38/01/23

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/01/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: خــتــام.

قال السيد الماتن (قدس الله نفسه): وهل يجوز لآحاد المالكين إقراض الزكاة قبل أوان وجوبها أو الاستدانة لها على حذو ما ذكرنا في الحاكم؟ وجهان ويجري جميع ما ذكرنا في الخمس والمظالم ونحوهما))[1] .

ذكر الماتن (قدس الله نفسه) في ذيل هذه المسالة فرعان.

الفرع الاول:- انه يجوز للمالك اقراض الزكاة قبل أوانها بإعطاء المال المقروض للفقير ثم يأخذه من الزكاة في وقتها.

الفرع الثاني:- ان يقترض من أشخاص أخرى على ذمة الزكاة ، مثلا المالك يقترض من زيد على ذمة الزكاة ثم يدفع للفقير ثم اذا حصلت الزكاة يأخذ من الزكاة ويدفع قرض المقرض.

وكلا الفرعين مبني على ولاية المالك ، فهل للمالك ولاية على الزكاة كذلك بان يقترض الزكاة من ماله او يقترض من شخص اخر على ذمة الزكاة؟.

الجواب:- لا شبهة في ان للمالك ولاية على التصرف في زكاته على افرازها اذا كانت مخلوطا كما في زكاة الغلاة الاربع وتعيينها باعتبار ان الزكاة مشتركة بين مال الفقير ومال المالك فعشر الحنطة للفقير وتسعة اعشار للمالك ، كما ان له ولاية على صرفها على الفقراء والمساكين والعاملين وعلى ابن السبيل وفي سبيل الله وعلى الغارمين ، كما ان له ان يصرف الزكاة على فقراء بلده وله ان يقوم بنقلها الى فقراء بلد آخر ، ولكن هل له ولاية بإقراضه للزكاة باعتبار ان عنوان الزكاة جهة اعتبارية فاذا كان عنوان الزكاة جهة اعتبارية وهذه الجهة تملك كما ان لها ذمة ويمكن للمالك الاقتراض على ذمة الزكاة او ليس له ذلك؟.

والمعروف والمشهور بين الاصحاب ان هذه الولاية غير ثابتة للمالك وليس للمالك اقراض الزكاة قبل أوانها ثم بعد اوانها يأخذ القرض من الزكاة كما انه ليس للمالك الاقتراض من شخص اخر على ذمة الزكاة قبل اوانها ودفع المال المقروض للفقير ثم يأخذ من الزكاة في اوانها ويؤدي الدين القرض.

ولكن الظاهر ان ولاية المالك على ذلك غير بعيدة فان المالك له ولاية على زكاته ، وولايته على زكاته ايضا مربوط بزكاته فان اقراضه للزكاة او اقتراضه على ذمة الزكاة مربوط بزكاته ومن شؤون تصرفه في زكاته وله ولاية التصرف في الزكاة ، ولهذا لا يبعد هذه الولاية فاذا كان هناك فقير محتاج قبل أوان الزكاة فله ان يعطي الفقير من المال بعنوان الاقراض على الزكاة ثم بعد وقت الزكاة يأخذ القرض من الزكاة او يقترض من شخص آخر على ذمة الزكاة ويدفع للفقير ثم يأخذ من الزكاة ويؤدي القرض ، اذن الظاهر ان له الولاية على مثل هذه التصرفات كما ان له ولاية الفرز وولاية النقل فكذا له ولاية على مثل هذا التصرف ايضا.

ذكر الماتن (قدس الله نفسه): السادسة عشر: لا يجوز للفقير ولا للحاكم الشرعي أخذ الزكاة من المالك ثم الرد عليه المسمى بالفارسية بدست گردان، أو المصالحة معه بشئ يسير، أو قبول شئ منه بأزيد من قيمته أو نحو ذلك فإن كل هذه حيل في تفويت حق الفقراء ، وكذا بالنسبة إلى الخمس والمظالم ونحوهما ، نعم لو كان شخص عليه من الزكاة أو المظالم أو نحوهما مبلغ كثير وصار فقيرا لا يمكنه أداؤها وأراد أن يتوب إلى الله تعالى لا بأس بتفريغ ذمته بأحد الوجوه المذكورة ومع ذلك إذا كان مرجو التمكن بعد ذلك الأولى أن يشترط عليه أداءها بتمامها عنده)[2] .

 

ذكر الماتن ان للحيلة الشرعية ثلاث طرق ، فاذا كان في ذمة الشخص زكاة كثيرة او خمس او مظالم فتوجد ثلاث طرق لتفريغ ذمته.

الطريق الاول:- ان يأخذ منه ثم يرده عليه ثم يأخذ منه ثم يرده عليه الى ان تفرغ ذمته من الزكاة ، وسمى ذلك باللغة الفارسية (بدست گردان).

الطريق الثاني:- المصالحة بشيء يسير كما اذا فرضنا ان ذمته مشغولة بمليون دينار من الزكاة فهو يصالح بعشرة آلاف من المال.

الطريق الثالث:- انه يشتري منه شيء يسير بقيمة أكثر ، كما اذا فرضنا ان الزكاة الموجودة في ذمته مليون دينار فهو يشتري شيء قيمته عشرة آلاف بمليون دينار.

وذكر (قدس الله نفسه) ان هذه الطرق غير صحيحة وهو تضييع لحق الفقراء ولا يجوز للحاكم ان يتصدى لهذه الطرق لأنه تضييع لحق الفقراء ولحق المساكين ولحق مصارف الزكاة ، واستثنى من ذلك ما اذا كان في ذمته زكاة كثيرة لأنه لم يدفع زكاته في مدة مديدة ثم صار فقيرا وندم من عمله وتاب ولا يبعد ان يحاسب زكاته بأحد الطرق الثلاثة ، بل هذا هو المعروف والمشهور بين الاصحاب.

ولكن لنا فيه إشكال فانه لا يجوز ذلك لأنه كيف يعتقد ان ذمته بريئة من ذلك وكيف يعلم ان ذمته بريئة من ذلك ، فان براءة الذمة بيد الله تعالى وتقدس فهو أولى بالعفو من غيره ، فاذا لم يتمكن من أداء الزكاة او الخمس وتاب وندم ورجع الى الله تعالى فالله أولى بالعفو وليس للحاكم الشرعي مثل هذه الولاية ، وللكلام تتمة نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.