38/08/04


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/08/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- زكاة الفطرة.

تحصل مما ذكرنا ان المستفاد من جميع الروايات الواردة في تحديد الفطرة هو صاع من طعام او صاع من قوت او صاع من غذاء فهذه العناوين الثلاثة مذكورة في الروايات ايضا ، فإذن المناط انما هو بهذه العناوين الثلاثة فكلما يصدق عليه عنوان الغذاء او عنوان القوت او عنوان الطعام يجوز ان يعطي الفطرة منه وعلى هذا فلا شبهة في ان هذه العناوين الثلاثة يصدق على الدقيق وعلى الخبز وعلى سائر مشتقات كل شيء ، اذن الواجب اعطاء صاع من كل ما يصدق عليه عنوان الطعام فهو يجزي عن الفطرة او عنوان الغذاء كما ورد في صحيحة زرارة وابن مسكان.

وبقي هنا شيء وهو ما ورد في صحيحة عمر ابن زيد فقد ورد في هذه الصحيحة (يعطي الفطرة من الدقيق مكان الحنطة قال عليه السلام لا باس) ثم قال يكون أجر طحنه بمقدار ما بين الحنطة والدقيق من التفاوت في القيمة فبطبيعة الحال قيمة الدقيق اكثر من قيمة الحنطة وكذلك الحال بين الخبز وبين الحنطة ولكن فسر هذا الحديث السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) على ما في تقرير بحثه بان المراد من هذا الحديث هو ان المكلف اذا قام بطحن صاع من الحنطة فبطبيعة الحال يصير المطحون والدقيق الخالص ثلاثة ارباع الصاع وربع الصاع يتلف في الطحن فاذا اعطى ثلاثة اربع الصاع من الدقيق بدل الحنطة فهو يجزي لان أجر طحنه يحتسب بدلا عن هذا النقص وهذا الذي افاده شبيه بالأكل من القفا فان المالك اذا كان عنده حنطة يعطي فطرته صاع من الحنطة اما اذا قام بطحنه اولا ثم يعطي فطرته من الدقيق بهذا الطريق هذا اكل من القفا فاذا كان عنده حنطة فعليه ان يعطي فطرته صاع من الحنطة اما اذا كان عنده دقيق فعليه ان يعطي صاع من الدقيق فطرته وان كان اكثر من صاع من الحنطة ولكن اجر طحنه يقع على المالك فان المالك اما ان لا يكون الحنطة او الشعير موجودا عنده او كان موجودا ولكن لا يريد ان يعطي فطرته وفطرة عياله من الحنطة او الشعير فليقوم بإعطاء فطرته وفطرة عياله من الدقيق ومن الطحين ولكن اجر الطحن يقع على المالك هذا هو ظاهر الرواية فان ظاهر هذه الصحيحة اذا اعطى ولو كان بعنوان البديل عن الحنطة لابد ان يكون بمقدار صاع فان الفطرة لا تكون اقل من صاع من أي طعام كان ومن أي جنس من اجناس الغذاء فلا يمكن ان يكون اقل من صاع فلا محالة يكون بمقدار صاع فاذا اعطى دقيقا فلابد ان يعطي صاع من الدقيق وان كان اكثر من صاع من الحنطة فان اجر طحنه يقع على المالك.

وكذلك اذا اعطى بدل الحنطة خبزا فلابد ان يعطي صاع من الخبز فالصاع من الخبز وان كان اقل من صاع من الحنطة بمقدار الثلث لكنه يجزي سواء اكان بعنوان البديل او بعنوان المستقل فعلى كلا التقديرين لابد ان يعطي بمقدار صاع واقل من الصاع لا يجزي.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): (والأفضل إخراج التمر ثم الزبيب) [1] .

وقد ورد في ذلك مجموعة من الروايات التي تدل على ان اعطاء الفطرة من التمر افضل واحب عند الله من غيره وتدل على ذلك مجموعة من الروايات.

الرواية الاولى:- صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ـ في حديث في صدقة الفطرة ـ قال : وقال : التمر أحب ذلك إلي ـ يعني : من الحنطة والشعير والزبيب ـ .)[2] .

وكلمة (يعني) هي من الصدوق (رحمه الله) وليس جزء من الرواية ، اذن مقتضى اطلاقها ان التمر احب من كل شيء سواء أكان شعيرا او زبيبا او حنطة او غيرها.

الرواية الثانية:- صحيحة إسحاق بن المبارك ، عن أبي ابراهيم (عليه السلام) ـ في حديث في الفطرة ـ قال : صدقة التمر أحب إلي لان أبي (عليه السلام) كان يتصدق بالتمر ، ثم قال : ولا بأس بأن يجعلها فضة ، والتمر أحب إلي)[3] .

فان التمر احب من النقد ايضا وان ورد في النقد انه انفع للفقير اذا اعطى بدل زكاة الفطرة نقدا فهو انفع للفقير ولكن مع ذلك يكون اعطاء التمر احب من النقد.

الرواية الثالثة:- موثقة إسحاق بن عمار الصيرفي قال : قلت لابي عبدالله (عليه السلام) : جعلت فداك ، ما تقول في الفطرة ، يجوز أن اؤديها فضة بقيمة هذه الاشياء التي سميتها ؟ قال : نعم ، إن ذلك أنفع له ، يشتري ما يريد)[4] .

ومع ذلك يكون التمر احب اليه من ذلك كما في هذه الموثقة.

الرواية الرابعة:- صحيحة منصور بن حازم ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سألته عن صدقة الفطرة ؟ قال : صاع من تمر أو نصف صاع من حنطة ، أو صاع من شعير ، والتمر أحب إلي)[5] .

الرواية الخامسة:- موثقة إسحاق بن عمار قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن صدقة الفطرة ؟ قال : التمر أفضل)[6] .

الرواية السادسة:- وقد ورد في بعض الروايات عن بي عبد الله ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ إنه سأله عن صدقة الفطرة ؟ فقال : التمر أحب إلي فإن لك بكل تمرة نخلة في الجنة)[7] .

الا ان الرواية ضعيفة من ناحية السند ولا يمكن الاستدلال بها.

الرواية السابعة:- صحيحة هشام بن الحكم عن الصادق ( عليه السلام ) أنه قال : التمر في الفطرة أفضل من غيره لانه أسرع منفعة ، وذلك إنه إذا وقع في يد صاحبه أكل منه ، قال : ونزلت الزكاة وليس للناس أموال وإنما كانت الفطرة)[8] .

في هذه الصحيحة علل وجه الافضلية بان منفعته اذا وقع في يد صاحبه أكل منه بدون حاجة الى مؤونة زائدة وليس كالحنطة والشعير وغيرها فان الاكل منها بحاجة الى مؤونة زائدة.

وكيفما كان فالروايات الكثيرة تدل على افضلية التمر.

ثم قال السيد الماتن (قدس الله سره): (ثم الزبيب) [9] .

الزبيب ايضا ورد في حقه انه افضل ولكن في مرتبة ثانية من التمر وصحيحة هشام والتعليل الوارد في صحيحة هشام يشمل الزبيب ايضا فان الزبيب كالتمر اذا وقع في يد الشخص فانه يأكله بدون أي مؤونة فالزبيب في هذه الصحيحة شريك مع التمر.

ولكن ورد في صحيحة الحلبي ان التمر افضل من الزبيب ، فالنتيجة ان التمر افضل من كل شيء وافضل من جميع ما ورد في الروايات.

ثم قال السيد الماتن (قدس الله نسفه): (ثم القوت الغالب)[10] .

أي والافضل بعد ذلك القوت الغالب ، والمراد من غالب القوت هل هو غالب قوت نفس المكلف وعائلته وهو القوت الشخصي فمثلا المكلف قوته غالبا يكون من الحنطة ومشتقاتها ومن اللبن ومشتقاته واما قوت شخص اخر من الشعير وهكذا يختلف الاشخاص اذن المناط بقوت الافراد الغالب او المراد من القوت الغالب قوت الغالب بين الناس؟؟ أي الغالب صفة القوت لا صفة المكلف.

وتدل على الثاني.

اولاً:- مرسلة الهمداني : اختلفت الروايات في الفطرة ، فكتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر ( عليه السلام ) أسأله عن ذلك ؟ فكتب : إن الفطرة صاع من قوت بلدك ، على أهل مكة واليمن والطائف وأطراف الشام واليمامة والبحرين والعراقيين وفارس والاهواز وكرمان تمر ، وعلى أهل أوساط الشام زبيب ،وعلى أهل الجزيرة والموصل والجبال كلها بر أو شعير ، وعلى أهل طبرستان الارز ، وعلى أهل خراسان البر ، إلا أهل مرو والري فعليهم الزبيب ، وعلى أهل مصر البر ، ومن سوى ذلك فعليهم ما غلب قوتهم ، ومن سكن البوادي من الاعراب فعليهم الاقط ، والفطرة عليك وعلى الناس كلهم . . . الحديث)[11] .

هذه الرواية وان كانت واضحة الدلالة وان قوت الغالب لجماعة تختلف عن قوت الغالب لجماعة اخرى من بلد الى بلد اخر ومن منطقة الى منطقة اخرى الا ان الرواية ضعيفة من ناحية السند فلا يمكن الاستدلال بها.

ثانياً:- مرسلة يونس عمن ذكره ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : قلت له: جعلت فداك هل على أهل البوادي الفطرة ؟ قال : فقال : الفطرة على كل من اقتات قوتا ، فعليه أن يؤدي من ذلك القوت)[12] .

وهذه المرسلة ايضا دلالتها واضحة الا انها ضعيفة من ناحية السند.

اذن هل المراد بالقوت الغالب بحسب الافراد ام القوت الغالب بحسب البلد؟ ونتكلم فيه ان شاء الله تعالى.