34/08/02


تحمیل
 الموضوع: الأصول العملية/ البراءة الشرعية/ روايات الحلّيّة
 كان الكلام في القرينة الثانية على اختصاص الحديث الشريف بالشبهات الموضوعيّة، والتي كانت هي كلمة(بعينه) الواردة في هذه الرواية وفي غيرها من الروايات أيضاً.
 يظهر من عبارات السيد الخوئي(قُدّس سرّه) المذكورة في تقريراته [1] أنّ تقريب الاستدلال يكون على أساس أنّ كلمة(بعينه) في الشُبهة الحكميّة لا يمكن أنْ تكون احترازية، باعتبار أنّ المكلّف إذا شك في حرمة لحم الأرنب؛ حينئذٍ يمكن أنْ يقال أنّ ما تشك فيه حلال حتّى تعلم حرمته، لكن لا يصح أنْ يُضاف إلى ذلك كلمة(بعينه)، إلاّ أنْ تُحمل على التأكيد، وهذا مطلب آخر، وكلامنا هو في أنّ إضافة كلمة(بعينه) كقيدٍ احترازي لا يصح في الشبهات الحكمية، باعتبار أنّها إذا أُضيفت وكانت احترازية، فأنّه يكون احتراز عن حالة العلم بحرمته لا بعينها، وهذا لا يكون إلاّ احترازاً عن العلم بالحرمة لا بعينها، وهذه الحالة التي يُحترز عنها بهذا القيد لا تحقق لها في الشبهات الحكمية، باعتبار أنّ الشبهات الحكمية إنْ كانت بدوية، فالعلم بحرمة الشيء يساوق العلم بحرمته بعينها، وليس شيئاً آخراً، ولا توجد حالة أخرى، يعني إذا كان يشك في حرمة لحم الأرنب ــــــ مثلاً ــــــ فإذا علم بهذه الحرمة، يعني علم بالحرمة بعينها، وهناك حالة أخرى، وهي أنْ يعلم بالحرمة لا بعينها حتّى نقول أنّه جاء بكلمة(بعينه) احترازاً عن تلك الحالة، هذا في الشبهات البدوية، في الشبهات الحكمية المقرونة بالعلم الإجمالي هناك حالة وهي أنْ يعلم بالحرمة لا بعينها، بأنْ يعلم بالحرمة إجمالاً، إمّا هذا حرام، أو ذاك حرام، إمّا لحم الأرنب حرام، أو لحم الحمير حرام ــــ مثلاً ــــ، أو إمّا الغيبة حرام، أو الغناء حرام، هنا يصدق أنّه يعلم بالحرمة، لكن لا بعينها، فهنا ممكن أنْ تكون كلمة(بعينه) احترازاً عن حالةٍ، وهي حالة العلم الإجمالي، التي هي حالة العلم بالحرمة لا بعينها، لكن هذا لا يمكن أنْ نقول بشمول الحديث له؛ لأنّ معنى شمول الحديث له، ويكون احترازاً عن هذه الحالة، يعني سوف يثبت الحلّيّة في هذه الحالة؛ لأنّه يقول(كل شيءٍ حلال حتى تعرف الحرام بعينه)، فإذن: هو إذا يحترز بها عن حالة، (بعينه) يعني حالة العلم بالحرمة(لا بعينها) لا تدخل في الغاية، وإنّما تدخل في المُغيّى، يعني تثبت لها الحلّيّة، فهي حلال(كل شيءٍ حلال لك حتّى إذا علمت بالحرمة لا بعينها)، وهذا لا يمكن الالتزام به؛ لأنّه مخالف لقوانين منجّزيّة العلم الإجمالي. إذا علِم المكلّف بأنّه إمّا الغيبة حرام، أو الغناء حرام بنحو الشُبهة الحكميّة، فهذا علم إجمالي منجّز لأحد الطرفين، ولا يمكن أن نقول أنّ الحديث يثبت الحلّيّة فيه. ومن هنا نقول: الشُبهة الحكميّة خارجة عن الحديث الشريف، بخلاف الشبهة الموضوعيّة، فأنّه لا مانع من افتراض أنْ تكون كلمة(بعينه) احترازاً عن حالة العلم بالحرام لا بعينه، يعني حالة العلم الإجمالي بالحرام؛ لأنّه في الشبهات الموضوعيّة حالة العلم الإجمالي بالحرام حالة متحققة وشائعة جدّاً في الشبهات الموضوعيّة؛ لأنّ الشبهات الموضوعيّة دائماً هي تقترن بالعلم الإجمالي بوجود الحرام، واحتمال أنْ يكون ذلك الحرام المعلوم إجمالاً منطبق على هذا الفرد المشتبه، يشك ــــــ مثلاً ــــــ بأنّ هذا المايع خمر، أو لا، فهو يحتمل أنّه خمر، وهذا الشك مقترن بعلم المكلّف بوجود الخمر في العالم، واحتمال أنْ يكون هذا هو المعلوم بالإجمال، فدائماً الشك في الشبهة الموضوعيّة يقترن بعلم إجمالي من هذا القبيل، لكن هذا العلم الإجمالي لا أثر له؛ لأنّ أطرافه كثيرة جدّاً، فهو علم إجمالي في شبهة غير محصورة، وغير منجّزة، ولا يكون هذا العلم الإجمالي منجّزاً؛ ولذا جاءت الرواية واحترزت عن حالة العلم بالحرام بقولها(بعينه) عن حالة العلم بالحرام لا بعينه، يعني ضمن علم إجمالي كثير الأطراف جدّاً، فتقول الرواية هنا يوجد حلّيّة، وليس هناك مشكلة في الالتزام بالحلّيّة حينئذٍ؛ لأنّ هذا العلم الإجمالي أساساً ليس منجّزاً، فكأنّ الرواية تريد أنْ تقول: في الشبهات الموضوعيّة وليس مطلق الشك في شيء أنّه حرام أو حلال، يمنع المكلّف من الإقدام، وإنّما الشرط في ذلك هو أنْ يعلم الحرام بعينه، يعني يعلم به تفصيلاً. وأمّا إذا علم به إجمالاً فلا مانع ولا محذور من الالتزام بحلّيّته، والحكم بحلّيّته في الشبهات الموضوعيّة لا يواجه مشكلة؛ لأنّ العلم الإجمالي الذي يحصل عادةً في الشبهات الموضوعيّة هو علم إجمالي في شبهة غير محصورة، فلا مشكلة في الحكم بحلّيّته؛ لأنّ العلم الإجمالي لا منجّزية له؛ ولذا تكون هذه احترازاً عن هذه الحالة، فتختصّ بالشبهات الموضوعيّة، ولا تشمل الشبهات الحكمية. ولأجل الإيضاح أكثر نقول: أنّ مقصوده هو أنّ كلمة(بعينه) هي احتراز عن حالة العلم الإجمالي، فقوله:(حتّى تعرف الحرام منه بعينه)، هو احتراز عن معرفة الحرام منه لا بعينه، ومعرفة الحرام منه لا بعينه هي تعني حالة العلم الإجمالي. إذن: هي احتراز عن حالة العلم الإجمالي.
 حينئذٍ نقول: هذا يمكن تطبيقه في الشبهة الموضوعيّة بكل وضوح؛ لأنّ حالة العلم الإجمالي في الشبهة الموضوعيّة التي افترضنا أنّ كلمة(بعينه) هي احتراز عنها، إنْ كانت في الشبهة المحصورة، فلا يمكن الالتزام بدخولها في الحديث بحيث أنّ الحديث يحكم بالحلّيّة في الشُبهة المحصورة؛ لمنجزية العلم الإجمالي، فلابدّ أنْ تكون احترازاً عن حالة العلم بالحرام لا بعينه في شبهة غير محصورة، وهنا لا مانع من أنْ تكون كلمة(بعينه) احترازاً عن هذه الحالة؛ لأنّ العلم الإجمالي لا منجزية له في حالة سعة الأطراف وكون الشبهة غير محصورة؛ فحينئذٍ تكون كلمة(بعينه) في الحديث احترازاً عن حالة العلم بالحرام لا بعينه، فقوله(حتّى تعرف أنّه حرام بعينه) يعني حتّى تعلم تفصيلاً بأنّه من القسم الحرام، أمّا إذا علمت علماً إجمالياً بأنّه حرام لا بعينه في ضمن أطراف كثيرة، وهذا طرف من أطراف العلم الإجمالي، فهذا لا يمنع من البناء على حلّيته، فنحافظ على الاحترازية في هذا القيد؛ ولذا يكون مناسباً للشبهة الموضوعية. وأمّا في الشبهة الحكمية فهذا لا يصح؛ لأنّه في الشبهة الحكمية حتّى إذا قلنا بأنّ الحديث ناظر إلى الشبهة الحكمية، فيكون قيد(بعينه) احترازاً عن حالات العلم الإجمالي في الشبهة الحكمية، حالات العلم الإجمالي في الشبهة الحكمية الغير المحصورة حالات إمّا نادرة أو معدومة ، لكن حالات العلم الإجمالي في الشبهات الحكمية المحصورة هي حالات موجودة ويمكن افتراضها، كما مثلّنا بأنّه يعلم بأنّه إمّا الغناء محرّم أو الغيبة، فهذا علم إجمالي والشبهة حكمية، أو أنّه يعلم إمّا بحرمة أكل لحم الأرنب، أو بحرمة أكل لحم الحمير، هذا علم إجمالي يمكن فرضه في الشبهة الحكمية، لكن مثل هذا العلم الإجمالي في شبهة محصورة قلنا أنّه لا يمكن الالتزام بأن تكون كلمة(بعينه) احترازاً عنه؛ لأنّ لازمه أن يُحكم بحلّيته، والحكم بالحليّة ينافي منجزية العلم الإجمالي؛ لأنّ الشبهة محصورة. وأمّا افتراض أنّ الشبهة غير محصورة، فهذا حالة نادرة، أو معدومة، بأن يعلم المكلّف بحرمة إمّا الغناء، وإمّا البهتان وإمّا الغيبة ......الخ، وهذا هو معنى الشبهة غير المحصورة، فهي تختلف عن الشبهة المحصورة، في الشبهات الموضوعية معقولة جدّاً، بينما في الشبهات الحكمية إمّا معدومة أو نادرة جدّاً، فإذا قلنا أنّ كلمة(بعينه) في الرواية احتراز وتشمل الشبهات الحكمية، أو تختص بها، فتكون(بعينه) احتراز عن حالة العلم الإجمالي في الشبهات الحكمية، فلابدّ أنْ يكون المقصود بها العلم الإجمالي في الشبهات المحصورة، والشبهات المحصورة لا يمكن الالتزام بشمول الحديث لها، فبالتالي لا يمكن تطبيق الحديث والمحافظة على احترازية القيد بلحاظ الشبهات الحكمية، بينما يمكن تطبيقها في الشبهات الموضوعية بكل بساطة. نعم، الشبهة الموضوعية المحصورة لابد من إخراجها؛ لأنّه لا يمكن أنْ يكون الحديث شاملاً لها لأسباب يأتي الحديث عنها، لكن الشبهة غير المحصورة متصوّرة في الشبهات الموضوعية ومعقولة وشائعة فيمكن أنْ يكون القيد(بعينه) احترازاً عنها. هذا خلاصة ما يستفاد من كلام السيد الخوئي(قدّس سرّه).
 هذا التقريب وإن كان فنيّاً، لكن لوحظ عليه:
 أولاً: أنّ المستدل بالحديث الشريف في محل الكلام ليس غرضه هو إثبات اختصاص الحديث بالشبهات الحكمية، وإنّما غرضه تعميم الحديث للشبهات الحكمية؛ لأنّه يكفيه في مقام الاستدلال أنْ يكون الحديث عامّاً وشاملاً للشبهات الموضوعية والحكمية، غرضه أنْ يستدل على جريان البراءة في الشبهات الحكمية، ويحقق غرضه أنْ يكون الحديث عامّاً وشاملاً لها، فليس لديه إصرار على اختصاص الحديث بالشبهات الحكمية، لو كان هذا غرضه؛ فحينئذٍ يمكن أنْ يقال أنّ في الشبهات الحكمية التي يريد أنْ يثبت اختصاص الحديث بها، ندرة الشبهات الحكمية غير المحصورة، أو انعدامها يمنع من أنْ يكون الحديث ناظراً إلى الشبهة الحكمية. أمّا إذا كان غرضه التعميم فلا مشكلة في أنْ يؤتى بكلمة(بعينه) في الحديث للاحتراز عن حالات العلم الإجمالي بالحرمة، هذا لا مشكلة فيه، غاية الأمر أنّ هذا الحديث عندما يثبت الحلّية في الشبهات الموضوعية فأنّه يشمل حالات كثيرة، وقلنا أنّ الاحتراز بكلمة(بعينه) يدخل الشيء المحترز عنه في المُغيّى وليس في الغاية، فيُحكم بالحليّة، فتكون الأفراد التي يُحكم فيها بالحلية في الشبهات الموضوعية شبهات كثيرة؛ لأنّ الشبهة غير المحصورة في الشبهات الموضوعية كثيرة ومتعارفة ومتحققة في الخارج، فالحديث يثبت الحلّية فيها، باعتبار عدم وجود علم تفصيلي بالحرام، وهكذا يثبت الحلّيّة في هذه الأفراد النادرة من الشبهات الحكمية، وهذا ليس فيه محذور؛ لأنّ هذا القيد احترازي حقق غرضه وخرج عن كونه لغواً بحيث يجبرنا على أنْ نحمله على التأكيد الصرف، كلا ليس للتأكيد الصرف؛ بل جيء به للاحتراز بلحاظ مطلق الشبهة الأعم من أنْ تكون شبهة موضوعية أو شبهة حكمية، وهذا يصح، حتّى إذا فرضنا أنّه في الشبهات الحكمية ما يُحترز به أفراد قليلة ومعدودة ونادرة جدّاً، أو معدومة، بالنتيجة بلحاظ مطلق الشبهة الشاملة للشبهات الحكمية والموضوعية يكون كلاماً صحيحاً، بأنْ يؤتى به لإثبات الحلّية في حالات من هذا القبيل ولو كانت نادرة بلحاظ الشبهات الحكمية، فلا يلزم المحذور حينئذٍ.
 ثانياً: أنّ هذا الذي ذكره السيد الخوئي(قدّس سرّه) يؤدي إلى إنكار أنْ تكون هناك شبهات موضوعية بدوية؛ لأنّ كل شبهة موضوعية هي مقرونة بالعلم الإجمالي بأطرافٍ كثيرة جداً، فأي شيء أشك فيه بأنّه خمر أو ماء، أو ميتة أو مُذكّى، هو دائماً مقرون بعلم إجمالي، يعني يوجد خمر في العالم، ويُحتمل أنْ يكون هذا المشكوك من ذاك الخمر المعلوم إجمالاً، أي شبهة موضوعية نتصورها هي دائماً تكون مقرونة بالعلم الإجمالي بوجود حرام يُحتمل أنْ يكون هذا منه، فينبغي إلغاء الشبهة الموضوعية البدوية، وليس لدينا شبهة موضوعية بدوية، وإنّما هي دائماً مقرونة بالعلم الإجمالي، غاية الأمر أنّ العلم الإجمالي مرّة يكون في دائرة وسيعة جداً، ومرّة يكون في دائرة ضيقة، مرّة شبهة محصورة، ومرّة شبهة غير محصورة، والظاهر أنّ القضية ليست بهذا الشكل، بمعنى أنّ لدينا شبهات موضوعية لا يتوقف الالتزام بالحلية فيها على مراجعة ما نختاره في الشبهات غير المحصورة، وأنّه هل تثبت فيه المنجزية أو لا ؟ وما هو ملاك عدم المنجزية في الشبهات المحصورة ؟ هل ملاكها هو خروج بعض الأطراف عن الابتلاء ؟ وهل ملاكها هو الكثرة العددية ؟ هناك ملاكات فيها كلام طويل، في بعض الشبهات كما لو اشترى لحماً من السوق، أو يشك في مايع هل هو خمر أم خل؟ ليس الحكم بالحلية فيه موقوف على ما نختاره في الشبهة غير المحصورة؛ بل يحكم بحليته باعتباره شبهة بدوية، الذي يظهر أنّ المشكوك في الشبهات الموضوعية ليس طرفاً لهذا العلم الإجمالي الذي يقوله بحيث نطبّق عليه قوانين، أو ما نختاره في الشبهات الغير المحصورة، وأنّ ملاك عدم المنجزّية ما هو، قد يؤثر على بعض الآثار، وتترتب عليه بعض الآثار، ما نختاره من ملاك عدم المنجزية في الشبهات الغير المحصورة، الأمر ليس هكذا، وإنّما الظاهر أنّه يبنى على جريان البراءة في اللّحم الذي تشتريه من السوق، أفرض يوجد علم إجمالي بوجود خمرٍ في العالم، لكنّه لا يعتبر طرفاً لذلك العلم الإجمالي، وإنّما هو مشكوك بالشك البدوي، شبهة موضوعية الشك فيها شك بدوي؛ وحينئذٍ تجري فيها البراءة.
 ومن هنا يظهر أنّ هذه القرينة الثانية ليست تامّة لإثبات اختصاص الحديث بخصوص الشبهات الموضوعية، لكن القرينة الأولى تامّة.
 القرينة الثالثة: أنْ يقال بأنّ قول الإمام(عليه السلام) في الرواية الشريفة(حتّى تعرف الحرام) ظاهر في أنّ المجهول هو الحرام لا الحرمة، وهذا إنّما يكون في الشبهات الموضوعية؛ لأنّ المجهول في الشبهات الموضوعية هو الحرام، بينما المجهول في الشبهات الحكمية هو نفس الحرمة، فتعبير الرواية(حتّى تعرف الحرام) كأنّ المجهول هو الحرام، وليس المجهول هو الحرمة، وإلاّ، كان الأنسب أنْ يقال( حتّى تعرف أنّه حرام)، لا أنْ يقال(حتّى تعرف الحرام) وهذا يناسب الشبهة الموضوعية، فيكون قرينة على اختصاص الحديث الشريف بالشبهات الموضوعية دون الشبهات الحكمية.
 لكن يبدو أنّ الحرمة أيضاً مجهولة في الشبهات الموضوعية كما أنّ الحرمة مجهولة في الشبهات الحكمية، فالحرمة أيضاً مجهولة في الشبهات الموضوعية، فبالتالي أنا أجهل حرمة هذا الشيء، غاية الأمر أنّ المجهول في الشبهات الحكمية هو الحرمة بنحو الجعل، بينما المجهول في الشبهات الموضوعية هو الحرمة بنحو المجعول، لكن بالنتيجة هذا الخل الذي اشتريه من السوق أنا أجهل حرمته؛ لأنّي احتمل أنّه خمر فأنا لا أعرف أنّه حرام، إذن: الحكم في كلٍ منهما مجهول، غاية الأمر أنّ الحكم المجهول مرّة يكون كليّاً، ومرّة يكون جزئيّاً، وكل منهما يصح أن يقال فيه(حتّى تعرف الحرام) بقطع النظر عن القرائن الأخرى، سواء كان الحرام لحماً مشترى من السوق، أو كان الحرام هو لحم الأرنب حتى تعلم أنّ لحم الأرنب حرام، فقوله(حتّى تعرف الحرام) يمكن أنْ يقال في الشبهات الموضوعية، ويمكن أنْ يقال في الشبهات الحكمية، فلا يكون هذا قرينة على اختصاص الحديث بالشبهات الموضوعيّة.
 
 
 
 


[1] مصباح الأصول، تقرير بحث السيد الخوئي للبهسودي، ج2، ص 273.