الصيام ، فان لم يستطع الصيام فعليه الصدقة))[4]

 


[1] وسائل الشيعة الباب3 من أبواب ديات النفس ح4.
[2] وسائل الشيعة الباب3 من أبواب بقية الصوم الواجب ح9.
[3] وسائل الشيعة: باب10 من أبواب الكفارات ح1.
[4] وسائل الشيعة الباب10 من القصاص في النفس ح4.