1440/04/01


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

40/04/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أقسام الصوم المحظور/صوم العيدين

 

توجد ملاحظات على ما ذكره السيد الخوئي (قده) من اشكالات على الاستدلال بموثقة عبدالرحمن بن أبي عبدالله البصري:-

 

الملاحظة الأولى: على كلامه (قده) من أن الموثقة لم تذكر أن الإحتياط يكون من جهة ترك العبادة، وبما أن المذكور في صدرها هو السؤال عن الوطئ والطواف فليحمل الإحتياط عليهما، بأن تترك المرأة ممارسة كل من الفعلين

بيانها: ان الإمام (عليه السلام) قال في جواب السائل: (تقعد قرؤها ...)، والقعود عن القرء -في حد نفسه وبغض النظر عن هذه الرواية- ينصرف إلى الصلاة بأن تتركها في حيضها، لأن ترك الصلاة أثر بارز بالنسبة إلى الحيض، لكن في خصوص هذه الرواية لا ندعي الإنصراف ، لأن السؤال فيها وقع عن غير الصلاة، لكن هذا لا يمنعنا من الإلتزام بشمول جوابه (عليه السلام) للصلاة بل نقول ان القدر المتيقن من القعود في ايام الحيض هو القعود عن الصلاة.

هذا و قد قلنا سابقاً أن عدول الإمام (عليه السلام) إلى هذا التعبير بدل أن يصرح بمسألة الطواف والوطئ قد تكون فيه إشارة إلى الشمول للصلاة.

فدعوى عدم شمول الجواب للصلاة فيه من البعد ما لا يخفى

 

الملاحظة الثانية: على كلامه (قده) من أن فقرة (ولتغتسل ولتستدخل كرسفاً ... ثم تصلي) لا تدل على أنّ هذه الأمور إنما تكون بعد الإحتياط بيوم أو يومين، حتى يستفاد منها أن الإحتياط ناظر إلى الصلاة فتكون ممنوعة من الصلاة في اليوم او اليومين من باب الاحتياط ، وبالتالي تستكشف من ذلك الحرمة الذاتية، بل يلائم أن تكون هذه الأمور في نفس ذلك اليوم أو اليومين، بأن تغتسل وتستدخل كرسفاً وتصلي فيهما، فلا تدل الرواية على حرمة الصلاة في أيام الإستظهار

بيانها: ان لازم ما ذكره هو أن تكون هذه العبارة بياناً لكيفية الإحتياط المأمور به، وأن يكون العطف عطفاً تفسيرياً على ما قبله وهو الإحتياط، وهذا مخالف للظهور الأولي للعبارة، لأن الظهور الأولي لها يقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه.

و نحن لا نريد أن نستفيد من الواو الترتيب الزماني حتى تكون هذه الأمور المذكورة في الرواية بعد الإحتياط، بل نريد القول بأن ظاهر الواو هو المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه، وبالتالي الإحتياط يكون مغايراً لما ذكر بعده في الرواية. وكون الواو للتفسير يحتاج إلى مؤنة.

 

الملاحظة الثالثة: على كلامه (قده) من ان ذيل الرواية (وكل شئ استحلت به الصلاة فليأتها زوجها ولتطف بالبيت) قرينة على ان الاحتياط ناظر إلى الطواف والوطء الواردين في سؤال السائل، ولا يشمل الصلاة

بيانها: انه يمكن التشكيك فيما ذكره باعتبار ان اختصاص الحكم بهذين الامرين لورودهما في سؤال السائل، وهذا لا يعني عدم شمول الاحتياط للصلاة،

على انه يفهم من نفس العبارة (وكل شئ استحلت به الصلاة) الترخيص في الصلاة حيث يفهم من هذه العبارة ان الترخيص في الوطء والطواف فُرض فيه حلية الصلاة، وهذا ما يشعر بان الصلاة لم تكن حلالاً قبل ذلك، وحينئذ لا يمكن القول ان هذا الاحتياط لا يشمل الصلاة.

الملاحظة الرابعة: على كلامه (قده) من ان الرواية امرت بالاحتياط بترك الطواف من جهة انه واجب موسع، وكأنه يريد ان يقول لعل الطواف اذا كان واجباً مضيقاً لا يأمر الامام عليه السلام بتركه احتياطا لكي يستفاد من ذلك الحرمة الذاتية.

بيانها: انه لا قرينة عليه بل لعله خلاف اطلاق الرواية، ولو من جهة ترك الاستفصال في مقام الجواب، فالإطلاق يقتضي ترك جميع اقسام الطواف[1] .

وهناك دعوى على ما يظهر من المستمسك حاصلها ان المراد من الطواف في الرواية ما يلزمه من دخول المسجد الحرام، وكأن الاحتياط ليس بترك الطواف بما هو طواف وإنما بترك الدخول في المسجد الحرام، ومن هنا قال السيد الحكيم (قده) ان الرواية غير ناظرة إلى العبادة، وإنما ناظرة إلى الامور المحرمة الاخرى كالوطء ودخول المساجد.

ويجاب عنه انه لا قرينة عليه، فاحتمال النهي عن الطواف بما هو طواف ثابت ايضاً، مع انه يحتمل ان يكون النهي بلحاظ كلتا الجهتين (الطواف بما هو _ وبما انه يستلزم دخول المسجد الحرام).

الملاحظة الخامسة: على كلامه (قده) حول فقرة (فإن كان قرؤها مستقيما فلتأخذ به ، وإن كان فيه خلاف فلتحتط بيوم أو يومين) حيث انه فسر الخلاف في القرء بغير مستقيمة العادة و هي لا تخلو اما ان تكون ناسية او مبتدئة او مضطربة ثم قال و لا يجب عليهن الاستظهار كما ثبت في محله ،

بيانها : ان الذي يفهم من هذه الفقرة _مع الأخذ بعين الاعتبار ان اسم كان هو الضمير الراجع الى كلمة قرؤها في الجملة السابقة _ انها تتكلم عن امرأة لها قرء (عادة)، و هي تعلم بقرئها لكن فيه اختلاف

و هي لا تشمل المبتدئة اذ المبتدئة لا قرء لها بل شمولها للناسية ايضا غير واضح اذ الناسية لا تعلم بقرئها فكيف تكون العبارة منطبقة عليهما نعم انطباقها على المضطربة ممكن و هي _كما عبروا عنها_ التي يتكرر منها رؤية الدم و لا تستقر لها عادة _و ان كان صاحب الحدائق [2] ذكر بان المقصود بها ليس المضطربة بل المقصود بها ذات العادة التي يتقدم حيضها بيوم او يتأخر بيوم فيمكن الاستدلال بها عندئذ _غاية الامر ان المضطربة ثبت بالادلة انه لا يجب عليها الاستظهار فانه بقطع النظر عن الادلة حتى اذا فرضنا ان هذه العبارة تشمل المضطربة بالتالي يمكن الاستدلال بها على الحرمة الذاتية اذ لا ينافي الشمول الاستدلال بالرواية .


[1] المضيق والموسع والمستحب والواجب ... الخ.
[2] على ما نقل عنه السيد الخوئي (قده) عنه.