39/07/06


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

39/07/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- اشتراط التطابق بين الايجاب والقبول - مسألة ( 50 ) - المكاسب المحرّمة.

كلام للسيد الخوئي(قده):-ذكر السيد الخوئي(قده) من ناحية العقد لازم من ناحية الثمن وأجزائه والمثمن وأجزائه وإذا كانت توجد أشياء أخرى فأيضاً يلزم التطابق ولكن هناك شيء لا يلزم بلحاظه التطابق وهو الشرط ، فلو فرض أنَّ البائع قال ( بعتك الكتاب بدينا وقال المشتري قبلت ذلك بشرط أن تخيط لي ثوباً ) ففي مثل هذه الحالة لا يوجد تطابق بين الايجاب والقبول من حيث الشرط فحينئذٍ هذا لا يضر بصدق العقد والمعاقدة ، وحينئذٍ إذا رضي الطرف بهذا الشرط فبها ولا مشكلة وإذا لم يرض فسوف يقع باطلاً من جهة أنه لا قبول ولا رضى ، فعلى هذا الأساس التطابق بين الايجاب والقبول من ناحية الشرط ليس بلازم وإنما هو لازم من النواحي الأخرى.

ولتوضيح الفكرة أكثر نقول:- إن فرض أنَّ الاختلاف كان في الثمن أو المثمن فالعقد باطل من الأساس ولا يكفي الرضا بل لابد من اعادة العقد من جديد ، وهذا بخلافه فيما إذا كان الاختلاف في الشرط ، فإذا قال البائع لا أقبل بالشرط فلا حاجة إلى اعادة الايجاب والقبول من جديد بل يكفي أن يقول المشتري أو البائع رضت أو أسقطت حقي فهنا لا نحتاج إلى اعادة الايجاب والقبول.

وما هو الفارق بين الثمن والمثمن يحتاج إلى عادة العقد من جديد وبين الاختلاف في الشرط فيكفي الرضا بلا حاجة إلى اعادة العقد من جديد ؟

ذكر في وجه ذلك:- إنه في باب الشرط إلى ماذا يجع الشرط ؟ إنَّ مرجع الشرط هو إلى التعليق لكنه ليس تعليقاً للعقد وإنما هو تعليق للالتزام بالعقد ، وما الفرق بين التعليق للعقد وبين التعليق للالتزام بالعقد ؟ إذا كان التعليق يرجع إلى الالتزام فهذا بعبارة أخرى أنَّ التزامي متعلّق على تحقق الشرط فإذا لم يكن هناك شرط لا التزام عندي ، يعني لي حق الفسخ ، فمرجه إلى أني أجعل لنفسي حقّ الفسخ ، بخلافه فيما إذا أرجعناه إلى أصل العقد يعني إذا لم يتحقق الشرط فالعقد يكون باطلاً من أساسه لا أنه مرجعه إلى جعل الخيار وتعليق الالتزام بالعقد .

وما هو الصحيح فهل الشرط يرجع إلى نفس العقد أو إلى الالتزام بالعقد ؟

يقول:- الصحيح أنَّ الشرط يرجع إلى الالتزام دون أصل العقد ، إذ يوجد اجماع بين الفقهاء على أنَّ ذات العقد لا يقبل التعليق فإنَّ التعليق في العقود مبطل وهذه قضية تعبّدية ، فإذا كان باطلاً فنرجع الشرط لا إلى العقد وإنما إلى الالتزام ، وبناءَّ على هذا سوف يكون العقد ليس بمختلف وإنما يكون واحداً لأنَّ الشرط ليس تعليقاً لأصل العقد فالعقد يكون قائماً بالثمن والمثمن فالعقد صادق غايته التزامي مشروط بهذا الشرط ويمكنني أن أسقط حقي فحينئذٍ أصل العقد يكون صحيحاً ولا يحتاج إلى الاعادة ، وهذا بخلافه لو كان الاختلاف في الثمن والمثمن فإنهما دخيلان في أصل العقد ، فإذا فرض أنه لم يحصل توافق فلابد من اعادة العقد من جديد على ما يتوفقان عليه ولا ينفع العقد السابق.

وقبل أن نقرأ عبارته نذكر فائدة:- وهي أنَّ السيد الخوئي(قده) من طريقته أنه لا يعتني للاجماعات - يعني يشكك فيها - ولكن توجد بعض موارد يعتمد فيها على الاجماع ، والذي في ذهني أنه يوجد موردان أحدها هذا المورد - وهو أنَّ أصل العقد لا يقبل التعليق - فإنَّ مدركه منحصر بالإجماع ، فهو قبل الاجماع هنا ورتّب عليه النتيجة فقال إنَّ العقود لا تقبل التعليق للاجماع ، والمورد الثاني هو أنَّ الغرر مبطل للبيع ، وما هو مدرك ذلك ؟ ، توجد رواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهي تارة تنقل بلسان: ( نهى البني عن بيع الغرر ) ، وتارة تنقل بلسان: ( نهى النبي عن الغرر ) ، وهي قد نقلت في مصادرنا الحديثية كالوسائل ولكن صاحب الوسائل(قده) نقلها عن العلامة في التذكرة ، وهذه قضية يلزم الالتفات إليها فأنَّ صاحب الوسائل قد تكون مصادره أحياناً فقهية ، فهو أخذها من العلامة ولكن العلامة ذكرها مرسلة ، فإذن لا يوجد مستند غير الاجماع حيث اعتمد عليه في أنَّ الغرر لا يدخل لا أقل في البيع أما بقية المعاملات فهذه قضية ثانية ولكن القدر المتيقن في البيع.

هذان موردان لا على سبيل الحصر ، بل ربما توجد موارد أخرى يتمسك فيها بالاجماع ، قال(قده):- ( الظاهر أنَّ التطابق في الشروط غير معتبر في صحة العقد لأنَّ الشرط لا يرجع إلى نفس العقد واصل البيع بحيث لا بيع في صورة تخلف الشرط لأنه باطل لا محالة للاجماع على نطلان التعليق في العقود ..... فالشرط راجعٌ إلى الالتزام بالعقد ومعناه جعل الخيار لنفسه على تقدير عدمه ..... وكيف كان فالشروط خارجة عن المعاملات والبيع وعليه فإذا قبله المشتري مجرّداً عن الشرط فقد تطابق قبوله للإيجاب وتمت المعاملة فإن رضي البائع حينئذٍ برفع اليد عمّا جعله لنفسه من الخيار على تقدير تخلّف الشرط فالمعاملة صحيحة ولا يلزمه عادة الايجاب والقبول نعم لو لم يرض برفع اليد عن الاشتراط وفسخ فالبيع باطل )[1] .

وقبل أن نعلّق نقول:- هنا يصرّح(قده) بأنَّ الاختلاف في الشرط لا يضر بتطابق العقد فإنه خارج عن العقد ، بينما عبارة المتن في مسألتنا يقول فيها يشترط التطابق بين الايجاب والقبول حتى من ناحية الشرط ، أوليس هذا تهافتاً بين ما هو موجود في المنهاج وبين ما هو موجود في التنقيح ؟ فإنه قال في المنهاج: ( مسألة 50:- الظاهر اعتبار التطابق بين الايجاب والقبول في الثمن والمثمن وسائر التوابع فلو قال بعتك هذا الفرس بدرهم شرط أن تخيط قميصي فقال المشتري اشتريت هذا الحمار بدرهم أو هذا الفرس بدينار أو بشرط أن أخيط عباءتك او بلا شرط ..... لم يصح العقد ) ، فإذن هنا يقول لا يصح العقد إذا لم يقبل بالشرط ، فكيف قال في التنقيح إنَّ الشرط ليس دخيلاً في العقد ولا يضر التطابق من ناحيته ؟

والجواب:- إنه يقصد فيما ذكره في التنقيح أنه لو بقي الطرف مصرّاً على الشرط ولم يسقطه ولكن الطرف الآخر رفض الشرط ولم يقبل به فهنا يبطل العقد ، فهو يريد بيان هذا المطلب ، نعم إذا فرض أنه رضي بالشرط أو رضي بإسقاطه فلا يحتاج حينئذٍ إلى عادة العقد من جديد ، فإذن لا تنافي بين المطلبين.


[1] التنقيح في شرح المكاسب، الخوئي، تسلسل36، ص222- 223.