1440/10/27


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

40/10/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تبعية الدلالة الإلتزامية للمطابقية

ذكرنا جوابا عما ذكره السيد الخوئي (قده) عن الملاحظات التي ابداها على الوجه الذي ذكره المحقق النائيني (قده) نقضا وحلا، وبعد ان فرغنا عن ذلك نقول: ان ما ذكره السيد الخوئي (قده) يمكن اعتباره أحد الأدلة على تبعية الدلالة الإلتزامية للدلالة ألمطابقية، وهناك ادلة أخرى متصيدة من كلامه (قده) يمكن ذكرها في المقام:

الدليل الأول: ما ذكره السيد الخوئي (قده) وحاصله ان الاخبار عن الملزوم ليس اخباراً عن اللازم بعمومه وانما هو اخبار عن حصة من اللازم وهي تنتفي بانتفاء الملزوم

الدليل الثاني: انه لا يشترط في حجية المدلول الإلتزامي التفات المتكلم وقصده الحكاية عن اللازم لان حجية الكلام في الدلالة الإلتزامية ثابتة ببناء العقلاء على ان ثبوت الملزوم او التعبد به يقتضي ثبوت اللازم او التعبد به، وعلى هذا فلو فرضنا عدم ثبوت الملزوم بان تبين خطؤه فلا يكون هناك ثبوت وتعبد باللازم وهو معنى التبعية

وجوابه ما تقدم سابقا من ان محل الكلام ليس في اللوازم التي لا يلتفت اليها المتكلم وانما الكلام في اللوازم التي يلتفت اليها المتكلم ويدركها العرف بشكل واضح وتشكل ظهورا في الدليل بحيث تشملها ادلة حجية الظهور كما تشمل دلالة الكلام على المدلول المطابقي

الدليل الثالث: لو صح الاخذ بالدلالة الإلتزامية بعد سقوط الدلالة ألمطابقية عن الحجية بالتعارض لصح الاخذ بالدلالة الإلتزامية حتى في صورة العلم التفصيلي بعدم مطابقة الخبر للواقع اذ لا فرق بين العلم التفصيلي بمخالفة الخبر للواقع وبين العلم اجمالا بمخالفة أحد الخبرين له، مع انه لا أحد يقول بذلك والامثلة على ذلك كثيرة:

منها: لو فرضنا ان شخصا أخبر بان زيداً سافر نحو المشرق وحصل لنا العلم بانه مخطيء في اخباره فلازم بقاء الدلالة الإلتزامية ان نلتزم في هذا المثال بان هذا الخبر يكون حجة في مداليله الإلتزامية وهي انه لم يبق ساكنا وانه لم يسافر نحو المغرب او الشمال او الجنوب، ولا يمكن الاخذ بكل هذه المداليل الإلتزامية وهذا يكشف عن ان الدلالة الإلتزامية لا تبقى حجة بعد سقوط الدلالة المطابقية عن الحجية حتى في محل الكلام

ومنها: الاخبار عن سقوط قطرة بول على الثوب فان مدلولها الإلتزامي الاخبار بنجاسة الثوب فاذا علمنا بكذب هذا الخبر تفصيلا فلا يمكن الالتزام بان هذا الخبر الساقط عن الحجية يكون حجة في مدلوله الإلتزامي

ويلاحظ على ما ذكره: اما المثال الأول فالأمر كما ذكره بمعنى انه لا يمكن الالتزام بحجية الخبر بعد العلم بكذبه والاستناد اليه لإثبات مداليله الإلتزامية ولكن السبب في ذلك ليس هو تبعية الدلالة الإلتزامية للدلالة المطابقية وانما السبب فيه هو ان العادة قاضية في أمثال هذا المثال ان مدرك المتكلم في هذه الإخبارات المتعددة واحد، فلو اخبر مخبر بثلاث إخبارات بالمطابقة وعلمنا بان المدرك في هذه الإخبارات المتعددة استند الى شيء واحد فاذا علمنا بخطاه في هذا المدرك الذي استند اليه فلا اشكال في سقوط هذه الإخبارات عن الاعتبار للعلم بخطاه فيها

ونفس الكلام يطبق على ما إذا كانت الاخبار الأخرى تشكل مداليل التزامية كما في محل الكلام فالإخبار بان زيدا لم يسافر نحو الشمال مدركها نفس مدرك الاخبار الأول فهو يخبرنا بانه لم يتجه نحو الشمال لأنه يرى انه سافر نحو المشرق وهكذا في باقي الدلالات الإلتزامية فمدرك الجميع واحد فاذا علمنا بخطأ هذا المدرك فلا محالة تسقط جميعها عن الاعتبار وهذا لا ربط له بتبعية الدلالة الإلتزامية للدلالة المطابقية، والا فلو علمنا بان المدرك متعدد فالعلم بخطأ مدرك الخبر الأول لا يعني سقوط الثاني عن الاعتبار

واما المثال الثاني: فتقدم الجواب عنه وذكرنا بان اثبات النجاسة لا يتم باعتباره مدلولا التزامياً للخبر وانما تثبت بالدليل الدال على نجاسة الثوب اذا لاقى قطرة بول، ومن جهة أخرى قلنا بان هذا المثال خارج عن محل الكلام وهو يدخل في الصورة الأولى من الصور الأربعة التي ذكرناها وهو ما اذا كان المدلول الالتزامي حكما شرعيا والمدلول المطابقي موضوع ذلك الحكم وقلنا بان الملازمة هنا ليست عقلية ولا عرفية بل هي ملازمة تعبدية شرعية وقلنا بان الحكم مرتبط بموضوعه ولم يجعل جعلا مستقلا، فاذا كان موضوعه موجودا فهو ثابت واما اذا انتفى موضوعه فبطبيعة الحال ينتفي هذا الحكم

الدليل الرابع: ما قيل من ان الدلالة الإلتزامية ليست من نوع دلالة اللفظ على المعنى وانما هي من باب دلالة المعنى على المعنى فكانه في الكلام عندنا دالان ومدلولان احدهما اللفظ ومدلوله المعنى المطابقي وثانيهما المعنى المطابقي ومدلوله المعنى الالتزامي ومن هنا يكون المدلول الالتزامي من باب دلالة المعنى على المعنى