37/08/22


تحمیل

الموضوع: الصوم, شرائط صحة الصوم: الخامس : أن لا يكون مسافرا سفرا يوجب قصر الصلاة ...

القسم الثاني: الصوم الواجب غير شهر رمضان.

كالصوم المنذور وصوم قضاء شهر رمضان وصوم الهدي وجزاء الصيد ..الخ.

فيدل على اشتراط عدم السفر في الصحة قسمان من الروايات:

القسم الاول: الروايات المطلقة المتقدمة.

القسم الثاني: الروايات الواردة في خصوص الصوم الواجب غير شهر رمضان وهي متفرقة.

فما ورد في قضاء شهر رمضان من الروايات رواية علي بن جعفر (عن أخيه أبي الحسن ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال : سألته عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان وهو مسافر ، يقضي إذا قام في المكان ؟ قال : لا ، حتى يجمع على مقام عشرة أيام)[1]

والرواية تامة سنداً

وراية عقبة بن خالد (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في رجل مرض في شهر رمضان فلما برأ أراد الحج ، كيف يصنع بقضاء الصوم ؟ قال : إذا رجع فليصمه)[2]

ورواية اخرى لعلي بن جعفر (عن أخيه موسى ( عليه السلام ) قال : سألته عن الرجل يترك شهر رمضان في السفر فيقيم الايام في مكان ، هل عليه صوم ؟ قال : لا ، حتى يجمع على مقام عشرة أيام ، فاذا أجمع على مقام عشرة أيام صام وأتم الصلاة)[3]

وما ورد في النذر رواية عبدالله بن جندب (قال : سأل عباد بن ميمون ـ وأنا حاضر ـ عن رجل جعل على نفسه نذر صوم وأراد الخروج في الحج ؟ فقال عبدالله بن جندب : سمعت من زرارة عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) أنه سأله عن رجل جعل على نفسه نذر صوم يصوم فمضى فيه في زيارة أبي عبدالله ( عليه السلام ) ؟ قال : يخرج ولا يصوم في الطريق ، فاذا رجع قضى ذلك .)[4]

ورواية علي بن أبي حمزة (عن أبي إبراهيم ( عليه السلام ) قال : سألته عن رجل جعل على نفسه صوم شهر بالكوفة وشهر بالمدينة وشهر بمكة من بلاء ابتلي به ، فقضي له أنه صام بالكوفة شهرا ، ودخل المدينة فصام بها ثمانية عشر يوما ولم يقم عليه الجمال ؟ فقال : يصوم ما بقي عليه إذا انتهى إلى بلده ( ولا يصومه في سفر ))[5]

ورواية عمار الساباطي (قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن الرجل يقول : لله علي أن أصوم شهرا ، أو أكثر من ذلك أو أقل ، فيعرض له أمر لا بد له أن يسافر ، يصوم وهو مسافر ؟ قال : إذا سافر فليفطر لانه لا يحل له الصوم في السفر فريضة كان أو غيره ، والصوم في السفر معصية)[6]

ورواية كرام (قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : إني جعلت على نفسي أن أصوم حتى يقوم القائم ؟ فقال : صم ، ولا تصم في السفر . . الحديث .)[7]

ورواية مسعدة بن صدقة (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) عن آبائه ( عليهم السلام ) في الرجل يجعل على نفسه أياما معدودة مسماة في كل شهر ، ثم يسافر فتمر به الشهور أنّه لا يصوم في السفر ولا يقضيها إذا شهد)[8]

وما ورد في الظهار رواية محمد بن مسلم (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : سألته عن الظهار ، عن الحرة والامة ؟ قال : نعم ـ إلى أن قال : ـ وإن ظاهر وهو مسافر أفطر حتى يقدم ، وإن صام فأصاب ما لا يملك فليقض الذي ابتدأ فيه)[9]

والذي يبدو أن هذا الحكم متفق عليه الا ما حكاه جماعة _كالمحقق في المعتبر والعلامة في المختلف وغيرهما_ عن الشيخ المفيد القول بالصحة, لكن صاحب المدارك وصاحب الحدائق انكرا وجود ذلك في المقنعة, وقالا بأن الموجود فيها عدم الصحة في شهر رمضان وغيره, وقال صاحب المدارك لابد أن يكون المحكي عن الشيخ المفيد موجود في غير المقنعة.

ونقل عن والد الشيخ الصدوق أنه جوز الصوم جزاء الصيد في السفر, لكن الكل قالوا لا دليل واضح على ذلك وعلى ما حكي عن الشيخ المفيد, ولم يجدوا لتوجيه ذلك الا التمسك بأطلاق ما دل على وجوب الصوم, لكن هذا الاطلاق على فرض وجوده لابد من رفع اليد عنه للأدلة الدالة على عدم جواز الصوم الواجب في السفر.

فالصحيح ما ذهب إليه المشهور من اشتراط عدم السفر في الصوم الواجب.

القسم الثالث: الصوم المندوب.

وقع فيه الاختلاف ونقلت في الشرائع ثلاثة اقوال:-

القول الاول: وهو القول بعدم الجواز وهو منقول عن الصدوقين وابن البراج في المهذب والشيخ ابن ادريس في السرائر وصاحب المدارك وغيرهم من المتأخرين, بل نسب هذا القول _كما في السرائر_ إلى جل المشيخة الفقهاء من اصحابنا.

القول الثاني: وهو القول بالجواز وقد اختلف القائلون به هل هو جواز مع الكراهة أو بدونها؟ فظاهر ابن حمزة في الوسيلة الجواز بلا كراهة, وذهب جماعة اخرون إلى الجواز مع الكراهة ومنهم المحقق في الشرائع والعلامة في الارشاد والشهيد في الدروس والشهيد الثاني في المسالك وغيرهم.

واختلاف هذه الاقوال ناشئ من اختلاف الروايات وكيفية الجمع بينها ومن هنا لابد من استعراضها وهي تنقسم إلى طائفتين.

الطائفة الاولى: ما دل على المنع وهي التي يستند اليها القول الاول وهي قسمان :-

القسم الاول: ما دل على المنع_ من الصوم_ مطلقاً وقد تقدم ذكر الكثير من الروايات ومنه:-

صحيحة زرارة (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : لم يكن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يصوم في السفر في شهر رمضان ولا غيره ، وكان يوم بدر في شهر رمضان ، وكان الفتح في شهر رمضان)[10]

ويشكل بأنها ليس فيها ما يدل على عدم جواز الصوم المندوب في السفر لأن ترك الرسول صلى الله عليه واله اعم من الحرام والمكروه بل والمباح.

وقد يقال بأن سياق الرواية واستشهاد الامام عليه السلام بها كأنه يريد أن يقول لا فرق بين الصوم المندوب وبين الفريضة في عدم الجواز وحينئذ يمكن الاستدلال بها في المقام.

 

القسم الثاني: ما دل على المنع في الصوم المندوب وهو عبارة عن ثلاث روايات:-

الرواية الاولى: موثقة عمار الساباطي (قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن الرجل يقول : لله علي أن أصوم شهرا ، أو أكثر من ذلك أو أقل ، فيعرض له أمر لا بد له أن يسافر ، يصوم وهو مسافر ؟ قال : إذا سافر فليفطر لانه لا يحل له الصوم في السفر فريضة كان أو غيره ، والصوم في السفر معصية) [11]

ويمكن الاستدلال بها في محل الكلام بناءً على أن المراد من قوله (أو غيره) الصوم المندوب ويكون المراد بقوله (فريضة) الصوم الواجب.

وفي مقابل ذلك يحتمل أن يكون المقصود بالفريضة _ ما فرضه الله في كتابه في قبال السنة التي فرضها الرسول صلى الله عليه واله_ صوم شهر رمضان و(غيره) غير شهر رمضان من اقسام الصوم فلا تكون ناظرة إلى الصوم المندوب, لكن هذا الاحتمال خلاف الظاهر, فالفريضة هي ما فرضها واوجبها الله تعالى لا خصوص شهر رمضان.

ولو صح المقصود الثاني _اي أن المقصود بالفريضة خصوص شهر رمضان والمقصود بغيره جميع اقسام الصوم _ فأنه لا يمنع من الاستدلال بالرواية وإنما تدخل في القسم الاول (ما دل على المنع من الصوم مطلقاً).

الرواية الثانية: معتبرة أحمد بن محمد (قال : سألت أبا الحسن ( عليه السلام ) عن الصيام بمكة والمدينة ونحن في سفر ؟ قال : أفريضة ؟ فقلت : لا ، ولكنه تطوع كما يتطوع بالصلاة ، فقال : تقول : اليوم وغدا ؟ قلت : نعم ، فقال : لا تصم)[12]

والمراد بأحمد بن محمد هو احمد بن محمد بن ابي نصر البزنطي.

والاستدلال بالرواية مبني على انها ظاهرة في المنع من صوم التطوع في السفر لقوله عليه السلام (لا تصم).

وفي الوسائل حيث أنه يرى الجواز على كراهة ذكر (أقول : حمله الشيخ وغيره على الكراهية لما مضى ويأتي على أنه مخصوص بمكة والمدينة وبمن يقول : اليوم وغدا) [13]

فخصص المنع بهذين الموردين(مكة والمدينة ومن يقول اليوم أو غداً) لكن هذا بعيد جداً.

وقد يقال أن سؤال الامام عليه السلام (أفريضة ؟) يدل على جواز المندوب في السفر, لأنه لو كان الحكم في كل من المندوب والفريضة عدم الجواز لا معنى لسؤال الامام عليه السلام.

وحينئذ لابد من حمل لا تصم في الذيل على الكراهة.

ويحتمل _كما ذكر بعض المحققين_ أن الامام عليه السلام يريد أن يقول إن صومك اذا كان فريضة وواجباً مضيقاً يجب عليك الصوم ولو بأن تنوي الاقامة بخلاف الصوم المندوب حيث لا يجب عليك ذلك.

ويمكن أن يكون سؤال الامام عليه السلام (أفريضة ؟) _بضميمة ارتكاز أن الصوم في السفر إنما يكون فريضة بالنذر _عن نذر الصوم في السفر, فأجابه بأن الصوم تطوعاً فنهى الامام عليه السلام عنه.

وهذا الوجه اقرب من الوجه الاول في بيان سؤال الامام عليه السلام.

أما قوله عليه السلام (اليوم وغدا ؟) فلابد أن يحمل على تأكيد التطوع وعدم وجود ملزم للصوم في السفر.