أَتَوا فِي العُلا ما ليس يدري فَأُغرِبَتْ |
معاني الثَّنَا في مجدهم حيثُ أُغرِبُوا |
تَرى الطيرَ في آثارهم طالبَ القرى |
متى ضَمَّهُم في حومة الحَربِ مَوكبُ |
عشية أضحى الشِّرك مرتفع الذَّرى |
وولت بشمل الدِّينِ عنقاء مغربُ |
بكل فتىً للطَّعنِ في حَر وجهِهِ |
مَراحٌ وللشُّرب المُرَعْبَلِ مَلعَبُ |
بكل نقى الخَدِّ لولا خَطَا القَنَا |
ترى الشمس مِن مَعناه تَبدو وَتَغرُبُ |
كثيرُ حياً لولا وقَاحَةَ رُمحَهُ |
لَحَقَّ به للعاشقين التَشَبُّبُ |
كأنَّ الحِدادَ البِيض تخضب بالدِّما |
لعينيه ثَغرٌ باردُ الظلم أشنبُ |
كأنَّ القنا العَسَّال وهي شوارع |
قدودٌ تُثَنَّي بالمَرَاحِ وتلعبُ |
كأنَّ صليلَ المُرهَفَات لِسَمعِهِ |
غَوَانٍ تغني بالصبا وتُشَبِّبُ |
كأنَّ ظلامَ النَّقع صُبحُ مَسَرَّةٍ |
لديه ويوم السِّلم إن هَاجَ غَيْهَبُ |
كأنَّ المنايا السُّودَ يطلعُ بينها |
أخو البدرِ معشوق الجَمَال مُحَجَّبُ |
كأنَّ رُكَامَ النَّقعِ مِن فوقِ رأسِهِ |
أرائِكُ تُبنى للوِصَال وتُضرَبُ |
كأنَّ الظبَا منها نجومٌ مضيئةٌ |
ويومُهُمُ مِن ثائرِ النَّقعِ غَيْهَبُ |
كأنَّ صدورَ البيضِ مِن ضَربِهَا الطلا |
أخو صبوة مضنى الفُؤَاد مُعَذَّبُ |
كأنَّ أطاريفَ الأسنةِ تَكْتَسِي |
دَماً طرف صب أَحمرِ الدَّمعِ صَيِّبُ |
كأنَّ السِّهَامَ الوارداتِ لِصَدرِهِ |
بنانٌ يعاطيهِ المدام مُخَضَّبُ |
كأنَّ ازدحامَ القرنِ منه لقرنه |
نديمانُ في كفيهما الرَّاحُ تَقطُبُ |
كأنَّ حَطِيمَ السُّمرِ في لَمسِ كفِّهِ |
من الطعنِ هدابُ الدمقس المُهَذَّبُ |
وَمَرُّوا على مُرِّ الطعان كأنَّه |
لديهم جنى النَّحل بل هو أطيبُ |
وأَقبَلَ ليثُ الغابِ يهتفُ مُطرِقاً |
على الجمع يطفو بالأُلُوفِ ويرسبُ |
إلى أن أتاهُ السَّهمُ من كفِّ كافرٍ |
ألا خَاب بَاريهِ وضلَّ المُصَوَّبُ |
فَخَرَّ على حَرِّ التراب لوجهه |
كما خَرَّ من رأسِ الشناخيب خشبُ |
ولم أنسَ مهما أنسَ إذ ذاك زينباً |
عشيَّة جائت والفواطم زينبُ |
عَراها الأَسى حتى استباح اصطِبَارُهَا |
وأذهَلَهَا حتى استَبَانَ المنقبُ |
أتَتْ وهيَ حَسرَى الوجه ممَّا يروعُها |
وكم حاسر في صونِهِ يَتَحَجَّبُ |
تَحِنُّ فيجرِي دَمعُهَا فَتُجِيبُهَا |
ثَواكِلُ في أحشائِهَا النَّارُ تلهبُ |
نوائحُ يعجِمْنَ الشَّجا غير أنها |
تبين عن الشَّجْوِ الخفيِّ وتعربُ |
نوائحُ يَشجِيْنَ الحَمَامَ هَدِيلُهَا |
إذا ما حَدَى الحَادِي وثَابَ المثوبُ |
أُسَارَى بِلا فَادٍ وَلا مِن مناجدٍ |
يعنفها حَادٍ ويعنف مركبُ |
إلى الله أشكو لوعةً عند ذكرِهِم |
تَسِحُّ لها العينان والخَدُّ يشربُ |
أمَا فِيكُمُ يَا أمةَ السُّوء غِيرَةً |
إذا لم يكن دِينٌ ولم يَكُ مَذهَبُ |
بناتُ رسولِ اللهِ تُسبَى حَواسِراً |
وَنُسْوَتُكُمْ في الصَّوْنِ تُحمَى وَتُحجَبُ |