علمه (ع)

البريد الإلكتروني طباعة

علم الامام الباقر (عليه السلام)

قال الشيخ المفيد(رض): لم يظهر عن أحد من ولد الحسن والحسين(ع) في علم الدين والآثار والسنّة وعلم القرآن والسيرة وفنون الآداب ما ظهر من أبي جعفر الباقر(ع). وروى عنه بقايا الصحابة ووجوه التابعين وفقهاء المسلمين، وسارت بذكر كلامه الأخبار وأنشدت في مدائحه الأشعار. قال ابن حجر: صفا قلبه، وزكا علمه وعمله، وطهُرت نفسه، وشرُف خُلُقه ، وعمُرت أوقاته بطاعة الله، وله من السجايا في مقامات العارفين ما تكلّ عنه ألسنة الواصفين، وله كلمات كثيرة في السلوك والمعارف لا تحتملها هذه العجالة. وأما مناظراته مع المخالفين فبلغت حدّ الشهرة، وقد جمعها العلاّمة الطبرسيّ في كتاب الاحتجاج. قال الشيخ المفيد في الإرشاد: وجاءت الأخبار أن نافع بن الأزرق جاء إلى محمّد بن علي فجلس بين يديه يسأله عن مسائل الحلال والحرام. فقال أبو جعفر في عرض كلامه: «قل لهذه المارقة، بم استحللتم فراق أميرالمؤمنين، وقد سفكتم دماءكم بين يديه في طاعته، والقربة إلى الله بنصرته؟ فسيقولون لك: إنه حكّم في دين الله، فقل لهم: قد حكّم الله تعالى في شريعة نبيّه(ص) رجلين من خلقه فقال: ((فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفّق الله بينهما))، وحكّم رسول الله(ص) سعد بن معاذ في بني قريظة فحكم فيهم بما أمضاه الله. أو ما علمتم أن أمير المؤمنين إنمّا أمر الحكمين أن يحكما بالقرآن ولا يتعدّياه، واشترط ردّ ما خالف القرآن في أحكام الرجال، وقال حين قالوا له: حكّمت على نفسك من حكم عليك؟ فقال: ما حكّمت مخلوقاً وإنّماحكّمت كتاب الله. فأين تجد المارقة تضليل من أمر بالحكم بالقرآن، واشترط ردّ ما خالفه لولا ارتكابهم في بدعتهم البهتان»؟ فقال نافع بن الأزرق: هذا والله كلام ما مرّ بسمعي قطّ ولا خطر منّي ببال، وهو الحقّ إن شاء الله. ثمّ إنّ الشيعة الإمامية أخذت كثيراً من الأحكام الشرعيّة عنه وعن ولده الإمام جعفر الصادق(ع)، حيث روي عنه(ع) الكثير من الروايات الفقهية التي تناولت مختلف جوانب الحياة. وللاطّلاع على ذلك راجع كتب الفقه وموسوعاته المختلفة. وأما ما روي عنه في الحِكم والمواعظ، فقد نقلها أبو نعيم الإصفهاني في حلية الأولياء، والحسن بن علي الحرّاني في تحفه.