أنت هنا: الرئيسية أهل البيت سيرة الأمام علي بن أبي طالب تنصيبه (ع) في غدير خم
 
 


فانبرى ( صلى الله عليه وآله ) بعزم ثابت وإرادة صلبة إلى تنفيذ إرادة الله ، فوضع أعباء المسير وحَطَّ رِحاله في رمضاء الهجير ، وأمر القوافل أن تفعل مثل ذلك .

وكان الوقت قاسياً في حرارته حتى كان الرجل يضع طرف ردائه تحت قدميه لِيَتَّقِي به من الحَر .

ثم أمَرَ ( صلى الله عليه وآله ) باجتماع الناس ، فَصلَّى بهم ، وبعد ما انتهى من الصلاة أمر أن توضع حدائج الإبل لتكون له منبراً ، ففعلوا له ذلك .

فاعتلى عليها وكان عدد الحاضرين - فيما يقول المؤرخون - مِائة ألف ، أو يَزيدونَ على ذلك .

وأقبلوا بقلوبهم نحو الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ليسمعوا خطابه ، فأعلن ( صلى الله عليه وآله ) ما لاقاه من العناء والجهد في سبيل هدايتهم وإنقاذهم من الحياة الجاهلية إلى الحياة الكريمة التي جاء بها الإسلام .

كما ذكر ( صلى الله عليه وآله ) لهم كَوكَبَة من الأحكام الدينية ، وألزمهم بتطبيقها على واقع حياتهم ، ثم قال لهم : ( انظُروا كَيفَ تُخَلِّفُوني في الثقلين ) .

فناداهُ منادٍ من القوم : ما الثقلان يا رسول الله ؟

فقال ( صلى الله عليه وآله ) :

( الثقل الأكبر كتابُ الله ، طَرفٌ بِيَدِ اللهِ عَزَّ وَجلَّ ، وَطرفٌ بِأَيديكُم ، فَتَمَسَّكُوا به لا تَضلُّوا .

والآخر الأصغر عِترَتي ، وإنَّ اللَّطيفَ الخَبيرَ نَبَّأَنِي أنَّهُمَا لن يَفتِرقا حَتى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوض ، فَسَألتُ ذلك لَهما رَبِّي ، فلا تُقَدِّمُوهُمَا فَتهلَكُوا ، ولا تُقَصِّرُوا عَنهُمَا فَتَهلَكُوا ) .

ثم أخذ ( صلى الله عليه وآله ) بيد وَصيِّه وباب مدينة علمه الإمام علي ( عليه االسلام ) لِيَفرضَ ولايته على الناس جميعاً حتى بَانَ بَياضُ إِبطَيْهِمَا ، فنظر إليهما القوم .

ثم رفع ( صلى الله عليه وآله ) صوتُه قائلاً :

( يَا أَيُّهَا النَّاس ، مَنْ أولَى النَّاس بِالمؤمنين مِن أَنفُسِهم ؟ ) .

فأجابوه جميعاً : اللهُ ورسولُه أعلم .

فقال ( صلى الله عليه وآله ) :

( إنَّ الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أولَى بهم من أنفسِهِم ، فَمن كنتُ مَولاه فَعَلِيٌّ مَولاهُ ) .

قال ذلك ثلاث مرات أو أربع ، ثم قال ( صلى الله عليه وآله ) :

( اللَّهُمَّ وَالِ مَن وَالاَهُ وَعَادِ مَن عَادَاهُ ، وَأَحِبَّ مَن أَحبَّهُ وَأبغضْ مَن أبغَضَهُ ، وانصُرْ مَن نَصَرَه واخْذُل مَن خَذَلَهُ ، وَأَدِرِ الحَقَّ مَعَهُ حَيثُ دَار ، أَلا فَلْيُبَلِّغِ الشاهِدُ الغَائِبَ ) .

وبذلك أنهى ( صلى الله عليه وآله ) خطابه الشريف الذي أَدَّى فِيه رسالة الله ، فَنَصَّبَ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) خليفة ، وأقامه عَلَماً للأمة ، وقَلَّدَهُ مَنصب الإمامة .

فأقبل المسلمون يهرعون وهُم يُبَايِعُون الإمام علي ( عليه السلام ) بِالخِلافَة ، وَيُهَنِّئُونَهُ بِإِمْرَةِ المُسلمين .

وأمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) أُمَّهَات المؤمنين أَنْ يَسُرْنَ إِليهِ وَيُهَنِّئْنَه ، فَفَعَلْنَ ذلك .

وعندها انبرى حَسَّان بن ثابت فاستأذن النبي ( صلى الله عليه وآله ) بتلاوة ما نظمه من الشعر ، فأذن له النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فقال حَسَّان :

يُنَادِيهُمُ يوم الغَدير نَبِيُّهُم

نَجْم وأَسمِعْ بِالرَّسُولِ مُنَادِياً

فَقالَ فَمنْ مَولاكُمُ وَنَبِيُّكم ؟

فَقَالوا وَلَم يُبدُوا هُنَاك التَّعَامِيَا

إِلَهَكَ مَولانَا وَأنتَ نَبِيُّنَا

وَلَم تَلْقَ مِنَّا فِي الوِلايَةِ عَاصِياً

فَقالَ لَهُ : قُمْ يَا عَلِيُّ فَإِنَّنِي

رَضيتُكَ مِن بَعدِي إِمَاماً وَهَادياً

فَمَنْ كنتُ مَولاهُ فَهذا وَلِيُّه

فَكُونُوا لَهُ أَتْبَاعُ صِدقٍ مُوالِياً

هُناكَ دَعا : اللَّهُمَّ وَالِ وَلِيَّهُ

وَكُنْ لِلَّذِي عَادَى عَلِيّاً مُعَادِياً

ونزلت في ذلك اليوم الخالد في دنيا الإسلام هذه الآية الكريمة :

( اليَومُ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيكُمْ نِعمَـتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دِيناً ) [ المائدة : 3 ] .

فقد كمل الدين بولاية أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وتَمَّتْ نعمة الله على المسلمين بِسُمُوِّ أحكامِ دينِهم ، وَسُمُوِّ قِيادتهم التي تُحَقِّق آمالَهم في بلوغ الحياة الكريمة .

وقد خطا النبي ( صلى الله عليه وآله ) بذلك الخطوة الأخيرة في صيانة أُمَّتِه من الفتن والزيغ .

فلم يترك ( صلى الله عليه وآله ) أمرها فوضى – كما يزعمون – ، وإنما عَيَّن لها القائد والموجه الذي يهتمُّ بأمورها الاجتماعية والسياسية .

وإن هذه البيعة الكبرى التي عقدها الرسول العظيم ( صلى الله عليه وآله ) إلى الإمام علي ( عليه السلام ) من أوثق الأدلَّة على اختصاص الخلافة والإمامة به ( عليه السلام ) .

وقد احتجَّ بها الإمام الحسين ( عليه السلام ) في مكة لمعارضة حكومة معاوية وشجب سياسته ، فقد قال ( عليه السلام ) للحاضرين :

( أُنشِدُكُم اللهَ أَتعْلَمُونَ أنَّ رَسولَ اللهِ نَصَّبَهُ – يعني علياً ( عليه السلام ) – يوم غدير خُم فنادى ( صلى الله عليه وآله ) له ( عليه السلام ) بالولاية ، وقال ( صلى الله عليه وآله ) : لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ ؟ ) .

فقال الحاضرون : اللَّهُمَّ نَعم .

 
 

اقسام مميزة

القرآن الكريم
القرآن الكريم
المزيد...
المكتبة الاسلامية
المكتبة الاسلامية
المزيد...
المكتبة الصوتية
المكتبة الصوتية
المزيد...
استفتائات
استفتائات
المزيد...

اوقات الصلاة