39/04/14

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

39/04/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- التجري

الوجه الخامس:- رواية حبابة الخالدية التي رواها الشيخ الكليني.[1] وهي:- ـ محمد بن يعقوب ، عن علي بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ، عن أحمد بن القاسم العجلي ، عن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن خداهي[2] ، عن عبدالله بن أيوب ، عن عبدالله بن هاشم (هشام) ، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي ، عن حبابة الوالبية قالت : رأيت أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في شرطة الخميس ومعه دِرة لها سبابتان يضرب بها بياعي الجري والمارماهي ، والزمار ، ويقول لهم : يا بياعي مسوخ بني إسرائيل ، وجند بني مروان ، فقام إليه فرات بن أحنف فقال : يا أمير المؤمنين وما جند بني مروان ؟ قال : فقال له : أقوام حلقوا اللحى وفتلوا الشوارب فمسخوا ، الحديث).[3]

ولتقريب الدلالة على حرمة حلق اللحية نقول:- ان الحديث دل على ترتب المسخ على حلق اللحية ، وهذا يدل على حرمة الحلق والا لما مسخوا ولما عذبوا هذا العذاب الشديد ، اذن المسخ يدل على حرمة الفعل الذي صدر منهم والا لما مسخوا.

ويرد عليه:- ان من الممكن ان يكون ترتب المسخ ليس على كل واحد من الاثنين بانفراده ، يعني على الحلق بانفراده وعلى فتل الشارب بانفراده وانما يكون ترتب المسخ على المجموع المركب ، وبناء عليه فان غاية ما يثبت به هو حرمة المجموع يعني حلق اللحية المنضم الى فتل الشارب ، ولا يثبت بذلك ان حلق اللحية وحده يكفي للحرمة ، فان المحرم حلق اللحية بقيد فتل الشارب.

ان قلت:- عادة حينما يقال يحرم كذا يفهم انه هذا حرام وهذا حرام ، لا ان المجموع بقيد المجموع هو الحرام؟

قلت:- نعم نسلم ذلك لو تم هذا ، ولكن مقامنا ليس من ذلك فان الرواية لم تقل يحرم حلق اللحية وفتل الشارب والا يمسخ الفاعل او لم تقل لا تحلق ، اذن نحن نسلم لو كانت بلسان التحريم او بلسان النهي فليس من البعيد قد يستفاد ان كل منهما محرم ، ولكن المفروض في الرواية انه لا يوجد تحريم ولا نهي وانما الموجود (أقوام حلقوا اللحى وفتلوا الشوارب فمسخوا) أي الاثر الوضعي وهو المسخ كان الى هذا العمل ، اذن لا يوجد تحريم ولا يوجد نهي حتى نطبق هذا المعنى الذي تفضلت به ، ومن المحتمل ان المركب بقيد التركيب هو الموجب لذلك ويكفينا وجود الاحتمال وحينئذ لا يوجد ظهور في الامرين فتكون الرواية مجملة لا يمكن التمسك بها لإثبات حرمة الحلق بمجرده.

وربما يضاف الى ذلك هو ان هذا الحديث ناظر الى الامم السالفة والكلام هو في شريعتنا ولا ينفعنا ما ثبت في الشريعة السابقة.

وربما يجاب عنه:- فيقال ان الرواية دلت على الذم ، وإثبات الذم ظاهر في ان المقصود هو الذم الفعلي لا الذم بلحاظ ما مضى فقط ، بل الذم بلحاظ الان فيثبت بذلك المطلوب.

ويمكن دفعه بان يقال ان الرواية لا يستفاد منها الذم وانما يستفاد منها الذم على بيع الجري و و و الخ ، أما ذم حلق اللحية وفتل الشارب فلا يستفاد منها.

نعم يبقى شيء وهو ان يتمسك بالاستصحاب بان يقال ان هذا كان ثابتا في الامة السالفة وباستصحاب عدم النسخ ـــــ بناء على جريان استصحاب احكام الشرايع السابقة كما هو ليس ببعيد ــــ يثبت هذا الحكم في زماننا ايضا ، اذن على هذا الاساس اذا ثبتت حرمة حلق اللحية من خلال المسخ في الامة السالفة فاذا شككنا في ان هذا الحكم موجود او ليس بموجود الآن فباستصحاب حكم الشريعة السابقة يثبت التحريم في شريعتنا.

 

اذن من خلال ما ذكرناه اتضح ان الجواب المناسب هو يقال ان المسخ لعله كان مترتب على المجموع المركب وبناء عليه حتى الاستصحاب لا ينفعنا في اثبات التحريم في شريعتنا.

هذا كله من حيث الدلالة وقد اتضح ان الرواية يمكن التمسك بها.

واما من حيث السند فهي تشتمل على بعض المجاهيل من قبيل محمد ابن خداهي واحمد ابن يحيى وغيرهم ايضا.

ولكن قد يتغلب على هذه المشكلة وما شاكلها في خصوص كتاب الكافي بوجهين.

الاول:- ان الشيخ الكليني (رحمه الله) في مقدمة الكتاب ذكر ما نصه(وقلت انك تحب ان يكون عندك كتاب الكافي .... ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام وقد يسر الله وله الحمد تأليف ما سالت) ان هذه العبارة تدل على ان الشيخ قد كتب المقدمة بعد ان أنهى كتاب الكافي لا أنه مجرد شرط شرطه على نفسه وبعد ذلك ربما تراجع عملا عنه ،فانه قال (لقد يسر الله) وهذا يعني انه حصل ، وايضا يوجد في العبارة شيء ( ووسعنا قليلا كتاب الحجة) هذا معناه انه تم تأليف كتاب الحجة ثم يقول توسعنا فيه بخلاف بقية الكتب لم يتوسع فيها ، اذن هو كتب هذه المقدمة بعد ان أنهى تأليف الكتاب وقد ذكر فيها هذا المعنى ، اذن جميع هذه الاثار هي صحيحة بشهادة الشيخ الكليني وهذه شهادة أثبتها بعد ان انهى الكتاب لا من الاول.

الثاني:- من البعيد ان يقال ان هذا الكتاب الذي كان موجودا في زمان السفراء الاربعة لم يعرض عليهم وبالتالي لم يعرض على مولانا ارواحنا له الفداء ، اذن على هذا الاساس هو معروض عليهم وعلى المولى فبالتالي يكون ممضى بهذا البيان ، ولا نقصد من وراء هذا تصحيح الدعوى القائلة (الكافي كاف لشيعتنا) لأنها لا سند لها وان كانت معروفة ، وانما يراد التمسك بانه كان يعيش في هذا الزمان فلابد انه عرض عليهم وامضي واذا لم يمضى لاشتهر ، اذن هذا يدل على صحة كل ما هو موجود في هذا الكتاب.


[1] الکافی، الشیخ الکلینی ج1، ص347، ط - ط الاسلامیة. ( هذه الرواية لها تتمة لم يذكرها صاحب الوسائل وهي لا شاهد فيها. وتمام ما جاء في الكافي هكذا.# علي بن محمد، عن أبي علي محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، عن أحمد بن القاسم العجلي، عن أحمد بن يحيى المعروف بكرد، عن محمد بن خداهي، عن عبدالله بن أيوب، عن عبدالله بن هاشم، عن عبدالكريم بن عمرو الخثعمي، عن حبابة الوالبية قالت: رأيت أمير المؤمنين عليه السلام في شرطة الخميس ومعه درة لها سبابتان يضرب بها بياعي الجري والمارماهي والزمار ويقول لهم: يا بياعي مسوخ بني إسرائيل وجند بني مروان، فقام إليه فرات بن أحنف فقال: يا أمير المؤمنين وما جند بني مروان؟ قال: فقال له: أقوام حلقوا اللحى وفتلوا الشوارب فمسخوا فلم أر ناطقا أحسن نطقا منه، ثم أتبعته فلم أزل أقفو أثره حتى قعد في رحبة المسجد فقلت: له يا أمير المؤمنين ما دلالة الامامة يرحمك الله: قالت: فقال ائتيني بتلك الحصاة وأشار بيده إلى حصاة فأتيته بها فطبع لي فيها بخاتمه، ثم قال لي: يا حبابة ! إذا ادعى مدع الامامة، فقدر أن يطبع كما رأيت فاعلمي أنه إمام مفترض الطاعة، والامام لا يعزب عنه شئ يريده، قالت ثم انصرفت حتى قبض أمير المؤمنين عليه السلام فجئت إلى الحسن عليه السلام وهو في مجلس أمير المؤمنين عليه السلام والناس يسألونه فقال: يا حبابة الوالبية فقلت: نعم يامولاي فقال: هاتي ما معك قال: فأعطيته فطبع فيها كما طبع أمير المؤمنين عليه السلام، قالت: ثم أتيت الحسين عليه السلام وهو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فقرب ورحب، ثم: قال لي: إن في الدلالة دليلا على ما تريدين، أفتريدين دلالة الامامة؟ فقلت: نعم يا سيدي، فقال: هاتي ما معك، فناولته الحصاة فطبع لي فيها، قالت: ثم أتيت علي بن الحسين عليهما السلام وقد بلغ بي الكبر إلى أن أرعشت وأنا أعد يومئذ مائة وثلاث عشرة سنة فرأيته راكعا وساجدا و مشغولا بالعبادة فيئست من الدلالة، فأومأ إلي بالسبابة فعاد إلي شبابي، قالت: فقلت: يا سيدي كم مضى من الدنيا وكم بقي؟ فقال: أما ما مضى فنعم، وأما ما بقي فلا، قالت: ثم قال لي: هاتي ما معك فأعطيته الحصاة فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا جعفر عليه السلام فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا عبدالله عليه السلام فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا الحسن موسى عليه السلام فطبع لي فيها، ثم أتيت الرضا عليه السلام فطبع لي فيها.وعاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر على ما ذكر محمد بن هشام
[2] - او حداهي من دون نقطة.