1440/10/22


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

40/10/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: نفي الاحتمال الثالث

في الدرس السابق ذكرنا ان الظاهر ان محل الكلام هو الدلالة الإلتزامية اللفظية لا العقلية فان الكلام في ما إذا كان الدليل له ظهوران فاذا سقط المدلول المطابقي عن الحجية يقع الكلام في انه هل يستتبع ذلك سقوط المدلول الإلتزامي عنها؟

وحينئذ يختص الكلام بالدلالة الإلتزامية العرفية، والمدلول الإلتزامي يمكن تصوره على انحاء:

النحو الأول: ان نفترض ان المدلول الإلتزامي يكون حكما شرعيا والمدلول المطابقي موضوع ذلك الحكم ومثاله ما إذا قامت البينة بوقوع قطرة بول على الثوب فهذا موضوع لحكم شرعي وهو نجاسة ذلك الثوب

النحو الثاني: ان يكون المدلول الإلتزامي معلولاً والمدلول المطابقي علة له كما لو أخبرنا الخبر بوجود نار فهو يخبر بالالتزام عن الحرارة

النحو الثالث: ان يكون المدلول الإلتزامي علة والمطابقي هو المعلول

النحو الرابع: ليس أحدهما علةً والأخر معلولاً وانما هما امران متلازمان كما اذا دل دليل على حرمة شيء فهو يدل بالالتزام على عدم اباحته، وكما لو اخبرنا خبر عن وجود زيد في المسجد فبالالتزام هو يخبر بعدم كونه خارجه

والكلام في ان هذه الدلالة الالتزامية لا تدخل في محل النزاع بجميع انحائها وانما الذي يدخل في محل النزاع منها هو خصوص الصورة الثالثة والرابعة

اما النحو الأول: فان سقوط الخبر في مدلوله المطابقي عن الحجية يلازم سقوطه عنها في مدلوله الإلتزامي اذا كان المدلول الالتزامي حكماً شرعياً موضوعه المدلول المطابقي، بل يَشكل ان يكون هذا من محل الكلام فان الحكم الشرعي بنجاسة هذا الثوب لا يشكل مدلولاً إلتزامياً للدليل الدال على وقوع قطرة بول عليه وانما يثبت الحكم الشرعي بالأدلة الدالة على تنجس الشيء عند ملاقاته للنجاسة فالملازمة بينهما ملازمة شرعية صرفة، وواضح ان ثبوت هذا الحكم بثبوت موضوعه لأنه لم يجعل بنحو مستقل بل هو مرتبط بموضوعه واحراز الحكم الشرعي يحتاج الى احراز موضوعه فاذا علمنا بانتفاء موضوعه بل حتى لو شككنا في ثبوته فلا يمكن اثبات الحكم الشرعي، وانتفاء هذا الحكم ليس من باب تبعية الدلالة الإلتزامية للمطابقية في الحجية بل هو باعتبار انتفاء موضوعه

واما النحو الثاني: فالظاهر انه خارج عن محل النزاع لما ذكره السيد الخوئي (قده) من ان اللازم هو الحصة الخاصة لا انه مطلق اللازم وانتفاء اللازم بانتفاء الملزوم عندئذ من الواضحات، فان المعلول يتحصص من ناحية علته فالإخبار عن وجود نار اخبار عن حصة خاصة من الحرارة وهي الحصة المسببة عن وجود النار ولا اشكال في انتفاء هذه الحصة الخاصة بانتفاء الملزوم، ولا مجال لإدخاله في محل الكلام

واما النحو الثالث: فهو يدخل في محل الكلام فان الاخبار عن المعلول بالمطابقة ليس اخبارا عن حصة من العلة انما هو اخبار عن ذات العلة فان العلة لا تتحصص من جهة معلولها بل العكس هو الصحيح، فالإخبار عن الاحراق اخبار عن ذات النار، وإذا كان العلم بانتفاء المعلول لا يستلزم العلم بانتفاء العلة فيوجد مجال للحديث حول استدعاء سقوط المدلول المطابقي عن الحجية لسقوط المدلول الإلتزامي عنها

واما النحو الرابع: فهو يدخل في محل الكلام أيضا باعتبار ان الاخبار عن أحد المتلازمين هو اخبار عن ملازمه بقول مطلق لا انه اخبار عن حصة خاصة من ملازمه، فان الملازمة قائمة بين ذات الحرمة وذات عدم الاباحة، فالعلم بانتفاء المدلول ألمطابقي لا يكون ملازما للعلم بانتفاء المدلول الإلتزامي فيدخل في محل الكلام

واما ما أورده السيد الخوئي (قده) على الوجه الثاني الذي ذكره الميرزا النائيني (قده) للاستدلال على امكان التمسك بالدليلين المتعارضين بعد تساقطهما ولكن يتمسك بمدلولهما الإلتزامي لنفي الثالث فيلاحظ عليه

اما موارد النقض التي ذكرها فيلاحظ على ما ذكره في المورد الأول ان البينة قامت على موضوع خارجي له حكم شرعي فيأتي عليه ما قلناه من ان ترتب الحكم الشرعي في المقام ليس من باب كونه مدلولاً إلتزامياً لهذا الدليل وانما يثبت الحكم الشرعي بدليله فلولا وجود الدليل الشرعي لما استطعنا اثبات الحكم الشرعي، واما ما ذكره في المورد الثاني فيلاحظ عليه انه لا محذور في الالتزام بان الدار ليست لزيد كما ذكر بعضهم استنادا الى البينتين لانهما يتفقان على كون الدار ليست له بل لعل الفتوى على ذلك فان الفقهاء ذهبوا الى انهما يتحالفان في هكذا مورد فان حلفا يقسم المال بينهما وان حلف احدهما يعطى المال له ومن الواضح ألمفروغية عن عدم كون الدار لزيد في هكذا فتوى.