38/01/17


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/01/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

ذكر الماتن (قدس الله نفسه): الخامسة عشر: يجوز للحاكم الشرعي أن يقترض على الزكاة ويصرفه في بعض مصارفها، كما إذا كان هناك مفسدة لا يمكن دفعها إلا بصرف مال ولم يكن عنده ما يصرفه فيه، أو كان فقير مضطر لا يمكنه إعانته ورفع اضطراره إلا بذلك، أو ابن سبيل كذلك، أو تعمير قنطرة أو مسجد أو نحو ذلك وكان لا يمكن تأخيره فحينئذ يستدين على الزكاة ويصرف، وبعد حصولها يؤدي الدين منها، وإذا أعطى فقيرا من هذا الوجه وصار عند حصول الزكاة غنيا لا يسترجع منه إذ المفروض أنه أعطاه بعنوان الزكاة ، وليس هذا من باب إقراض الفقير والاحتساب عليه بعد ذلك، إذ في تلك الصورة تشتغل ذمة الفقير بخلاف المقام، فإن الدين على الزكاة ولا يضر عدم كون الزكاة ذات ذمة تشتغل ، لأن هذه الأمور اعتبارية، والعقلاء يصححون هذا الاعتبار، ونظيره استدانة متولي الوقف لتعميره ثم الأداء بعد ذلك من نمائه، مع أنه في الحقيقة راجع إلى اشتغال ذمة أرباب الزكاة من الفقراء والغارمين وأبناء السبيل من حيث هم من مصارفها، لا من حيث هم هم، وذلك مثل ملكيتهم للزكاة فإنها ملك لنوع المستحقين ، فالدين أيضا على نوعهم من حيث إنهم من مصارفه لا من حيث أنفسهم، ويجوز أن يستدين على نفسه من حيث ولايته على الزكاة، وعلى المستحقين بقصد الأداء من مالهم، ولكن في الحقيقة هذا أيضا يرجع إلى الوجه الأول وهل يجوز لآحاد المالكين إقراض الزكاة قبل أوان وجوبها أو الاستدانة لها على حذو ما ذكرنا في الحاكم؟ وجهان ويجري جميع ما ذكرنا في الخمس والمظالم ونحوهما))[1] .

كل جهة قابلة للتملك ولها مالية ، وقد تشتغل ذمتها بالمال وتفرغ ذمتها من المال مثلا المسجد مالك للفراش وسائر الاسباب وايضا المسجد مالك لحيطانه فالجدار والسقف ملك للمسجد وليس الجدار مسجدا بل المسجد عبارة عن الفضاء ولهذا يجوز بيعها اذا هدم المسجد فلو كان الجدار هو المسجد فكيف يجوز بيعه.

اذن الجهات التي هي جهات معنوية واعتبارية مالكة ولها ذمة كجهة الحكومة وجهة المسجد والحسينية والمدرسة وكجهة الامامة فان الخمس ملك للمنصب وليس ملك شخصي للإمام (عليه السلام) وسهم السادة ملك للمنصب أي لطبيعي الفقير أي لجهة الفقراء السادة وليس ملك شخصيا للسادة والزكاة ملك لجهة المستحقين لا لأفراد المستحقين ، وحيث ان الجهة غير واعية وغير شاعرة وغير مدركة فهي ليست كالإنسان الواعي فلهذا يشترط في التعامل مع الجهات وجود ولي شرعي لها منصوب اما بنحو خاص كالنبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) او الائمة الاطهار (عليهم السلام) او بنحو عام كالحاكم الشرعي الجامع للشرائط القائل بالولاية او غير القائل بالولاية ، ولهذا يشترط في التعامل مع الجهات بالبيع والشراء لهذه الجهات وبالإقراض والاقتراض لهذه الجهات وجود ولي شرعي عليها وهذا الولي الشرعي هو يقوم بالبيع والشراء لهذه الجهات ويشتري لها ويقترض لها ويقترض من قبلها هذه الجهات ، فان لهذه الجهات ذمة كذمة الانسان الواعي فالجهات جميعا جهات معنوية اعتبارية لا وجود لها في الخارج انما هي موجودة في عالم الاعتبار باعتبار من العقلاء وامضاء الشارع لها.

ومن هنا اذا كانت الحكومة شرعية ومعنى الحكومة الشرعية هي التي جميع معاملات هذه الحكومة من القرن الى القدم انما هو بإشراف والولي الشرعي فالحكومة الشرعية هي التي يكون على راسها ولي شرعي منصوب اما بنحو خاص كالنبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) والائمة الاطهار (عليهم السلام) او بنحو عام كالحاكم الشرعي الجامع للشرائط ، فاذا كان على راس الحكومة ولي شرعي وهو مشرف على اعمال هذه الحكومة واعمالها بأمره وقراره فهذه الحكومة حكومة شرعية فيجوز الاقتراض ومنها ويجوز اقراضها فيجوز البيع والشراء منها كما ان هذه الحكومة تملك بالحيازة الثروات الطبيعية كالأراضي المحياة طبيعيا والاراضي الموات تملكها بالإحياء ، وكذا تملك المعادن الظاهرية والباطنية بالاستيلاء ، كل ذلك بأمر ولي الامر واشرافه وبقراره.

واما اذا لم يكن على راس الحكومة ولي شرعي منصوب بنحو خاص او بنحو عام فهذه الحكومة غير شرعية فلا يجوز اقراضها ولا يجوز الاقتراض منها فانها لا تكون مالكة للأموال الموجودة عندها حتى يجوز الاقتراض منها ولا يجوز اقراضها فان معنى القرض هو تمليك المال بالضمان فان المقرض يملك المقترض ماله مشروطا بالضمان والحكومة اذا كانت غير شرعية فلا ذمة لها كي تضمن فالضمان غير متصور في الحكومة غير الشرعية لأنه لا ذمة لها وكما لا يجوز الاقتراض منها لان الاموال الموجودة عندها ليست اموالا للحكومة فلا يجوز الاقتراض منها.

اذن الحكومة اذا كانت شرعية وعلى راسها ولي شرعي منصوب من قبل الله تعالى اما بنحو خاص او بنحو عام فهي حكومة شرعي واعمالها انما هو بإشراف الولي الشرعي.

ومن الواضح ان أوامر الولي الشرعي نافذة ومعاملاته نافذة وصحيحة فحينئذ يجوز الاقتراض من هذه الحكومة ويجوز اقراضها وتجوز كل انواع المعاملات التي هي جائز كالبيع والشراء والمضاربة وما شاكل من المعاملات.

واما اذا لم تكن شرعية فلا يجوز التعامل معها ولا يجوز اقرضها والاقتراض منها وللكلام تتمة نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.