37/08/01


تحمیل

الموضوع: الصوم, شرطية الاسلام في التكليف.

ثمرة النزاع

من ثمرات هذا البحث:-

اولاً: جواز تسبيب الحرام للكافر على القول بعدم تكليفه بالفروع وعدم الجواز على القول بتكليفه.

ثانياً: جواز التوكيل عن الكافر في اجراء معاملة ربوية على القول بعدم تكليفه بالفروع, وعدم الجواز على القول بتكليفه.

ثالثاً: جواز اجبار الحاكم الشرعي الكافر على بعض الفروع _اذا رأى المصلحة في ذلك_ كدفع الخمس والزكاة على القول بتكليفيه بالفروع.

ويتبين مما تقدم أن الصحيح في المقام _وفاقاً للمشهور المدعى عليه الاجماع بل قيل الضرورة والمرسل ارسال المسلمات في كلمات الفقهاء رضوان الله عليهم_ انهم مكلفون بالفروع كتكليفهم بالاصول, والظاهر أن مقصود المشهور والذي تسوق إليه الادلة أن الكافر حال كفره يكلف بالصلاة والصوم وسائر التكاليف الاخرى بقيد الاسلام, وفي مقابل ذلك أن يقال أنه مكلف بالصلاة حتى مع عدم الاسلام.

وقد يقال أن النزاع بين القولين لفظي فقول المشهور في تكليف الكافر بالتكاليف المقيدة بالإسلام مرجعه إلى التكاليف المسبوقة بالإسلام, والقول الاخر الذي يقول بأن الكفار غير مكلفين بالفروع مرجعه إلى انكار أن يكون الكافر في حال كفره مكلفاً بالصلاة المطلقة (حتى في حال الكفر) أي غير المقيدة بالإسلام, فيكون مصب النفي والاثبات مختلفاً.

ويشهد لذلك بعض الادلة التي استدل بها الطرفان فالقائل بالقول الثاني استدل بأن تكليف الكافر بالفروع محال, وهذا يشير إلى أن نظرهم إلى النحو الاول ( تكليف الكافر بالصلاة ولو مع عدم الاسلام) اذ لا مجال لتوهم استحالة تكليف الكافر بالصلاة المسبوقة بالإسلام.

وكذلك استدلال المشهور بأن الكافر مكلف بالاعتقاد (الايمان) والعمل فهو يشير إلى نظرهم إلى طرح المسألة بالنحو الثاني(تكليفهم بالفروع لكن بقيد الاسلام).

ويستفاد من كلمات بعض المحققين بأنه المقصود من قول المشهور من أن الكفار مكلفين بالفروع فالمحقق النراقي يقول (لان مرادنا بكون الكفار مكلفين بالفروع : أن الله سبحانه طلب منهم أن يؤمنوا ثم يصلوا مثلا ، فهم حال كفرهم مكلفون بالإتيان بذلك الترتيب ، أي : الايمان أولا ثم الصلاة ..... ولم نرد أن الله طلب منهم أن يصلوا ولو مع الكفر)[1]

وذكر المحقق الهمداني (أنّ الممتنع إنّما هو أمره بإيجادها صحيحة في حال كفره ، ولا يدّعيه أحد ، وإنّما المدّعى أنّه يجب عليه في حال كفره أن يوجدها صحيحة ، كما أنّه يجب على المحدث بعد دخول الوقت أن يصلَّي صلاة صحيحة ، ولا استحالة فيه)[2]

إلى هنا تم الكلام في هذه المسألة وقد وافقنا المشهور في تكليف الكفار بالفروع _بالمعنى الذي ذكرناه_ واستقربنا عدم شرطية الايمان في الصحة وإنما هو شرط في قبول العمل وترتب الثواب عليه, أما بالنسبة إلى مسألة شرطية الاسلام في صحة العمل فالاحتياط فيها في محله, أما بالنسبة إلى الايمان فالظاهر أنه ليس شرطاً في الصحة.

قال الماتن

(الأول : الإسلام والإيمان فلا يصح من غير المؤمن ولو في جزء من النهار فلو أسلم الكافر في أثناء النهار ولو قبل الزوال لم يصح صومه..)[3]

قوله (فلا يصح من غير المؤمن) تفريع بناءً على رأيه (قد) من شرطية الاسلام والايمان, والكلام يقع في قوله (ولو في جزء من النهار...).

وما ذهب إليه السيد الماتن مبني على أن الاسلام والايمان معتبران في تمام الوقت, والطرف المقابل يدعى عدم الدليل على ذلك, ويمكن أن يصح الصوم وان تحقق الاسلام في جزء من الوقت, فالمسألة خلافية بين فقهائنا.

والظاهر عدم الاشكال في بطلان الصوم _ في شهر رمضان وغيره مما تعتبر فيه النية قبل الزوال_ عند وقوع الاسلام بعد الزوال, نعم يمكن أن يقع الخلاف في ما يمتد وقت نيته إلى ما قبل الغروب كالصوم المستحب, والحقوا بهذه المسألة مسألة المرتد اذا ارتد ثم عاد إلى الاسلام بالتوبة.

نُقل عن الشيخ الطوسي في المبسوط _في اسلام الكافر_ صحة صوم من اسلم وسط النهار, والحلي في السرائر والمحقق في المعتبر وغيرهم ذهبوا إلى الصحة لكنهم ذكروا ذلك في المرتد, وفي مقابل ذلك ذهب العلامة في المختلف والشهيد الاول في الدروس إلى البطلان, والسيد الماتن اختار القول الثاني.

ويستدل للبطلان بدليلين:-

الاول: ما دل على اطلاق الاسلام أو الايمان فمقتضى ذلك اعتبارهما في تمام الوقت.

الثاني: صحيحة عيص بن القاسم (قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن قوم أسلموا في شهر رمضان وقد مضى منه أيام ، هل عليهم أن يصوموا ما مضى منه أو يومهم الذي أسلموا فيه ؟ فقال : ليس عليهم قضاء ولا يومهم الذي أسلموا فيه إلا أن يكونوا أسلموا قبل طلوع الفجر)[4]