38/07/17


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/07/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- زكاة الفطرة.

ذكرنا ان ضابط كون الوجوب وضعيا وكونه تكليفيا هو ان يكون الفقير شريكا مع المالك في نفس الاعيان الخارجية اما بنحو الاشاعة كما في زكاة الغلاة وزكاة النقدين او بنحو الكلي في المعين كما في زكاة الاغنام او بنحو المعين بدون الاشتراك لا بنحو الاشاعة ولا بنحو الكلي في المعين كما في زكاة البقر وزكاة الابل او يكون الفقير مالكا لما في ذمة شخص آخر كما اذا اتلف الزكاة فهي تنتقل الى ذمته والفقير مالك لما في ذمة المالك هذا هو الميزان والضابط في كون الوجوب وضعي لا تكليفيا.

واما اذا لم يكن كذلك كما في الكفارات والنذورات والحج وما شاكل ذلك فلا يكون الوجوب فيها وضعيا فلا محالة يكون تكليفيا ، وكذلك هذا الضابط لا ينطبق على زكاة الفطرة فان الفقير لا يكون شريكا مع المالك في الاعيان الخارجية ولا يكون مالكا لما في ذمة المالك لان الروايات الواردة في المقام اطلاقاتها الاولية تدل على ان على كل راس زكاة الفطرة وعلى كل فرد اذا كان واجدا للشروط فهذه الروايات والمطلقات الاولية لا تدل على ان وجوب زكاة الفطرة وضعي لا تكليفي ولا اشعار فيها بذلك وكذلك الروايات التي تدل على ان زكاة المعال على المعيل وزكاة العيال على المعيل هذه الروايات ايضا لا تدل على ذلك ولا اشعار فيها بذلك.

قد يقال:- ـــ كما قيل ـــ ان زكاة الفطرة وزكاة المال مجعولتان بجعل واحد فاذا كان جعلهما واحداً فالمجعول ايضا واحد فاذا كان المجعول واحداً فلا محالة المجعول اما وضع او تكليف فمن اجل ذلك يكون وجوب زكاة الفطرة وضعي لا تكليفي.

ولكن استفادة ان كلا الزكاتين مجعولة بجعل واحد من الآيات والروايات مشكل ، فان الجعل اذا كان واحدا فالمجعول ايضا واحد ، ولا اشتراك بين زكاة الفطرة وزكاة المال فان زكاة المال متعلقة بالاعيان الخارجية وزكاة الفطرة لم تكن متعلقة بالاعيان الخارجية بل هي واجبة على كل مكلف اذا كان واجدا للشروط ولا يمكن الجمع بينهما في جعل واحد.

كيف يجمع بينهما في جعل واحد بالجامع وهو الزكاة؟!! والحال انه لكل واحدة منهما خصوصية مقومة مباينة لخصوصية الاخرى ، فان زكاة المال له خصوصية مقومة لها وهي كونها متعلقة بالاعيان الخارجية وزكاة الفطرة متعلقة بذمة الشخص كسائر الواجبات فلكل منهما خصوصية مقومة مباينة لخصوصية الاخرى ، فمن اجل ذلك لا يمكن ان يجمع بينهما في جعل واحد ، ولا الآيات تدل على ذلك فان الوارد في الآيات كقوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾[1] ، فهذه الآية في مقام بيان الاتيان بالصلاة والزكاة لا في مقام التشريع ولا في مقام الجعل فلا مانع من ان يكون الزكاة تشمل كلتا الزكاتين ، ولكن هي ليست في مقام الجعل وكذلك الحال في الروايات.

واما الروايات الواردة في المقام فلا يستفاد منها كون زكاة الفطرة وضع وليس بتكليف وهذه الروايات على طوائف.

منها:- ورد في طائفة منها كلمة (الضمان) فقد يستدل على ان ذلك يدل على ان زكاة الفطرة وضع وليست بتكليف فانه قد ورد في الروايات بالأمر بإخراج زكاة الفطرة قبل الزوال فان لم يخرجها وافرط فيها فهو ضامن والضمان يدل على ان زكاة الفطرة وضع وليس بتكليف.

الجواب:- الظاهر ان هذا لا يدل على ذلك فان المراد من الضمان هو ان زكاة الفطرة في عهدت هذا الشخص ولا تسقط عن عهدته سواء اخرج او لم يخرج وافرط في الاخراج وعصى مع ذلك لا تسقط هذه الزكاة عنه فالزكاة في عهدته ولا ينطبق عليه ضوابط الحكم الوضعي ولا يدل على ان الفقير مالك لما في ذمة المالك وانما يدل على ان المالك ضامن اذا لم يخرجها ولم يعزلها فهو ضامن يعني انها في عهدته كسائر الواجبات ، فإطلاق الضمان على الواجبات التكليفية لا مانع منه فان جميع الواجبات التكليفية في عهدت المكلف وعلى ذمة المكلف ومع ذلك انها تكليف وليست بوضع.

ومنها:- وفي بعض الروايات قد ورد انها للإمام (عليه السلام).

ولكن هذه الروايات ايضا لا تدل على ان زكاة الفطرة وجوبها وضعي فانها للإمام (عليه السلام) باعتبار ولايته فان له الولاية على زكاة الاموال وعلى زكاة الفطرة وعلى غيرهما لا ان زكاة الفطرة ملك للإمام (عليه السلام) مثل زكاة الاموال ايضا ورد انها للإمام (عليه السلام) وهذا يعني ان الامام له ولاية على زكاة المال كما ان له ولاية على زكاة الفطر أما انها تكليف او وضع فهذه الروايات لا تدل على ذلك.

النتيجة ان الروايات بكثرتها لا تدل على ان زكاة الفطرة وضع وليست بتكليف.

اما كلمة (عليه زكاة الفطر) او (على المكلف زكاة الفطر) او (على كل راس زكاة الفطرة) فكلمة (على) لا تدل على الوضع بل تدل على التكليف ، اذن هذه الروايات لا تدل على ان وجوب زكاة الفطرة وجوب وضعي وليس بوجوب تكليفي ، اذن لا شبهة في ان زكاة الفطرة تكليف وليست بوضع.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): (مسألة 19): المطلقة رجعيا فطرتها على زوجها دون البائن إلا إذا كانت حاملا ينفق عليها)[2] .

ظاهر الماتن (دقس الله نفسه) ان ملاك وجوب الفطرة هو الانفاق فان الانفاق واجب على الزوج في المطلقة الرجعية ولا يجب في المطلقة البائنة الانفاق على الزوج ، فاذا وجب الانفاق وجبت فطرته ايضا واذا لم تجب الانفاق لم تجب فطرته وحيث ان المطلقة الرجعية يجب على الزوج الانفاق عليها وجبت عليه فطرتها واما المطلقة البائنة فحيث انه لا يجب على الزوج الانفاق عليها فلا تجب فطرتها عليه الا اذا كانت حاملا وانفق عليها فحينئذ تجب فطرتها.

ولكن تقدم ان المناط في وجوب الفطرة عنوان العيلولة فاذا صدق هذا العنوان وجب فطرته على المعيل سواء اكانت المطلقة رجعية ان كانت بائنا ولا فرق فان المناط بصدق عنوان العيلولة دون وجوب الانفاق ودون عنوان الزوجية.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): (مسألة 20): إذا كان غائبا عن عياله أو كانوا غائبين عنه وشك في حياتهم فالظاهر وجوب فطرتهم مع إحراز العيلولة على فرض الحياة)[3] .

فاذا شك في حياة العيال انهم باقون او ميتون فلا مانع من استصحاب بقاء حياتهم.

ولكن لابد من احراز صدق عنوان العيلولة ، ولا يمكن احراز عنوان العيلولة بالاستصحاب الا على القول بالاصل المثبت فان استصحاب بقاء حياتهم لا يثبت انهم عيال الا على القول بالاصل المثبت والمفروض ان الاصل المثبت لا يكون حجة ، اذن استصحاب بقاء حياتهم لا يجدي في وجوب فطرتهم على المعيل.

ولكن هل يمكن احراز ذلك او لا يمكن؟ نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.