1440/08/03


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/08/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- بيع الفضولي– شروط المتعاقدين.

ولماذا لا تجري قاعدة من ملك في مقامنا ؟يعني نطبقها على هذا العبد المأذون ونقول له أنت اشتريت والدك بمال أي شخص منهم فحتماً لابد أن يقول أنا اشتريته ليس بأموال نفس الأب وإنما اشتريت أبي بأموال الغير ، فحينئذٍ نطبق قاعدة من ملك شيئاً ملك الاقرار به.

ولكن نجيب ونقول:- إنَّ المفروض أنَّ هذا العبد المأذون وكالته في شراء الأب كانت من الذي دفع إليه الألف دينار ثم مات فهنا كالته قد انتهت وبعد انهاء وكالته بسبب موت صاحب الألف فلا يعود لكلامه قيمة ، يعني هذا نظير ما إذا انتهت عدة المرأة ثم يأتي الزوج أنا رجعت في العدَّة فهذا لا يقبل منه لأن مورده قد انتهى وموردنا من هذا القبيل فإنَّ هذا العبد المأذون صحيح أنه قد كلف بشراء عبد ولكن هذه الوكالة قد انتهت بموت ذلك الدافع وبعد انتفائها وانتهاء أمدها لا يعود حينئذٍ لكلامه قيمة فلا يمكن تطبيق قاعدة من ملك شيئاً ملك الاقرار به فإنَّ هذا ليس موردها.

والخلاصة:- اتضح من كل ما ذكرناه أن استصحاب بقاء الأب على الرقية الذي استند إليه الامام عليه السلام وحكم بأنه يرجع رقاً هذا يبقى فعّالاً لأنَّ الذي يقف أمامه إما قاعدة الصحة أو قاعدة من ملك شيئاً ملك الاقرار به وقد عرفنا أنَّ الاثنين لا مجال لهما فحينئذٍ يكون الاشكال على الرواية من هذه الناحية مندفع.

الاشكال الثاني الذي قد يورد على الرواية وانها مخالفة لقاعدة:- وهو أنَّ الامام عليه السلام قال قد مضت الحجة حيث قال ( الحجة قد مضت ويرجع إلى الرقية ) ، والسؤال هو أنه إذا رجع إلى الرقية فيكف تكون الحجة ماضية ونحن نعرف أن شرط صحة الحج إذن المولى ، ومولى الأب في المقام هو الذي اشتُرِيَ منه هذا العبد ، فإنَّ العبد المأذون ذهب واشترى أباه من شخصٍ فهذا الأب يرجع رقاً إلى هذا الشخص ، فإذا رجع له فهو لم يأذن بالحج فكيف يقع الحج صحيحاً والحال أنَّ المولى لم يأذن به وشرط صحة الحج من العبد إذن المولى ، هذا إشكال قد يصعب دفعه فماذا نصنع ؟ ، وربما أشكل بإشكالات أخرى ولكن نحن نكتفي بهذين الاشكالين.

قد يقول قائل:- مادامت الرواية تشتمل على هذه الاشكالات فنتوقف عن العمل بها.

ولكن نقول:- إنَّ هذا كلام ليس بصحيح ، فإنَّ عدم القدرة على دفع الاشكال لا يوجب سقوط الرواية عن الحجية ، فنحن لابد وأن نأخذ الأحكام تعبداً وليس شرط الأخذ بالرواية أن لا تخالف قاعدة من القواعد ، إنَّ هذا كلام كنّا نسمعه من القدماء كابن إدريس أو غيره ، ولكن هذا كلام مرفوض أشد الرفض ، فإذاً نقول إنَّ هذه الرواية وإن كانت مخالفة لقاعدة ولكن هذا لا يوجب التوقف عن العمل بها فنأخذ حينئذٍ بها ، وهكذا ينبغي أن يكون خطنا العام مع الروايات ، يعني حينما توجه رواية لا ينبغي لك أن تقول إنَّ هذه الرواية مخالفة للقاعدة من هنا أو هناك ، بل افترض أنها مخالفة للقاعدة ولكن أنت لابد وأن تنصاع إليها وإن خالفت القاعدة ، أجل إذا فرض أنَّ الرواية اشتملت على حكمٍ من المسلّم رفضه كما إذا فرض أنها اشتملت على جواز الزواج بالمحارم فهذا لا يمكن قبوله فهنا رفض الرواية يكون صحيحاً ، ولكن مادامت لا تبلغ هذا المبلغ فالرواية يلزم الأخذ بها.

والنتيجة:- إنَّ كل رواية نواجهها ليس من المهم أن ننظر إلى أنها مخالفة للقواعد أو غير مخالفة فإنَّ هذه النظر باطلة إلا إذا اشتملت على شيء لا يمكن قبوله ، وذاك ليس موجود عندنا تقريباً.

ولعلك تقول:- إذاً لماذا تكلمنا عن هذه المخالفات وحاولنا ردها ؟

والجواب:- إننا كنّا نريد أن نتعلم النكات ، وإلا فالنتيجة النهائية أنَّ الرواية يلزم الأخذ بها رغم مخالفتها للقاعدة إذا كانت تامة السند ، أما إذا لم تكن تامة السند فهذه سالبة بانتفاء الموضوع.

هذا من حيث دلالة الرواية وقد اتضح أنه يمكن الأخذ بها والاستدلال بها على صحة عقد الفضولي بالاجازة ، أما هذه الاشكالات التي أوردت عليها فحتى لو لم نتمكن من دفعها فإنها لا تقف حائلاً دون حجيتها.وبهذا انتهينا إلى أنَّ الرواية من حيث الدلة لا بأس بها على صحة بيع الفضولي بالاجازة ، وأما اشتمالها على ما يخالف القاعدة فليكن ذلك فإنَّ مخالفة الرواية للقاعدة لا يبرر رفع اليد عنها.

أما من حيث السند:- فقد مرّ بنا وهو:- ( الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد عن ابن محبوب عن صالح بن رزين عن ابن أشيم عن أبي جعفر) ، وطريق الشيخ إلى الحسين بن سعيد لا مشكلة فيه ، والحسين من أجلّة أصحابنا ، وكذلك ابن محبوب هو من أجلة أصحابنا ، إنما المشكلة في صالح بن رزين وابن أشيم فإنه لا يوجد في حقهما توثيق ، إلا بناءً على وثاقة كل من ورد في أسانيد كامل الزيارات أو من هذه المسالك الأخرى ، فإذاً الرواية محل إشكال من حيث السند.

ولكن نقول شيئاً:- وهو أنَّه أحياناً قد تكون الرواية محل تأمل من حيث السند ولكن عند قراءتها تجد أنها مرتَّبة بحيث يحصل الوثوق بصدورها ، كبعض الأشخاص فإنه يأتي وينقل لنا خبراً ونحن لا نعرف هذا الشخص ولكن الخبر كان مرتَّباً ، فإذا حصل وثوق فحينئذٍ نأخذ بخبره ، وهنا ربما يقال إنه حينما نقرأ الرواية نجد أنها مرتَّبة في صياغتها وفي مضامينها فيحصل الوثوق بصدورها ، فإذا حصل الوثوق بصدورها فحينئذٍ ترتقي إلى مستوى الحجية ، ولكن يبقى هذا المطلب قضية شخصية وفيه مجال للأخذ الرد ، وهذه قضية ينبغي الالتفات إليها في مطلق الروايات.

فإذاً نحن لا نشترط في حجية الرواية أن تكون صحيحة السند ، بل الحجية تدور مدار إما أن تكون الرواية صحيحة السند ، وإما أن يفترض أنه يحصل الوثوق بصدورها وحقانيتها.